أحمد الورفلّي: لا بدّ من مراجعة نظام التحكيم الرياضي في تونس، الآن وهنا وليس غدا
1. على اثر اندلاع النزاعات الشائكة والخطيرة المتعلقة بمدى صحة تعديلات القانون الأساسي للجامعة التونسية لكرة القدم سنة 2015 وخصوصا ما يتعلق منها بشروط الترشح لانتخابات المكتب الجامعي وممارسة السلطة التأديبية من قبل المكتب الجامعي، حين عرضت هذه النزاعات على الجهة المختصة في ذلك الزمن وهي المحكمة الرياضية لدى الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي CNAS، نحا المكتب الجامعي منحى جديدا تمثل في تجنب اللجوء إلى هياكل التقاضي الرياضي كليا، وذلك بأن عرض على جلسة عامة خارقة للعادة دعيت على عجل للنظر في تعديل القانون الأساسي بأثر فوري ومباشر، بحيث نصّ على منح اختصاص حصري لمحكمة التحكيم الرياضي بلوزان (سويسرا) منذ تاريخ التصويت على التعديلات، بما يعني آليا أن أي طعن بالإبطال ضد أحكام التحكيم الرياضي الخاصة بكرة القدم يُرفع حتما إلى المحكمة الفيدرالية السويسرية دون غيرها. ومنذ ذلك التاريخ انقسم مشهد التحكيم الرياضي بتونس، حيث أصبحت نزاعات كرة القدم "نزاعات من فئة خمسة نجوم"، تنظر فيها هيئات تحكيم دولي في سويسرا، وفْق قواعد تحكيم عصرية جدا، ولا ينفذ إليها أحدٌ إلا بسلطان المال الوفير، والمال متوفر لدى الجامعة وبعض الأندية القليلة فقط، فيما أضحت نزاعات كرة اليد "من فئة ثلاث نجوم"، إذ اختارت الجامعة التونسية لكرة اليد رفعها إلى لجنة تحكيم تابعة للاتحاد الافريقي لكرة القدم، وبقيت سائر النزاعات الرياضية من أنظار الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي.
2. وللتذكير فقد تم انشاء الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي سنة 2006 على إثر تعديل القانون الأساسي المنظم للّجنة الأولمبية الوطنية التونسية CNOT حيث قامت اللجنة الأولمبية ببعث الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي ("كْنَاسْ" CNAS) كهيئة تحكيم جامعة تُرفع إليها كافة النزاعات الرياضية بتراضي كافة الجامعات الرياضية(1)، ويُفترض أن الحفاظ على عضوية أي جامعة رياضية في اللجنة الأولمبية مرتبط بتوفر عدد من الشروط من بينها شرط القبول بالتحكيم الرياضي لدى الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي. غير أن تفعيل مثل هذا الشرط (الذي كان يبدو بديهيا لعدة سنوات) أصبح أمرا خطيرا حين أصبحت الجامعة التونسية لكرة القدم مهددة بالإقصاء من اللجنة الأولمبية الوطنية التونسية بسبب اختيارها الخروج من منظومة التحكيم الوطنية والالتحاق بمنظومة التحكيم الرياضي الدولي الصرف. وفي النهاية أعرضت اللجنة الأولمبية عن هذه الفكرة بالنظر إلى تبعاتها الخطيرة على انسجام العائلة الرياضية وباعتبار أنّها تهدد إمكانية مشاركة المنتخب الوطني لكرة القدم في الألعاب الأولمبية. وهكذا صحت تونس على مشهد تحكيمي رياضي مفكك ومتنافرٍ، بثلاث طبقات أو طوابق، وبدرجاتِ تقاضٍ متعددة وبإجراءاتٍ ونُظُمِ عملٍ مشتّتة، مع كُلْفَةٍ متباينةٍ بين تحكيمٍ قليل الكلفة بما في ذلك مجانية عمل المحكمين (وهي حالةٌ نادرةٌ جدًّا في العالم الحديث)، وتحكيمٍ متوسّط الكُلفة، وتحكيم عالي الكلفة لم يقدر عليه ولا يقدر عليه سوى أثرياء القوم. وكنتيجة مباشرة، تقلص عدد النزاعات الرياضية بشكل كبير، وأصبحت الهياكل الرياضية أكثر قدرة على فرض قراراتها على الأندية والمسيرين والحكام واللاعبين، بحكم صعوبة الطعن في قراراتها. ولا شك أن مثل هذا التحول أعطى إحساسا بالراحة والسكينة لدى هياكل التسيير الرياضي، وهذا الإحساس كثيرا ما يكون مدخلا للانحرافات. ومهما كانت وجاهة مبررات خيار جامعة كرة القدم القاضي بهجْر نظام التحكيم الرياضي المحلي، وهي دون شك على درجة من المعقولية والصحّة لا يتسع المجال للخوض فيها ولا تتوفر لدى كاتب هذه الأسطر كافة المعطيات للحكم عليها، وخاصة منها ما يتعلق بادّعاء خضوع المحكمين في الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي إلى سطوة اللجنة الأولمبية الوطنية التونسية ورئيسها وافتقارهم إلى الاستقلالية (وهو مأخذٌ يستحيل أن يكون صحيحا في حقّ كافة المحكمين)، فإن التشظّي الذي تعيشه الساحة الرياضية في ما يتعلق بنظام فض النزاعات ليس أمرا مستحسنًا، ينشئ إحساسا فوريا بالغبن والتمييز غير المرر.
3. وقد تمتّعت الجامعة التونسية لكرة القدم بفسحة من الراحة لبضعة أعوامٍ، حيث قضت هيئات التحكيم المشكّلة في ظل محكمة التحكيم الرياضي (بلوزان) برفض أولى الطعون الموجهة ضد قرارات الهياكل التابعة للجامعة، لكن هذه الراحة لا يمكن أن تستمر طويلا لأنها ضدّ قوانين الطبيعة وضد منطق العالم الرياضي نفسه، حيث لا يوجد من يمكنه أن يفوز في جميع منازلاته وضد جميع منافسيه. ولذلك جاءت نزاعات الجامعة التونسية لكرة القدم ضد الهلال الرياضي بالشابة (هلال الشابة) لتغيّر هذا المشهد الساكن كليا وتقلبه رأسا على عقب، حيث تعرّضت الجامعة إلى سلسلة من الهزائم التحكيمية التي لم تتوقف حتى هذا التاريخ، سواءٌ منها ما ترتب عن عقوبات تأديبية سلّطتها الجامعة على هلال الشابة ومسيريه، أو ما ترتب عن رفض اثارة (طعن) تقدمت بها هلال الشابة (مرة أخرى) ضد حضور رئيس النادي الافريقي بإحدى مباريات ناديه ضد هلال الشابة مع أنه كان تحت طائلة العقوبة التأديبية. ففي 29 سبتمبر 2022، أصدرت هيئة تحكيم مشكّلة في ظل محكمة التحكيم الرياضي حكما استعجاليا وقتيا قضى بإرجاع هلال الشابة إلى بطولة الرابطة الأولى بعد أن قررت الجامعة التونسية لكرة القدم انزالها إلى القسم الثاني من بطولة رابطة المحترفين(2). وإثر هذا القرار، صدر ولأول مرة بلاغ عن الجامعة التونسية لكرة القدم يتضمن "استغرابا" وفي الحقيقة تذمّرا أو تظلُّما من حكم هيئة التحكيم، على الرغم من محاولة تغليفه بعبارات تؤكد الثقة الراسخة في هيئات التحكيم الرياضي التي اختارتها بنفسها ضد كل الدعوات الهادفة إلى تجنب هذا الخيار سنة 2015. وجاء في هذا البلاغ الصادر ليلة 29 سبتمبر 2022 أن الجامعة عبّرت عن "استغرابها" من صدور هذا القرار قبل يوم فقط من انطلاق البطولة في حين أن هلال الشابة قد طالب باتخاذ هذه التدابير منذ 25 أوت 2022. وعلى الرغم من محاولات مسؤولي الجامعة تلطيف معاني هذه العبارة فإنها تبيّن بوضوح أن الجامعة ضاق صدرها من هذه السلسلة من الخيبات التحكيمية، في ظل تهديدات رئيس جمعية هلال الشابة بمواصلة رفع القضايا التحكيمية ضد الجامعة، وخاصة أكثر قضية تهدد الجامعة وهي دعوى التعويض للهلال الرياضي بالشابة عما حاق به من ضرر بسبب قرارات الجامعة التي تم الغاؤها بما في ذلك مصاريف التحكيم الباهظة. وهكذا، فإن الجامعة أصبحت تعاني من أكثر عنصر وفّر لها الرفاهية والراحة لسنوات عديدة، وهو التحكيم "الدولي"، الذي أصبح اليوم كابوسا حقيقيا.
