محمد ابراهيم الحصايري: ما هذا البيان... يا سعادة الأمين العام؟
على بعد أيام من حلول ذكرى تأسيس اتحاد المغرب العربي الثامنة والعشرين، يوم الجمعة 17 فيفري 2017، لم يجد الأمين العام للاتحاد طريقة للاحتفاء بهذه الذكرى أفضل من إصدار بيان لتكذيب الشائعات التي ما انفكت تتردد في الآونة الأخيرة حول احتمال إنهاء مهامه على رأس الأمانة العامة وحلول وزير الشؤون الخارجية محلّه...
ولست أدري من وسوس للأمين العام بإصدار هذا البيان ولا من قام بصياغته، لكنني أرثي للثلاثة لأمرين اثنين:
أوّلهما، أن الأمين العام، بهذا البيان، لم يسئ لنفسه فحسب بل أساء أيضا لتونس ككلّ حين قال إن الحملات الإعلامية المغرضة التي استهدفته والتي روّجت لإنهاء مهامه إنما هي امتداد للحملة التي صاحبت ترشيحه لهذا المنصب في بدايات السنة الماضية والتي شككت في إمكانية قبوله منصب الأمين العام أو لمّحت إلى إمكانية تراجع رئيس الجمهورية عن هذا الترشيح.
ومن المؤسف حقّا أن الامين العام يؤكد في بيانه أن هذه الحملات تثير البلبلة وتربك خيارات الدولة ومسار حكومتها وتبثّ الفتنة بين مسؤوليها، وتمسّ من هيبتها وسمعة رجالاتها ومصداقيتها مع أشقائها المغاربيين... لكنه لا يقدّر خطورة انعكاسات هذا الكلام على صورة تونس وعلى سمعتها عندما يعمد إلى نشر هذا "الغسيل الداخلي القذر" في بيان رسمي يحاول من خلاله تصفية حساباته الشخصيّة مع خصومه السياسيين أو مع منافسيه على هذا المنصب الذي يُسِيل لعاب العديدين، والذي تحوّل إلى غنيمة من غنائم "الثورة"، لا يحظى بها الأكفأ والأقدر على حمل الأمانة، وإنما "الأقرب الأولى بالمعروف"...
أما ثاني الأمرين فهو يتعلّق بما تضمّنه البيان من معطيات مغلوطة لا يليق بأستاذ جامعي عرفناه دقيقا وصارما أيام الدراسة في دار المعلمين العليا ألاّ يتفطّن لها...
ففي معرض تبريره لعدم استقباله حتى الآن من قبل العاهل المغربي الملك محمد السادس رغم أن الرباط هي التي تحتضن مقر الامانة العامة يقول الأمين العام في بيانه إنه استلم مهامه في الأول من شهر أوت 2016، وهو شهر العطل الصيفية، وقد تلاه في المغرب في شهر سبتمبر تنظيم الدورة الثانية والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ "cop 22" في مراكش.
ومن الغريب أن الأمين العام الذي شارك في هذه التظاهرة الدولية الكبرى لا يَذْكُرُ، وما بالعهد من قدم، أنها انعقدت في شهر نوفمبر لا في شهر سبتمبر كما جاء في بيانه...
أما المبرّر الثاني فقد جاء في الفقرة التي يقول فيها "إن الملك محمد السادس قد قضّى من فترة أكتوبر إلى اليوم أكثر من 100 يوم في بلدان افريقية عدة تجاوزت الخمسة وعشرين بلدا".
وفي هذه الفقرة و"بالعين المجردة" خلطٌ عجيب وغير منطقي، يبدو أنه متعمَّد مِمَّن صاغ البيان، ذلك أنه من غير المعقول أن يكون الملك قضّى منذ أكتوبر الماضي مائة يوم في إفريقيا وأنه زار خلالها 25 بلدا إفريقيا دفعة واحدة...
أمّا الحقيقة فهي أن الملك، كما جاء في خطابه أمام القمة الافريقية قبل أقل من أسبوعين، قام منذ اعتلائه العرش سنة 1999 إلى اليوم، بـست وأربعين زيارة شملت خمسة وعشرين بلدا إفريقيا...
وشتّان بين ما جاء في البيان وبين ما جاء في الخطاب./.
محمد ابراهيم الحصايري
- اكتب تعليق
- تعليق