أخبار - 2015.12.30

الباجي قائد السبسي، سنة أولى تحالف مع النهضة... والصيد في القصبة اختيارات صائبة ... لا مندوحة عنها (فيديو وصور)

الباجي قائد السبسي، سنة أولى تحالف مع النهضة... والصيد في القصبة اختيارات صائبة ... لا مندوحة عنها

بعد مرور سنة على ارتقائه إلى سدّة الرئاسة، الباجي قائد السبسي باقٍ على رأيه المعلن، لا يَحِيدُ عنه. يقف مدافعا عن قراره بربط تحالف مع النهضة، بل والدخول في ائتلاف حكومي وتكليف شخصية "مستقلة" بقيادة الحكومة. يرى أن اختياراته تلك ليست ضرورية فحسب، بل وصائبة. وإذا كانت سنة 2015 سنة « صعبة جدا» بالنسبة إليه، رغم وجود جوانب إيجابية كثيرة يأتي على ذكرها، فإنه يتوقّع أن تكون سنة 2016 أفضل...

وللدبلوماسيّة، وضرورة دفعها، وفوائدها المتوقعة بالنسبة إلى البلاد، نصيب في حديث رئيس الدولة. غداة عودته من المملكة العربية السعودية، وقُبيْلَ الاحتفال بمرور سنة على تسلّمه مقاليد رئاسة الجمهورية، أبى الرئيس قائد السبسي إلا أن يتفضل بالإجابة حصريا عن أسئلة مجلة "ليدرز".

كيف كانت زيارتكم إلى العربيّة السعوديّة؟

جيِّدة، ممتازة... حظينا بحفاوة بالغة من لدُنْ جلالة الملك سلمان بن عبد العزيز الذي غمرنا حقيقة بلطفه وبمحبّته لتونس. لا غرابة إطلاقا أن يصدر ذلك عن نجل الملك عبد العزيز آل سعود، أحد أكبر أصدقاء بورقيبة الذي كان استقبله قبل ستين سنة... بين البلدين علاقات متينة، علاقات تضامن.

أعُدْتُم الى تونس ممتلئي الوفاض؟

هدف الزيارة الأساسي كان غير هذا. لكن المستقبل القريب سيكون مُبشِّرا بنتائج جيدة وبتعاون مثمر. المملكة العربيّة السعوديّة لم تتخلف عن تأكيد تضامنها مجددا تُجاه تونس.

سنة 2015 هي السنة الأولى التي تمرّ بعد توليكم مقاليد رئاسة الجمهورية، كانت سنة حُبْلى بالكثير الكثير ...

كانت صعبة للغاية... وجدنا أنفسنا إزاء وضع في منتهى الدقة، وأكثر بكثير ممّا كان متوقعا. وكان لا بدّ من مواجهة جملة من الأمور الاستعجالية دونما انتظار. وكان الإرهاب من بين أشدّ هذه الأمور خطورة، فقد اكتوت تونس بنيرانه في ثلاث مرّات على الأقل. حصل ذلك مرّة أولى في باردو حيث استهدف الإرهاب حضارتنا وثقافتنا وكذلك السياحة وهي أحد الركائز التي يقوم عليها اقتصاد البلد. في المرة الثانية ضرب الإرهاب في سوسة مستهدفا السياحة مرة أخرى من خلال هجمته على ضيوفنا. وفي المرة الثالثة، استهدف الإرهاب عناصر من الحرس الرئاسي في سعي إلى مهاجمة الدولة بشكل مباشر. لكن الدولة ظلت واقفة، وستظل واقفة ثابتة على الدوام، كما كان ذلك شأنها دائماً ومنذ ما يزيد عن 3000 سنة.

وماذا على المستوى الدولي؟

استعادت تونس مكانتها في محفل الأمم. لقد قمتُ بزيارات عديدة للخارج، واستقْبَلْتُ في تونس عددا من قادة البلدان الشقيقة والصديقة. علاقاتنا مع الشقيقة الجزائر ممتازة، ويوجد تعاون وثيق بيننا في التصدي للإرهاب، والحدود بيننا مؤمَّنة. قمت كذلك بزيارة هامة الى الولايات المتحدة، هي الثانية التي أؤديها إلى هذا البلد في عهد الرئيس أوباما، من أجل توثيق العلاقات التقليدية القائمة بين بلدينا وإدراجها في سياق مستقبلي أرحب. وكانت زيارة الدولة التي قمت بها إلى فرنسا - وهي شريكنا الاقتصادي الأوّل وطرف مهم صُلْبَ الاتحاد الاوروبي - علامة متميزة في مسار علاقاتنا، كما هو الشأن تماما بالنسبة إلى مشاركتنا في قمة مجموعة السبع الملتئمة برئاسة المستشارة الألمانية ميركل. ويكتسي التعاون مع القوى العالمية السبع الكبرى أهمية بالغة. ثم إني استجبت لدعوات صدرت عن الرئيس عبد الفتاح السيسي كي أقوم بزيارة إلى مصر، ومن جلالة الملك عبد الله كي أقوم بزيارة إلى المملكة الهاشمية ومن الملك كارل السادس عشر غوستاف لزيارة السويد... وكانت كلها مناسبات سانحة لإعادة ترتيب علاقاتنا الدبلوماسية، ولاستعادة الديبلوماسية التونسية بريقها. رئيس الحكومة من جانبه قام بزيارات جد مفيدة. فقد مثل تونس في الاحتفال بالذكرى السبعين لإنشاء منظمة الأمم المتحدة وفي قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة التي انعقدت في نيويورك في سبتمبر الماضي، وكانت مشاركته تلك فرصة لإجراء محادثات مع كل من الرئيس أوباما ومع المستشارة ميركل والأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، إلى جانب شخصيات أخرى. وكان رئيس الحكومة قد ترأس الوفد التونسي المشارك في قمة المناخ 21 المنعقدة مؤخرا في باريس. وقام بزيارات رسمية إلى كل من الجزائر وألمانيا وإيطاليا والأردن وقطر.. فأنت ترى كيف أن تونس تستحث الخطى سعيا وراء استرجاع حيويتها الديبلوماسية، بما يتوافق جيدا مع مصالحها.

