ماهي العشر نزاعات التي يجب مراقبتها في سنة 2021 حسب روبرت مالي؟
من المنتضر أن تأثر التراكمات القديمة التي لم يتم تسويتها على مجريات العام الجديد.
من بين هذه الرواسب نذكر: Covid-19، والركود الاقتصادي، والسياسات الأمريكية المتقلبة، والحروب المدمرة التي لم توقفها الدبلوماسية.
هذا ما يستعرضه رئيس مجموعة الأزمات روبرت مالي وترجمه إلى العربية الـباحث في الشؤون السياسية والدولية الدكتور رياض الشعيبي
فإذا قمنا بمناظرة لتحديد الحدث ذو الأثر الأقوى، والأبعد مدى على السلام والأمن العالميين خلال عام 2020، فسيكون المجال مزدحمًا.
فلقد كان عامًا حافلًا بالأحداث، بدءًا من جائحة الفيروس التاجي إلى التأثير المتزايد لتغير المناخ، وسياسات الأرض المحروقة التي انتهجتها إدارة ترامب بعد انتخاب جو بايدن، والحرب الأذربيجانية الأرمنية على ناغورنو كاراباخ، والصراع الدامي في منطقة تيغراي الإثيوبية. في عام 2021، سيتعامل العالم مع العواقب، ويتفحّص الركام.
لنبدأ بـ كوفيد 19 وذيله الطويل. عندما اندلع الوباء لأول مرة، خشي الكثير - بمن فيهم أنا - من أن يكون له عواقب فورية ومدمرة على البلدان النامية، لا سيما تلك التي تواجه صراعات مميتة. ورغم أن العديد من البلدان ذات الدخل المنخفض تضررت بشدة، فإن أخرى لم تكن كذلك. لقد عانى النشاط الدبلوماسي، والوساطات الدولية، وبعثات حفظ السلام، والدعم المالي للفئات الضعيفة من السكان. لكن من المشكوك فيه ما إذا كان كوفيد 19 قد أثر بشكل كبير على مسار الحروب الكبرى، سواء كانت في أفغانستان أو ليبيا أو سوريا أو اليمن أو في أي مكان آخر.
أمّا العواقب الأطول أمدًا فهي مسألة مختلفة. إذ أدى هذا الوباء إلى نشوء أزمة اقتصادية عالمية لم يسبق لها مثيل منذ الحرب العالمية الثانية، مع دفع 150 مليون شخص إضافي إلى ما دون خط الفقر المدقع. ورغم أن مستويات الدخل لا ترتبط ارتباطاً مباشراً بالصراعات، فإن العنف يصبح أكثر ترجيحاً أثناء التقلبات الاقتصادية.
ففي السودان ولبنان وفنزويلا، على سبيل المثال لا الحصر، يمكن للمرء أن يتوقع زيادة عدد العاطلين عن العمل، وانهيار الدخل الحقيقي، ومواجهة الحكومات صعوبات متزايدة في دفع رواتب لقوات الأمن، واعتماد عامة السكان بشكل متزايد على دعم الدولة في في وقت تكون فيه الدول أقل استعدادًا لتوفيرها.
الخطوط التي تفصل بين عدم الرضا الاقتصادي والاضطرابات الاجتماعية، والاضطرابات الاجتماعية عن اندلاع العنف، قليلة للغاية. كما أنه من غير المحتمل أن تخصص الولايات المتحدة أو أوروبا أو المانحون الآخرون القدر اللازم من الاهتمام أو الموارد على مستوى هام ومستمرّ للصراعات الإقليمية البعيدة؛ بينما يواجهون الخراب الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في الداخل.
يأتي بعد ذلك تغير المناخ، الذي لا يعتبر ظاهرة جديدة ولكنه ظاهرة متسارعة لها تأثير ملحوظ بشكل متزايد على الصراع. صحيح أن سلسلة العلاقات السببية مواربة، وغالبًا ما تلعب ردود الفعل السياسية على أنماط الطقس القاسية دورًا أكبر من الأنماط نفسها. ومع ذلك، مع زيادة موجات الحرارة المتكررة والأمطار الشديدة، فإن العديد من الحكومات تتعرض لضغوط أكبر للتعامل مع انعدام الأمن الغذائي، وندرة المياه، والهجرة، والتنافس على الموارد. هذه هي السنة الأولى التي تدخل فيها المخاطر العابرة للحدود الوطنية على قائمة النزاعات لدينا، حيث يمتد العنف المرتبط بالمناخ من منطقة الساحل إلى نيجيريا وأمريكا الوسطى.
