أخبار -
2016.08.03
د. عبد المجيد الشرفي: الإصلاح التربوي وأسباب إنتشار الإرهاب - فيديو
من المسائل الحارقة والمطروحة اليوم : الإصلاح التربوي، ولكم تجربة في هذا المجال. ما هي في تقديركم الغايات الأساسية التي يتعين إدراكها من خلال هذا الإصلاح؟ وكيف تنظرون إلى مدرسة المستقبل؟
هذا مشكل لا يمكن اختزاله في وصفات جاهزة، لأنّ التعليم في بلادنا يعاني من تراكمات سلبية عديدة . في نظري أوّل عمل ينبغي الاهتمام به ، وهو ما اقترحته مؤخرا على الزملاء في مركز الدراسات الاستراتيجية الذين هم أيضا يشتغلون على هذا الموضوع، أن تجد الدولة التونسية حلا للاستغناء عن نسبة كبيرة من المعلمين والأساتذة الحاليين وتعويضهم بإطار كفْء يتمّ إعداده الإعداد المناسب لكي يطبّق الطرق البيداغوجية العصرية ويستعمل كذلك الوسائل الحديثة.
هل من السهل القيام بهذا الإجراء؟
ليس بالسهل ؛ لذلك قلت إنّه ليس هناك وصفات جاهزة؛ ولكن مجرد التفكير في تأهيل الإطار التربوي هو المفتاح الأوّل للولوج إلى مدرسة الغد، مدرسة تكون متناغمة مع متطلبات العصر .ليس لنا خيار في هذا المجال. لا يمكن لنا أن نواصل على نفس النسق، أي لنا إطار تعليمي في مختلف المراحل، من الروضة إلى الجامعة، في كثير من الأحيان غير مؤهل. بدأ الانحدار بمستوى تعليمنا منذ سبعينيات القرن الماضي عندما سمحنا لعدد من الإطارات بالارتقاء دون التحصيل على كفاءة علمية متجددة، وإنّما بالأقدمية وبالأعداد البيداغوجية، إلى غير ذلك. وهذا المنحدر أدّانا بطبيعة الحال إلى الوضع الحالي، هذا من ناحية. من ناحية ثانية، المدرسة التونسية تهتم بحشو أدمغة التلامذة بمعلومات هم ليسوا في حاجة إلى حفظها. ينبغي أن تُوجّه البرامج نحو تكوين من نوع آخر؛ هو إعانة الشباب على تحصيل معلومات بالاعتماد على وسائل متوفرة اليوم؛ ولم تكن الأمور كذلك قبل نصف قرن، عندما أنشئ التعليم الصادقي كانت المدرسة توفّر كل المعلومات، وكانت المعلومات قليلة. الآن المعلومات لا تحصى ولا تعدّ ومتشعبة في كل الميادين. ينبغي أن نعلّم الشباب كيف يحصّل هذه المعلومات سواء أثناء فترة الدراسة أو بعدها.
مدرستنا تنتج الجهل
منذ بضع سنوات ألقيت درسا افتتاحيا في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية واخترت له عنوانا مستفزا بعض الشيء وهو «إنتاج الجهل في عصر العلم».اعتبرت أنّ مدرستنا تنتج الجهل.ما معنى الجهل؟ الجهل هو أنّك تعرف شيئا واحدا في كل ميدان من الميادين؛ تعرف معادلة حسابية لكنك لا تعرف تاريخها وكيف وصلت وما هي المراحل التي أوصلتنا إلى تلك المعادلة. تعرف معلومة تاريخية لكـن لا تُلقي أضواء على تلك المعلومة من جهات مختلفة. فهـــــــذا في عصرنا يُعتبر جهلا. في القديم العــــلم يُعتبر كمّـــــا من المعلومات تُحفظ وتُبلّغ وكفى. نحن الآن نعرف أنّ العلم هو إنتاج مستمر. ولذلك ينبغي أن نوفّر للتلميذ إضاءات مختلفة عن كل موضوع ولكن مع حسن اختيار المواضيع، حتى لا نقع في ذلك الكمّ المهول من المعلومات التي سينساها التلميذ، ولا تعينه على الفكر النقدي. المهم هو أنّ المدرسة تكوّن الشخصية المستقلة.
