السيّد سعد بن ناصر الحميدي: قطر أوّل مستثمر عربي وثاني مستثمر على مستوى العالم في تونس
تحتلّ قطر مركزا متميّزا ضمن الدول الداعمة لتونس وهي اليوم الأولى في قائمة الدول العربية المستثمرة في تونس . كما تستقطب عددا هاما من الكفاءات التونسية في عدة مجالات إذ يزيد عدد المقيمين في قطر الـ 20 ألفا. وفي هذا اللقاء مع سعادة سفير قطر في تونس السيّد سعد بن ناصر الحميدي نقوم بعرض مجالات الدعم تلك وتطور العلاقات بين البلدين في الميادين التي تهمّ خاصّة الاقتصاد والمجتمع التونسيين.
سفير جديد وأولويات
لقد شغلتم هذا المنصب لمدة 8 سنوات قبل تعيينكم مديرا لمكتب وزير الخارجية القطري سنة 2014. هل عدتم اليوم إلى تونس لتحقيق أهداف جديدةفي العلاقات التونسية القطرية؟ وما هي أولوياتكم في تونس في الفترة القادمة؟
في رأيي لا توجد في العلاقات التونسية القطرية أهداف جديدة وقديمة، بل هناك علاقات تاريخية تقوّيها الروابط الدينية والحضارية والقومية وجب علينا تدعيمها دائما بكل السبل المتاحة. ونحن هنا في تونس لاستكمال هذه المسيرة التي نجح كل السفـــراء الســابقين في توطيدها وعدت للسير على نفس المسار . وأنا أؤكد على أن الأولوية المطلقة للدبلوماسية القطرية هي مواصلة الوقوف إلى جانب الإخـــوة في تونس بكل الوســائل المتاحة خصوصا من الناحية الاقتصادية والتنموية.
علاقتنا متميّزة مع كل الأحزاب
هل صحيح أنّ قطر تدعم بصورة خاصة حزبا سياسيا معيّنا. كيف تردّون؟
أؤكد أن علاقاتنا مع أشقائنا في تونس قوية جدّا وكل ما ينشر في بعض وسائل الإعلام مما يسيء إلى دولة قطر عار عن الصحة وكنا نتمنى عليها الاستفسار عن مدى صحة تلك الأخبار وسنكون على استعداد للإجابة عن تساؤلاتها بكل شفافية ونقدّم المعلومات الصحيحة. نحن لا نبخل بأيّ جهد نبذله لمصلحة هذا البلد العزيز علينا تونس وسنظل داعمين لأشقـائنا في هذا البلد مهما قيل فنحن نعرف تقدير الشعب التونسي لقطر وهـــو مثـــل تقديرنا نحن لتونس.
ومن بين ما يقال إن قطر تدعم حزبا معيّنا دون غيره وأغتنم هذه الفرصة لأؤكد أن ما يقال غير صحيح فنحن ننظر إلى مصلحة تونس أولا بغض النظر عن الأحزاب ولا نفضّل حزبا عن آخر وعلاقتنا متميّزة مع الجميع ومن هذه العــلاقات ما هو قديم ومنها ما هو جديد. وقد كنت في الفترة الماضية أدّيت زيارة إلى بعض الأحزاب وسأزور أحزابا أخرى في الفترة القادمة.
الاستثمار في تونس
تعهّدت دولة قطر خلال المنتدى الدولي للاستثمار «تونس 2020» بمنح تونس تمويلات بقيمة مليار و250 مليون دولار. ما هو مآل هذا القرار اليوم؟ وكيفسيكون شكل تلك التمويلات؟
في البداية لا بدّ من التذكير أن هذا القرار بتوجيه مليار و250 مليون دولار إلى تونس ليس معزولا، بل جاء بعد وفاء قطر بتعهدات كثيرة سابقة على رأسها ما قام به صندوق الصداقة خلال السنوات الماضية من خلال تشغيل آلاف الشباب التونسيين الذين نجحوا في بعث مشاريعهم الخاصة ، وهذا ما ينسحب على المبلغ الذي أعلن عنه حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد – حفظه الله – خلال الندوة الدولية للاستثمار« تونس 2020» حيــث سيتــابع فـــريق عمـل مشتــرك بين الجانبين التونسي والقطري طريقة توجيه هذا المبلــغ. لكن ما أستطيع الكشـف عنــه حاليا هو أنه لا تراجع من طرف دولة قطـر عـن كلّ الاتفاقات التي حصلـت بين الجـانبين.
يشهد التعاون التونسي القطري تطوّرا مستمرّا وتنوّعا شمل عديد المجالات، فما هو حجم الاستثمارات القطرية في تونس حسب القطاعات؟ وما هو مآلالمشاريع الكبرى التي تمّ الإعلان عنها؟
يمكنني القول إن الأرقام تتحدّث عن حجم العلاقة وعن الحضور القطري فنحن الآن أوّل مستثمر عربي في تونس وثاني مستثمر على مستوى العالم . فتواجد دولة قطر واسع في تونس على مستوى الاقتصاد والتنمية والعمل الخيري الذي قدّم خدمات عديدة نحن فخورون بتقديمها لأشقائنا في تونس الذين نعتبرهم إخوة أعزّاء.