في هذه الأثناء، اقتربت الولايات المتحدة - التي تعيش استقطابا، وعدم الثقة في مؤسساتها، والمدجّجة بالسلاح، والممزقة بسبب الانقسامات الاجتماعية والعرقية العميقة، والتي يقودها رئيس مثير للانقسام بشكل متهور - من أزمة سياسية لا يمكن السيطرة عليها، أكثر من أي وقت في تاريخها الحديث. فبينما نجت البلاد ممّا هو أسوأ، أمضى الرئيس دونالد ترامب أسابيعه الأخيرة في منصبه يتحدى شرعية الانتخابات وبالتالي خليفته، وعلى ما يبدو عازمًا على عدم مساعدة الرّئيس المنتخب بايدن للتّعامل مع الوضعية الفوضوية التي سيرثها.
فلقد حول ترامب الحقد السياسي إلى شكل فني دبلوماسي، وفخخ الحقل للرجل الذي سيحل محله، بفرض مجموعة من العقوبات على إيران بهدف بالكاد هو مخفي، يتمثل في إعاقة جهود بايدن لإحياء الاتفاق النووي معها. كما أعرب عن اعتراف الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية في تبادل غير لائق مع قرار المغرب بتطبيع العلاقات مع إسرائيل. وأمر بسلسلة من عمليات الانسحاب العسكري الأمريكي، في اللحظة الأخيرة، من الصومال وأفغانستان والعراق.
فتمكن من إعطاء سمعة سيئة للسياسات التي يحتمل أن تكون معقولة، من خلال التصرف بشكل سريع وبدون تنسيق أو استشارة أصحاب المصلحة المحليين الرئيسيين. إذ هناك أسباب كثيرة لتشجيع علاقات أفضل بين الدول العربية وإسرائيل، لكن لا أحد يفعل ذلك بطريقة تتجاهل القانون الدولي. كما توجد كل الأسباب لإنهاء تورط أمريكا اللانهائي في الحروب الخارجية؛ لكن لا أحد بإمكانه القيام بذلك بطريقة تقلل من قدرة الرئيس القادم وتضيّق الحيز المتاح له للمناورة.
كان انتخاب بايدن سبباً في تداخل الأمل مع الواقعية، إذ يمكن التراجع عن بعض الأضرار التي سببها سلفه بسهولة نسبية. لكن الفريق الجديد قد يجد انطباعا، تصعب إزالته، بوجود عملاق غريب الأطوار وغير جدير بالثقة. فمن خلال التنمر على الحلفاء التقليديين وتمزيق الاتفاقات الدولية، اعتقد ترامب أنه كان يستعرض قوته؛ لكنه في الواقع كان يُظهر عدم مصداقيته. فعندما ينوي بايدن التفاوض من جديد مع إيران وربما كوريا الشمالية، أو تشجيع التسوية في اليمن أو فنزويلا، أو العودة إلى دور أقل تحيزا في الشرق الأوسط، سوف يتعثر بذكريات الرجل الذي جاء قبله؛ فما الذي كان يمكن أن يحصل بعد ذلك - خاصة لو ظلت نفس السّلطة طوال الدورة الانتخابية التالية في الولايات المتحدة ؟!
قد تكون الآثار الأخيرة لسنة 2020 الأكثر شؤمًا. فلقد ألحقت الأشهر الأخيرة من العام ضررا خطيرا بالقول المأثور للدبلوماسيين وصناع السلام من أنه لا يوجد حل عسكري للصراع السياسي. نقول ذلك للأرمن، الذين أُجبروا في مواجهة القوة النارية الأذربيجانية المتفوقة على التخلي عن الأراضي التي سيطروا عليها لمدة ربع قرن؛ وللتيغراي الإثيوبيين، الذين وعدت قيادتهم بمقاومة مطوّلة ضد تقدم القوات الفيدرالية، فقط لترى تلك القوات تتجمع في العاصمة الإقليمية ميكيلي في غضون أيام. نقول ذلك، في هذا الصدد، للروهينجا الذين أجبروا على الفرار من ميانمار في عام 2017؛ للفلسطينيين الذين بقوا لاجئين أو تحت الاحتلال منذ هزيمة 1967 العربية؛ أو للشعب الصحراوي الذي تم القضاء على تطلعاته لتقرير المصير من قبل القوات المغربية ورئيس الولايات المتحدة الذي مارس المقايضة؛ (نقول لكل هؤلاء) لطالما كان هناك اعتقاد أساسي بين صانعي السلام أنه في غياب حلول سياسية أكثر إنصافًا، فإن المكاسب العسكرية تميل إلى أن تكون هشة. فمثلما لم ينس الأذربيجانيون أبدًا الإذلال الذي حدث في أوائل التسعينيات، كذلك سيسعى الأرمن إلى محو إهانة عام 2020. وإذا لم يتم التعامل مع مظالمهم، فسيقاوم العديد من التيغراي ما قد يعتبرونه حكمًا غريبًا. كما لن تعرف إسرائيل الأمان الحقيقي طالما يعيش الفلسطينيون تحت احتلالها. لكن هذا المعتقد الأساسي يتعرض للهجوم ويصبح من الصعب التمسك به.
