يوميات مواطن عيّاش: آش جرى لي في الاستعجالي...؟
هاتفني صديقي العيّاش، وكان طريح الفراش، قال: «كيف لا تسأل عني أيها اللئيم، وأنت تدعي أنّك صديقي الحميم؟». قلت: «كنت أظنّ أنّه زكام خفيف، يتعدّى كي سحابة صيف»، قال: «بل هو رعد رعديد، وعناء شديد، وأمر مريع، يــشيب لهوله الرضيع!» قلت: «ما الأمر؟ لقد أرعبتني، وبكلامك هذا حيّرتني».
قال العيّاش: «شعرت في ليلة من ليالي هذا الشتاء، بمغص في المعدة وألم في الأمعاء، فقلت في نفسي: إنّه سوء هضم أو سمك مغشوش، باعه إيايّ واحد من هاك التجار لي ما يحشموش، يبيعو المرض ويضحكو على شاريه، ما يهمهمش في الحريف آش يصير فيه».
وبعد كل محاولاتي الشخصية، بين شاي ساخن وترنجيّة، قرّرت، وقد تبخّرت في الشفاء آمالي، أن أسرع الى قسم الاستعجالي، فوجدته مثلما كنت أرى يوم القيامة في خيالي: طابور من المرضى أمام الباب، كأنّهم ينتظرون الحساب، وأنين ينبعث من كل الجهات، يمتزج بصراع الاحتجاجات، كل يريد أن يكون هو أو مرافقه أوّل من يتلقى العلاج والرعاية، وطبيب شاب تجاوزته طلبات العناية، من مرضى فقدوا صبرهم، وتفاقم أمرهم.
وبعد صبر كصبر أيٰوب، كتب أخيرا المكتوب، وجاء دوري ليفحصني الطبيب الشاب، وأنا أرى من الألم العجب العجاب. وبعد جسّ دقيق، واستفسار عميق، قال الحكيم: «ما فيهش فايدة، هاذي مصرانة زايدة، ولا مناص من عمليّة، نغلق بها الموضوع بصفة نهائية».
وبعد لحظات، كنت على طاولة العمليّات، ولم أفق بعد ذلك إلاّ وأنا على سرير من أسرّة المستشفى البيضاء، يحيط بي الممرّضون والأطبّاء. ولما فتحت عيوني، على السلامة هنّؤوني، وقال لي رئيسهم: «ماتخافش، مصرانتك الزايدة لا باس، وما الأمر إلاّ ريح معكوس كان يمكن أن يعالج بشوية بسباس، وعلى كل حال احنا حلينا المصرانة الزايدة نحيناها وفك علينا، هي في نهاية الأمر مصرانة زائدة، ليست منها أي فائدة». فكتمت دائي في ردائي، وقلت في نفسي متهكما: «يا سعدي يا هنائي، الجماعة عملوا عليّ مزية، ريّحوني م الزايدة الدوديّة، وجاتني في مصاريف عمليّة، بالكشي فيها خير ودفعة بلاء وأذيّة».
ولما عدت إلى البيت عاودتني الأوجاع، فعدت إلى المستشفى وأنا ملتاع. وبعد فحصي بالأشعّة قال لي الطبيب:» يبدو أنّهم تركوا في بطنك مقصّا وفاصمة فكانت تلك – بالنسبة إليّ- الضربة القاصمة. لكنني مع ذلك تجلّدت، وللطبيب قلت: «بالله عليكم، هذه بطني أم صيدلية؟ أم ترى خياطة عصريّة؟»، فضحك الطبيب من ضماري، وصبري واصطباري، وأحالني فورا على غرفة العمليّات، لاستخراج ما في بطني من معدّات.
وعندما استيقظت من العمليّة، لقيت الجماعة كي العادة دايرين بيّ، طبّة وطلبة وفراملية، فقلت للطبيب المختصّ: «طمئنوني، هل وجدتم الفاصمة والمقصّ؟ فهذه من أملاك المجموعة الوطنية، ولا بد من إرجاعها الى أصحابها قبل أن ترفع ضدّي قضية، بتهمة السطو على الأملاك العمومية».
وعندما قلت هذا الكلام، رأيت الجماعة من حولي ينظرون إلى بعضهم البعض باستغراب واستفهام، واستمعت إلى أحدهم يقول إلى صاحبه: «هذا هذيان من فعل التخدير، إن شاء الله العاقبة خير!»، ففهمت عند ذلك أنّ البنــج لعـــب لحظة بعقلي وأنّ لا مقصّ ولا فاصمة في بطني».
عند هذا الحدّ، قاطعت العيّاش وأنا مُحْتٓدّ «قاتلك الله أيّها اللعين! لقد ظننت إلى حين، أنهم فتحوا فعلا في بطنك سبيسرية، فهذا يحصل حتى في أرقى دول الكرة الأرضية ... والمهم أنّك قمت بالسلامة لا سوء لا سوية، ورد بالك راك منعت المرّة هاذيّة».
عادل الأحمر
- اكتب تعليق
- تعليق