انتخاب القيادة الجديدة لمفوضية الإتحاد الأفريقي بعد اسابيع قليلة من الان، والسباق يحتدم...
بقلم نورالدين المازني، المتحدث الرسمي سابقا باسم الاتحاد الافريقي - جيبوتي "البلد الجسر" بين أفريقيا والشرق الأوسط ترشح لمنصب الرئاسة وزير خارجيتها محمود علي يوسف الذي يعتبر اليوم عميد وزراء الخارجية العرب و الافارقة، واربع سيدات من ليبيا و الجزائر و المغرب و مصر في سباق على منصب نائب الرئيس...
التنافس يحتدم بين المرشحين والمرشحات للمناصب العليا بالتناصف في المفوضية الجديدة للاتحاد الافريقي مع اقتراب موعد الدورة 38 لقمة رؤساء الدول والحكومات الافارقة خلال الفترة من 9 الى 12 من شهر فيفري القادم في مقر الاتحاد الافريقي باديس أبابا.
تناوب على المراكز القيادية وتوزيع عادل بين الدول الأعضاء...
لأول مرة سيطبق مبدأ التناوب على هذه المناصب العليا بين المناطق الجغرافية الخمس في القارة لضمان توزيع عادل في قيادة هذا التكتل الافريقي الهام...
رئاسة المفوضية ستكون حصريا هذه المرة من نصيب شرق افريقيا ويكون التداول مستقبلا حسب التسلسل الابجدي باللغة الإنجليزية...
تضم القائمة النهائية لمنطقة الشرق الافريقي ثلاثة مرشحين يمثلون كلا من كينيا و جيبوتي و مدغشقر...
ويرجح جل المراقبين المختصين في شؤون القارة السمراء ان ينحصر السباق في مرحلته الاخيرة بين مرشحين اثنين هما، الكيني رايلا اودنغا Raila Odinga وهو رئيس حكومة اسبق و محمود علي يوسف وزير خارجية جيبوتي منذ عقدين و يصغر منافسه الكيني بعشرين عاما، دون الانتقاص من حظوظ ثالثهما وهو وزير مالية مدغشقر السابق ريتشارد راندريا ماندراتو Richard Randriamandrato الذي تولى حقيبة الخارجية لفترة قصيرة ...
المرشح الكيني، كان معارضا شرسا للحكومة والحزب الحاكم قبل المصالحة و خوض مغامرة على مستوى القارة بعد خسارة خمس انتخابات رئاسية في بلاده
رايلا اودنغا شخصية سياسية مخضرمة على عتبة الثمانين من العمر وزعيم تاريخي للمعارضة الكينية بعد توليه رئاسة الحكومة في بلاده في اواسط التسعينات، تنافس مع مرشحي الحزب الحاكم في خمس انتخابات رئاسية و لم يفز بها ولو مرة واحدة، وهو اليوم مرشح بلاده لهذا الاستحقاق الانتخابي الهام بعد مصالحة مشهودة مع الرئيس الحالي ويليام روتو William Ruto الذي اعتلى الى سدة الرئاسة قبل سنتين اثر فوزه على منافسه اودنغا خلال انتخابات 2022... الرئيس الكيني الحالي الذي كان نائبا للرئيس السابق، ركز سياساته الخارجية منذ بداية عهده على التقارب مع الغرب على حساب حليفين سابقين هما الصين والهند، و سعى بقوة الى لعب دور محوري في القرن الأفريقي و التوسط في حل الازمات المتعددة والمعقدة في هذه المنطقة و من بينها ازمتي السودان الصومال بعد ان كانت إثيوبيا هي الأكثر نفوذا في بلدان الجوار و قد تراجع هذا الدور نسبيا بسبب انشغالها بالحرب الأهلية الطويلة التي خاضتها مع الحركة الانفصالية في اقليم التيغراي..و قد يكون هذا الطموح المتنامي للرئيس الكيني وبروز بلده كقوة اقتصادية صاعدة هو الذي دفعه الى تقديم مرشح للمرة الثانية على التوالي لمنصب رئاسة المفوضية بعد ان خسرت وزيرة الخارجية الكينية السابقة السيدة أمينة محمد انتخابات 2017 امام المرشح التشادي موسى فكي محمد الذي يتاهب بدوره لمغادرة رئاسة المفوضية بعد ان قضى فترتين متتاليتين في هذا المنصب السامي، و من المهم التذكير بان شخصية كينية اخرى كانت تولت بدورها منصب نائب رئيس المفوضية لفترتين متتاليتين (2009-2012) (2012 -2017) هو السيد اريستوس موانشا Erastus Mwencha القادم من القطاع الخاص والذي خلفته في اامنصب لفترة مماثلة الرواندية مونيك نسانزاباجنوة Monique Nsanzabajanwa
مرشح جيبوتي، خبرة طويلة في شؤون القارة و تعامل مستمر مع اهم ملفاتها، بامكانه مباشرة مهامه الجديدة فورا، لو تم انتخابه...
يعتبر وزير الخارجية و التعاون الدولي محمود علي يوسف من الوجوه الدبلوماسية المعروفة في العديد من المحافل الإقليمية والدولية، اذ تتمتع بلاده الى جانب الاتحاد الافريقي بعضوية كل من المنظمة الدولية للفرنكوفونية وجامعة الدول العربية و منظمة التعاون الإسلامي و قد أصدر هذه الاخيرة، التي تعتبر ثاني منظمة دولية بعد الامم المتحدة من حيث عدد الدول الاعضاء البالغ 57 بلدا من بينها 27 تنتمي الى القارة الافريقية، قرارا مطلع العام الجاري تؤكد دعمها الكامل لمرشج جيبوتي، البلد الذي يعد جسرًا بين أفريقيا والشرق الأوسط.