عاش العديد من الأشخاص في جميع أنحاء العالم العام الماضي باعتباره عامًا مروعًا، ينتظرون بفارغ الصبر نهايته. ولكن كما تشير قائمة النزاعات التي يجب مراقبتها فيما يلي، فإن ظلالها الطويلة ستستمر. قد يكون عام 2020 عامًا يجب نسيانه، ولكن من المحتمل، وللأسف، أن يستمر في تذكيرنا بها.
1. افغانستان
على الرغم من التقدم الضئيل والمهم في محادثات السلام، قد تسوء أمور كثيرة في أفغانستان في عام 2021.
فبعد ما يقرب من عقدين من القتال، وقّعت الحكومة الأمريكية اتفاقًا مع متمردي طالبان في شهر فيفري. اذ تعهدت واشنطن بسحب قواتها من أفغانستان مقابل تعهدات طالبان بمنع الإرهابيين من استخدام البلاد للقيام بعمليات والدخول في محادثات مع الحكومة الأفغانية.
استغرقت محادثات السلام الأفغانية بعض الوقت قبل أن تبدأ. فقد مدّدت الحكومة لمدة ستة أشهر عملية تبادل أسرى كانت الولايات المتحدة قد وعدت بها طالبان - إطلاق سراح 1000 من القوات الحكومية أو المسؤولين الذين احتجزتهم طالبان مقابل 5000 مقاتل من طالبان. الأمر الذي اعتبرته كابول غير متوازن. فردّ المتمردون، الذين تراجعت في البداية وتيرة تفجيراتهم الانتحارية واعتداءاتهم على المدن والبلدات، على التأخير بتصعيد الهجمات والاغتيالات.
وفي نهاية المطاف، بدأت المفاوضات في الدوحة منتصف شهر سبتمبر؛ لكن استغرق الجانبان حتى شهر ديسمبر للاتفاق على القواعد الإجرائية. كما لا يُظهر أي منهما رغبة كبيرة في التسوية، وإذا كان من شيء قد حدث فهو تصاعد إراقة الدماء. يبدو أن طالبان تخلت عن أي ضبط مبدئي للنفس. فشهدت الأشهر الأخيرة تصعيدا في التفجيرات الانتحارية والهجمات الأكبر على المدن.
يكمن أحد التحديات في كيفية رؤية الأطراف للمحادثات: كابول ملتزمة علنا، لكن كبار المسؤولين لا يثقون كثيرا في طالبان أو يرون أن المفاوضات قد تؤدي إلى زوال الحكومة. وقد سعت كابول إلى إبطاء المحادثات دون التعبير عن ذلك لواشنطن بشكل صريح. في المقابل، يعتقد قادة طالبان أن حركتهم آخذة في الصعود. فهم يرون أن الانسحاب الأمريكي وعملية السلام تعكس هذا الواقع. فداخل صفوف المتمردين أيضًا، يتوقع العديد من المقاتلين أن تؤدّي المحادثات إلى تحقيق الكثير مما قاتلوا من أجله.
يلوح في الأفق، في شهر ماي2021، الموعد النهائي المحدد في اتفاق فيفري للانسحاب العسكري الكامل للولايات المتحدة والناتو. ورغم أن واشنطن تجادل بأن ذلك كان مشروطًا ضمنيًا بإحراز تقدم في محادثات السلام الأفغانية، فمن المرجح أن ترد طالبان بغضب إزاء التأخيرات الكبيرة. فمنذ شهر فيفري، سحب ترامب الآلاف من القوات الأمريكية. وقد صدر تفويض بخفض أولي يصل إلى 8600 في الاتفاقية الثنائية، لكن ترامب خفّض حجمه إلى 4500 وتعهد بالوصول إلى 2500 قبل مغادرته منصبه. وعززت الانسحابات الإضافية غير المشروطة ثقة طالبان وقلق الحكومة.
يقع مصير أفغانستان في الغالب على عاتق طالبان وكابول واستعدادهم لتقديم تنازلات - لكن الكثير يتوقف أيضًا على بايدن. قد ترغب إدارته في ربط الانسحاب بإحراز تقدم في المحادثات. ولكن الأمر سوف يستغرق بعض الوقت قبل أن تتوصل الأطراف الأفغانية إلى تسوية. إن الاحتفاظ بوجود عسكري أمريكي في البلاد منذ شهر ماي الماضي دون صرف طالبان بشكل لا يمكن التراجع عنه لن يكون بالأمر الهيّن.