لقد تمّ بعد الثورة توجيه 79 مليون دولار كهبة ساهمت في تشغيل آلاف الشباب من حاملي الشهادات العليا، زيادة على نشاط جمعيات قطر الخيرية ومؤسسة «راف» بالإضافة إلى استثمارات قطر في قطاع الاتصالات من خلال شركة أوريدو والعمل البنكي الذي يقوم به بنك قطر الوطني في تونس والذي يتوسّع بشكل مطّرد ويساهم في تشغيل اليد العاملة التونسية وهناك مشاريع أخرى تتقدّم فيها الأشغال بشكل حثيث مثل مشروع منتجع توزر للديار القطرية الذي سيكون جاهزا في سنة 2018 ومشروع المساكن الاجتماعية في السيجومي لإنجاز 810 شقق ستكون جاهزة خلال شهر أوت 2017 وهناك مشاريع قيد الدراسة مثل المشروع السياحي الضخم الذي تعتزم مجموعة ماجدة القطرية إنجازه في رواد وينتظر أن يكون جاهزا في سنة 2020، ونحن نؤكّد دائما على أننا مستعدون للاستثمار في تونس طالما كانت هناك فرص متاحة في كل المجالات.
كيف تقيّمون بالأرقام أداء صندوق الصداقة القطري التونسي بعد عامين من إحداثه؟
لقد أنجز صندوق الصداقة أكثر من 2500 مشروع وهو ما مكّن من تشغيل ما يقارب 30 ألف شاب بشكل مباشر وغير مباشر. وسيستمرّ عمل الصندوق تحت مظلة صندوق قطر للتنمية بما يعني استمرار الشراكات القيّمة التي أنجزت خلال السنتين الماضيتين ونحن نتطّلع إلى تحقيق نتائج مهمة جدا في هذا الاطار.
الدَّيْن القطري
أجرت الحكومة التونسية ممثّلة في شخص وزيرة المالية ومحافظ البنك المركزي مفاوضات مع الحكومة القطرية في الفترة الماضية بهدف تأجيل تسديدقرض 500 مليون دولار ووديعة 500 مليون دولار أيضا قدّمتهما قطر لتونس سنتي 2012 و2013 ومن المفروض أن يبدأ السّداد سنة 2017. هل وقع الاتّفاقعلى التأجيل؟ وكيف سيتمّ السّداد؟
في الحقيقة وافقت الحكومة القطرية منذ مدّة على تأجيل السداد وتمّ اعتماد ذلك في الميزانية الحالية للجمهورية التونسية وأعتقد أنه ستكون هناك أخبار طيبّة بخصوص هذه المبالغ ، وأنا على ثقة بأن الجانب القطري سيتصّرف بما تمليه الروابط العميقة التي تجمع البلدين.
التونسيون والعقود الوهميّة في قطر
رغم تطوّر استقطاب الكفاءات التونسية للعمل في قطر، إلا أن وضعية الذين تمّ التّغرير بهم بعقود وهميّة وهم اليوم عاطلون عن العمل في قطر لاتزالتنتظر الحل. فأين وصلت مجهودات السلطات القطرية لتسوية تلك الوضعيات؟
دعنا في البداية نضع الأمر في إطاره الصحيح وهو أن هناك المئات من الشباب تعرّضوا لعمليات تحيّل من قبل مكاتب تشغيل منتصبة في تونس تمكّنهم من الحصول على التأشيرة للسفر إلى قطر مقابل مبالغ مالية هامة تتراوح بين 4 و5 آلاف دينار ليجدوا أنفسهم عاطلين عن العمل باعتبار عدم تحصّلهم على عقود شغل وعدم مرورهم بالمسالك القانونية . وهو أمر على السلطات التونسية التّصدّي له من خلال تتّبع الشركات التي تقوم ببيع تلك التأشيرات. ورغم ذلك فإن السلطات القطرية تحاول حلّ الإشكالات الخاصّة بالعالقين وفق القانون وسوق الشّغل المحلي.
التبّادل التجاري
التّبادل التّجاري بين تونس وقطر، رغم تطوّره في السنوات الأخيرة، لا يزال محتشما ، فما هي الأسباب التي تعطّل تنمية هذا التبادل؟ وهل هناك مساعلدفعه في المستقبل؟
لقد عملنا طوال السنوات الماضية على تدعيم كل الأطر الممكنة وفتح كل مجالات التّعاون بين البلدين ومن ذلك مجال التّبادل الّتجاري وقمنا بخطوات مهمّة أبرزها فتح مصنع لزيت الزيتون التونسي بالدّوحة لتدعيم توريد زيت الزيتون التونسي إلى الدّوحة وكل منطقة الخليج . ونحن عازمون على كسر كلّ الحواجز التي تعطّل هذا المجال ونعوّل في ذلك على الإرادة المشتركة مع الأخوة التونسيين.
الشيخة موزة في تونس
ما علاقة زيارة الشيخة موزة المسند زوجة أمير دولة قطر السّابق إلى تونس باقتناء قصر بن علي؟
لا علاقة لزيارة الشيخة موزة إلى تونس في منتصف هذا الشهر والتي كانت بدعوة رسمية من السيد رئيس الحكومة التونسية بما يشــاع حول قصر بن علي، إذ لا علاقة لدولة قطر بذلك كما أنه ليس هناك أية نيّة لاقتناء القصر . وفي الواقع تهدف زيارة الشيخة موزة إلى تفقّد المشاريع التي دعّمها فرع مؤسسة «صلتك» في تونس ومتابعتها وهي تابعة لمؤسّسة قطر التي تشرف عليها الشيخة موزة. وينتظر إمضاء اتفاقيات جديدة لمشاريع تنموية بين الحكومة التونسية ومؤسسة قطر بمناسبة هذه الزيارة.
حاوره خالد الشّابي
- اكتب تعليق
- تعليق