في الذكرى الخامسة لثورة 25 يناير
القاهرة، مراسلة خاصّة بليدرز - ما أشبه الحالة التونسيّة بالحالة المصريّة في الكثير من الجوانب! تملّكني هذا الانطباع يوم نزولي القاهرة والمصريون يستعيدون ذكرى اندلاع ثورتهم في 25 يناير (جانفي) 2011. كان يوم إجازة، كما هو الشأن في تونس عندما يحلّ يوم 14 جانفي من كلّ عام منذ سقوط نظام بن علي..خفّت حركة السير في معظم شوارع القاهرة وخفت ضجيج المدينة وآثر العديد من سكّانها ملازمة بيوتهم أو الإقبال على المجمّعات والمحلّات التجاريّة أو المقاهي والمنتزهات، في حين حاولت مجموعات التجمهر وسط المدينة على مقربة من ميدان التحرير لإحياء الذكرى وسط إجراءات أمنيّة مشدّدة.
مشاكل وتحيات متشابهة
لئن بدت الأجواء فاترة في الذكرى الخامسة لثورة قامت في سياق ما سميّ بـ"الربيع العربي" الذي بدأ من تونس، فإنّ توصيفها ودوافعها واستحقاقاتها وتداعياتها سياسيّا واقتصاديّا واجتماعيّا وأمنيّا ظلّت، على غرار الثورة التونسيّة، تثير الجدل في الأوساط الشعبيّة والسياسيّة وفي وسائل الإعلام. مشاكل شبيهة، ومستعصية، وتحديات جسام يواجهها البلدان، في ظلّ حجم انتظارات الفئات المحرومة و تزايد جحافل العاطلين عن العمل وارتفاع سقف المطالبة بالتنمية والتشغيل والعدالة الاجتماعيّة، وكلّ ذلك في وقت تتصاعد فيه مخاطر الإرهاب في تونس ومصر.
ير أنّ الحالة المصريّة تختلف عن الحالة التونسيّة على صعيد المسار السياسي الذي عقب الثورتين، فمصر شهدت ثورة يناير التي أطاحت بحكم حسني مبارك الذي استمرّ أكثر من ثلاثين عاما ثمّ ثورة 30 يونيو التي قسّمت المصريين إلى شقّين، شقّ يعتبرها "انقلابا على الشرعيّة" ويحاول مقاومته وشقّ آخر يرى فيها "حركة تصحيح وإنقاذ وطني" بعد زهاء سنة من ارتقاء الرئيس محمّد مرسي إلى الحكم إثر الانتخابات الرئاسيّة، وبالتالي أضحى التلازم قائما في عيون السلطة الحاليّة والعديد من المصريين بين ثورة يناير وثورة يونيو، وهذاما يؤكّده العنوان الذي اختارته صحيفة "المصري اليوم" في عددها الصادر يوم الإثنين : "الرئس ينصف "ثورة يناير""، في نقلها لمحتوى الكلمة التي توجّها بها عبد الفتّاح السيسي للشعب المصري في الذكرى الخامسة لثورة يناير.
السيسي : "انحراف ثورة يناير"
وقد أكّد الرئيس المصري أنّ "ثورة 30 يونيو جاءت لتصحيح مسار 25 يناير"، مشيرا إلى "أنّ البعض استغلّ الثورة لتحقيق مآرب شخصيّة ومصالح خاصّة" و"أنّ انحراف ثورة 25 يناير عن أهدافها لم يكن بيد أبنائها الأوفياء وإنّما بيد جماعات استغلّت الزخم السياسي".
وأضاف أنّ "تقييما منصفا وموضوعيّا لما حقّقته مصر خلال أقلّ من عامين على كافة الأصعدة الداخليّة والخارجيّة يوضّح أنّ بلادنا تحوّلت من (وطن لجماعة إلى وطن للجميع)، من حكم يعادي الشعب وكافة قطاعات الدولة إلى حكم يحترم خيارات الشعب ويسعى جاهدا لتحقيق آماله ويضمن مناخا إيجابيّا لعمل قطاعات ومؤسّسات الدولة".
وقال الرئيس السيسي : " نتحرّك على كافة الاتجاهات الداخليّة والخارجيّة، ندشّن وننفّذ مشروعات تنمويّة وإنتاجيّة صغيرة ومتوسّطة تراعي احتياجات الشباب وتدرك متطلّباتهم وحقّهم في العيش الكريم ونعمل على تطوير العديد من المرافق الخدميّة ونتصدّى بفعاليّة للعديد من المشكلات وفي مقدّمتها توفير الطاقة والكهرباء ونتفانى في مقاومة الإرهاب وإقرار الأمن والنظام."
مشروع ثورة
حاول عدد من المحللين المصريين تجاوز توصيف ما حدث في 25 جانفي في مصر، "هل هي ثورة، أم نصف ثورة أو حتّى ربع ثورة، أم هي انتفاضة؟" للتساؤل عمّا تحقّق من أهدافها للناس، وقد كتب سليمان جودة في "المصري اليوم" : "...إنّ شيئا ممّا دعت إليه لم يتحقّق، وإنّ هذا، في الحقيقة، هو سرّ خوف الدولة من ذكراها كلّما جاءت لأنّ تحقيق أهدافها، أو حتّى بعضها كان كفيلا بأن تطمئنّ الدولة..."
واعتبر أنّ 25 يناير سوف تظلّ مشروع ثورة لا ثورة مكتملة حتّى تتجسّد العدالة الاجتماعيّة على الأرض. ألا يقال هذا أيضا في تونس عن ثورة فجّرها الشباب والمهمّشون وظلّوا إلى الآن ينتظرون ثمارها؟
وكتب يحيى الجمل أحد وجوه المعارضة زمن حكم مبارك من ناحيته :" المهمّ أنّ مصر الجمهوريّة قد استطاعت أن تتغلّب على فاشيّة مبارك وعلى الفاشيّة الدينيّة وأن تبدأ مرحلة جديدة من حياتها، نرجو أن تكون أكثر جدّا وأكثر عطاء".
عبدالحفيظ الهرقام
- اكتب تعليق
- تعليق