الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية: التنسيق والمتابعة
الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية هيئة تعود بالنظر إلى رئاسة الجمهورية وتتولّى في إطار المهامّ المخوّلة لها بمقتضى القانون، متابعة التقارير الرقابية الصادرة عن كلّ من دائرة المحاسبات وهياكل الرقابة العامّة الثلاثة، كما تقوم الهيئة بدراسة التقارير التي تحال إليها من التفقديات الوزارية ويخضع بعضها للمتابعة في حدود الإمكانيات المتوفرة.
المتابعة
وللتعرّف أكثر على نشاط الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية التقينا السيد كمال العيادي رئيس الهيئة وسألناه في البداية عن كيفية إنجاز الهيئة لعملية المتابعة فقال : «تتولّى الهيئة، بالنسبة إلى التقارير التي تعهّدت بمتابعتها، دراسة التقرير واستخراج أهمّ النقائص والإخلالات التي تضمّنها، ثمّ مساءلة هيكل التصرّف المعني حول ما تمّ اتخاذه من إجراءات تدارك. وعلى ضوء الردود تتولّى الهيئة تقييم جهود الهيكل وتقديم توصيات تكميلية للإصلاح. ويتمّ اخضاع نفس التقرير لمتابعات لاحقة متباعدة زمنيّا وذلك حسب درجة استجابة الهيكل المعني ونسق تدارك الإخلالات والنقائص المضمّنة بالتقرير. وتتواصل متابعة توصيات تقرير الرقابة إلى حدّ إقرار ختم المتابعة ويكون ذلك عند استكمال تنفيذ توصيات الإصلاح أو تسجيل تقدّم هامّ في هذا المجال بنسبة إصلاح لا تقلّ عن 80 %. وقد قامت الهيئة بمتابعة 108 تقارير رقابية سنتي 2016 و2017، استخرجت منها 4039 إخلالا . وتم» خلال تلك الفترة إصلاح 2730 إخلالا بعد قيام الهيئة بالمتابعة، في حين قدّمت الهيئة 2022 توصية للهياكل التي خضعت للمتابعة. وبلغت بالتالي نسبة الإصلاح 68 %».
مقاربة «متابعة القرب»
وعن مبادرة «متابعة القرب» أكد السيد كمال العيادي أنّ الهيئة انطلقت في نهاية سنة 2017 في عملية نموذجية بالتعاون مع منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية، لإرساء مقاربة جديدة أطلق عليها تسمية «متابعة القرب». وتتمثّل في المتابعة الميدانية للهياكل التي خضعت للرقابة للتأكّد من إنجاز الاصلاحات المطلوبة وتجاوز النقائص التي رصدتها التقارير الرقابية. وتعتبر هذه المقاربة تحوّلا على مستوى عمل الهيئة العليا حيث لا تكتفي بالمتابعة المستندية التي تتأسّس على تبادل المراسلات ولكن تعتمد الزيارات الميدانية والحوار البنّاء مع المتصرّفين لمساءلتهم بناء على الإنجازات الفعلية. وقد شملت العمليّة الأولى 10 تقارير رقابية. والهيئة بصدد عملية جديدة تشمل 27 تقريرا رقابيا و27 هيكلا عموميا من ضمنها وزارة الشؤون المحلية والبيئة والمؤسسات الراجعة إليها بالنظر ووزارتي النقل والتجهيز والإسكان والتهيئة الترابية إلى جانب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.
