بعد انتخاب ترامب: كيف تقدر تونس على جلب اهتمام الإدارة الأمريكية الجديدة؟ (ألبوم صور)
أبدى ووزراء سابقون وشخصيات سياسيّة ودبلوماسيون تونسيون مثّلوا في فترات سابقة بلادهم في واشنطن وفي العديد من العواصم الغربية الأخرى ووجوه بارزة في إدارة المال والأعمال وفي عالم الثقافة تخوّفات واضحة تجاه مستقبل العلاقات التونسية الأمريكية في ظل إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب.
تم الإعراب عن هذه التخوّفات في إطار مائدة مستديرة نظّمها يوم الخميس 8 ديسمبر الجاري بالعاصمة التونسية المجلس الأطلسي (مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط) ومجلّة "ليدرز" أيضا ودعي إلى المشاركة فيها كذلك إعلاميّون وخبراء في مجال العلاقات الدولية.
واستمع المشاركون في هذا اللقاء الهامّ الذي أداره الأستاذ الجامعي وممثّل المجلس في تونس السيّد هيكل بن محفوظ وتواصل أكثر من ساعتين إلى مداخلة تمهيدية نُقلت مباشرة من واشنطن عبر نظام "سكايب" لممثّل عن المجلس الأطلسي هو الدكتور كريم مزران حول ما يمثله فوز د. ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية في شهر نوفمبر الماضي بالنسبة إلى تونس بصفة خاصّة وإلى العالم العربي والإسلامي والعالم بأسره على نحو أعمّ.
وذهب عدد من المحاضرين الذين تناولوا الكلمة على هذا المنبر إلى الاعتقاد أنّ ما صدر عن المرشح ترامب للانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة من تصريحات ومواقف وما عبّر عنه من نوايا وإن كانت تبدو في الظاهر على الأقل تعبيرا عن رؤى قسم لا يستهان به من الرأي العام الأمريكي ومن الناخبين الأمريكيين وعن نزعة إلى التعامل مع الشعوب الأخرى بمنطق الربح، فإنّها جاءت صادمة بقوّة لمشاعر الناس في العالم وباعثة على الحيرة ومخيّبة لآمال الساسة وأصدقاء الولايات المتحدة في العالم العربي والإسلامي وهم كثر، وهو ما أكّده بوضوح السفير السابق والذي تقلّد منصب وزير للشؤون الخارجية غداة قيام ثورة جانفي 2011 السيد أحمد ونيّس وكذلك السيد مصطفى كمال النابلي وزير التخطيط والتعاون الدولي السابق والمحافظ السابق للبنك المركزي التونسي.
وفي مداخلتين لهما تركّزتا على مستقبل العلاقات التونسية الأمريكية وعلاقات أمريكا بالعالم العربي والإسلامي خلال عهدة الرئيس د. ترامب اشتركا في القول إنّ صعوده إلى سدّة الحكم في أمريكا سيكون له على الأرجح تأثير حقيقي وهام وعميق على العلاقات الدولية وعلى مستوى التعاون الدولي والأمن العالمي، باعتباره حدثا غير عادي وسوف لن تكون مجريات السياسة الخارجية الأمريكية وتوجهاتها الاستراتيجية والقواعد التي تحكمها كما كانت في الماضي، وأنّ تعامل الإدارة الأمريكية على المستوى الدولي ستحكمه حسابات المصالح الآنية وتوازنات القوى في العالم والكيل بمكيال الخسارة والربح، وهو ما سيحدث تغييرا عميقا في مناخ الأعمال وقواعد العمل والتعامل في العالم وما سيربك مسار التعاون الدولي ويعرض علاقات الدول فيما بينها إلى كثير من الهزات والمخاطر. ومن رأي السيد أحمد ونيّس أنّ ما جاء على لسان مرشّح الحزب الجمهوري د. ترامب طوال الحملة الانتخابية التي واجه فيها مرشحة حزب الديمقراطيين هيلاري كلينتون يبدو إلى حدّ وكأنّه يعكس عزما معلنا على إعادة ترتيب العلاقات الدولية مع أطراف عديدة كمنظمة الحلف الأطلسي والصين والعالم الإسلامي وفق ثقافة سياسية خاصة ونزعة انعزالية وانطوائية متأصلة في أمريكا قوامها الدفاع عن مصالح الولايات المتحدة في المقام الأوّل.
وشغلت العلاقات التونسية الأمريكية ومستقبل روابط أمريكا بالعالم العربي والإسلامي حيّزا مهما ضمن النقاشات التي دارت في إطار هذا اللقاء، وطرحت في هذا الصدد تساؤلات عديدة مشوبة بكثير من الحيرة والتحفظ حول ما إذا ستبقى تونس في مدار اهتمامات الإدارة الأمريكية الجديدة وفي رؤية الرئيس ترامب، أم هل أنّ مصداقيّة تونس ـ التي منحها الرئيس باراك أوباما تلقائيا صفة الحليف الرئيس من خارج الحلف الأطلسي والتي تحصلت على قروض مدعمة بتزكية حكومية أمريكية وحقّقت مكاسب لا يستهان بها وتقدما واضحا في مجالات حيوية كالانتقال الديمقراطي والحريات الشخصية والعامة وحقوق الانسان ومكافحة الارهاب أصبحت الآن موضوعة على المحك؟ كما أصبحت على المحك عدة قضايا مهمّة تستقطب بقوة اهتمام الرأي العام في الدول العربية والاسلامية ومؤسسات الأمم المتحدة مثل مستقبل مدينة القدس وما جاء في هذا المضمار على لسان دونالد ترامب ومساعده وبعض مستشاريه ومفاده أنّ أمريكا سوف توفي بوعودها والتزاماتها بشأن الاعتراف الرسمي بمدينة القدس عاصمة أبدية لإسرائيل ونقل مقر السفارة الأمريكية بأسرع وقت ممكن من تل أبيب إلى القدس.. كل ذلك في انتهاك سافر وصارخ لقرارات الأمم المتحدة ولوائح منظمة اليونسكو.
يوسف قدية
- اكتب تعليق
- تعليق