الأستاذة نجاة البراهمي - الجديد في احكام الفصل 96 من المجلة الجزائية: أيُّ تأثير للقانون الجديد على القضايا المنشورة على أساس هذا الفصل؟

1- تم بمقتضى القانون عدد 14 لسنة 2025 الغاء احكام الفصلين 96 و98 قديم من المجلة الجزائية وتعويضهما بالأحكام الجديدة لهذين الفصلين.
وبغاية التعريف بالجديد الذي تضمنه هذا القانون وبالأهداف التي يروم تحقيقها اتجه الوقوف في المقدمة عند الأسباب التي أسست للمبادرة التشريعية في اتجاه تعديل احكام الفصلين 96 و98 من المجلة الجزائية من جهة وذلك بعد محاولة الوقوف عند التطور التاريخي لأحكام الفصلين المذكورين.
التطور التاريخي لأحكام الفصلين 96 و98 من المجلة الجزائية
تم إقرار جريمة الفصل 96 في الباب الثالث من المجلة الجزائية تحت عنوان "في الجرائم المرتكبة من الموظفين العموميين أو اشباههم حال مباشرة او بمناسبة مباشرة وظائفهم". وتم تعديل الفصل المذكور بمقتضى القانون عدد 85 لسنة 1985 المؤرخ في 11 أوت 1985.
الا انه وبالرغم عن هذا التنقيح فقد بقيت احكام الفصل 96 خاصة موجبة للنقد خاصة في العشرية الأخيرة التي سجل فيها عدد الاحالات على المحاكم والمحاكمات من اجل جريمة الفصل 96 ارتفاعا ملحوظا. ولم يخف ما في هذا الواقع من انعكاس على الواقع الاقتصادي الذي تميز بعزوف المسؤولين عن المبادرات الاقتصادية خشية من التورط جنائيا والوقوع تحت طائلة احكام الفصل 96.
ووعيا منهم بهذا الواقع الذي من شأنه ان يعيق نسق الاقتصاد تقدم مجموعة من النواب بمبادرة تشريعية شملت في مرحلة أولى احكام الفصول 96 و97 و98 من المجلة الجزائية. تم تقديم مقترح القانون الى السيد رئيس مجلس نواب الشعب بتاريخ 10 أكتوبر 2023 عملا بأحكام الفصل 68 من الدستور والفصلين 122 و123 من النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب. وقد تضمن المقترح عدد 3 فصول تضمنت في فصليها الأول والثالث تنقيحا للفصل 96 والفصل 98 اما الفصل الثاني فقد تضمن ان "تلغى احكام الفصل 97 من المجلة الجزائية".
تم عرض مقترح القانون هذا على لجنة التشريع العام مرفقا بشرح الأسباب التي تبرر اعتماده.
2- شرح أسباب القانون عدد 2025/14 المعدل لأحكام الفصلين 96 و98 من المجلة الجزائية
تضمنت وثيقة شرح الأسباب جملة العوامل الداعية الى تنقيح الفصلين 96 و98. ويمكن اختزال هذه العوامل في عملين اثنين عامل اقتصادي وعامل قانوني. وفي هذا السياق تضمن مقترح القانون ان "مشروع القانون يندرج في إطار الإصلاحات التشريعية الرامية الى ضمان تحقيق الموازنة بين اهداف السياسة الجزائية في مكافحة الفساد الإداري والمالي من جهة وعدم عرقلة العمل الإداري وتحقيق نجاعته من جهة أخرى.
وينفرد القانون التونسي مقارنة بقوانين دول أخرى بأحكام الفصل 96 من المجلة الجزائية الذي يجرم قيام الموظف العمومي أو شبهه المكلف بمقتضى وظيفة ببيع أو صنع او شراء او إدارة او حفظ أي مكاسب باستغلال صفته او بمخالفته التراتيب الجاري بها العمل لتحقيق منفعة لنفسه او للغير او للأضرار بالإدارة.
ويكتسي هذا النص أهمية بالغة من الناحية الاقتصادية بالنظر الى اثاره المباشرة على المعاملات المالية والصفقات العمومية تبرمها الدولة والهياكل العمومية وفي مكافحة سوء استخدام السلطة او الوظيفة للحصول على منفعة غير مشروعة او الاضرار بالإدارة.
