أخبار - 2016.03.08

تونس: الدين العمومي

تونس: الدين العمومي

تفاقُم الدين العمومي أصبح من المسائل الحارقة التي تشغل بال التونسيين كثيرا وتنذر بوخيم العواقب لاقترانها بالسيادة الوطنية وبحُرِّيَّة القرار السياسي.

تفيد أرقام ومعطيات صادرة عن وزارة المالية ومؤسسات مالية دولية إلى أنّ إجمالي الدين العمومي المتخلد بذمة الدولة التونسية بلغ في مُوَفَّى الفترة الممتدة بين شهري جانفي وأكتوبر سنة 2015 قيمة 44,5 مليار دينار، وازداد بنسبة ٪‏58‏ خلال الأربع سنوات الأخيرة، مرتفعا من 26 مليار دينار في سنة 2010 إلى 41 مليار دينار في سنة 2014, وإلى 46,1 مليار دينار في نهاية سنة 2015، وهو ما يمثًّل نسبة %54,5 من الناتج الداخلي الخام، أي من إجمالي قيمة ما ينتجه البلد من ثروات. يعني ذلك أن الدَّيْن العمومي أصبح يمثل نسبة ٪‏ 237,1 من مداخيل ميزانية الدولة في سنة 2015 وأن قسط ما يتحمله  كل تونسي في سداد كل هذه الديون يقدر بـ 4200 دينار.

لقد تضخّم التداين وتورَّم بسرعة مذهلة وبحجم قياسي، وذلك لأسباب عديدة منها تراجع النمو بعد الثورة بحيث لم تتجاوز نسبته في أحسن الحالات  3 ٪‏ وانخفاض قيمة الدينار مقارنة بالعملات التي تستعمل في سداد خدمة الدين ( أصل الدين + الفوائد ) أي الأورو والدولار بالأساس، إلى جانب تزايد الإنفاق العمومي بنِسَب مرتفعة وتدني مداخيل الدولة باقتران مع تخلف أعداد لا يستهان بها من التونسيين أفرادا وذوات معنوية عن سداد ما يتخلد بذمتهم لفائدة الدولة، يضاف الى كل ذلك التهريب والاقتصاد الموازي الخ.

وفي المقابل، لم ينصرف السعي بالقدر الكافي لدفع الانتاج والاستثمار، واستقر نصيب " نفقات رأس المال " ضمن إجمالي نفقات الدولة خلال السنوات الأخيرة (2012-2014) في حدود 20 % مقابل 26,9 % في سنة 2010.

وفي قانون المالية لسنة 2016 ما يفيد أنّ تراكم الدين العمومي ( stock ) قد يستقر في حدود 50,4 مليار دينار في نهاية سنة 2016. ويقدر صندوق النقد الدولي من جهته هذا التراكم بـ 52,5 مليار، وهذا يعني أنّ عبء الدين المحمول على كل تونسي سوف يتضاعف تقريبا بين سنة 2010 و 2016، إذ يقدَّرُ أن يرتفع من 2400 إلى 4700 دينار.

ويتوقع أنّ تتجاوز خدمة الدين التي لا بد من سدادها كل سنة حدَّ 5 مليار دينار ( 5,13 مليار دينار على وجه التحديد ) وأن تناهز 7 مليار دينار سنة 2017. وسيكون الوضع أدهى وأمر لو أدخلنا في الحساب التزامات الدولة في حساب الدين، أي تلك التي تمثل " الدين الاجتماعي" ( صناديق التقاعد، التأمين على المرض - قروض المؤسسات العمومية الخ. ). وإذا ما تواصل اللجوء إلى التداين من الخارج على نفس نسقه خلال الفترة الممتدة بين سنة 2011 و 2015، فإنه سيمثل في حدود سنة 2020 نسبة مائة بالمائة من الناتج الداخلي الخام.

يوسف قدية

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.