4. وبقطع النظر عن المواقف الظرفية لأطراف هذه المعركة التحكيمية، سواء منهم الأطراف الظاهرة (هلال الشابة والجامعة) أو الأطراف "الكامنة" و"الخفية" وخصوصا وزارة الرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية التونسية، فإن هذه الرجّة الجديدة تعيدنا إلى نقاش طرحناه على مدى العشرية الفارطة عبر نشر عديد المقالات في تونس وخارجها، وعبر المشاركة في أعمال عدد من اللجان المتعاقبة التي دُعِيَتْ من قِبل وزارة الرياضة إلى اعداد مشروع قانون رياضي جديد في تونس. وعلى مدى كافة هذه السنوات، كانت هناك عدة نقاط تتكرر وهي خصوصا: ضمان استقلالية مؤسسة التحكيم الرياضي عن كافة الجهات والأطراف المتدخلة، وضمان آلية لاختيار أفضل المحكمين وأكثرهم نزاهة وحيادية وحرفية، ومراجعة كل ما يحيط بهذين المسألتين.
5. ذلك أن التحكيم الرياضي في تونس له ميزةٌ تفاجئ أغلب المهتمين في العالم، وهي أن المحكمين يعملون مجانا (صفر مليم؟؟؟) وأن كلفة التحكيم ضعيفة جدا بما من شأنه أن يغري الأندية وباقي أطراف العائلة الرياضية بالاختصام في كل مسألة، حتى من باب مجابهة الجانب الإعلامي وجماهير الأندية، وذلك بالترويج لدى الجماهير والأحبّاء إنه تم القيام بالطعون المتاحة قانونا وأن الكرة بين أيدي المحكمين، مما يخفف العبء عن المسيرين واللاعبين وينقله إلى المحكمين ومؤسّسة التحكيم. وبالتسلسل، فإن هذا الوضع لا يشجع الكفاءات القانونية الكبرى على خوض تجربة التحكيم الرياضي أو على المواصلة فيها. فحتى البعض الذين أغرتهم التجربة وعاشوها بكامل الجدية والعمق، انسلخوا عنها تدريجيا بعد بعض الوقت، لأن كثرة القضايا ومنطق التعامل الإعلامي والجماهيري مع النزاعات الرياضية وتواتُر التشكيك العشوائي في الجميع جعلتهم يفضلون الابتعاد حفاظا على وقارهم ومكانتهم المعنوية وثمين وقتهم وجهدهم، عوض اهدارها في أمور تنقلب أحيانا إلى هستيريا وهلوسات جماعية.
6. ونلاحظ بصفة أولية أن أغلب الأفكار الواردة في هذا المقال سبق طرحها في كتابنا "المختصر في القانون الرياضي"، الذي نشره مجمع الأطرش للكتاب المختص سنة 2015، وإنما أردنا هنا التذكير بها مع مزيد من التدقيق أو تطوير بعض الأفكار وإعادة تبويبها.
القسم الأول: إحداث مؤسسة تحكيم رياضي مستقلة عن جميع المتدخلين دون استثناء
7. ينبغي الاستفادة من التجربة السويسرية ومن التجربة التونسية نفسها، وذلك بتجنب إرساء نظام يكرس تبعية مؤسسة التحكيم الرياضي للجنة الأولمبية الوطنية التونسية أو غيرها من الجهات العمومية أو الهياكل الرياضية الخاصة، وخاصة منها الجامعات الرياضية.
8. وللغرض ينبغي تعديل القانون وذلك بالتنصيص في قانون الهياكل الرياضية على أن النزاعات الرياضية (التي يجب تحديد المقصود منها لاستبعاد النزاعات التي تبقى من أنظار القضاء الرسمي بحكم صفات أطرافها أو بحكم موضوعها، كالمنازعات المتعلقة بقرارات أو أعمال أو أفعال صادرة عن الجهات الحكومية وخاصة منها وزارة الرياضة أو الهياكل الرياضية العمومية) يجب أن يتم حلها بطريق التحكيم لدى مؤسسات تحكيم مؤسسة طبق القانون التونسي(3)، مع الاقتصار على تكريس مبدأ استقلالية مؤسسات التحكيم، ودون إحداث مؤسسة تحكيم بحكم القانون. فقد شهدت بعض البلدان مثل هذه التجربة التي يصعب كثيرا أن تثمر مؤسسات تحكيم ذات صيت وذات مصداقية عالمية.
