شؤون وطنية - 2015.10.13

الشاذلي القليبي: كيف أصبحت مديرا للإذاعة

كنت قد شرعت بعد عودتي من باريس في التّدريس بدار المعلّمين العليا، ودعاني ذات يوم الأستاذ لامين الشابي وزير المعارف ليعْلِمُني بانعقاد مؤتمر هام في بيروت حول قضايا سوسيولوجيّة تهمّ البلاد العربيّة قائلا لي إنّه يودّ تعييني لتمثيل تونس في هذه التظاهروفعلا ذهبت إلى بيروت وشاركت في المؤتمر وعند انتهاء الأشغال ودَدْتُ الذّهاب إلى دمشق، لأنّني كنت تعرّفت وأنا طالب في باريس على عديد الأصدقاء السّوريّين الذين كثيرا ما حدّثوني عن الثّورة السّوريّة وزعيمهم الفكري ميشال عفلق، وأحببت أن أتعرّف على البلد وقيادته عن كثب. وعند وصولي إلى دمشق رحّب بي الأستاذ يوسف الرويسي ودعاني على العشاء وكانت فرصة للقاء ميشال عفلق، كان الحديث شيّقا وكنت منتبها لما يدور من تحاليل وتعاليق وفجأة توجّه إليّ ميشال عفلق سائلا: «ماذا تقول لنا عن الخائن بورڤيبة؟ »

ولمّا كنت أتهيّأ للقول أخذ الكلمة محمّد صديق شنشل من العراق وانبرى يقول: «تقول عن بورڤيبة خائن، فماذا تقول عن النّوري السّعيد فانعطف الحديث للخوض في العراق والنّوري السّعيد وعندما عدت إلى تونس رويت الواقعة بكلّ تفاصيلها ويبدو أنّ ذلك لفت انتباه بورڤيبة فدعاني لمقابلته وبعد مدّة دعاني لتكليفي بإدارة الإذاعة التّونسيّة فأجبته شاكرا لثقته ولكنّني اعتذرت عن قبول هذا التّكليف لإنغماسي في اعداد أطروحة الدكتوراه.

فاستبعد بورڤيبة اعتذاري قائلا: «لا ! لازم تخدم بلادك!» مضيفا اعتقد أني أسمعها منه أوّل مرّة : «الأهمّ قبل المهمّ المطلوب منك أن تُسك بزمام الإذاعة وتُنظّمها لتتولّ الدّفاع عن تونس ومواجهة الأبواق المفتوحة ضدّها وإ نّ أكلّفك بهذه المهمّة ». لمّا تسلّمت مهامّي على رأس الإذاعة التّونسيّة لم أجد فيها آنذاك سوى بعض المذيعين وشابّين دون مهمّة محدّدة، هما التّيجاني زليلة ومصطفى الفارسي، فكلّفت الأوّل بإدارة البرامج والثاني بالعلاقات الخارجيّة والتعاون الدولي واستعنت في مهامي بالسّيد حمّدي النّيفر الذي عرّفني بالوسط الفنّي وفي المقدّمة صالح المهدي وبدأنا في تكوين مناخ فنّي وثقافي واحداث لجنة متابعة اللّغة العربيّة.