أخبار -
2016.09.22
سوق المخدّرات في تونس
ما فتئت شبكات تجارة المخدّرات تتنظّم وتتطوّر وأطرافها أربعة:
- مزوّد
- مهرّب
- ناقل
- تاجر مـروّج
تسعى دومـــا إلى توسيع رقعة نشاطها لاستهداف مستهلكين جدد بما يمكّنها من تنمية أرباحها، وفي الآن نفسـه تلازم الحيــطة والحذر حـتّى لا ينكشف أمرها. فهي عالم سرّي يصعب أحيانا سبر أغواره، عندما تغيب المعلومة. طبيعة النشاط تحتّم على تجّار المخدّرات التحـرّك في الخفاء وتغيير أساليب عملهم باستمرار، للإفلات من الرصد والمراقبة. عشرات من التجّار يتحكـمون اليـــوم في السوق التونسية، ويبلغ معدّل أعمارهم أربعين سنة فما فوق.
«الزطلة» المادّة الأكثر استهلاكا
«الزطلة» هي المادّة الأكثر استهلاكا في تونس (90 بالمائة). وحجم الضبطيات مؤشّر لتنامي استهلاك هذا المخدّر. وقد تمّ ضبط 7669 كغ من «الزطلة» في سنة 2015 ( منها 5 أطنان ضبطت في مركب بالحمامات مارينا كانت موجّهة إلى ليبيا) مقابل 222.532 كغ في سنة 2006، أي أنّ هذا الرقم تضاعف أكثر من 34 مرّة خلال عشريّة واحدة. وبلغ حجم الضبطيات خلال السداسي الأوّل من السنة الحالية 1854 كغ منها 451 لقطة في البحر الأبيض المتوسط حيث تجرف التيارات البحرية لقطا نحو السواحل التونسية.
توزيع في ثلاثة اتجاهات
يخزّن التجّار كميّات من المخدّرات المهرّبة من الشريط الحدودي الغربي بتونس العاصــمة، في انتظار ترويـــجها هــناك، أو نقــــلها إلى عدد من المدن الداخلية لنفس الغرض، على غرار نابل وسوسة وصفاقس. كما يقع نقل كميات من المخدّرات المهرّبة من الشريط نفسه مباشرة إلى مدن داخلية أخرى قصد ترويجها. أمّا كميات المخدرات القادمة من الشريط الحدودي الجنوبي الغربي، فتخزّن في مرحلة أولى بالجنوب التونسي، على غرار قفصة وقابس وبنقردان لإعادة تهريبها في اتجاه ليبيا.
المستهلك عامل مؤثّر
كما هو الشأن في كلّ سوق، تخضع تجارة المخدّرات لقاعدة العرض والطلب والمستهلك هو العامل المؤثّر فيها (catalyseur). السعر مرتبط بحجم البضاعة المتداولة. فلمّا يكون سعر الغرام الواحد من «الزطلة» بين 5 و10 دنانير وسعر قرص سوبيتاكس (subutex) بين 70 و80 دينارا فذلك دليل على نقص في العرض، ولمّا يكون السعر دينارين لغرام الزطلة وبين 5 و 9 دنانير لقرص سوبيتاكس، فذلك مؤشّر لوفرة العرض. والسعر يساعد كثيرا جهاز مكافحة المخدّرات على تحليل توجّهات السوق وتقييم كميات المخدّرات المعروضة. وكلّ انخفاض في السعر هو مبعث قلق وانشغال، يدفع إلى البحث عن مصدر المخدّرات.كما أنّ السعر يرتفع كلّما تعاظمت مخاطر المهرّب والتاجر وامتدّ المسلك الجغرافي لوصول البضاعة من المزوّد إلى المستهلك. وبما أنّ «الزطلة» تمرّ عبر تونس في طريقها إلى ليبيا، فإنّ سعرها يزداد في هذا البلد، وقد يتضاعف عدّة مرّات لمّا تكون الوجهة مصر.
استهلاك الأقراص المخدّرة في ارتفاع
ما يمكن استنتاجه من الإحصائيات المتعلــّقة بـالضبطــــيات في مجال المخدّرات أنّ استهلاك الأقراص المخدّرة في ارتفاع منذ سنة 2010. وقد تمّ ضبط 64.183 قرصا في سنة 2015، مقابل 34.497 قرصا في سنة 2014، في حين كانت الضبطيات 6727 قرصا في سنة 2006. أمّا استهلاك الكوكايين والهيروين فحجمه جدّ محدود، كما يـدلّ على ذلك حـجـم الضبطيـات (1452غ من الكوكايين في سنة 2015 مقابل 1452غ في سنة 2014 و1.7غ من الهيروين في سنة 2015 مقابل غرام واحد في سنة 2014).
«الزطّال» يجهل ما يستهلك
في السوق بضاعة جيّدة وبضاعة سيئة. ومادّة «الزطلة» لا تشذّ عن هذه القاعدة، لأنّ لصنعها مواصفات.. هكذا يقول أحد الإخصائيين الذي يتساءل مازحا : هل يجب إخضاع «الزطلة» لمواصفات ISO 9001، لأنّ المنتوج المستهلك يمكن أن يكون سامّا؟
رقم معاملات بعشرات الملايين من الدنانير
في غياب مرصد وطني للمخدّرات، يقدّر خبير وإطار أمني مختصّ في مكافحة المخدّرات كميّات الزطلة المعروضة في السوق بـ 7500 كغ تقريبا، وهذه الكميّة يمكن أن تزيد أو تنقص. وإذا ما اعتبرنا هامش ربح المروّج الذي يبيع قطعة الزطلة التي تزن في حدود غرام أو أقلّ بـ 5 دنانير تقريبا، فإنّنا نستطـيع أن نقدّر رقم المعاملات في مجال تجارة «الزطلة» بعشرات الملايين من الدنانير. وبالنسبة إلى تجارة الأقراص المخدّرة، فيمكن تقدير حجم المعاملات في مجالها ببضعة ملايين من الدنانير إذا ضربنا في ثلاثة حجـم الضـبطيات- وهي قاعـدة متبـعـة في عالم الإحصاء- وأخذنا في الاعتبار معدّل السعر الأكثر تداولا. وتبيّض أموال المخدّرات في بناء أو شراء عقارات واقتناء سيارات وأصول تجارية لمقاه وقاعات شاي في بعض الأحياء الراقية كمنطقة البحيرة في العاصمة. بيد أنّ حجم أموال المخدّرات الذي يبقى متواضعا مقارنة بأسواق أخرى، لا يجعلنا نقرّ بوجود ظاهرة لافتة لتبييض أموال المخدّرات في تونس.
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
- اكتب تعليق
- تعليق
أصداء المؤسسات
الأخبار الأكثر قراءة
2024.11.18
عزّالدّين المدني: أضواء على تنظيم المجامع
الأخبار الأكثر تعلِيقا
2024.11.18