ويجدر التذكير في هذا الصدد بما شهدته فترة ما بعد الثورة من تتبعات جزائية على أساس الفصل 96 من المجلة الجزائية والتي طالت عددا من الموظفين العموميين على خلفية اتخاذهم لقرارات في إطار تسيير المرافق العمومية التي يشرفون عليها مما أدى الى امتناع الموظفين عن اتخاذ القرارات او بعض المبادرات خشية تعرضهم لاحقا للتبعات وهو ما أثر سلبا على الإدارة ودفع ببعض الفاعلين الاقتصاديين الى اعتبار ذلك من أسباب الركود الاقتصادي".(1)
اما عن الدوافع القانونية فقد تمثلت في تلافي النقائص المتعلقة بصياغة الفصل 96. فقد ورد في وثيقة شرح الأسباب ما يلي: "ان بعض عبارات الفصل 96 من المجلة الجزائية اتسمت بالعمومية على غرار عبارة "المنفعة" و "التراتيب" فضلا على تقديم تعداد لقائم من المهن التي لا تخرج عن صفة الموظف العمومي أو شبهه وهو ما نتج عنه جدل قانوني أدى الى اختلاف المحاكم حول مفهوم موحد لتلك العبارات وحال دون تحقيق الغاية المرجوة منه في مكافحة جرائم الفساد الإداري والمالي".(2)
وفي تقييمها لهذه المبادرة التشريعية الخاصة بتنقيح احكام الفصل 96 من المجلة الجزائية أكد ممثلي وزارة العدل ورئاسة الحكومة على أهمية المبادرة وعلى "ادراج تنقيح الفصل 96 من المجلة الجزائية ضمن أولويات الحكومة حيث يحظى باهتمامها باعتباره يتعلق بمسالة مهمة تخص تطوير الساسة الجزائية وتحسين مناخ الاعمال ودفع الاستثمار وتتحقق المعادلة بين مكافحة الفساد الإداري من ناحية وتحقيق النجاعة الإدارية من ناحية أخرى".(3)
كما ذكر ممثلا وزارة العدل ورئاسة الحكومة بكون التنقيح وان تعلق بمجموع الفصول 69 و97 و98 "الا ان الفصل 96 يتميز بخصوصية جعلت منه فصلا قانونيا يكتسي أهمية كبرى وسببا لتردد عديد الموظفين والمسؤولين واحجامهم عن اخذ القرار تخوفا مما قد يلحقهم من تتبعات وملاحقات جزائية تضمنها الفصل المذكور".
ان قراءة مجتمعة لأحكام الفصلين 96 و98 من المجلة الجزائية تسمح بالتأكيد على ان الفصل الثاني في الذكر هو امتداد للفصل الأول وهو بمثابة امتداد لأحكام العقاب الخاصة بجريمة الفصل 96. وتبعا لذلك يمكن تحليل الفصلين 96 و98 من المجلة الجزائية من خلال مضمونهما الذي يشمل التجريم وكذلك العقاب.
الجزء الأول: التجريم
تميز الفصل 96 جديد بالتجديد على مستوى الفعل المجرم (ب) من جهة والأشخاص الفاعلين للجريمة (أ) من جهة أخرى.
أ-الأشخاص الفاعلون للجريمة
في صياغته القديمة كان الفصل 96 يعدد جملة من الأشخاص الذين يعاقبون على معناه وهم على التوالي:" الموظف العمومي او شبهه وكل مدير او عضو او مستخدم بإحدى الجماعات العمومية المحلية او الجمعيات ذات المصلحة القومية او بإحدى المؤسسات العمومية ذات الصبغة الصناعية والتجارية او الشركات التي تساهم الدولة في راس مالها بصفة مباشرة او غير مباشرة بنصيب ما او الشركات التابعة الى الجماعات العمومية المحلية مكلف بمقتضى وظيفة ببيع او صنع او شراء او إدارة او حفظ أي مكاسب".