9. فالأسلم أن ينص القانون على حرية تأسيس مؤسسات التحكيم الرياضي من قبل الأفراد من أشخاص معنويين وأشخاص طبيعيين، بنفس منطق الفصل 10 من مجلة التحكيم، لكن مع وضع شروط تضمن مصداقيتها واستقلاليتها في نفس الوقت ومن أهمها:
• يتم احداث مؤسسة التحكيم الرياضي في شكل جمعية خاضعة لقانون الجمعيات، ولا يمكنها أن تتخذ أي شكل قانوني آخر وخاصة شكل الشركة التجارية أو حتى المدنية، ويُشترط أن ينخرط في الجمعية ما لا يقل عن 30 عضوا؛
• يكون تأسيس الجمعية التي تمارس نشاط مؤسسة تحكيم رياضي بموجب عقد تأسيسي لكن مع التوقيع على كراس شروط يتم إيداعه لدى كل من وزارة الرياضة ووزارة العدل، يتضمن الشروط الموضوعية لتكوين مؤسسات التحكيم الرياضي. ويعتبر التأسيس مكتملا عند استيفاء إجراءات تأسيس الجمعية والحصول على وصل إيداع ملف التأسيس لدى وزارة الرياضة ووزارة العدل. ويجب على الوزارة تسليم وصل الإيداع بمجرد استلام الملف مكتمل الوثائق، لكن يحق لها القيام بدعوى قضائية في حل الجمعية في صورة مخالفتها للقانون؛
• لا يمكن بأي حال من الأحوال احداث مؤسسة تحكيم رياضي من قبل هيكل رياضي واحد، بل يجب أن يكون من أعضاء مؤسسة التحكيم الرياضي عدد من الهياكل الرياضية يشمل 20 جامعات رياضية على الأقل. وبذلك، يجب أن تغطّي كل مؤسسة تحكيم رياضي 20 رياضة على الأقل، بحيث لا تهيمن جامعة رياضية واحدة على مؤسسة التحكيم(4). ويجب أن تكون اللجنة الوطنية الأولمبية عضوا في جميع مؤسسات التحكيم، خلافا للجامعات الرياضية التي لا يجوز أن تكون لها عدة عضويات في أكثر من مؤسسة تحكيم؛
• لا يمكن لأي جامعة رياضية أن تنتمي إلى أكثر من مؤسسة تحكيم واحدة. ويترتب عن هذه العضوية أن جميع النزاعات الرياضية الخاصة بالرياضة التي تشرف عليها تلك الجامعة الرياضية تخضع إلى اختصاص مؤسسة التحكيم الرياضي المشار إليها. لكن يحق للجامعة أن تنهي عضويتها في مؤسسة التحكيم بشرط أن يتضمن قرار الانسحاب منها اختيار مؤسسة تحكيم أخرى تكون في وضعية قانونية أو تكون في طور التأسيس مع تأجيل مفعول الانسحاب إلى حين استكمال تأسيس مؤسسة التحكيم الرياضي التي تكون في طور التأسيس؛
• يجب أن يكون من بين أعضاء كل مؤسسة تحكيم رياضي 20 جامعة رياضية على الأقل، علاوة على أعضاء آخرين من الأفراد (الأشخاص الطبيعيين) والهياكل الرياضية الخاصة بمفهوم قانون الهياكل الرياضية، بما في ذلك اللجنة الأولمبية الوطنية. ويعني ذلك عمليا أنه لا يمكن تأسيس أكثر من مؤسستيْ تحكيم رياضي في تونس بالنظر إلى أن عدد الجامعات الرياضية يقارب 50 جامعة في الوقت الحاضر؛
• لا يمكن أن يكون من بين أعضاء مؤسسات التحكيم الرياضي أي جهة حكومية أو عمومية كوزارة الرياضة أو اللجان البلدية للرياضة أو غيرها. ويهدف هذا الشرط إلى تجنب احداث محكمة خاصة تخالف المعايير العالمية والدستورية في مجال استقلال القضاء، لأن إحداث مؤسسة تدعى مؤسسة تحكيم رياضي من قبل السلطة العامة أو انتماء السلطة العامة إلى مؤسسة تحكيم رياضي يفقدها هذه الصفة ويجعل منها مجرد محكمة خاصة محدثة بقانون خاص؛
• يجب أن يكون لكل مؤسسة تحكيم رياضي مجلس تحكيم رياضي يتكون من عدد من الأعضاء لا يقل عن 04 ولا يزيد عن 06، من غير أعضاء الهيئة المديرة للجمعية ومن غير الأشخاص الذين لا تتلاءم مهامّهم مع صفة محكم، ويتمثل دوره في الاشراف الإداري على إجراءات التحكيم بالاستعانة بجهاز إداري وخصوصا ما يتعلق بتعيين المحكمين واستبدالهم والتجريح فيهم وعزلهم وتحديد قيمة أتعابهم؛
10. وهكذا يضمن القانون مبدأ الحرية الذي هو عماد التحكيم وروحه، لأن التحكيم كما كتب الدكتور عبد الحميد الأحدب "مجموعة حرّيات". كما يضمن حرية المنافسة في مجال التحكيم الرياضي لأنه يمكن احداث أكثر من مؤسسة تحكيم رياضي في البلاد، مع حرية الجامعات في تغيير مؤسسة التحكيم الرياضي التي تخضع لها نزاعاتها، دون أن تكون لها إمكانية الانضواء تحت لواء أكثر من مؤسسة تحكيم رياضي واحدة.
11. ورأي محرر هذه الأسطر أنه يجب أن ينص القانون على أن كل مؤسسة تحكيم رياضي يجب أن تكون لها قائمة محكّمين بها ما لا يقل عن 10 محكمين من غير أعضاء الجمعية ومن غير أعضاء مجس إدارتها (الهيئة المديرة)، وأن تتضمّن القائمة ما لا يقل عن نسبة معينة من المحكمين غير التونسيين (30 بالمائة مثلا)، وذلك لتجنّب الانغلاق على الكفاءات المحلية، وتحقيق اشعاع دولي لمؤسسة التحكيم وضمان درجة من الاستقلالية. ولا شك أن وجود محكمين تونسيين فقط في ظل الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي كان من عوامل المصداقية المبتورة التي كانت لديها، علما بأن هذه القاعدة ترتبط وثيق الارتباط بمسألة الأتعاب واسترجاع المصاريف، لأنه لا يمكن أن نتوقع أن شخصا أجنبيا من ذوي الكفاءة سيقبل بأن يتولى التحكيم في نزاعات رياضية في تونس مجانا ومع تحمل مصاريف التنقل والاعاشة وغيرها. وينبغي وضع شروط دنيا في المحكمين، تتعلّق بالدرجة العلمية والتجربة المهنية في المجال القانوني أو المجال الرياضي، والخلو من السوابق التأديبية والجزائية في المجال الرياضي، وذلك ضمانا للمصداقية والكفاءة.
القسم الثاني: نهاية عصر مجانية عمل المحكمين: إقرار حصول المحكمين على أتعاب تتماشى مع المعايير العالمية لقاء عملهم
12. يتسم التحكيم الرياضي في تونس منذ إحداثه بأن المحكمين يعملون مجانا، ولا يتحصلون على أتعاب ولا حتى على إرجاع مصاريف. وجميع جلسات التحكيم تجرى في مقر الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي، التي تستعين بكاتب واحد أو كاتبين على أقصى تقدير، يقومان بجميع الأعمال والأدوار، ولا يتم تدريبهما بما يكفي على أفضل الممارسات العالمية في مجال التحكيم الرياضي. ولا يتحمل الأطراف سوى المصاريف الإدارية التي لا تتجاوز في مطلق الأحوال 3.000 دينار، أي ما لا يقل عن 1.000 دولار حسب سعر الصرف الحالي، فضلا عن الكلفة الخاصة بكل طرف والتي تشمل خصوصا أتعاب المحامين في صورة الاستعانة بهم.
13. لكن التجربة العملية تبين أنه لا يمكن الجمع بين الحرفية العالية والمجانية والحيادية. فالتجربة تؤكد أنه إذا تمت مطالبة شخص بإنجاز عمل معين بحرفية عالية وإتقان كبير ومسؤولية جسيمة، فإنه إما أن يحصل مقابله على مكافأة مالية مجزية وإما أن يُفتح باب الفساد والإتّجار بالنفوذ أو البحث عن تحقيق مغانم شخصية غير مباشرة، وإما أن يسقط في فخ التهاون والتقصير والإهمال.
14. وللتصدي لهذا الخطر، أو إلى خطر عزوف الأشخاص الأكفاء عن عضوية محكمة التحكيم الرياضي، يقترح إقرار حق المحكم في الحصول على أتعاب تحكيم honoraires d’arbitrage، على أن تتم دراسة هذه المكافآت على ضوء مجمل موارد مركز التحكيم (الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي).
15. ولتنمية موارد الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي، يمكن الاعتماد على المصاريف التي يدفعها الأطراف، والتي يمكن أن يقع تقسيمها إلى: مصاريف إدارية frais administratifs وأتعاب محكمين honoraires. وبهذا، تتطور الموارد المالية لمؤسسة التحكيم المتأتية من إجراءات التحكيم نفسه، بما يساعدها على التخلص من التبعية للجهات الحكومية أو الخاصة.
القسم الثالث: الإصلاحات التقنية الصرفة: مراجعة القواعد التنظيمية للتحكيم الرياضي وتوضيحها
16. يتميز تنظيم الإجراءات التحكيمية في الوقت الحالي بأنه مستوحى بدرجة كبيرة من تنظيم المحاكم، وهي نقطة ضعف هامة باعتبار أن سير إجراءات التحكيم عالميا يكون وفق منوال اجرائي بعيد بدرجة كبيرة عن طريقة عمل المحاكم التونسية، يتسم بدقة التنظيم والاستفادة من التكنولوجيا الحديثة.
