أخبار - 2016.09.23

تونس: أيّ علاقة بين تجارة المخدّرات والإرهاب ؟

أيّ علاقة  بين تجارة المخدّرات والإرهاب ؟
المعلوم أنّ الشبكات الإرهابية تبحث دوما عن مصادر تمويل، حتّى وإن كانت غير مشروعة، فالغاية تبرّر الوسيلة. في عدد من بلدان العالم التي تشهد أنشطة إرهابية، غالبا ما تلتقي مصالح تجّار المخدّرات بمصالح الإرهابيين.. التجار يطلبون الحماية والتنظيمات الإرهابيّة  في حاجة إلى أموال لشراء الأسلحة والإنفاق على عناصرها واستقطاب أتباع جدد.ولعلّ أفغانستان أوّل منتج للأفيون والحشيش في العالم خير دليل على ذلك، حيث تمّ  في هذا البلد الارتباط بين أباطرة المخدرات وتنظيم القاعدة. يوضّح إطار أمني سام مخـــتصّ في مكافـــحة المخـــدّرات أنّه لا علاقة في تونس بين تجّــار المخــــدّرات والإرهــاب، على الرغـــــم مــن أنّ  الإرهـــابي، كان في حالات معيّنة مستهلكها للمخدرات أو مهرّبا لها ومستهلك المخدّرات يمكن أن يصبح إرهابيّا. ومـهما يكن من أمـر، فإنّ اتّـساع رقـعة تجــارة المخـدّرات في البلاد يدعـو إلى ملازمة اليقظة المستمرّة حتّى لا ترتبط هذه التجارة بالإرهاب.

أرقام ودلالات

لا شكّ أنّ ازدياد حجم الضبطيات يعكس من جهة الجهود الكبيرة والمستمرّة التي تبذلها وحدات الأمن والحرس والديوانة في مجال مكافحة المخدّرات وارتفاع درجة اليــقظة لديها ويدلّ من جهة أخرى على اتساع رقعة تجارة المخدّرات وتنامي استهلاكها. 

المورّطون في قضايا مخدّرات

العدد والفئة العمرية

تضاعف عدد المورّطين في قضايا مخدّرات أربع مرّات تقريبا في غضون العشرية 2006 - 2015.فقد ارتفع عددهم من 2430 شخصا في سنة 2006 إلى 9943 شخصا في سنة 2015، مع ارتفاع ملحوظ للعدد بداية من سنة 2012، أي سنة واحـدة بعد أحـداث 14 جـانفي 2011 الـــتي تــزامنـــت مع انفلات أمني وانحلال في السلوك الاجتماعي، حيث بلغ  عدد المورّطين في تلك السنة 3823 شخصا، قبل أن يشهد تنامـيا في سنة 2014 (7181 شخصا) وفي سنة 2015 (7826شخصا).
ومعظم المورّطين في قضايا مخدّرات خلال العشرية نفسها من الفئة العمرية 18 - 30 سنة، أي هم من الشباب، ولعلّهم الأكثر استهلاكا للمخدرات (1515 شخصا في سنة 2006  مقابل6407 شخصا في سنة 2015).  والمورّطون الأقلّ عددا هـم دون 18 سـنة (44 شخـصا في سنة 2006 مقابل 282 شخصا في سنة 2015)، وهم كذلك ممّن تتجاوز أعمارهم 50 سنة (32 شخصا في سنة 2006 مقابل161 شخصا في سنة 2015).
 

التصنيف المهني

أغلب المورّطين هم من صنف العمال اليوميين، أي أنّهم ينتمـون إلى أوسـاط اجتمـاعية متواضعة وقد بلغ عددهـم 2357 شخصا في سنة 2006  ويمثّلون نسبة 96 بالمائة من جملة المورّطين وقد ارتفع عددهم إلى 847  شخصا في سنة 2015 ويمثّلون 90 بالمائة من العدد الجملي. ولم يتغيّر الترتيب خلال كامل العشرية 2006 - 2015، حيث يأتي في المرتبة الثانية بعد العمال اليوميين التلاميذ (46 تلميذا في سنة 2006 مقابل417 تلميذا في سنة 2015) ثمّ الموظّفون (23 موظّفا سنة 2005 مقابل 52 موظّفا في سنة 2015) .
 