اما في صيغته الجديد فقد ورد الفصل 96 جديد مقتصرا على " الموظف العمومي او شبهه وكل مستخدم في مؤسسة اقتصادية او اجتماعية تساهم الدولة في رأسمالها".
وقد أراد المشرع من خلال هذا التنقيح تجاوز الخلط الناجم عن الصيغة القديمة ناهيك وان مختلف الصفات التي كان يكرسها هذا الفصل تنصهر في مفهوم الموظف العمومي على معنى احكام الفصل 82 من المجلة الجزائية الذي يقتضي ما يلي: " يعتبر موظفا عموميا تنطبق عليه احكام هذا القانون كل شخص تعهد اليه صلاحيات السلطة العمومية او يعمل لدى مصلحة من مصالح الدولة او جماعة محلية او ديوان او مؤسسة عمومية او منشأة عمومية أو غيرها من الذوات التي تساهم في تسيير مرفق عمومي.
ويشبه بالموظف العمومي كل من له صفة المأمور العمومي ومن انتخب لنيابة مصلحة عمومية او من تهينه العدالة للقيام بمأمورية قضائية".
ولا جدال في ان تعريف الموظف العمومي بكونه كل "شخص تعهد اليه صلاحيات السلطة العامة او الشخص الذي يعمل لدى مصلحة من مصالح الدولة " من شانه ان يستوعب جميع الصفات التي كان يكرسها الفصل 96 قديم. ويكون بذلك المشرع قد ارجع الأمور الى نصابها لما نقح الفصل 96 في اتجاه توحيد مفهوم الموظف العمومي والناي بالمفهوم عن الخلط الذي عرفه في ظل الصياغة القديمة.
ب- الفعل المجرم
1- الصيغة القديمة للفصل 96 من المجلة الجزائية
في صيغته القديمة كان الفصل 96 من المجلة الجزائية يعاقب الموظف العمومي وشبهه وكل شخص اندرج بحكم صفته في أحكام هذا الفصل الذي "استغل صفته لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه أو لغيره أو للإضرار بالإدارة أو خالف التراتيب المنطبقة على تلك العمليات لتحقيق الفائدة او الحاق الضرر المشار اليهما". وواضح من خلال احكام هذا الفصل أنه كان يكرس صورتين اثنتين للتجريم على معنى احكامه.
• الصورة الأولى للتجريم
تتمثل الصورة الأولى في استغلال الصفة لاستخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه او لغيره أو للإضرار بالإدارة.
• الصورة الثانية للتجريم
تتمثل الصورة الثانية في مخالفة التراتيب المنطبقة على تلك العمليات لتحقيق الفائدة لنفسه او لغيره او الحاق الضرر بالإدارة.
2- الصيغة الجديدة للفصل 96
وفي صيغته الجديدة أصبح الفصل 96 ينص على كون العقاب يلحق بالشخص الذي عرفه هذا الفصل والذي " تعمد استغلال صفته ليلحق ضررا ماديا بالإدارة مقابل استخلاص فائدة لا وجه لها لنفسه او لغيره" وواضح م مقارنة الصياغتين القديمة والجديدة للفصل 96 ان المشرع ضيق من مجال التجريم بإلغاء واحدة من صوره القديمة من جهة وباشتراط ركن القصد الاجرامي بالنسبة للصورة الثانية للتجريم من جهة أخرى.
- الغاء صورة التجريم المتمثلة في مخالفة التراتيب لتحقيق فائدة لنفسه او لغيره. ويترتب على هذا الإلغاء تضييق من نطاق التجريم على معنى احكام الفصل 96 من المجلة الجزائية وهو ما سيؤثر بصفة ملحوظة على مال القضايا المنشورة لدى الدوائر الجنائية على اعتبار وان هذا القانون المباشر سنطبق بصفة رجعية على القضايا المنشورة باعتباره القانون الأرفق بالمتهم.