17. ويهدف مقترحنا هذا إلى اعتماد آلية التحكيم الالكتروني كآلية رئيسية في عمل هيئات التحكيم، وتنظيم أهم الجوانب المتصلة بذلك. ففي التطبيق، لم يقع اعتماد هذه الآلية إلا في عدد محدود من القضايا، أولها قضية النادي الرياضي الصفاقسي ضد الجامعة التونسية لكرة القدم والنجم الرياضي الساحلي، حيث ضبطت هيئة التحكيم نظام التحكيم الذي سيُعتمد في القضية منذ أولى جلسات التحكيم ووقّع الأطراف الحاضرون على محضر الجلسة (وهو بمثابة وثيقة مهمة تحكيم acte de mission) دلالةً على قبولهم بالترتيبات المدرجة في محضر الجلسة(5). وفي ما عدا ذلك، يبقى استعمال الوسائل الالكترونية أمرا مستشكلا خاصة في صورة غياب الطرف المدعى عليه أو عدم وجود اتفاق على عناوين الكترونية محددة أو على الترتيبات التقنية لتبادل المراسلات المتعلقة بالتحكيم الكترونيا.
الفرع الأول: تكريس التحكيم الالكتروني
18. من حيث المبدأ لا يوجد ما يمنع المحكمين من اعتماد الوسائل الإلكترونية في السير بالإجراءات في ظل نظام التحكيم الحالي. غير أن ذلك يستوجب قبول الأطراف وممثليهم بذلك. ويهدف المقترح إلى تصيير ذلك واجبا على المحكمين والأطراف.
• إلزام كل طرف بالتنصيص على عنوانه الالكتروني المختار في عريضة الدعوى وفي أول تقرير (مذكرة) جواب
19. فبالنسبة للمدعي، يجب أن يكون العنوان الالكتروني من البيانات الوجوبية في عريضة الدعوى التي يترتب عن غيابها بطلان الإجراء. ويمكن استثناء اللاعبين من هذه القاعدة، بحيث يكون ذلك اختياريا، مع أنه استثناء يصعب تبريره في عالم اليوم.
20. وفي ما يتعلق بالمدعى عليه، يجب أن يتضمن أول تقرير جواب عن الدعوى ذكر العنوان الالكتروني "المختار"، مهما كانت طبيعة الدفوع التي يتمسك بها (شكلية، أصلية) وإلا تُستبعد دفوعه.
• تبادل التقارير عبر البريد الالكتروني
21. نرى أن ينص نظام التحكيم على أن يتم تبادل التقارير والمذكرات والوثائق المؤيدة لها في شكل نسخ الكترونية منسوخة بالسكانير أو غيره عبر البريد الالكتروني. ويجب أن تحمل التقارير والمذكرات توقيع من صدرت عنه. وتعتبر الآجال محترَمة إذا تم تبليغ التقرير قبل منتصف الليل من آخر يوم في الأجل حسب توقيت المدينة التي يوجد بها مقر التحكيم، ما لم تقرر هيئة التحكيم أو لم يتفق الأطراف على خلافه.
22. ويتم توجيه التقرير إلى العنوان الإلكتروني لرئيس هيئة التحكيم والعناوين الالكترونية لكل واحد من المحكمين ولكل واحد من ممثلي الطرف المقابل أو الخصوم مهما كان عددهم. ويكون ذلك بالتزامن، أي بنفس المراسلة الالكترونية بشكل يسمح لكل محكم أو طرف بأن يتأكد من أنه تم توجيه نفس المراسلة الالكترونية إلى باقي الأطراف وممثليهم.
• صور اشتراط إلحاق التقرير الإلكتروني بتقرير ورقي
23. لا يوجد مبرر منطقي لمطالبة كل طرف أو محام بأن يوجه نسخة ورقية من أي تقرير أو مذكرة يوجهها إلى باقي الأطراف وإلى هيئة التحكيم. فإرسال هذه النسخ الورقية يترتب عنه تكبُّد مصاريف هامة إذا تم اللجوء إلى خدمات البريد السريع، علاوة على ما يتطلبه من وقت للتّنقل إلى مكتب البريد وتوجيه الإرسالية، حال أن الهدف من اللجوء إلى الوسائل الإلكترونية في التحكيم يهدف إلى اختصار الوقت والتقليص من التكاليف، فضلا عما فرضته جاحة كورونا من ضرورة التقليص من التقارب الجسدي بين الناس، كما أن من يتلقى مراسلة إلكترونية ببضعة أوراق يمكنه طبعها على حسابه، وهو ما يغنيه عن انتظار مراسلة بريدية تقليدية تأتي بعد أيام.
24. لكن، إذا تجاوز التقرير أو المذكرة أو الرسالة عدد من الصفحات التي تحددها هيئة التحكيم أو يتفق عليها الأطراف (25 مثلا)، يجب أن يردف بتوجيه نسخة ورقية إلى مقر هيئة التحكيم وإلى المقر الخاص بكل واحد من المحكمين وكل واحد من ممثلي الخصوم بواسطة البريد السريع أو بواسطة مكتوب مضمون الوصول مع الإعلام بالبلوغ، يتم توجيهه خلال اليوم الموالي لتوجيه التقرير بالوسائل الإلكترونية.
• كيفية تبادل الوثائق والمؤيدات
25. يتم نسخ الوثائق إلكترونيا بواسطة آلة "سكانّير" scanner أو جهاز يقوم بنفس الوظيفة أي بكل وسيلة تمكّن من نسخ الوثيقة بأمانة ودون تحريف. وبذلك يمكن توجيه نسخة الكترونية من الوثيقة مع المراسلة الالكترونية. وليس من الضروري الإدلاء بأصل الوثيقة أو بنسخة قانونية منها في جلسة المرافعة أو قبلها، وتعتبر النسخ الالكترونية كافية بنفسها ما لم تقرّر هيئة التحكيم خلافه لسبب وجيه، وخاصة إن تم طلب ذلك من قبل أحد الخصوم ولاسيما في صورة الدفع بالتزوير.
• سماع الأطراف والشهود عن بعد
26. يتحمّل الطرف الذي يطلب سماع شاهد عن بعد، أي بواسطة الفيديو أو المناظرات الهاتفية vidéoconférence ou visioconférence، تكاليف العملية ويجب أن يكون الطلب معللا وأن يكون موضوع قرار من هيئة التحكيم بالقبول أو بالرفض بحسب الحالة. وفي صورة الرفض تحدد هيئة التحكيم ظروف سماع الشاهد ومكان ذلك. ويجوز تكليف أحد أعضاء هيئة التحكيم بالتنقل إلى أي مكان (كالمستشفى) لتلقّي شهادة أحد الشهود إن اقتضى الأمر ذلك.
