أخبار - 2016.10.11

روسيا الجديدة: هل هي »عودة الابن الضال« إلى الساحة الدولية؟

روسيا الجديدة: هل هي "عودة الابن الضال" إلى الساحة الدولية؟

في إطار اللقاءات التي يعقدها تحت مسمّى "لقاءات أميلكار"، استضاف "المعهد التونسي للدراسات الاستراتيجية" مساء يوم الثلاثاء 04 اكتوبر 2016، مدير "المعهد الروسي للدراسات الاستراتيجي" ليونيد ريشتنيكوف Leonid Reshetnikov الذي ألقى محاضرة تحدّث فيها عن روسيا الجديدة والمسارات الكبرى في السياسة الخارجية التي تنتهجها على الساحة الدولية.

وليونيد ريشتنيكوف الذي عينه الرئيس فلاديمير بوتين في أفريل 2009 في منصبه الحالي، يحمل رتبة فريق، وقد عمل فيما بين 1976 و2009 في مجال الاستعلامات الخارجية، حيث تقلد عدة مناصب كان آخرها منصب رئيس قسم الإعلام والتحليل في جهاز الاستعلامات الخارجية الروسية.

وقد نشر عدة مؤلفات، آخرها كتاب صدر سنة 2013، تحت عنوان "العودة إلى روسيا، الطريق الثالثة أو مآزق اليأس".

وبالنظر إلى أهمية المعلومات والمعطيات التي قدّمها في محاضرته، فقد أحببت أن أشرك فيها الذين لم يتسنّ لهم حضور المحاضرة من المهتمين بالشؤون الدولية، وخاصة منهم الذين ما يزالون ينظرون إلى العالم بعين واحدة، ويصرّون على الاستمرار على وضع "بيض سياسة تونس الخارجية" في السلة الأمريكية دون غيرها، رغم أن الأمريكيين ينطبق عليهم قول أبي الطيب المتنبي:

"جود الرجال من الأيدي وجودهم *** من اللسان فلا كانوا ولا الجود".

وفيما يلي مقتطفات مما جاء على لسان المحاضر الروسي:

