أخبار - 2025.06.24

كلمة السيد المكّي العلوي في تأبين المرحوم أحمد الحبّاسي

كلمة السيد المكّي العلوي في تأبين المرحوم أحمد الحبّاسي

 فقدت تونس بوفاة المغفور له أحمد الحبّاسي، مناضلا وطنيّا وأوّل سفير لتونس لدى دولة فلسطين وقد تولّى تأبينه رفيق دربه السيد المكّي العلوي، السفير السابق ونائب رئيس مجلس المستشارين وألقى الكلمة التالية خلال موكب دفنه عصر الأحد 22 جوان الجاري:

" كل نفس ذائقة الموت إننا لله وإنا إليه راجعون " صدق الله العظيم.
نودع اليوم وفي هذا الجو الخاشع بعيون دامعة وقلوب خاشعة أخا عزيزا علينا كريما ومناضلا دستوريا صميما، الأخ أحمد الحبّاسي وهو من مواليد 1943 جعل الله الجنة مثواه مع الصدّيقين والشهداء.

انخرط الفقيد أحمد الحبّاسي منذ شبابه في الحزب الحر الدستوري الجديد ونشط في هياكله بدءا بالشعبة الدستورية مسخّرا حياته للنضال في العمل السياسي والاجتماعي والثقافي والدبلوماسي بكل كفاءة واقتدار.

كان الأخ أحمد الحبّاسي من رواد الحركة الثقافية لما انتدبه المرحوم الشاذلي القليبي كاتب الدولة لشؤون الثقافة في ستينات القرن الماضي بتسميته مندوبا للثقافة في جهات عديدة من أهمها ولايتي صفاقس والكاف. وقد ترك الفقيد العزيز الأثر الكبير في الحقل الثقافي والعمل المسرحي وبصماته في هذا المجال يعرفها القاصي والداني وخاصة رجال المسرح ورجال الفن والفكر والثقافة والسياسة، وله عدة مؤلفات في هذا الخصوص.

تحمّل الأخ أحمد الحبّاسي المسؤولية في الحزب الاشتراكي الدستوري بالشعبة الدستورية بمدينة الروحية، مسقط رأسه ثم تولى الكتابة العامة للجنة التنسيق الحزبي 1975 عند تأسيس ولاية سليانة وترأس بلدية الروحية، كما كان عضوا في اللجنة المركزية للحزب ورئيس دائرة العمل الاجتماعي والثقافي بإدارة الحزب ثم ترأس دائرة رعاية المقاومين والمناضلين وكان نعم المشرف والخدوم لرعاية مصالح هؤلاء وعائلاتهم كما كان يدافع على المصالح الجهوية والمحلية لأبناء ولاية سليانة وفي كل هذه المسؤوليات الحزبية اتصف بالعطاء والتفاني في سبيل الصالح العام كما انتقل بالمسؤولية إلى الميدان الديبلوماسي متوليا قنصل عام بعنابة (الجزائر)، ثم في نفس الخطة قنصل عام ببنغازي (ليبيا) وكان من أبرز المسؤولين الساهرين على مصالح الوطن وخدمة أبنائه أينما حل فكانت له بصمات في تأطير الجالية والإحاطة بمشاغلها وخدمة المصالح الوطنية، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، في هذه البلدان الشقيقة ، كما تحمل خطة ملحق ثقافي لتونس لدى دولة الكويت .

انتقل الأخ أحمد بعد سنة 2000 إلى العمل في الحقل الدبلوماسي من جديد ليمثل تونس لدى الدولة الفلسطينية بغزة ورام الله وكان أول سفير لتونس لديها وقد حظى بمكانة عالية لدى السلطة الفلسطينية وخاصة لدى الزعيم المرحوم ياسر عرفات، طيّب الله ثراه، وكانت له مكانة خاصة لدى المسؤولين الفلسطينيين وعاش معهم فترة الانتفاضة الاولى والثانية.

وكان نعم الممثل الدبلوماسي والسفير المحنك لخدمة القضية الفلسطينية والمصالح التونسية وتعزيز الروابط بين الشعبين الشقيقين وهنا أذكر في ليلة من الليالي وكانت سلطات الاحتلال تهاجم غزة وتضربها من البحر وتطايرت شظايا قذائفهم لتنال من مقر السفارة التونسية وهو ثابت مكانه، بل حرص أن يتصل هاتفيا بوزارة الخارجية التونسية ليعلمها عن مستجدات الوضع وهو ثابت لا يبالي بالمخاطر هذا هو الأخ أحمد الحبّاسي الوطني الغيور الذي عرفته وعرفناه جميعا يضحي بنفسه خدمة لمصلحة بلاده وعمق تعلقه بالقضية الفلسطينية.

وفي هذا اليوم ندعو بالنصر لفلسطين وغزة رمز العزة والبطولة.

لقد كان المرحوم أحمد الحبّاسي حسن الخلق وحافظا للود طيب المعشر لين العريكة. ومهما عددنا مناقبه ومهما استذكرنا خدماته وخصاله فلن نأتي على جميعها ولن نوفيه حقه.
وما هذه الكلمات إلا ومضات سريعة حول حياة رجل كرس كل جهده ووقته لخدمة مبادئ وأهداف ووطنه ومواطنيه بكفاءة واقتدار في أي ميدان قادته مسؤولياته إليه كان بالفعل المناضل الدستوري الصلب والوطني الغيور. فقدنا الأخ أحمد الحبّاسي ولا اعتراض على مشيئة الله فكل نفس ذائقة الموت ونفتقده اليوم ونفتقد حضوره وزخم اراده التي كان يثري بها لقاءاتنا والعمل السياسي.

نودع اليوم أخا عزيزا قد ترك أثرا كبيرا بعده فيه غذاء واعتزاز لكل الأجيال وفي هذه المناسبة الأليمة نتقدم إلى زوجته وأبنائه وعائلته وكل الأهل بأحر التعازي والمواساة.

قال الله تعالى "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي" صدق الله العظيم.

المكي العلوي 
السفير السابق 
ونائب رئيس مجلس المستشارين 


 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.