الفرع الثاني: إقرار حالات لعدم التلاؤم بين صفة محكم رياضي وصفة مسير رياضي أو سياسي أو حكومي
27. ظلت حلقة الأشخاص المهتمين بالحقل الرياضي في عمومها مغلقة، على الرغم من تمددها البطيء. ولذلك تجد عديد الأشخاص المرسمين بقائمة المحكمين الرياضيين لدى الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي والذين يباشرون في نفس الوقت مهام تسيير رياضي. وينبغي لذلك رفع هذا اللبس الذي يمس من مصداقية الهياكل الرياضية وذلك بإقرار عدم التلاؤم بين صفة محكم رياضي والصفات التالية:
• صفة عضو بالجمعية التي تدير مؤسسة التحكيم الرياضي أو بهيئتها المديرة؛
• صفة مسؤول حكومي سام، وتشمل الوزراء وكتّاب الدولة وكل من له رتبة وامتيازات وزير وأعضاء الدواوين الوزارية والمستشارين بالدواوين الوزارية والديوان الرئاسي؛
• صفة موظّف بوزارة الرياضة من أي رتبة كانت؛
• مسيّر بلجنة مركزية بحزب سياسي؛
• مسير باللجنة الأولمبية الوطنية التونسية أو أحد هياكلها بما في ذلك اللجنة العليا المشرفة على انتخابات الجامعات الرياضية؛
• مسيّر جمعية رياضية؛
• مسيّر جامعة رياضية؛
• مسيّر رابطة رياضية؛
• مسيّر بإحدى الجامعات الرياضية الإقليمية أو الدولية بما في ذلك اللجنة الأولمبية الدولية.
28. وتبعا لذلك، ينبغي على كل شخص يترشح لعضوية قائمة المحكمين بالهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي أن يتخلى عن كل مهمة من نوع ما ذكر. وعليه أن يقدم إلى مجلس التحكيم الرياضي ما يثبت تخليه عن الصفة الأخرى في أجل قدره شهر من تاريخ اختياره بالقائمة. وفي الأثناء لا يجوز تكليفه بأي مهمة تحكيم. فإن لم يقدم ما يثبت التخلّي وزوال الصفة الثانية عنه، يتم شطب اسمه من القائمة وتعويضه بمن يليه.
29. ويرتبط هذا المقترح بفكرة تدعيم الشفافية وذلك من خلال نشر السيرة الذاتية لكل محكم على الموقع الإلكتروني للهيئة الوطنية التحكيم الرياضي مع وجوب ذكر التجارب السابقة في اللعب لفائدة جمعيات رياضية وفي تسيير الجمعيات الرياضية وعضوية باقي الهياكل الرياضية، حتى يتاح لكل معني بالأمر أن يتثبت من مدى توفر شرط الاستقلالية والحياد في ذلك المحكم في صورة تعيينه في قضية ما.
الفرع الثالث: واجب التصريح بالقوادح أو بالاستقلالية حسب الحالة
30. توجب عدة أنظمة تحكيم على المحكم عند تعيينه التصريح باستقلاليته أو بوجود القوادح. فهو ملزمٌ بالتصريح في كافة الأحوال. أما في مجلة التحكيم (الصادرة في 26 أفريل 1993 بموجب القانون عدد 42 لسنة 1993) مثلا فلا ينبغي على المحكم تقديم تصريح إلا إذا وجدت أسباب من شأنها أن تدعو إلى الشك في حياديته. فإن كان يعتبر حسب تقديره الشخصي أنه لا يوجد شيءٌ من ذلك فهو غير مطالب بأي تصريح. وحسب التجربة العالمية فإنه من الأفضل أن يصرح المحكم في كلا الحالتين، لأنه عندما يكون بصدد التوقيع على تصريح بالاستقلالية أي بغياب أن سبب للتجريح فيه، سيسأل نفسه بجدّية إن كان ما يصرح به صحيحا وإن لم يكن هناك ما يستدعي التصريح، وهو ما قد يكون مناسبة لبعض المحكمين لمراجعة تقديرهم للوضع، فيرجحون التصريح ببعض الأمور وتتدعم بذلك الشفافية.
الفرع الرابع: ضرورة وضع حلول واضحة لمعضلات التحكيم متعدد الأطراف (التحكيم المعقد multiparty arbitration/arbitrage multipartite)
31. جرى العمل على اعتبار أن الهيكل الرياضي الذي يتخذ قرارا مّا يكون بالضرورة طرفا في النزاع التحكيمي. وتبعا لذلك، يعتبر اللاعب أو المدرب أو النادي الذي يكون طرفا في الخصومة الأصلية "دخيلا". ومع ذلك فإن ما استقر عليه التطبيق هو أن يقع استدعاؤه للمشاركة في إجراءات التحكيم منذ انطلاقها. وعلى الرغم من أن هذه الأطراف "الدخيلة" غالبا ما لا تنازع في سلامة إجراءات تشكيل هيئة التحكيم رغم أنها لا تقوم بتعيين محكم على غرار طالب التحكيم أو الجامعة المعنية، فإنّ الأمر يظل مستشكلا من الناحية القانونية على الرغم من أن اعتماد نظام قائمة المحكمين المغلقة يحدّ إلى درجة كبيرة من أهميّة الجدال حول شخص المحكّم المختار.
• تحديد صفات الأطراف ومواقعهم في النزاع
32. لا يصحّ اعتبار أن الجمعيات المعنية بالنزاعات الرياضية(6) أو اللاعبين(7) أو المدربين أو غيرهم من أطراف الخصومات الرياضية يمكن اعتبارهم "طرفا دخيلا" أو "غيرًا" un tiers بالنسبة للنزاعات التحكيمية التي تهم حقوقها. فهي طرفٌ أصليٌّ في كل نزاع رياضي يتعلق بحقوقها ويحق لها المشاركة في عملية تعيين المحكمين على قدم المساواة مع باقي الأطراف حتى لا يتم خرق مبدأ المساواة ولا تكون أحكام التحكيم عرضة للإبطال بسبب مخالفة هذا المبدأ الإجرائي الأساسي.
33. إن صفة الدخيل تُحدد بحسب صنف الإجراء وصفة الشخص الأصلية. فحين يتعلق الأمر بطريقة طعن في حكم سابق الصدور فإن رفع الطعن ضد بعض الخصوم ثم "إدخال" البعض منهم في مرحلة لاحقة لا ينفي عنه صفة الخصم الأصلي في النزاع. والواقع أنه رغم الإقرار بأن التحكيم على معنى مجلة التحكيم هو قيام أصلي فإن هذا لا يحل إشكاليات التحكيم الرياضي حيث إن المحكم ينظر في النزاع بعد صدور قرار ابتدائي الدرجة ثم قرار استئنافي (باستثناء بعض الأصناف الاستثنائية من النزاعات التي يمكن أن تُرفع رأسا إلى التحكيم)، وهو ما يعني أن الأمر إنما يتعلق بطريقة طعن. ومعلوم أن الطعن إذا شمل بعض أطراف الخصومة الصادر فيها الحكم المطعون فيه دون بعض، فإن إلحاق هؤلاء الأطراف بالنزاع بعد ذلك لا يجعل منهم "دخلاء" بالمفهوم الاعتيادي للإدخال، بل يبقي لهم على صفة الطرف الأصلي.
34. ثم إنه وباعتبار أن التحكيم الرياضي وإن كان طريقة طعن لا دعوى مبتدئة فإنه يخضع إلى نفس القواعد الاعتيادية في تشكيل هيئة التحكيم كما تنص عليها مجلة التحكيم. وعليه فإن الخصم الأصلي الذي يقع إلحاقه بإجراءات التحكيم بعد رفع الطعن لأول وهلة ينبغي أن يعامل بالرجوع إلى صفته الأصلية في النزاع كخصم من الخصوم الأصليين، وبالتالي يجب أن تكون له كافة حقوق الأطراف.
35. ويترتب عن ذلك وجوب وضع نظام لتعيين المحكمين في صورة التحكيم متعدد الأطراف arbitrage multipartite خاصة أن مجلة التحكيم لا تتضمن قواعد في الغرض، وأن الاجتهاد القضائي التونسي ظل مضطربا في ما يتعلق بالتعامل مع هذه المعضلة التي استوجبت تعديل نظام تحكيم غرفة التجارة الدولية ونظام تحكيم اليونسترال سنة 2010.