المقاربة الوقائية
وحول التوجّه الجديد الذي توخّته الهيئة في مجال تعزيز المقاربة الوقائية ، قال: « إضافة إلى دور الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية في متابعة توصيات التقارير الرقابية، سعت خلال السنتين الفارطتين إلى توسيع نطاق تدخّلها بهدف استباق وقوع المتصرّف العمومي في الخطأ عبر تعزيز أدوات التّواصل معه ووضع ما راكمته الهيئة العليا من خبرات على ذمّته لتمكينه من إرساء مناهج وقواعد الحوكمة وتملّكها. وفي هذا الإطار، أصدرت الهيئة ثلاثة أدلّة لفائدة منظومتي الرقابة والتصرف العمومي، كان آخرها، دليل الممارسات الفضلى لحوكمة المؤسّسات العمومية والذي تجاوز مرحلة التشخيص ليطرح ممارسات فضلى بالإمكان تكريسها وتملّكها. وقد قامت الهيئة بإطلاق هذا الدليل وتقديمه إلى رئيس الجمهورية خلال الأسابيع الأخيرة. ومن المؤمّل أن تنطلق الهيئة بداية سنة 2019 في إنجاز أيام دراسية وورشات تدريبية لشرح مضامين هذا الدليل. ويأتي هذا الإصدار بعد النجاح الذي لقيه دليل المتصرّف العمومي لاجتناب أخطاء التصرّف الذي أنجزته الهيئة خلال السنة الفارطة».
450 تقريرا رقابيّا في السّنة تتلقّاها الهيئة
وبخصوص أسباب بطء نسق المتابعة قال السيد كمال العيّادي: «إنّ متابعة توصيات التقارير الرقابية، اختصاص حصري منحه القانون للهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية. ولابدّ من الإشارة إلى أنّ عمليّة المتابعة لتوصيات التقارير الرقابية تحتاج لفترة من الزمن بعد إنجاز التقرير الرقابي، حتّى تترك للهيكل العمومي موضوع المهمّة الرقابية، فترة كافية ومعقولة من الزمن لتلافي النقائص والإخلالات المسجّلة. وعلى إثر ذلك، تبرمج عملية المتابعة من طرف الهيئة العليا للرقابة». وأضاف أنّه بالرغم من المجهود المبذول، لابدّ من الاعتراف بأنّ عملية المتابعة لا تزال في حاجة إلى مزيد الدعم على مستوى الموارد البشرية والمادية واللوجستية. فالهيئة تشتغل اليوم بفريق لا يتجاوز سبعة أفراد ملحقين من القضاء المالي والرقابة. وتعدّ مواردها المالية محدودة جدّا في ظلّ التعهّدات المطلوبة منها في مجال المتابعة. ولا بدّ من التأكيد أنّ الهيئة تتلقّى سنويّا ما يناهز 450 تقريرا رقابيا، من دائرة المحاسبات وهياكل الرقابة العامة والتفقديات الوزارية. وبالرغم من ذلك، فإنّ الهيئة طوّرت في أساليب عملها وحسّنت بصفة جليّة مردودها.
نـــسبــة اصــلاح الإخــلالات ســنـتي 2016 و2017: 68 % فقط
رغم المتابعة التي تقوم بها الهيئة العليا للرقابة الإدارية والمالية والآليات الجديدة التي اعتمدتها فإنّ نسبة الإصلاح الإجمالية للإخلالات بلغت 68 % فقط سنتي 2016 و2017 حســـب التقرير السنوي الـرابع والعشرين للهيئة ومن جملة 98 تقريرا تمّ متابعتها في نفس الفترة لم يتم إنهاء المتابعة إلاّ في 17 تقريرا وبلغ عدد الاخلالات التي وقع رصدها 4039 إخلالا لم يُصلح ســوى 2730 منها. كما يشير التقرير إلى أنّ نسبة الإصلاح المسجلة في بعض الهياكل ضعيفة ففي وزارة الشؤون الخارجية على سبيل المثال كانت نسبة الإصلاح 20 % (تـــم تدارك 4 نقائص من جملة 20 مسجلة) وفي مستشفى سهلول بسوسة كانت نسبة الإصلاح أيضا 20 % (تمّ تدارك 6 نقائص من جملة 30 مسجلة).
قراءة المزيد:
خفــايا الرقــابة العمــومية في تونس: كيـف تعمـل؟ ومـاهـي نقـائصهـا؟
دائـرة المحـاسبات أعمـال رقابية ومهامّ قضائيــة
- اكتب تعليق
- تعليق