كيف تتراءى لكم سنة 2016 ؟

أفضل من السنوات السابقة. ونحرص بجَدٍّ على أن تكون كذلك. وحري بالتونسيين أن يتحركوا من أجل إخراج البلد من عنق الزجاجة. لكننا نقدر مع ذلك أننا أنهينا سنة 2015 في ظروف طيبة، واهتدينا إلى نوع من الوفاق ساعدنا على تحقيق نتائج لا بأس بها.  حققنا إنجازات كبرى يمكن أن نذكر من بينها السلم الاجتماعية التي أتاحتها العديد من الاتفاقات، وكذلك حصولنا على جائزة نوبل للسلام التي جاءت لتكرس ديناميكية الوفاق واختيار سبيل الحوار والتشاور واعتماده أسلوبا ومنهجا.

حديث الناس ذو شجون: أزمة سياسية؛ نظام  في عنق الزجاجة؛ حزب فائز في الانتخابات ولا يريد أن يدفع بأحد قادته إلى رأس الحكومة؛ حزب في المرتبة الثانية يمانع في الانضمام إلى المعارضة؛ ائتلاف يلفه كثير من الغموض..

هناك في تونس حكومة ائتلاف تعمل بشكل جيّد. المعارضة تتقمصها أطراف عديدة مثل الجبهة الشعبية وأحزاب أخرى. نحترم المعارضة، نرغب في أن تبادلنا بدورها الاحترام. أما بالنسبة إلى النهضة، فإن المسألة لا تطرح بالشكل الذي أشرتَ إليه، في الانتخابات الرئاسية هنالك فائز واحد؛ أما في التشريعية فقد حازت أربعة أحزاب قصب السبق. هذه الأحزاب تمثل إرادة الناخبين. حزب النداء احتل المرتبة الأولى بـ89 مقعدا، تليه النهضة بـ65 مقعدا، فحزبا الاتحاد الوطني الحرّ وآفاق تونس. وكان لزاما علينا أن نأخذ حكم الصندوق واختيار الشعب في الاعتبار، فالسيادة للشعب وحده. والشعب عيّن أربعة أحزاب في أعلى الترتيب، وليس لنا من خيار آخر غير احترام قراره، وهو قرار وافق عليه مجلس نواب الشعب وذلك في غياب أغلبية مطلقة من نصيب حزب بعينه. لقد أراد الشعب من خلال قراره هذا أن يبعث برسالة استقرار،  ولا بد أن نأخذها في الاعتبار.

وماذا عن اختيار رئيس الحكومة؟

السيد الحبيب الصيد شخصيّة مستقلة لا تنتمي لأيّ حزب؛ لكن كلّ الاحزاب تساندها. اعتقد أن هذا الاختيار وجيه. لقد اتهمونا في الماضي ولمدة طويلة بأننا نريد احتكار الحياة السياسية. لكن نداء تونس أعطى درسا جيّدا حينما اقترح لتشكيل الحكومة شخصيّة غير منبثقة من صفوفه؛ وهنا يكمن حقيقة سرّ نجاح هذه الحكومة.

هل أنكم متفائلون؟

متفائل جدّا جدّا... لو اعتراني أقل شك، لما رشحت نفسي للانتخابات الرئاسيّة. وإني لعلى قناعة بأن تونس ستخرج من الوضع التي هي فيه، وستتقدم إلى الأمام على درب تدعيم الديمقراطية. وهنا يكمن التحدي الأصعب. دأبُنا أن نكرِّس الديمقراطية في حياتنا اليومية، ولن يتحقق ذلك إلَّا بمشيئة كل أبناء تونس، بلا إقصاء، ما عدا أولائك الذين يقصون أنفسهم بأنفسهم. فأهلا وسهلا بكل الذين يأنسون في أنفسهم القدرة على الإسهام في ازدهار تونس وفي رخائها.

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.