• وضع نظام خاص لتعيين المحكمين في صورة التحكيم متعدد الأطراف
36. إذا كان للتحكيم طرفان فقط، يتم التعيين وفق القواعد التقليدية المضمنة في نظام التحكيم في صيغته الحالية، أي أن يعين كل طرف محكم ثم يعين مجلس التحكيم الرياضي رئيس هيئة التحكيم. وإذا كان عدد الأطراف ثلاثة، لا يمكن العمل بنظام التعيين المذكور كما لا يمكن القبول بأن يتولى كل طرف تعيين محكم من جهته، لأنه سيكون من المتعذر عندئذ تحديد من سيتولى رئاسة هيئة التحكيم، ولا يعقل أن يتحول محكم أحد الأطراف إلى رئيس لهيئة التحكيم. وإذا تم التفكير في إضافة محكم آخر لرئاسة هيئة التحكيم فإنه سيصبح محكما رابعا بما يعني إجراء التحكيم بواسطة محكمين عددهم شفْعٌ pair وهو أمر غير مستحسن بالنظر إلى أحكام مجلة التحكيم من جهة أولى، وإلى ما يطرحه من صعوبات في صورة تعادل الأصوات داخل هيئة التحكيم. ولذلك سيستوجب الأمر تعيين محكم خامس لرئاسة هيئة التحكيم، وهو ما سيؤدّي إلى ثقل في عمل هيئة التحكيم وصعوبة في تنظيم عملها، فضلا عن زيادة كفة التحكيم بشكل كبير في صورة الأخذ بفكرة إقرار حصول المحكمين على أتعاب بمبلغ يتم تحديده على ضوء جدول يتضمنه نظام التحكيم، لا يختلف عن جداول أتعاب المحكمين المعتمدة لدى مؤسسات التحكيم التجاري و/أو لدى مؤسسات التحكيم الرياضي الأجنبية.
37. ويزداد الأمر تعقيدا في صورة التحكيم بأربع أطراف فأكثر، حيث يمكن أن يشلّ هذا التحكيم حياة المؤسسة التحكيمية بكاملها إذا قام كل طرف بتعيين محكم من جهته. كما لا يمكن إجبار بعض أطراف النزاع على أن يقوموا بتعيين مشترك لمحكم واحد، خاصة أن مصالحهم يمكن أن تكون متضاربة، ولا جدوى من منحهم فرصة للتعيين المشترك ثم العدول عن ذلك في صورة الفشل. فالأَوْلَى هو أن يتم المرور مباشرة إلى حلّ عملي لا ينتهي إلى تشكيل هيئة تحكيم بسبعة محكمين أو تسعة أو أكثر من ذلك.
38. لذلك نقترح اعتماد النظام الآتي في التعيين في صورة تعدّد أطراف التحكيم:
• يجب على كل واحد من الأطراف أن يقدم إلى رئيس مجلس التحكيم الرياضي قائمة في ثلاثة أسماء يقترحها من بين أعضاء قائمة المحكمين المعتمدين لدى الهيئة، وذلك خلال ثلاثة أيام من تاريخ تسجيل الطعن لدى الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي.
• يتثبت مجلس التحكيم الرياضي من الأسماء المقترحة ويعتبر أن كل اسم اقترحه جميع الأطراف يعتبر معيَّنا باتفاقهم جميعا.
• يتولى مجلس التحكيم الرياضي بنفس المناسبة استكمال تركيبة هيئة التحكيم بتعيين باقي المحكمين. ويعني ذلك أنه إذا لم يوجد اتفاق على أي محكم، يعين مجلس التحكيم الرياضي كافة المحكمين.
• إذا كانت الأسماء الثلاثة محل إجماع من قبل جميع الأطراف، يقرر مجلس التحكيم الرياضي أيّهم يكون رئيسا لهيئة التحكيم. وفي غير ذلك من الصور يقرر المجلس استكمال تركيبة هيئة التحكيم ويحدد من يكون رئيسا لها.
• وضع نظام خاص لتوحيد (ضمّ) القضايا التحكيمية إذا اتّحد موضوعها consolidation
39. ويهدف هذا المقترح إلى الاقتداء بأنظمة التحكيم الحديثة التي تقتضي ضرورة ضم القضايا التحكيمية ودمجها في قضية واحدة إذا تعددت الطعون أو القضايا في نفس الموضوع وبين ذات الأطراف، وذلك لتجنب تضارب الأحكام التحكيمية.
40. وفي إطار التحكيم الرياضي يتمثل الأمر في تخويل مجلس التحكيم الرياضي اتخاذ قرار بضم عدة قضايا تحكيمية في قضية واحدة ومراجعة تركيبة هيئة التحكيم إذا اقتضى الحال ذلك بغاية دمج الملفات والبتّ فيها من قبل هيئة تحكيم واحدة يتساوى الأطراف في تعيين أعضائها.
الفرع الخامس: تطوير دور مجلس التحكيم الرياضي وتوضيحه
41. يلعب مجلس التحكيم الرياضي دورا هاما ينبغي تطويره وتوضيحه كما يلي:
• في اختيار المحكمين
أ. تعيين باقي المحكمين الذين لم يعينهم الأطراف
42. ويكون ذلك وفق ما تم بيانه، ويمكن أن يصل الأمر إلى تعيين جميع المحكمين الثلاثة إذا لم يتفق الأطراف على أي محكم بالإجماع بينهم خلال الأجل.
ب. سلطة إقرار إجراء التحكيم بمحكم وحيد
43. بالنسبة للنزاعات الصغيرة أو التي يوجد بشأنها اجتهاد مستقر (فقه قضاء تحكيمي راسخ)، لا جدوى من تعيين ثلاثة محكمين ويمكن للمجلس بقرار منه أو بطلب من الطرفين تعيين محكم وحيد. ويتم إعلام الأطراف بذلك منذ تلقي مطلب التحكيم.
• مراجعة صياغة حكم التحكيم من قبل جهاز مختص
44. على غرار مراكز التحكيم الكبرى مثل غرفة التجارة الدولية وغرفة التجارة بميلانو...، يُقترح أن يقوم موظفو سكرتارية مؤسسة التحكيم تحت إشراف مجلس التحكيم الرياضي بمراجعة حكم التحكيم قبل التأشير عليه. ويقوم الكاتب العام لمؤسسة التحكيم بإصدار رأي كتابي حول الإخلالات الشكلية التي يعاينها في حكم التحكيم. ويقتصر ذلك على الإخلالات الشكلية وخاصة منها نقص التعليل أو تناقضه أو السهو عن التعليل أو عن البت في بعض فروع الدعوى.
45. ولذلك يُمنع على أي محكم وعلى كتابة الهيئة الإعلان عن الحكم قبل الكاتب العام.
46. ولا يحق لمجلس التحكيم الرياضي أو للكاتب العام لمؤسسة التحكيم أو لغيره التدخل في وجه الفصل في النزاع.
47. غير أن إقرار هذا الدور لمجلس التحكيم الرياضي يتطلب درجة من التفرغ ووجود إطارات قارة بإدارة الهيئة لها تكوين معمّق في قانون التحكيم وأفضل الممارسات العالمية وفي مادة الإجراءات المدنية والتجارية بوجه عام حتى تقوم بمساعدة المجلس في هذه المهمة.