1/ إن روسيا اليوم قد عادت إلى موقعها الطبيعي على الساحة الدولية، ولن تغادره أبدا مثلما فعلت في التسعينات من القرن الماضي. ولن يكون بإمكان الولايات المتحدة زحزحة روسيا عن موقعها رغم تكرار محاولاتها الفاشلة في إبعاد الرئيس فلاديمير بوتين.
2/ إن موسكو تريد علاقات طبيعية مع واشنطن غير أن الأمور لا تسير في الاتجاه المطلوب لأن الولايات المتحدة لا تريد ان تفهم ان روسيا، كما قال الرئيس جاك شيراك للمحاضر ذات مرة، حضارة قائمة الذات، ويجب أن تكون لها كلمتها في شؤون العالم.
وفي هذا السياق ذكر المحاضر، متهكّما، أن أحد أعضاء الفريق العامل مع وزير الخارجية الأمريكي الأسبق هنري كيسنجر قال له ذات مرّة: "يجب على روسيا أن تفهم أن أمريكا مكلّفة بـ"مهمة ربّانية" هي مهمة قيادة العالم"، فكان جوابه على ذلك أن قال له: "وعلى أمريكا أن تفهم أن لكل دولة في العالم مهمّتها".
3/ إن قواعد الحلف الأطلسي تحيط بروسيا من جميع النواحي، وعلى الولايات المتحدة وحلفائها الكف عن محاصرتها، رغم ان هذه المحاصرة  حفزتها على تطوير إمكاناتها في مختلف المجالات.
4/ إن روسيا على خلاف مع الولايات المتحدة بشأن العديد من سياساتها في المنطقة العربية.
فروسيا تقف ضد التسلط الامريكي-الغربي على البلدان العربية، وتعارض تقسيم هذه البلدان مثلما حدث في العراق والسودان ومثلما يحدث الآن في سوريا وليبيا.
5/ إن علاقات روسيا بالعالم العربي، وهو عالم كبير وواسع، أقدم بكثير من علاقات الولايات المتحدة به.
ولروسيا مع العرب كأجوار وشركاء وحلفاء مصالح ذات أولوية سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في منطقة شمال افريقيا.
ومن هذا المنطلق وبالنظر إلى أن روسيا تتوفر على إمكانات هامة، فإنها تستطيع أن تساعد البلدان العربية الشريكة والحليفة وهي تعتبر أن من واجبها أن تسهم في حمايتها من التقسيم والتفكك والسقوط.
ويرجع حرص روسيا على وحدة البلدان الحليفة إلى التجربة المريرة التي عاشتها بعد تفكك الاتحاد السوفييتي حيث وجد 25 مليون روسي أنفسهم خارج اتحادية روسيا.
6/ إن روسيا لن تسمح بتقسيم سوريا، مهما كانت الضغوط أو الاغراءات.
وفي هذا النطاق كشف المحاضر عن أن موسكو تلقت من الولايات المتحدة وحلفائها عرضا يقضي بتمكينها من دويلة تابعة في سوريا بعد تقسيمها مقابل رفع يدها عن النظام السوري، كما تلقت عرضا آخر من الدول الخليجية يقضي بمنحها عدة مليارات من الدولارات (لم يحدد عددها) مقابل خروجها من سوريا.
كما لاحظ على صعيد آخر أن عدم الرد على إسقاط الطائرة الروسية في سوريا لم يكن ضعفا من روسيا، فموسكو تعلم أن من أسقط الطائرة ليس الأتراك، وقد قامت بالرد بالطريقة التي رأتها مناسبة وهي ترى أنها كانت طريقة موجعة.
7/ إن القضاء على "الدولة الاسلامية في العراق والشام" أمر ممكن، غير أن ما يعيق القضاء عليها هو أن خصوم سوريا لا يريدون ذلك وإنما همهم الوحيد هو القضاء على بشار الأسد.
وعلى الأمريكيين أن ينسوا أهدافهم في سوريا لأن روسيا تعتبر حكومة الأسد حكومة شرعية وهي تعمل على تحقيق وحدة القوى الوطنية السورية.
8/ إن الصّراع ضد التنظيمات الإرهابية صراع مفتوح، وهذه التنظيمات تشكل خطرا على روسيا.
وهذا ما يبرر تدخّلها في سوريا، كما يبرر تعاونها مع إيران، ومع غيرها من الدول في هذا المجال.
9/ إن "الدولة الاسلامية في العراق والشام" ستُمْنَى خلال بضعة أشهر بهزيمة كبيرة في سوريا، غير أن ذلك سيؤدي الى خلق سوريا اخرى في مكان آخر.
وليس من المستبعد أن تكون ليبيا سوريا الأخرى. وإذا حدث ذلك فإنها ستشكل خطرا كبيرا على بلدان المغرب العربي وأيضا على البلدان الأوروبية المتوسطية وخاصة على إيطاليا وإسبانيا.
10/ إن الوضع في الجزائر سيظل "حادا"، ولا بد من الحفاظ على الاستقرار فيها.
11/ إن ما يدعو إلى الاهتمام بتونس هو تجربتها المميزة حيث أنه لم يقع فيها اصطدام بين الاسلام والديمقراطية.
14/ إن روسيا لا تقسّم المسلمين إلى سنة وشيعة وهي تتعاون مع كل من يتعاون معها، سواء كان سنيا أو شيعيا، والدليل على ذلك أنها تتعاون مع سوريا التي يوجد فيها 15 مليون سني.
ثم إنها تؤمن بأن السياسة ترتبط دائما بالمصلحة.
15/ إن علاقات روسيا بالمملكة العربية السعودية معقّدة، فالرياض خلقت لموسكو مشاكل في الشيشان، وموقف البلدين من سوريا متضارب تمام التضارب.
16/ إن المسار الآسيوي في سياسة روسيا الخارجية الجديدة يأتي في المرتبة الثانية بعد المسار الأوروبي.
وروسيا ترى في الصين شريكا جيّدا لأنه ما من خطر يأتيها منها.
غير أن الشراكة الروسية الصينية، وإن كانت تشمل العديد من المجالات، لا ترقى الى مستوى التكتل./.

محمد ابراهيم الحصايري
.

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.