تكريم الطاهر الحدّاد في ذكرى وفاته الثمانين
توفّي الطاهر الحدّاد في 7 ديسمبر 1935 ولم يقدّر له أن يعيش سوى 36 عاما شأنه في ذلك شأن صديقه أبي القاسم الشّابي الذي توفيّ وهو في ريعان الشباب، عن سنّ تناهز 25 سنة.
وعلى غرار شاعر تونس العبقري استطاع الطاهر الحدّاد أن يخلّد ذكراه في سجلّ تاريخ تونس المعاصر، إذ اقترن اسم هذا الزيتوني التكوين بحركة إصلاحيّة رائدة قادها في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضى من أجل تحرير المرأة وتمكينها من حقوقها المشروعة حتّى تضطلع بدورها في المجتمع وتساهم في النهوض بأوضاعه.
وسيظلّ كتابه "إمرأتنا في الشريعة والمجتمع" مرجعا لا محيد عنه في هذا المجال.
كما عُرف الطاهر الحدّاد بنشاطه السياسي والنقابي في صفوف الحزب الحرّ الدستوري القديم حتّى عام 1930.
بدأ مسيرته كاتبا في صحف "الأمّة" و"مرشد الأمّة" و"أفريقيا"، قبل أن يخوض تجربة النضال النقابي إلى جانب محمّد علي الحامي. وقد أسّس معه "جامعة عموم العملة التونسيّة" سنة 1924 التي سرعان ما قامت السلطات الاستعماريّة بحلّها. واضطرّ محمّد علي الحامي رائد الحركة النقابيّة في تونس إلى الهجرة إلى السعوديّة. ولم ييأس الطاهر الحدّاد بل واصل النضال وأرّخ لتلك الحركة في كتابه الشهير "العمّال التونسيّون وظهور الحركة النقابيّة" الصادر سنة 1927 والذي صادرته السلطات الاستعماريّة.
لمّا غيّب الموت الطاهر الحدّاد لم يسر في جنازته سوى نفر قليل من أصدقائه وخلانه.وها هي تونس اليوم في عهد جمهوريتها الثانية تزيل البعض من الضيم الذي أصاب هذا المفكّر الاجتماعي والمصلح الكبير وتردّ إليه الاعتبار من خلال قرار الرئيس الباجي قايد السبسي منحه الصنف الأوّل من وسام الجمهوريّة في ذكرى وفاته الثمانين.
وقد سلّم رئيس الدولة الوسام لابن أخيه محمّد الهادي الحدّاد خلال موكب انتظم يوم الاثنين بقصر قرطاج، وكان مرفوقا بدلندة لرقش مديرة مركز البحوث والدراسات والبحوث حول المرأة "الكريديف".
ويحمل هذا التكريم في طياّته دلالات عميقة مثقلة بالرمزيّة، إذ يعدّ اعترافا بالجميل لأحد أعلام تونس البارزين الذي استلهمت دولة الاستقلال من فكره الحداثي ما به سنّت تشريعا تقدّميا رائدا في العالمين العربي والإسلامي أصلح أوضاع المرأة التونسيّة وبوّأها المكانة التي هي بها جديرة في المجتمع. كما يمثّل ردّا قويّا على موقف القوى الرجعيّة التي حاولت ضرب مكاسب المرأة والمسّ من حقوقها المكتسبة.
- اكتب تعليق
- تعليق