أخبار - 2017.01.23

فقيد الفلاحة والكشّافة والمنظمات: عمر الحبيّب في ذكرى وفاته

فقيد الفلاحة والكشّافة والمنظمات: عمر الحبيّب في ذكرى وفاته

تبكيه غابات الزياتين والمزارع والحقول ومعاصر الزيت ومعامل العلف، ويرثيه الفلاّحون والكشّافون والمناضلون: غادرنا الفقيد عمر الحبيّب، الخبير الفلاحي والقائد الكشفي والدستوري الأصيل من "جيل الثورة"،  منذ ستّ سنوات، مساء السبت 23 جانفي 2010، عن سن تناهز 81 عاما سخّرها لخدمة الآخرين، تاركا في النفوس أسى ولوعة، مخلّفا أحسن ذكرى.

ورث عن أسلافه الطيّب كمون "نائب الأمة" ومحمد معلّى من مؤسسي الحزب الدستوري وأمثالهم، حب الوطن والتصدّي للظلم ونصرة الضعفاء، وانخرط بالكشّافة منبت القيم وفيها تعلّم حب الطبيعة وروح العمل الجماعي وأصول مكارم الأخلاق، وضمنها تفتحت مواهبه الأدبية أناشيدا ومسرحيات ومجلاّت ودراسات ونضج حسّه السياسي واتسعت دائرة معارفه في كامل البلاد.

تعلّقه بالطبيعة حمله إلي المدرسة الفلاحية بسمنجة ليتخصص في علوم الأرض و التربة و يتمكّن من أصول تربية الماشية و الدواجن و تقنيات تسيير المزارع و الميكنة الفلاحية و انتدب عند تخرجه بمؤسسة لوموتور الفرنسية رائدة الجرّارات و الآلات الفلاحية و سرعان ما التحق، مع الاستقلال، بوزارة الفلاحة الناشئة، متخصصا في الإرشاد الفلاحي، للمساهمة في توعية الفلاحين وتعريفهم بالتقنيات و الأساليب العصرية فكانت رحلة العمر مع عبد الرحمان بن مسعود و أقرنه، قادته إلي تولّى إدارة المعهد الفلاحي بسيدي بوزيد، ثم العمل إلي جانب حسونة المزغني و محمد الوكيل و خليفة هلّول و رفاقهم على تأسيس الهيكل الجهوي للتنمية  الفلاحية قبل ميلاد المندوبيات، إلي أن انفتح باب التحرر الاقتصادي في مطلع السبعينات، فبادر بإنشاء شركة ريف الجنوب ثم تأسيس دار الفلاّح، قبل تعيينه خبيرا فلاحيّا.

يستفتونه في الفلاحة

ومن الطبيعي أن يكون رجل الإرشاد الفلاحي ضمن طلائع إذاعة صفاقس منذ انبعاثها، ودأب طوال أكثر من 30 عاما، يستضيف الفلاّحين الأوائل ليجني خبرتهم، والمهندسين والمبتكرين، فكان برنامجه الأسبوعي "الأرض" منارة مضيئة بأسلوب سهل مبسّط ساهم بقسط وافر في تطوير الفلاحة وتشجيع الزراعات السقوية وإطلاق تربية الدواجن.

وذاع صيته وصدقت كلمته، فكان يستوقفه الناس في كل خطوة سائلين عن دواء ناجع أو وصفة لأمراض الأشجار أو تقنية غرس وتشذيب، وكان عمر الحبيّب رحمه الله، يقدّم النصح ويكتب الوصفة مرضاة لوجه الله، متعففا مخلصا، محبّا للآخرين.

ولعلّ هذا الواعز الوطني والاقتصادي والاجتماعي هو الذي دفعه إلى العمل بسخاء وموهبة خلاّقة ضمن الحزب والعديد من المنظمات والجمعيات فكان يلقي المحاضرات التثقيفية في أعماق البلاد حتى داخل السجون والإصلاحيات، وينظم الملتقيات والندوات وينشر المقالات والدراسات.

وقد أفادته مهامه على رأس دار الفلاّح وسفراته الكثيرة إلى الخارج وزياراته للمعارض الدولية ونيابته لمؤسسة سكيولد الدانمركية الشهيرة في إثراء معرفته والوقوف على أحدث الأساليب والتقنيات، فكان دوما ضمن طلائع الإبداع والتجديد، يتزودّ بما يجدّ في العالم بما ينفع به الآخرين.

لم تكن للمادة عند عمر الحبيّب أي قيمة وإنما كان يؤثر دوما رفعة الأخلاق ونبل القيم ودفء الصداقة ومحبة الناس، ديدنه "إذا ما استطعت أن تفعل الخير فافعل". فعاش نقيّ السريرة نظيف اليدين عامر القلب بالإيمان.

رحمه الله رحمة واسعة واسكنه فراديس الجنان.


 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
1 تعليق
التعليقات
Mourad - 23-01-2017 13:16

.Un grand homme de cette génération de bâtisseurs

X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.