- المحافظة على التجريم والتضييق من نطاقه بالنسبة لصورة التجريم المتمثلة في استغلال الصفة: فبعد ان كانت الجريمة تقوم في حق كل من "استغل صفته لاستخلاص فائدة لا وجه لهل لنفسه أو لغيره أو للإضرار بالإدارة. أصبحت تقوم في حق كل من "تعمد استغلال صفته". وواضح من خلال هذه الصياغة الجديدة ان المشرع قد أراد إضفاء الصبغة القصدية صراحة على هذه الجريمة باعتماد عبارة "تعمد" سيما وان المصطلح القديم المرادف لفعل الاستغلال المشار له قديما ب "استغل " لا يتضمن معنى القصد الاجرامي بقدر ما يدلل على فعل مادي يفيد توظيف او استعمال الموظف العمومي او شبهه لصفته بغاية الحصول على منافع لنفسه او لغيره او للإضرار بالإدارة. ويتأكد الطابع المادي للجريمة في الصيغة الفرنسية القديمة للفصل 96 التي كانت ترادف بن الاستغلال والاستعمال(4).
ولا يخفى ما في هذا التنقيح من تضييق لنطاق جريمة الفصل 96. فمستقبلا لا تكفي الاختبارات الدالة على وجود استخلاص الفائدة لتدين المتهم إذا ثبت ان استغلال الصفة بغاية الحصول على فائدة لم يكن متعمدا بل كان عن حسن نية. ويبقى حسن النية هو الاصل ولا سبيل لدحضه الا بإثبات العكس أي تعمد استغلال الصفة.
وعلاوة على التضييق من مجال التجريم فقد تدخل المشرع على مستوى العقاب
الجزء الثاني: العقاب
ان قراءة مجتمعة لأحكام الفصلين 96 و98 من المجلة الجزائية تسمح بالتأكيد على ان المشرع التونسي قد حط من العقوبة السجنية ونسب معين الخطية لما تكون الدولة واقر الصبغة الاختيارية للعقوبات التكميلية بينما حافظ على واجب الرد بخصوص جريمة الفصل 96 والغاه في جريمة الفصل 97 من المجلة الجزائية.
أ) الحط من العقاب
أبقي المشرع على الصبغة الجنائية لجريمة الفصل 96 الا انه حط من عقوبة ال سجن ونزل بها من عشرة سنوات الى ستة سوأت مستجيبا في ذلك الى المبادرة التشريعية.
ويبدو ان المشرع قد رام من خلال هذا الحط تنظيرا بين جريمة الفصل 96 وجريمة الفصل 97. ففي الأولى يسلط العقاب على الموظف العمومي او شبهه الذي يتعمد استغلال صفته للحصول على منافع وفي الثانية يسلط العقاب على "كل شخص ممن ذكر بالفصل المتقدم اخذ او قبل أي ربح لنفسه او لغيره باي كيفية كانت في امر تولى ادارته او الإشراف عليه او حفظه كليا او جزئيا او اخذ أي فائدة كانت في امر هو مكلف بالإذن بالدفع فيه او تصفيته'. هذا وتجدر الملاحظة الى ان اخذ او قبول المنفعة على معنى الفصل 97 يعاقب بخمس سنوات سجن فارتأى المشرع في حين ان استغلال الصفة الذي يرتب نفس الاثار وهي الحصول على المنفعة كان يعاقب بالضعف أي عشر سنوات قد رأى المشرع ضرورة التقريب بينهما في العقاب الا انه اختار المحافظة على الصبغة الجنائية للجريمة فوجب ان يكوم العقاب أكثر من خمس سنوات وذلك هو موجب إقرار الست سنوات كعقاب على جريمة تعمد استغلال الصفة على معنى الفصل 96 جديد من المجلة الجزائية.
ولعله من المهم الإشارة في هذا المقام الى أن المشرع التونسي وان اقر المبادرة التشريعية بخصوص تعديل الفصل ين 96 و98 فانه انصرف عنها بشأن الفصل 97 الذي لم يشمله القانون عدد 14 لسنة 2025 بالرغم من ان مقترح القانون قد تضمن مشروعا لتعديل الفصلين 96 و98 (الفصلان الأول والثالث من المشروع) ولحذف الفصل 97 من المجلة ذاتها.
