هل تكون سنة 2016 سنة الإصلاحات الكبرى؟
في آخر اجتماع لمجلس الوزراء خلال سنة 2015، أعرب الرئيس الباجي قايد السبسي عن تفاؤله بالشروع في تحقيق النمو الاقتصادي خلال السنة القادمة، قائلا إنّها ستكون سنة الإصلاحات الكبرى.
وتميّز الاجتماع بمصادقة المجلس على جملة من مشاريع القوانين الهامّة، ومن بينها مشروع يتعلّق بمجال مكافحة المخدرات. وكان رئيس الجمهوريّة التزم خلال الحملة الانتخابيّة بإلغاء القانون عدد 52 المؤرّخ في 18 ماي المتعلق بالمخدرات، والذي يوجد من جراء تطبيق أحكامه الصارمة قرابة 8000 ألاف شخص في السجون حاليا، معظمهم من الشباب، استهلكوا للمرّة الأولى مواد مخدرة ليست بالخطيرة، ممّا أفضى إلى حالات اجتماعيّة مأساويّة.
ويقوم مشروع القانون الجديد ،الذي يهدف إلى ملاءمة التشريع التونسي للاتفاقيات الدوليّة المصادق عليها ولأحكام الدستور، على الوقاية قبل الزجر وعلى استبدال العقوبات السالبة للحرية بعقوبات بديلة تحقّق الإصلاح وإعادة الإدماج لمستهلكي المخدرات.
ونظرا إلى إقرار مبدإ إجراء الانتخابات البلديّة في غضون سنة 2016، نظر المجلس في مشروع قانون أساسي يتعلّق بتنقيح القانون الأساسي عدد 16 المؤرّخ في 26 ماي 2014 والمتعلق بالانتخابات والاستفتاء، وذلك بهدف استكمال النظام الانتخابي الديمقراطي في كافة مستوياته الرئاسي والتشريعي والجهوي والبلدي.
وقد وضعت في إطار مشروع القانون قواعد خاصّة بالانتخابات البلديّة والجهويّة، حيث سيعتمد نظام التمثيل النسبي مع الأخذ بأكبر البقايا وتعيين رئيس القائمة المتحصلة على أكبر عدد من الأصوات رئيسا للمجلس البلدي أو الجهوي، علاوة على تشريك التونسيّين بالخارج في الانتخابات البلديّة على أرض الوطن، وتحديد سنّ الترشح للانتخابات البلديّة والجهوية بـ 20 سنة، واشتراط أن تضمّ لقائمة المترشحة عن دائرة يتجاوز عدد سكانها 25 ألف ساكن من بين العشرة الأوائل فيها مرشحا حاملا لإعاقة جسديّة وتشجيع الشباب على الترشح من خلال اشتراط أن تضمّ كلّ قائمة من بين العشرة الأوائل فيها مترشحا لا يزيد سنه عن 35 سنة.
كما صادق مجلس الوزراء على مشروع قانون أساسي يتعلق بالموافقة على اتفاق بين الإتحاد الأوروبي والجمهورية التونسية يتعلق بمشاركة الجمهورية التونسية في برنامج تحت عنوان "برنامج إطاري للبحث والتجديد أفق 2020 " (2014/2020).
ويكتسي هذا البرنامج أهمية بالغة بالنظر إلى حجم تمويله الإجمالي والذي يقدر بحوالي 77 مليار أورو، بما يجعله أكبر برنامج بحث وتجديد في العالم، من حيث تمويله في كافة مراحل الإبتكار والتجديد من أجل نمو اقتصادي شامل وإحداث فرص للعمل، لتشغيل الشباب.
ولاشكّ أن من أهمّ مشاريع القوانين التي صادق عليها المجلس، مشروع قانون يتعلق بتنقيح القانون عدد 85 لسنة 1976 المؤرخ في 11 أوت 1976 والمتعلق بمراجعة التشريع المتعلق بالإنتزاع من أجل المصلحة العمومية.
ويندرج هذا المشروع في إطار "معالجة الإشكاليات التي أفرزها التشريع الحالي، خاصة على مستوى تعطيل المشاريع العمومية، نتيجة طول الإجراءات وصعوبة تحوز الإدارة بالعقار المنتزع ".
ويهدف المشروع إلى "الفصل بين عملية تقدير قيمة العقار، من جهة، والإذن بتحوز الإدارة بالعقار، من جهة أخرى ». وتضمن مشروع القانون الجديد "أحكاما تسمح بالتحوز العاجل بالعقار وما يتطلبه ذلك من التأكد دون المساس بالحق في التقاضي، مع توفير ضمانات لمالك العقار على مستوى تحديد قيمة العقار واشتراط خلاص غرامة الإنتزاع أو التأمين المسبق لها مقابل التحوز بالعقار.
حملت مشاريع القوانين هذه نفسا إصلاحيّا جليّا. فهل يتجسّم هذا النفس خلال سنة 2016، بعد أن انشغلت الحكومة خلال سنة 2015 بتصريف الشؤون اليوميّة ومواجهة ظروف طارئة، من بينها الأعمال الإرهابيّة والاحتجاجات الاجتماعيّة؟ وهل تكون سنة 2016 سنة الانطلاقة الاقتصادية المرجوة من خلال إنجاز المشاريع الكبرى ودفع حركة الاستثمار والنهوض بالتشغيل والشروع في تحقيق التنمية الجهويّة العادلة، تجسيما لاستحقاقات الثورة؟
- اكتب تعليق
- تعليق