الفرع السادس: عدم إلزام المحكّمين بإعلام الأطراف بموعد "التّصريح" بالحكم"
48. باعتبار أن التحكيم ليس علنيا ولا يتم التصريح بالأحكام التحكيمية في جلسات علنية، يجري العمل لدى مراكز التحكيم العريقة وحتى في التحكيم الحر وخصوصا في ظل نظام تحكيم اليونسترال على أنه بعد جلسة المرافعة وتلقّي الملحوظات الختامية، يقع إعلام الأطراف بختم كافة إجراءات الاستقراء والمرافعات، لكن دون التصريح بموعد محدد لإصدار الحكم. ويمكّن ذلك هيئة التحكيم من النظر بتأنٍّ في الحكم بحسب ما تقتضيه المرافعة وبتجنب ضغط الأطراف ووسائل الإعلام. ويعتبر تاريخ حكم التحكيم هو تاريخ توجيه نسخة من الحكم إلى كل طرف date of dispatch to the parties.
الفرع السابع: فرض طريقة للتوصل إلى أغلبية لإصدار حكم التحكيم في صورة الشقاق بين المحكمين
49. يمكن أن يصل المحكمون إلى وضعية يتعذر فيها صدور حكم التحكيم. وفي هذه الحالة يمكن اتباع نظام مجلة التحكيم (يصدر رئيس هيئة التحكيم الحكم طبق رأيه) غير أن هذا الحل لا يخلو من مساوئ وخاصة منها إضعاف موقف رئيس هيئة التحكيم تجاه الرأي العام الرياضي. ويمكن بدلا عن ذلك اتباع نظام مجلة المرافعات المدنية والتجارية (انضمام أقل المحكمين سنا أو أقدمية في مجال التحكيم الرياضي إلى أحد الرأيين) أو اعتبار أن رئيس هيئة التحكيم هو محكّمٌ مرجّحٌ surarbitre وبالتالي فإنه عند الخلاف الكامل يقتصر على ترجيح رأي أحد المحكمين المعينين مباشرة من الأطراف. وهذا الحل أسهل تطبيقا باعتبار أنه يغني عن البحث في الأقدمية، التي ترتبط بمفهوم المسار المهني carrière. وهو يتماشى مع الدور الأصلي للمحكم الثالث في تطور التحكيم الحديث.
الفرع الثامن: الاقتداء بالفصل 36 من مجلة التحكيم في خصوص شرح حكم التحكيم وإتمامه وإصلاحه
50. يهدف هذا المقترح إلى وضع قواعد تنظم مسألة شرح حكم التحكيم أو إتمامه أو إصلاح ما يعتوره من أخطاء مادية أو أخطاء في الحساب. وينبغي لذلك وضع أجل معقول للقيام بهذه الأمور، مع التنصيص على أنه يمكن القيام بها بطلب من أحد من الأطراف أو بصفة تلقائية. ويشمل اتمام حكم التحكيم خصوصا حالات إتمام تعليل الحكم وأيضا البت في الطلبات الشكلية أو الثانوية مثل أجرة المحاماة أو تحديد من تحمل عليه المصاريف. لكن ينبغي التحوّط من هذه المسألة حتى لا يصبح الأمر بمثابة فتح الباب أمام تغيير حكم التحكيم أو تحريفه.
51. كما ينبغي التنصيص على أن قرارات الشرح أو الإصلاح تصدر دون حاجة إلى جلسات مرافعة. أما إتمام حكم التحكيم فالأفضل أن لا يكون إلا بعد الاستماع إلى مرافعة الخصمين، تجنبا لتحريف الحكم أو الذهاب إلى أبعد من مجرد الاتمام المقصود بالفصل 36 من مجلة التحكيم.
القسم الرابع: تنقيح بعض أحكام القانون الداخلي في التشريع الوطني
52. يهدف هذا المقترح إلى تعديل الفصل 42 من مجلة التحكيم، الذي لا يجيز التخلّي عن حق طلب إبطال حكم التحكيم والذي يعني أن جميع أحكام التحكيم الرياضي الصادرة عن الهيئة قابلة للإبطال، بما يعني أن النزاع يمكن أن يستوجب سنتين على الأقل ليتمّ البت فيه نهائيا (استئناف وتعقيب). وينبغي اعتماد صيغة مماثلة لصيغة الفصل 78(6) من مجلة التحكيم مع حذف الشرط المتعلق بأنْ يكون أطراف التحكيم غير مقيمين وليس لهم محل عمل بالبلاد التونسية.
53. ويمكن أن يقتصر هذا الأمر على النزاعات الرياضية غير المالية (أي التأديبية أو المتعلقة بتنظيم المسابقات الرياضية). وبالتالي يمكن أيضا أن يتمثل التعديل التشريعي في وضع استثناء إضافي لمبدإ عدم جواز التخلي عن الحق في طلب الإبطال.
54. وتجدر ملاحظة أن اقتراح تعديل الفصل 42 من مجلة التحكيم ينبغي أن يكون في إطار حزمة من الإصلاحات، لا كتعديل معزول. ويمكن إما أن يكون ذلك في إطار مقترح تنقيح قانون الهياكل الرياضية، أو في إطار اقتراح لتعديل مجلة التحكيم بكاملها، لمواكبة التعديلات التي أدخلت على القانون النموذجي لليونسترال (1985) بعد تعديلات سنة 2006 وتعديل نظام تحكيم اليونسترال (2010).
القسم الخامس: تنقيح القوانين الأساسية لأهم الهياكل الرياضية
55. تبعا لتعديل مجلة التحكيم، ينبغي أيضا تنقيح القوانين الأساسية للهياكل الرياضية الخاصة حتى يتم ضمان الانتهاء من النزاعات الرياضية التي لها تأثير على سير المسابقات الرياضية وعلى المسيرة الرياضية للاعبين في أسرع وقت، حتى لا تتعطل الحياة الرياضية بسبب نزاع طال نشره وتعقدت مراحله وتعاقبت.
الفرع الأول: تعديل القانون الأساسي للجنة الأولمبية الوطنية التونسية
56. إن الغاية من التعديل المقترح هي تكريس الاستقلالية الكلّية للهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي عن جميع الهياكل والجهات التي يمكن أن تكون يوما في وضع المتقاضي أمامها، بما في ذلك اللجنة الأولمبية الوطنية التونسية. ولهذا الغرض، يتمثل الحل المثالي في حذف الأحكام المتعلقة بالهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي من القانون الأساسي للجنة الأولمبية الوطنية التونسية.
57. ويجب أن تكون اللجنة الأولمبية عضوا في جميع مؤسسات التحكيم الرياضي، وأن يكون لها تعيين عضو واحد في مجلس التحكيم الرياضي، بحيث يكون لها موضع قدم هام في كل مؤسسات التحكيم الرياضي لكن دون أن تكون من بين هياكلها. ومبرر ذلك بالأساس هو أن اللجنة الأولمبية نفسها تعدّ من بين المتقاضين الذين يمكن أن تتم مقاضاتهم أمام محكمة التحكيم الرياضي، وقد وقع ذلك في الماضي في مناسبتين، وهذا الرقم قد ينمو مع اقتراب الانتخابات أو بوقوع أي أمر طارئ.
58. وفي صورة إحداث مراكز تحكيم رياضي مستقلة، تكون مواردها متأتية من: مساهمات الأعضاء (بمن فيهم اللجنة الأولمبية) والتمويل العمومي طبق الفصلين 36 و37 من المرسوم عدد 8 لسنة 2011 والمصاريف الإدارية وأتعاب المحكمين، التي يدفعها الأطراف بمناسبة رفع قضية أمام المركز والتي ينبغي التذكير بأنها مصاريف تحكيم وليست من قبيل خطية الطعن على معنى مجلة المرافعات المدنية والتجارية والتي يقضى بإرجاعها إلى الطاعن إن أفلح في طعنه. فهذه المصاريف الإدارية والأتعاب تستخلص بصفة نهائية وإنما يقضى لفائدة من دفعها باسترجاعها من خصمه في صورة صدور الحكم لفائدته. ويتم تنفذيها تحت طائلة تعليق عضوية الطرف المتلكئ عن الدفع وتجاوز أجل معين للدفع (شهران مثلا).
