فسفاطنا ... وفسفاطهم
في الوقت الذي بلغ فيه حجم خسائر قطاع الفسفاط في بلادنا منذ سنة 2010 ما يناهز 5 آلاف مليون دينار"، وفي الوقت الذي تراجع فيه إنتاج الفسفاط بحوالي 60 بالمائة إذ بلغ سنة 2015 نحو 3.2 مليون طن، وفي الوقت الذي تضاعف فيه عدد الأعوان العاملين في القطاع ثلاث مرات ونصفا، وفي الوقت الذي تراجعت فيه إنتاجية العامل من 600 طن سنويا قبل سنة 2010، إلى حوالي 60 طنا فقط اليوم،
في هذا الوقت بالذات، أريد أن أسوق المعلومات التالية عن الطّفرة التي يشهدها قطاع الفسفاط في المغرب الشقيق، من باب الغبطة لا من باب الحسد:
- ينتظر أن يبلغ إنتاج "المكتب الشريف للفسفاط" سنة 2017 ما يعادل 12 مليون طن سنويا، وهو ما سيبوّؤه المرتبة الأولى في سوق الفسفاط العالمية.
- خصّص "المكتب" ما يناهز 490 مليون يورو (أكثر من مليار دينار تونسي) لانشاء "المركّب الإفريقي للأسمدة"، وهو أحد أربعة وحدات سيقوم المكتب بإقامتها خلال الأشهر الـ18 القادمة، مما سيمكّنه من إنتاج 1.4 مليون طن من الحامض الكبريتي و450 ألف طن من الحامض الفوسفوري ومليون طن من الأسمدة.
- سيُخَصّص إنتاج هذا المركّب بالأساس للقارة الإفريقية التي لا تمثّل حاليا إلا 3 بالمائة من حجم الاستهلاك العالمي من الأسمدة، وهذا ما يفسر ضعف إنتاجية قطاعها الفلاحي بالمقارنة مع غيره في بقية مناطق العالم.
- يطمح "المكتب" إلى مواكبة "الثورة الخضراء" في القارة الإفريقية مثلما كان واكب تطوير القطاع الفلاحي في الهند، حريفه الأول في العالم، ولذلك وحتى يتمكّن من تلبية احتياجات السوق الإفريقية، قام بإعداد خريطة لنوعيّات التربة في مختلف بلدان القارة بهدف ملاءمة منتجاته معها...
يبقى أن نلاحظ أن هذا التوجّه الوجيه هو إحدى ثمار السياسة الإفريقية التي قرر العاهل المغربي انتهاجها من منطلق قناعته بأن "إفريقيا يجب أن تثق في إفريقيا" وهي سياسة تجاوب معها المغاربة، كمؤسسات ورجال أعمال ومستثمرين، فتجنّدوا لتجسيمها على صعيد الواقع، مؤكدين بذلك، مرّة أخرى، أهمية التناغم بين الخطاب السياسي وبين الفعل الميداني...
محمد ابراهيم الحصايري
تونس في 23 مارس 2016
- اكتب تعليق
- تعليق