أخبار - 2015.12.10

منتدى موسكو حول الإرهاب : التشخيص والمقاربة العلاجية

منتدى موسكو حول الإرهاب : التشخيص والمعالجة

موسكو، من مبعوث ليدرز الخاصّ عبدالحفيظ الهرقام -في افتتاح أعمال المنتدى الذي أقيم في إطار أنشطة مجموعة الرؤية الاستراتيجيّة روسيا-العالم الإسلامي، أكّد نائب وزير الخارجيّة الروسي ميخائيل بودغانوف، والمبعوث الخاص للرئيس فلاديمير بوتين إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا،أنّ على الدول الإسلاميّة التي ترفض التدخّل في شؤونها الداخليّة أن تتحمّل مسؤولياتها في مكافحة ظاهرة خطيرة تتمثّل في تجنيد الحركات الإرهابيّة للشباب، مبرزا ضرورة مناقشة السياسة الإعلاميّة التي يتعيّن انتهاجها للتصدّي لهذه الظاهرة. وقال إنّ روسيا التي كانت دعت على لسان رئيسها إلى قيام تحالف دولي شامل لمكافحة التطرّف والإرهاب مستعدّة لأشكال التعاون في هذا المجال.
وتساءل فيتالي ناومكين، وهو مستشرق وخبير في العلوم الإسلاميّة وشؤون الشرق الأوسط، لماذا تحدث فظاعات اليوم بإسم الإسلام وعلى الصحافيين أن يشرحوا هذا اللغز. هل يعزى ذلك إلى أسباب اقتصاديّة وسياسيّة واجتماعيّة ؟ هل السبب هو النزاع العربي الإسرائيلي؟
وأضاف أن الغرب يدمّر مجتمعات الشرق الأوسط والدول التي كانت أعمدة النظام العربي كالعراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن، تحت شعار نشر الديمقراطيّة وإزالة الأنظمة القمعيّة، وهو يتحمّل مسؤوليّة ذلك.

تشخيص الداء الإرهابي

على الرغم من الخصوصيات الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة لكلّ بلد من البلدان، فإنّ المشاركين في المنتدى  يتقاسمون نفس التشخيص للداء الإرهابي، ملاحظين أنّ التطرّف الديني في تنام في معظم الدول الإسلاميّة ويعود ذلك في نظرهم إلى الأسباب التالية:

  • تبثّ المساجد والمؤسسات الدينيّة والقنوات الفضائيّة خطابا مغرقا في التطرّف يتعارض مع ما يحضّ عليه النصّ القرآني من تشبّع بقيم التسامح والاعتدال والوسطيّة، ممّا يستوجب تصحيح المفاهيم الخاطئة بشأن الإسلام  وإصلاح الفكر الإسلامي بالاعتماد على الاجتهاد.
  • تقصير المنظومات التربويّة في تنمية الحسّ النقدي لدى الشباب  ونشر القيم الانسانيّة، علما أنّ عديد الإرهابين هم خريجو جامعات ولهم مستوى أكاديمي عال؛
  • الفشل في تأطير الشباب، ممّا يجعل حركات إرهابيّة تستقطب عددا من الشبّان يعانون الفقر والبطالة والحرمان
  • الفوارق الاجتماعيّة الناجمة عن أنماط تنمية اقتصاديّة ينجم عنها الحيف والتهميش.
  • غياب سياسات ثقافيّة تشيع العقلانيّة والانفتاح على الآخر وحقّ الاختلاف.
  • وجود العديد من المواقع الألكترونيّة والصفحات عبر شبكات التواصل الاجتماعي  تستخدمها الحركات المتطرّفة لتجنيد الشباب. وفي هذا الصدد أفاد محمّد البشاري، أمين عام المؤتمر الإسلامي الأوروبي ورئيس الفدراليّة العامّة لمسلمي فرنسا أنّه تمّ إحصاء 35 موقعا ألكترونيا لها منزع ديني متطرّف مرخّص لها في أوروبا و100 ألف تغريدة يوميا على شبكة تويتر صادرة عن التكفيريين، مضيفا أنّ جيشا ألكترونيا يقوم بالدعاية لداعش. 

وذكر أن قرابة 12 ألف شخص من أوروبا التحقوا بداعش، منهم 25 بالمائة من "المهتدين الجدد"و 10 بالمائة بنات.