لعلّ ذلك سببا من أسباب انسياق عدد وافر من شبابنا وراء الفكر المتطرف ووقوعهم في براثن الإرهاب وداعش؟
هذا من الأسباب وليس السبب الوحيد. لأننا نرى في الغرب من هم تكوّنوا تكوينا ملائما وجيّدا ورغم ذلك فإنهم يقعون ضحية الدعاية التي تبثها داعش وغيرها. مسألة الإرهاب مسألة معقدة وليس عامل المدرسة هو بالضرورة العامل المحدد.
لكنه عامل من بين العوامل؟
نعم هو عامل من بين العوامل. الآن لنا شهادات عديدة عن طلبة متفوقين في دراستهم ويقعون ضحية من يبثّ في جامع فكرا متطرفا أو إرهابيا.
• كما هو الشأن بالنسبة إلى أنور بيوض ( الذي التحق بداعش في العراق وتوفي والده الدكتور فتحي بيوض في تفجير مطار إسطنبول بعد أن ساعده على الهروب من قبضة هذا التنظيم الإرهابي)؟
هذا آخر مثل والأمثال عديدة
وإرهابي حادثة سوسة هو خريج شعبة علمية؟
نعم وهناك حتى فتيات طبيبات وقعن في شرك هذه المجموعات المدرسة لا تكوّن الشخصية المستقلّة
ما هي القضية إذن ؟
قضية الإرهاب والفكر المتستر بالدين، تعود على الأقل في بعض أبعادها، أوّلا إلى أنّ المدرسة لا تكوّن هذه الشخصية المستقلة التي تنأى بصاحبها عن الوقوع في براثن دعاية التطرف؛ لأنّ الشاب إذا ما تعود على الفكر النقدي فلن يقبل ما يقال له بسهولة بل يمحّصه وينظر هل هو مناسب له أم لا. من جهة أخرى هناك عوامل جيو-استراتيجية عالمية. ثم هناك أموال تغدق على هؤلاء الذين يتم إغراؤهم لكي يلتحقوا بهذه المجموعات .
كما ان هناك أيضا العولمة التي لا تمكّن الدول الوطنية مهما كانت، سواء في بلادنا أو في غيرها، من أن تهتمّ بالناحية الاجتماعية. إذ اليوم يُعتبر النمو المادي العام ، أي نمو الثروة الوطنية ، معيار التقدم؛ بينما في الستينيات وبعد الحرب العالمية الثانية بصفة عامة كان التقدم الاجتماعي والاعتناء بالشؤون الاجتماعية وبالثقافة من اهتمامات الدولة في مرتبة أولى. لا ننسى أننا كنّا نخصّص في بداية الاستقلال ثلث الميزانية للتعليم. الآن ليس هناك دولة وطنية إلا وأيديها مكبّلة باتفاقيات دولية وبمقتضيات تبادل السلع العالمية، إلى غير ذلك. لهذا لا يمكن أن نعيد مسالة الإرهاب إلى المدرسة وحدها. صحيح أنّ النظام التعليمي مسؤول إلى حد ما ؛ لكن هناك عوامل أخرى عديدة تدخل في هذا النطاق.
لقراءة المزيد:
د. عبد المجيد الشرفي: إسلام البترول ودور النخبة - فيديو
د. عبد المجيد الشرفي: بيت الحكمة الحصيلة والآفاق - فيديو
د. عبد المجيد الشرفي: الإصلاح التربوي وأسباب إنتشار الإرهاب - فيديو
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
- اكتب تعليق
- تعليق
أصداء المؤسسات