الفرع الثاني: تعديل الأنظمة الأساسية لكافة الجامعات الرياضية
59. باعتبار أن اللجنة الأولمبية الوطنية التونسية معنية بعدد محدود من التحكيمات فإن الهدف الرئيسي من التنقيح يتمثل في إقرار وجوبية تنازل كافة أعضاء الجامعات الرياضية ومنظوريها ومسيريها (بمن في ذلك المدربين والحكام) وأعضاء الرابطات ومسيريها ومنظوريها عن حق الطعن بالإبطال في أحكام التحكيم الصادرة في المادة الرياضية في ظل الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي.
60. وتستثنى من ذلك النزاعات المالية والنزاعات المتعلقة بتنقلات اللاعبين والمدرّبين، والتي لا يطالها التنازل عن حق الطعن، ومن ثمة تظل الأحكام التحكيمية المتعلقة بها قابلة للإبطال وخاصة لقاعدة عدم جواز التنازل عن حق الطعن بالإبطال كما هي مكرسة بالفصل 42 من مجلة التحكيم في صيغتها الحالية.
61. وإلى جانب جميع ما ذُكر، يجب إقرار وجوبية نشر كافة أحكام التحكيم الرياضي دون استثناء على الموقع الالكتروني لمؤسسة التحكيم الرياضي، على أن يتم نشر الحكم كاملا بما في ذلك تعليله الواقعي والقانوني، وعدم الاقتصار على نشر منطوق الحكم كما جرى به العمل لفترة من الزمن.
خاتمـة
62. إن الغاية التي نراها جديرة بالاعتبار هي أن يتم احداث مؤسسة تحكيم واحدة أو مؤسستي تحكيم رياضي في تونس، بطريقة حرة وبكامل الاستقلالية، حتى تتولى البت في قضايا التحكيم الرياضي بنفس درجة الاحترافية والمهنية التي توفرها مؤسسات التحكيم الرياضي الدولية والإقليمية، وبكلفة معقولة لا تكون منخفضة فتشجع على اللجاجة والخصومة، ولا تكون مشطة فتصبح عائقا يؤدي إلى انكار العدالة، وإنما تكون بين ذلك وسطا. والوضع المثالي في راينا هو أن يتم احداث مؤسستي تحكيم تكونان بالضرورة منفتحتين على العالم الخارجي، وتتنافسان فيما بينهما، بما يتيح للجامعات الرياضية الاختيار بينهما، بما يمكن أن ينشئ مناخا إيجابيا تستفيد منه منظومة العدالة الرياضية.
هذا ما أوصلنا إليه اجتهادنا، والله الموفّق.
أحمد الورفلّي
محام ومحكم
(الورفلّي محامون ومستشارون)
تونس في 28 أكتوبر 2022
(1) في البداية، أُحدثت "هيئة الاحتكام للرياضة"Comité des Recours des Sports بموجب الأمر عدد 148 لسنة 1966 الصادر في 4 أفريل 1966، ثم عوّضتها "هيئة المحكمين الرياضية" بموجب أحكام الباب الخامس من القانون عدد 104 لسنة 1994 المؤرخ في 3 أوت 1994 المتعلق بتنظيم وتطوير التربية البدنية والأنشطة الرياضية. وفي ظل هذا القانون، اعتبرت المحكمة الإدارية أنّ الطبيعة الإدارية لهذه الهيئة تجعلها ذات اختصاص للبتّ في الطعون المرفوعة في المادة الرياضية، خاصة أن الأمر يتعلق بإدارة المرفق العام الرياضي (المحكمة الإدارية، تعقيب عدد 18420، قرار بتاريخ 5 أفريل 2002، النجم الرياضي الرادسي ضد هيئة المحكمين الرياضية، غير منشور، نقله سالم القدر في مقاله: "المرفق العام الرياضي"، منشور ضمن كتاب جماعي: "أعمال مهداة إلى العميد مصطفى الفيلالي"، تونس 2010، ص. 363. أنظر أيضا قرار المحكمة الإدارية الصادر في 17 ماي 1999 في القضية عدد 4178، الهلال الرياضي وغيره ضد هيئة المحكمين الرياضية، نقله عبد الرزاق بن خليفة في كتابه: " إجراءات النزاع الإداري. القانون وفقه القضاء"، ط. إسهامات في أدبيات المؤسسة، تونس، ص. 34. ويراجع كذلك، قرار المحكمة الإدارية الصادر في 29 جانفي 1999، قضية عدد 17038، المكارم الرياضية بالمهدية ضد وزير الشباب والرياضة، وقرارها عدد 16426 بتاريخ 29 جانفي 1999، المكارم الرياضية بالمهدية ضد وزير الشباب والرياضة وهيئة المحكمين الرياضية، غير منشورة، نقلها سالم القدر في مقاله السابق الذكر، ص. 363)، وذلك بشرط أن يقع الطعن فيها قبل ذلك أمام هيئة المحكمين الرياضية (المحكمة الإدارية، قضية عدد 17542، استئناف ب، قرار بتاريخ 17 ديسمبر 1999، العمري ضد وزير الشباب والرياضة، والقضية عدد 17284 بتاريخ 20 فيفري 2001، استئناف ب، شرف الدين ضد رئيس الجامعة التونسية لكرة السلة، نقلها عبد الرزاق بن خليفة، مرجع سابق، ص. 35). واثر ذلك تمّ إحداث الهيئة الوطنية للتحكيم الرياضي بموجب تنقيح القانون الأساسي للجنة الأولمبية الوطنية التونسية في 5 مارس 2010، حيث عوّضت الهيئات الإدارية المحدثة بموجب التشريعات السابقة، على أساس أن تكون "الهيكل المشرف على فض النزاعات الرياضية عن طريق التحكيم الرياضي" (الفصل 43 من القانون الأساسي للجنة الأولمبية الوطنية التونسية كما تم تنقيحه في الجلسة العام الخارقة العادية المنعقدة في 5 مارس 2010).
(2) https://www.tas-cas.org/fileadmin/user_upload/Communication_du_TAS_aux_medias_8986.pdf
(3) علما بأنه لا يوجد أي نص قانوني تونسي يبين الشكل القانوني المشترط في مؤسسات التحكيم ولا شروط تأسيسها.
(4) سبق في بعض لبلدان مثل البرازيل احداث مؤسسات تحكيم رياضي تابعة لجامعة معينة، كما هو شأن الاتحاد البرازيلي لكرة القدم. غير أن هذه المؤسسات لا تستجيب لمعايير الاستقلالية. وهو خيار ينبغي تجنّبه.
(5) حكم تحكيمي صادر في 7 مارس 2014، منشور بموقع إذاعة شمس ف.م. (أنظر خصوصا الصفحة 4، الفقرات 10-12):
http://www.shemsfm.net/uploads/FCK_files/finalpdf.pdf
(6) أنظر مثلا قضية النادي الرياضي الصفاقسي ضد الجامعة التونسية لكرة القدم و(الدخيل) النجم الرياضي الساحلي، قضية عدد 177، حكم تحكيمي سابق الذكر صادر في 7 مارس 2014.
(7) أنظر مثلا الحكم التحكيمي الصادر في قضية النادي الرياضي الصفاقسي ضد الجامعة التونسية لكرة القدم والنادي الرياضي لحمام الأنف و(الدخيل) النجم الرياضي الساحلي، قضية عدد 96/2012، حكم تحكيمي صادر في 12 مارس 2012، منشور بمجلة التحكيم العالمية.
- اكتب تعليق
- تعليق