تعامل وسائل الإعلام مع الظاهرة الإرهابيّة

اعتبر المشاركون أنّ لوسائل الإعلام دورا مهمّا في التصدّي لظاهرة التطرّف والإرهاب يتمثّل في ما يلي:

  • مواكبة شواغل الشباب والمساهمة في تثقيفهم ورفع درجة الوعي لديهم، وحمايتهم من مخاطر تجنيدهم من قبل التنظيمات الإرهابيّة.
  • الامتناع عن نقل خطاب الإرهابيين ورسائلهم أو فتح المنابر لهم أو تقديمهم بصورة إيجابية قد تجلب لهم تعاطف الجمهور، بالنظر إلى أنّ حريّة الرأي والتعبير لها حدود لا يحقّ تجاوزها.
  • تناول الأحداث الإرهابيّة وتحليلها بطريقة تحول دون نشر الخوف والفزع لدى الناس.
  • الالتزام بالمعايير المهنيّة بالامتناع عن بثّ صور لضحايا الإرهاب وفظاعاته.

وفي هذا السياق أشار عدد من المتدخلين إلى نقص في الحرفيّة لدى عدد من الصحافيين عند نقلهم لأحداث إرهابيّة سواء بنشر أخبار لا أساس لها من الصحّة أو من شأنها أن يستفيد منها الإرهابيون. ويستوجب الأمر تنظيم دورات تكوينيّة لفائدتهم لتفادي هذه النقائص.

تصوّرات لمعالجة الداء الإرهابي

أفضى النقاش إلى بلورة جملة من التصوّرات والاقتراحات للتصدّي للإرهاب وفق مقاربة شاملة ذات أبعاد أمنيّة واقتصاديّة واجتماعيّة وثقافيّة ودينيّة وإعلاميّة. وتمّ بالخصوص تأكيد ضرورة ما يلي:

  • إقامة مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب بإشراف الأمم المتحدة.
  • سنّ قانون دولي لمكافحة هذه الظاهرة.
  • تجفيف منابع تمويل الإرهاب ومكافحة غسيل الأموال.
  • فضح الجمعيات والمنظمات غير الحكوميّة التي تتلقّى دعما ماليّا من جهات مشبوهة تساند الشبكات الإرهابيّة.
  • مجابهة الفكر الديني المتطرّف عبر وسائل الإعلام ونشر قيم التسامح والعقلانيّة والمساواة بين البشر،على اختلاف مذاهبهم الدينيّة من خلال البرامج التربويّة.
  • تشجيع الإبداع الفكري والفني.
  • نشر قضايا ضحايا الإرهاب وتناول الطرق التي يستخدمها الإرهابيون لاستمالة الشباب وتجنيدهم.

إلّا أنّ  السؤال الذي يفرض نفسه هو: هل يكمن حلّ مشكل الإرهاب نهائيا في طرد داعش عسكريّا من العراق وسوريا وليبيا والقضاء على كلّ إرهابيّيها؟ حتما لا.ستبحث داعش منتصرة أو مهزومة عن موطئ قدم جديد في أماكن أخرى من العالم يسودها التوتّر، قد تكون شمال أفغانستان أو أحد البلدان الإفريقيّة.

إنّ مواجهة داعش ليست سوى معركة في حرب طويلة مكلفة بشريّا وماليّا. وفي هذه الحرب يجب ألا نخطئ في تحديد من هو العدوّ. فداعش وبقيّة التنظيمات الإرهابيّة لا تمثّل إلّا الجزء الظاهر من جبل الجليد، إذ أنّ العدوّ الحقيقي هو ما تشيعه هذه التنظيمات من فكر ظلامي تكفيري يتدثّر بعباءة الدّين، يتأثّر به الشباب الذي هو نتاج مدارسنا وأنظمتنا الاقتصاديّة والاجتماعيّة.إذن كيف يمكن اقتلاع الظاهرة الإرهابيّة من جذورها؟ تلك هي القضيّة التي تستوجب معالجتها استراتيجيّة شاملة.
 

عبدالحفيظ الهرقام

إقرء أيضا
خمسة آلاف مقاتل روسي في صفوف داعش في سوريا
روسيا-العالم الإسلامي: في مواجهة تحدّي التطرّف والإرهاب
 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.