والحقيقة فان ما انتهى اليه المشرع في القانون عدد 14 لسنة 2025 هو الأقرب الى الصواب ضرورة انه على خلاف ما وقع تقديمه من استيعاب جريمة الفصل 96 لجريمة الفصل 97, فان مجال الفصلين مختلف. فتعمد الموظف العمومي او شبهه استغلال صفته للحصول على منفعة اثناء قيامه بالعمليات الموكولة اليه على معنى احكام الفصل 96 يختلف عن مجرد اخذه او قبوله للمنفعة الذي يمكن ان يكون عن حسن نية.
ب) الحط من نسبة الخطية في حدود مساهمة الدولة في رأس مال المؤسسة بالنسبة للمؤسسات التي تساهم الدولة في رأس مالها: حافظ المشرع مبدئيا على نفس العقوبة المالية التي كانت مسلطة على مرتكبي جريمة الفصل 96 من المجلة الجزائية والمتمثلة في "خطية تساوي قيمة المضرة الحاصلة للإدارة". الا انه استثنى من هذا المبدأ الصورة التي تتضرر فيها مؤسسة تساهم الدولة في رأسمالها. واقتضى الفصل 96 جديد ما نصه صراحة انه:" إذا حصل الاضرار بمؤسسة تساهم الدولة في رأسمالها فان الخطية تحتسب بقدر نسبة اسهامها فيها". ويهدف هذا التنقيح الى ارجاع الأمور الى نصابها ضرورة ان الخطية تدفع من أموال المؤسسة الى ميزانية الدولة بعنوان عقوبة مالية. فاذا كانت الدولة مساهما في راس مال هذه المؤسسة فان الخطية تبقى في حدود مساهمتها حتى لا يختل مبدا التناسب. وما من شك في ان تحميل المؤسسة بخلاص خطية تعادل قيمة المضرة في هذه الصورة يخل بهذا المبدأ. ويحسب للمشرع ان اقر هذا الاستثناء الذي يندرج في إطار الحط من العقاب من جهة واعمال مبدا التناسب من جهة أخرى.
ويحسب للمشرع كذلك ان حسن من صياغة الفصل 98 جديد بصفة تدارك معها الخلط الذي نجم عن الصيغة القديمة لهذا الفصل واعمال الاستثناء المتعلق بنسبة ما يقع رده.
ج) الرد والعقوبات التكميلية الاختيارية
أقر المشرع هذه العقوبات صلب الفصل 98 الذي ارجع الأمور الى نصابها عندما خص العقوبات التكميلية دون غيرها بإمكانية النطق بها من طرف المحكمة علاوة على العقوبة الاصلية المسلطة بصفة اصلية والمتمثلة في ست سنوات سجن. ولمزيد البيان اتجه التذكير بمنطوق الفصل 98 قديم قبل الوقوف عند الاحكام الجديدة لهذا الفصل.
ورد في الفصل 98 قديم ما يلي: «وللمحكمة في جميع الصور المنصوص عليها بالفصلين 96 و97 ان تحكم فضلا عن العقوبات المبينة بهذين الفصلين برد ما وقع الاستيلاء عليه او اختلاسه او قيمة ما حصل عليه من منفعة او ربح ولو انتقلت الى أصول الفاعل او فروعه وإخوته او زوجه او اصهاره وسواء بقيت تلك الأموال على حالها او وقع تحويلها الى مكاسب أخرى.
ولا يتحرر هؤلاء من هذا الحكم الا إذا اثبتوا ان مأتى هذه الأموال او المكاسب لم يكن من متحصل الجريمة.
وللمحكمة في جميع الصور الواردة بالفصلين المذكورين ان تسلط كل او بعض العقوبات المقررة بالفصل الخامس على أولئك المجرمين"
والمتأمل في احكام الفصل 98 جديد لا يفوته ان يلاحظ ان المشرع عدل استثنائيا من قيمة المبالغ التي يحكم بردها من جهة وكرس صراحة العقوبات التكميلية.
1- رد ما وقع الاستيلاء عليه او ما وقع تحقيقه من ربح او منفعة
مثلما يدل عليه اسمه فان الرد يفيد ارجاع المتهم المحكوم على أساس الفصل 96 من المجلة الجزائية لقيمة ما حصل عليه من ربح او منفعة. ويحصل الرد بارجاع هذه القيمة الى المتضرر وذلك على خلاف الخطية التي تصرف لميزانية الدولة.