والملفت للنظر في الإحصائيات الارتفاع المطّرد لعدد التلاميذ المورّطــين في قضـــايا مخــدّرات بـــداية من سـنة 2011، وهو ما يدعو إلى طرح أكثر من سؤال حول أسباب هذه الظاهرة ودور الأسرة والمؤسسة التربويّة والمجتمع في الإحاطة بالنشء والشباب وحمايتهم من آفة المخدّرات.

مرتكزات الخطّة الأمنيّة لمكافحة المخدّرات

يبيّن إطار سام، مختصّ في مكافحة المخدّرات، أنّ جريمة المخدّرات تختلف في نوعيتها عن بقيّة الجرائم. فجرائم القتل والسرقة والتحيّل والاعتداء بالعنـف، على سبـيـل المثال، تُقتـــرف في وقت ما وفي مكان ما وتنتهي بوقوعها، بيد أنّ جريــمة المخــدّرات لا نهاية لها لأنّها مستمرّة في المكان والزمان.. وضحيّتها المجتمع بأسره، لذلك لا يمكن القضاء نهائيا على هذه الجريمة ولا يجوز الحديث إلّا عن مكافحتها. وتتطلّب محاصرتها طول النفس والعمل يوميّا دون هوادة.كما تستوجب معرفة دقيقة بمكوّنات المخدّرات وبطرق صنعها. فلمّا يعثر في مكان مشبوه على مادّة الآسيتون (acétone) فذلك يمكن أن يكون مؤشّرا لصنع الكوكايين.
ويوضّح هذا الإطار السامي أنّ العمل الذي يقوم به جهاز مكافحة المخدّرات لا يكتسي بعدا أمنيّا فحسب، بل يكتسي كذلك بعدا إنسانيّا واجتماعيّا، لأنّ غايته في نهاية الأمر حماية أجيال  وتحصين المجتمع من هذه الآفة. ويشير إلى أنّه لا يمكن مقارنة ما يتوفّر لأجهزة مكافحة المخدّرات في بلدان أخرى من إمكانات مادية وبشرية ضخمة  بما هو متاح من إمكانات للجهاز التونسي، فقلّة إمكاناته تعوّض بالحرفية والصبر وتوظيف المعلومة في الميدان واكتشاف الجريمة بإعمال العقل، نظرا لأنّ عالم المـخدّرات عالم سـرّي لا يتسنّى الدخول إليه إلّا بصفة سريّة.

متابعة مستمرّة

تتمثّل مرتكزات الخطّة الأمنيّة المتّبعة لمكافحة المخدّرات في ما يلي:
  • المتابعة المستمرّة لأحوال السوق من ارتفاع أو انخفاض للأسعار، وانخفاضها دليل على وفرة العرض، وهو ما يدعو إلى البحث عن مصدر المخدّرات.
  • الحرص على معرفة تحرّكات عناصر الشبكات وأماكن إخفاء المخدّرات ومسالك ترويجها.
  • التحرّك بسرعة لإيقاف المتورّطين قبل وصول البضاعة إلى المستهلكين.
  • البحث عن مخابئ المخدّرات، اعتبارا إلى أنّ المهرّبين والتجار المروّجين يبتدعون دائما حيلا جديدة ويعملون على تغيير طرق إخفاء البضاعة.
  • توجيه ضربات موجعة إلى شبكات ترويج المخدّرات لشلّ حركتها وإبراز قدرات الإدارة الفرعية لمكافحة المخدّرات.
  • الاستفادة ممّا يدلي به تجّار المخدّرات الموقوفون من معلومات عند التحقيق معهم للكشف عن القضايا، وهو ما يتطلّب حرفية عالية ودراية واسعة بتقنيات البحث.
  • التعويل على المعلومة لاختراق شبكات تجّار المخدّرات .
  • العمل على تعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال مكافحة المخدّرات والتفكير في تعيين ضابط اتصال أمني مختصّ في هذا المجال لدى عدد من سفارات تونس بالخارج.
 

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.