Depolmed برنامج التّطهير الرّامي للحدّ من التلوث بالبحر الأبيض المتوسط

والبرنامج استراتيجي للمساهمة في حماية السواحل التونسية في إطار التزام جماعي بحماية المتوسط في ظل التحديات البيئية المتزايدة التي تهدد البحر الأبيض المتوسط، عهد هذا البرنامج إلى وزارة البيئة من خلال الديوان الوطني للتطهير (ONAS) تنفيذ هذا البرنامج الطموح الذي أختصر بما يُعرف باسم Depolmed، يهدف إلى تعزيز البنية التحتية للتطهير في المناطق الساحلية، والحد من التلوث المائي الذي يؤثر سلبًا على النظام البيئي البحري والاقتصاد المحلي.

البحر المتوسط... شريان بيئي مشترك يمتد الساحل التونسي على طول 1300 كيلومتر، ويؤوي ما يقرب 70٪ من سكان البلاد، إضافةً إلى تركّز معظم الأنشطة السياحية والصناعية فيه.
 لكنّ هذه الكثافة السكانية والاقتصادية ترافقها ضغوط بيئية كبيرة، ومع ما يشهده البحر المتوسط من تدهور بيئي بفعل التلوث الصناعي والمياه العادمة والتغيرات المناخية، أصبح من الضروري اتخاذ تدابير فعالة للحد من هذا التلوث، حمايةً للصحة العامة، وصونًا للموارد البحرية، ودعمًا لجهود التنمية المستدامة.

ما هو برنامج Depolmed ؟ هو برنامج يندرج ضمن الاستراتيجية العامة لحماية البحر الأبيض المتوسط من التلوث. يهدف إلى:

الحد من التلوث الناتج عن ضعف أنظمة التطهير؛ تحسين جودة حياة المواطنين في المناطق الساحلية؛ وتعزيز أداء ومردودية الديوان الوطني للتطهير.
كما يتبنّى البرنامج مقاربة تشاركية ومندمجة، ترتكز على إشراك مختلف الأطراف المعنية: من المؤسسات العمومية، إلى منظمات المجتمع المدني، إلى المواطنين أنفسهم. 
بتمويل من شركاء استراتيجيين يحظى برنامج Depolmed بدعم مالي من ثلاث جهات مانحة كبرى: الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD)؛ البنك الأوروبي للاستثمار (BEI)؛ الاتحاد الأوروبي (UE).
 وقد خُصّص للبرنامج تمويل إجمالي يبلغ حوالي 140 مليون يورو، موزعة كما يلي: 60 مليون يورو من AFD؛ 69.6 مليون يورو من BEI؛ 10.4 مليون يورو كهبة من الاتحاد الأوروبي. 
وتُستثمر هذه الموارد في مجموعة من المشاريع المحورية، منها: تأهيل وتوسعة محطات تطهير ساحلية لتكون قادرة على استيعاب الكميات المتزايدة من المياه المستعملة وتحسين جودة المياه المُعالجة.

إعادة تأهيل الشبكات ومحطات الضخ، بما يضمن جمع المياه بطريقة فعالة وآمنة بيئيًا. تعزيز قدرات التشغيل والصيانة والتصرف داخل الهياكل التابعة للديوان الوطني للتطهير وتنفيذ خطة تواصل وطنية وجهوية لرفع مستوى الوعي والمواطنة البيئية.

إنطلق القسط الأول من البرنامج فعليا منذ سنة 2018 وسيتواصل إلى سنة 2028، وقد بدأ العمل على مختلف مكوناته حيث تم إلى حدّ الآن التدخل في 13 ولاية جلّها ساحلية بنسبة تقدّم إنجاز تقارب 60%.

وستمثل نهاية هذا الجزء نقلة نوعية في جودة خدمات التطهير في تونس، وتقدمًا فعليًا في تنفيذ التزامات البلاد في إطار الاتفاقيات الإقليمية لحماية المتوسط البحر المتوسط.
 البحر الأبيض المتوسط ليس فقط ممرًا بحريًا، بل هو نظام بيئي غني يُعدّ من بين أكثر البحار تنوعًا بيولوجيًا في العالم، حيث يحتوي على أكثر من 10 آلاف نوع بحري، 30٪ منها لا توجد في أي مكان آخر. غير أنّ هذا البحر يعاني من ضغوطات متزايدة التلوث والصيد الجائر؛ ارتفاع درجات الحرارة بوتيرة أسرع بـ 20% من المتوسط العالمي. لذلك، فإن حماية البحر المتوسط ليست مسؤولية بلد واحد، بل هي مسؤولية جماعية تقع على عاتق جميع الدول المطلة عليه، ويمثل برنامج Depolmed التزامًا فعليًا من الجانب التونسي للمساهمة في هذا الجهد الإقليمي المشترك، وفي بناء شراكة بيئية مستدامة.

خاتمة: رؤية استشرافية لمستقبل مستدام

يمثل برنامج Depolmed أكثر من مجرّد مشروع في مجال التطهير؛ إنه داعمة استراتيجية لنجاح الانتقال البيئي في تونس، يجمع بين تحديث البنية التحتية، وتعبئة المواطنين، والتعاون الدولي. ومن خلال هذا البرنامج، تؤكد تونس إرادتها في التوفيق بين التنمية والاستدامة، والمساهمة الفاعلة في حماية أحد أهم الأوساط الطبيعية البيئية المشتركة: البحر الأبيض المتوسط. 
وفي هذا الإطار، تُعقد أيام 23 و24 و25 جوان 2025 ورشات عمل فنية ينظمها الديوان الوطني للتطهير، وتجمع مختلف الأطراف المساهمة في البرنامج من القطاع العام، ومنظمات المجتمع المدني، والخبراء البيئيين، وخبراء الاتصال، وذلك بهدف تقييم مدى تقدم البرنامج، ورصد آثاره الإيجابية على البيئة، وتناول الجوانب الفنية المتعلّقة بتنفيذه، بما يساهم في تعزيز وتسهيل استكماله في أفضل الظروف الممكنة.

تحميل البرنامج