وقد حافظ التشريع الجديد على هذا المبدأ واقر الرد في حدود قيمة المنفعة او الربح الواقع تحقيقهما.
الا ان المشرع قد جدد استثنائيا من خلال اخضاع الرد الى نفس الاستثناء الذي اقره في الفقرة الثانية من الفصل 96 و المتعلق بالصورة التي تكون فيها الدولة مساهمة في راس مال المؤسسة المتسببة في الضرر فقد ورد في الفصل 98 جديد ان " على المحكمة في جميع الصور المنصوص عليها بالفصل 96 جديد ان تحكم فضلا على العقوبات المبينة بهذا الفصل برد ما وقع الاستيلاء عليه او اختلاسه قيمة ما حصل عليه من منفعة او ربح و لو انتقلت الى أصول الفاعل او فروعه او اخوته او زوجه او اصهاره و سواء بقيت تلك الأموال على حالها او وقع تحويلها الى مكاسب أخرى.
ولا يتحرر هؤلاء من هذا الحكم الا إذا اثبتوا ان مأتى هذه الأموال او المكاسب لم يكن من متحصل الجريمة مع مراعاة الفقرة الثانية من الفصل 96 جديد.".
والمقصود من هذه الصياغة الأخيرة هو اعمال الاستثناء المنطبق على الخطية في الصورة التي تكون فيها الدولة مساهمة في راس مال المؤسسة المتسببة في الضرر. ففي هذه الصورة يقع الرد في حدود نسبة مساهمة الدولة في رأس مال المؤسسة.
2- العقوبات التكميلية الاختيارية
اقر المشرع التونسي صنفان من العقوبات عقوبات اصلية مناطها الفصل 5 فقرة أولى وعقوبات تكميلية مناطها الفصل 5 فقرة ثانية من هذه المجلة.
والعقوبة التكميلية هي مثلما يدل عليها اسمها لا تسلط الا بعد تسليط عقوبة اصلية. ويمكن للعقوبة التكميلية ان تكون وجوبية تنطق بها المحكمة وجوبا ويمكن ان تكون اختيارية خاضعة للسلطة التقديرية للقاضي الجزائي.
وقد كرس الفصل 98 جديد العقوبات التكميلية الاختيارية وخول للقاضي الجزائي سلطة تسليط هذه العقوبة من خلال الفقرة الأخيرة للفصل 98 التي ورد فيها صراحة ان "المحكمة في جميع الأحوال الواردة بالفصل المذكور (أي الفصل 96) ان تسلط احدى العقوبات التكميلية المقررة بالفصل الخامس من هذه المجلة على من ثبتت ادانته". ومن مزايا هذه الصياغة الجديدة للفقرة الأخيرة من الفصل 98 ان كرست صراحة عبارة "التكميلية" التي كانت غائبة على الصياغة القديمة التي صمت فيها المشرع عن هذا الوصف موجبا للخلط بين العقوبات الاصلية مناط الفقرة الأولى من الفصل 96 والعقوبات التكميلية مناط الفصل 98 فقرة أخيرة. ويكون بذلك المشرع قد ساهم الى حد كبير في تحقيق الامن القانوني المنشود بمعنى الدقة والوضوح والمقروئية.
الأستاذة نجاة البراهمي
مديرة قسم العلوم الجنائية بكلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس
والمحامية لدى التعقيب
1- شرح الأسباب مجلس نواب الشعب 10اكتوبر 2023
2- شرح الأسباب مجلس نواب الشعب 10اكتوبر 2023
3- جدول تفصيلي لجلسات الاستماع حول مقترحي القانونين عدد 15 و28/2023 المتعلقين ب تنقيح احكام الفصل 96 من المجلة الجزائي وبعض احكام المجلة الجزائية. مجلس نواب الشعب. لجنة التشريع العام
4- " L’article 96 ancien prévoit dans ce sens que : " Est puni …qui use de sa qualité et de ce fait se procure
- اكتب تعليق
- تعليق