إن هذا لشيء عجاب: الحطيئة... مع لجنة الحريات الفردية والمساواة

إن هذا لشيء عجاب: الحطيئة... مع لجنة الحريات الفردية والمساواة

من الأخبار المثيرة التي جاءت في كتاب "الأغاني" خبر عن الحطيئة الذي يقول عنه أبو الفرج الأصفهاني إنه "من فحول الشعراء ومُتَقَدِّمِيهِمْ وفُصحائهم، متصرِّفٌ في جميع فنون الشعر من المديح والهجاء والفخر والنسيب، مُجيدٌ في ذلك أَجمع"... (انظر المجلد الثاني من كتاب الأغاني، ص 149، دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى، بيروت، لبنان)...

ومُفَاد الخبر أن الحطيئة لما حضَرَتْه الوفاة اجتمع إليه قومُه فقالوا يا أبا مُلَيْكَةَ: أَوْصِ، فقال: ويلٌ للشعر من راوية السُّوء، قالوا: أَوْصِ رحمك الله يا حُطَيْءُ... فواصل الحديث عن الشعر طويلا وقومه يردّدون: أَوْصِ بما ينفَعُك.
وفي نهاية المطاف، سألوه سؤالا مباشرا ومحدّدا فقالوا: "فما تقول في مَالِكَ؟ قال: للأنثى من وَلَدِي مثلُ حظ الذكر، قالوا: ليس هكذا قضى الله جلَّ وعزَّ لَهُنَّ، قال: لَكِنِّي هكذا قَضَيْتُ "(انظر نفس المصدر ص 190).

والمثير في هذا الخبر المتعلق بأحد أشهر الشعراء العرب، وليس بمجرد شخص عادي، أنه يبين أن مسألة الإرث والمساواة بين الرجال والنساء فيه مسألة قديمة، حيث أن الحطيئة عايش ظهور الإسلام وعاش جزءا هاما من حياته خلال فترة حكم الخلفاء الراشدين وتوفي سنة 45 هجرية أي في بداية عهد الخليفة عثمان بن عفان...

وبالرغم من أن المسألة تبدو لنا اليوم على غاية من الحساسية، فإنها لم تثر قوم الحطيئة عندما أوصى بالمساواة بين أبنائه وبناته، كما إن أبا الفرج الاصفهاني أورد خبرها بصورة عادية دون التعليق عليه أو استغرابه او التعجب منه...
وفي رأيي فان الحطيئة لو عاد إلى الحياة اليوم لكان في مقدمة المدافعين عن تقرير لجنة الحقوق الفردية والمساواة، ولربما لم يكن خصوم هذا التقرير ليسلموا من لسانه السليط وهجائه المقذع...

محمد إبراهيم الحصايري
 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.