الصحبي الوهايبي: فكّـــرْ بالأشـيــاء الحلـــوة
امرأة جاءهــــا المخــــاض على حين غِرّة؛ وهل يأتي المخاض إلاّ غـــــِرّة؟ وليس في البيت إلاّ زوجهــــا، يفتـــح للطّبيــب، وهو يقــول: «يا دكتور، إنّه مولودها الأوّل، وهي مفجوعة، وأنا مفجوع أيضا»، وقد يكون الطّبيب مفجوعا، ولكنّه كان يتصنّع الهمّ والاهتمام، كأنّه يُولّد أُمّة بأسرها، ثمّ يخلو إلى المرأة في غرفتها، وزوجها يذرع غرفة الاستقبال؛ والطّبيب يغيب برهة، ثمّ يمدّ رأسه من وراء الباب المـــوارب: «هل عنـــدك في البيت مفــكّ، tournevis، بالعربي؟»؛ والرّجل يفتح عينيه المفتــوحتين مرعــــوبا: «tournevis؟ هل قلت tournevis؟»، ثمّ يقْلِـــب البيـــت رأسا على عقب، ويسرع إلى الطّبيب: «تفضّل»؛ والطّبيب يبتسم: «لا داعــي للقلـــق! كلّ شيء على ما يرام»؛ ويغيب حينا، ثمّ يمدّ رأسه من خلف الباب: «هل عندك في البيت مطرقة؟»؛ والرّجل يكاد يُغمى عليه: «مطرقة يا دكتور؟ هل قلت مطرقة؟»؛ والطّبيب يومئ برأسه نعم، نعم؛ ثمّ يخلو إلى المرأة خمس دقائق، ثمّ عشرا، ثمّ يمدّ رأسه: «هل عنـــدك في البيت كمّاشة، pince، بالعربي؟»؛ ويستجيب الرّجل مذهولا، ويغيب الطّبيب حينا من الزّمن، ثمّ يفتح الباب، وهو يقـــول: «الأحسن أن تستدعي طبيبا آخر غيــري؛ لم أستطع أن أفتح حقيبتي!»... مجرّد صدفة! الطّبيب أيضا، اسمه يوسف الشّاهد!
******
رجل تاه في الصّحراء، فمكث عشرين يوما، لم يذق قطرة ماء، ثمّ كُتبت له النّجاة بقدرة قادر؛ فسأله الصّحفيّ مبهورا: «كيف فعلت كلّ هذه المدّة لتعيــــش ولم تمُتْ عطشا؟»؛ فردّ الرّجل:«بسيطة، بسيطة جدّا؛ كنت أفكّر باستمرار في أشياء حلوة جميلة، يسيل لها لعابي!». لم يبق للشّعب الكريم إلاّ أن يفكّر بأشياء حلوة وجميلة!.
******
رجل أحـول ورجــل محشّش يعدّان فطورا قوامه سَمَكٌ؛ الأحول يلقــــي بالسّمك خارج المقلاة، والمحشّش يتشتش ويقول:«تششششش». الحكومة تقلي والشّعب يتشتش.
******
جنديّ لم يدخل معمعةً من قَبْل، ألقت به الظّروف في أتون حرب مستعرة، فاستبدّ به الرّعب، في ليلة ظلماء، لا ينير ظلمتَها إلاّ وميض القذائف، فلمّا هاله الأمر، ألقى سلاحه، وأطلق ساقيه للرّيح؛ فمازال يجري، وهو لا يكاد يرى، حتّى اصطدم بضابط، منتصب، في كبرياء، على ربوة، فرفع يده المرتعشة بالتّحيّة:«عفوا، أيّها الملازم!»، فردّ الضّابط: «لست ملازما»؛ فتلعثم الجنديّ: «عفوا أيّها القبطان!»؛ فزعق الضّابط: «لست قبطانا، أنا جنرال!»؛ فتنفّس الجنــديّ الصّعـــداء: «آه! إذًا أنا بعيد جدّا عن ميدان المعركة!».
الصحبي الوهايبي
- اكتب تعليق
- تعليق