و الى جانب المامه المباشر باهم قضايا القارة ومشاغلها وتوليه حاليا رئاسة مجلس السلم والامن التابع للاتحاد الإفريقي، اسهم محمود علي يوسف في اشعاع دبلوماسية بلاده وجعلها وسيطا مقبولا في العديد من أزمات بلدان الجوار رغم أن جيبوتي تعتبر من اصغر البلدان مساحة على مستوى القارة ... و هذا الإشعاع تستمده من استقرارها في منطقة تكثر فيها الاضطرابات والازمات و من سياستها الخارجية المتوازنة و موقعها الإستراتيجي عند المدخل الجنوبي للبحر الأحمر قرب اكثر الممرات الملاحية ازدحاما في العالم، و هو ما جعلها محط اهتمام كبير من قوى عظمى و اقليمية مختلفة اقامت قواعد عسكرية في جيبوتي و من أبرزها الصين والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا إيطاليا واليايان و كذلك حلف شمال الأطلسي، وكان وزير الخارجية محمود علي يوسف بتكليف من رئيسه إسماعيل عمر جيله، المحاور الرئيسي مع هذه القوى لاقامة قواعد لها على أراضي بلاده في إطار احترام السيادة الوطنية و الحرص على المشاركة بايجابية في الجهود الدولية لتامين سلامة الملاحة البحرية وهو ما جعله شخصية معروفة و محترمة لدى العواصم الكبرى في الشرق والغرب...
مرشح مدغشقر ريتشارد راندريا ماندراتو، رجل المالية و الاقتصاد
وصفه رئيس بلاده خلال موكب رسمي انتظم قبل أسبوعين في القصر الجمهوري بحضور اعضاء السلك الدبلوماسي وممثلي المنظمات الدولية، بالشخصية ذات الكفاءات العالية في مجالات الادارة والدبلوماسية والعلاقات الدولية مما يؤهله لهذا المنصب الكبير مؤكدا ان هذا الترشيح يعتبر حدثا تاريخيا في مدغشقر، العضو المؤسس للإتحاد الافريقي الذي يتطلع الى لعب دور محوري في مستقبل القارة و بناء افريقيا موحدة ومزدهرة...
شمال افريقيا وتتشكل من البلدان المغاربية و مصر، لها هذه المرة نيابة الرئيس و هي المنطقة المرشحة في المستقبل لمنصب الرئاسة حسب مبدا التناوب الذي أقره الاتحاد الافريقي ...
التنافس على اشده بين المرشحات لمنصب نائب رئيس المفوضية بين الليبية نجاة الحجاجي، مفوضة بلادها حاليا لدى بعثة الأمم المتحدة بجنيف، والمنظمات الدولية بسويسرا. وتنافسها على المنصب، كل من المصرية حنان مرسي، التي تشغل منصب نائب الأمين التنفيذي، في للجنة الاقتصادية للأمم المتحدة لأفريقيا منذ بداية 2022 و عملت قبل ذلك في البنك الأفريقي للتنمية، وصندوق النقد الدولي، و الجزائربة مليكة حدادي، المديرة السابقة لشؤون أفريقيا بوزارة الخارجية وسفيرة بلادها حاليا لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي، بالإضافة إلى لطيفة أخرباش، كاتبة الدولة السابقة بالخارجية المغربية، و الرئيسة الحالية للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري بالمغرب، وقد شغلت لفترة طويلة منصب سفيرة لبلدها الشقيق بتونس وتركت أطيب الانطباعات.
بكل تاكيد ستفوز سيدة عربية من الشمال الافريقي بهذا المنصب الذي يعتبر استراتيجيا في التسيير الإداري و المالي للمنظمة القارية و متابعة الاصلاحات الهيكلية التي تحتاجها و اضفاء المزيد من الشفافية على اعمالها و تعاملاتها مع الدول الاعضاء و الشركاء الخارجيين الذين يقدمون دعما ماليا لا يستهان به لمساعدة الاتحاد على القيام بمهامه في افضل الظروف الممكنة...
الجزء الهام الاخير من قيادة اامفوضية، ست مفوضيات وأربعون مرشحا ومرشحة لها
مناصب المفوضين الست المخصصة للمناطق الجغرافية الثلاث المتبقية و هي الغرب و الوسط و الجنوب سيتم انتخابهم بالاقتراع السري من قبل المجلس التنفيذي على مستوى وزراء الخارجية خلال اجتماعاتهم التحضيرية للقمة و يقع عرض القائمة الفائزة عل القمة للتصديق عليها...
الكلمة الفصل ستبقى لرؤساء الدول والحكومات الأفريقية خلال القمة التي هي على الأبواب و ستكون العملية الانتخابية خلالها عن طريق الاقتراع السري، و من المرجح جدا ان يلجأ المجتمعون الى عدة جولات قبل الحسم و الامر نفسه ينطبق على انتخاب نائبة الرئيس خلفا للرواندية مونيك ناسنزابجنوا.
اتمنى حظا سعيدا للجميع و الفوز للمرشحات والمرشحين الأكثر كفاءة من سيدات القارة ورجالها...
نور الدين المازني
- اكتب تعليق
- تعليق