ولتزداد الأمور تعقيدا، فقد أعرب بايدن عن تفضيله الإبقاء على عدة آلاف من قوات مكافحة الإرهاب في أفغانستان. وقد يضطر لأن يتخذ قرارا بين ذلك وبين عملية سلام محتملة النجاح. فلن تقبل طالبان ولا الدول الإقليمية، التي سيكون دعمها حاسمًا لنجاح أي اتفاق، وجودًا عسكريًا أمريكيًا إلى أجل غير مسمى.
قد يؤدي الانسحاب الأمريكي السريع إلى زعزعة استقرار الحكومة الأفغانية؛ وربما يؤدي إلى حرب أهلية موسعة ومتعددة الأطراف. وعلى النقيض من ذلك، قد يدفع الوجود المطول طالبان إلى الابتعاد عن المحادثات وتكثيف هجماتها، الأمر الذي قد يؤدي إلى تصعيد كبير. كما قد يعني أيّ منهما أن عام 2021 يصادف العام الذي تفقد فيه أفغانستان فرصتها الأفضل للسلام منذ جيل.
2. أثيوبيا
في 4 نوفمبر، بدأت القوات الفيدرالية الإثيوبية هجومًا على منطقة تيغراي بعد هجوم قاتل من التيغرايّين والاستيلاء على الوحدات العسكرية الفيدرالية في المنطقة. وبحلول نهاية شهر نوفمبر، كان الجيش قد دخل العاصمة التيغرية، ميكيلي. فقد هجر قادة جبهة تحرير تيغراي الشعبية المدينة، بزعم رغبتهم في حماية المدنيين. ومازال الكثير غير واضح، في ظل التعتيم الإعلامي. لكن من المرجح أن يكون العنف قد قتل آلاف الأشخاص، بمن فيهم العديد من المدنيين. لقد شرّد أكثر من مليون داخل البلاد؛ وقاد حوالي 50.000 إلى الفرار نحو السودان.
تعود جذور أزمة تيغراي إلى سنوات خلت. فقد وصل رئيس الوزراء الإثيوبي آبيي أحمد إلى السلطة في 2018 بعد احتجاجات قادها، إلى حدّ كبير، الغضب الشديد منذ فترة طويلة من الائتلاف الحاكم في ذلك الوقت؛ والذي بقي في السلطة منذ عام 1991 وهيمن عليه حزب جبهة تحرير شعب التيغراي.
تميزت فترة آبيي، التي بدأت بجهود كبيرة لإصلاح نظام الحكم القمعي، بفقدان نفوذ القادة التيغرايّين، الذين يشتكون من كونهم كبش فداء بسبب الانتهاكات السابقة؛ وينظرون بحذر إلى تقاربه مع العدو القديم للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، الرئيس الإريتري أسياس أفورقي. ويتهم حلفاء آبيي أحمد نخب جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيغراي بالسعي للاحتفاظ بنصيب غير متناسب من السلطة، وعرقلة الإصلاح، وإذكاء المشاكل من خلال العنف.
ان نزاع تيغراي هو الأكثر مرارة في إثيوبيا، ولكن هناك خطوط صدع أوسع نطاقا. فقد أصبحت المناطق القوية على خلاف شديد، في حين يقاتل مؤيدو النظام الفيدرالي العرقي في أثيوبيا -الذي ينقل السلطة إلى مناطق محددة إثنيًا، والذي كان للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي دورًا أساسيًا في تصميمه- معارضيه، الذين يعتقدون أنه يعمل على ترسيخ الهوية العرقية وتعزيز الانقسام. وبينما يلقي العديد من الإثيوبيين باللوم على TPLF بسبب سنوات الحكم القمعي، فإن الحزب التيغرايي ليس وحده الذي يخشى أن آبيي يهدف إلى التخلص من النظام في سعيه لمركزة السلطة. والجدير بالذكر أن منتقدي آبيي في منطقة أوروميا المضطربة - الأكثر اكتظاظا بالسكان في إثيوبيا - يشاركون هذا الرأي، على الرغم من تراث أورومو الذي يتمتع به آبيي ذاته.
السؤال الآن هو ما الذي سيحدث بعد ذلك؟
لقد تقدمت القوات الفيدرالية وسيطرت على ميكيلي والمدن الأخرى بسرعة نسبية. وتأمل أديس أبابا أن تؤدّي ما تسميه "عملية إنفاذ القانون" المستمرة إلى هزيمة المتمردين المتبقين؛ وترفض إجراء محادثات مع قادة جبهة تحرير تيغراي. ويقول حلفاء آبيي إن السماح بالإفلات من العقاب للخارجين عن القانون، الذين يهاجمون الجيش وينتهكون الدستور، من شأنه أن يكافئ الخيانة.
الآن تعيّن الحكومة المركزية حكومة إقليمية مؤقتة، وأصدرت أوامر اعتقال بحق 167 من مسؤولي وضباط الجيش التيغرايين، ويبدو أنها تأمل في إقناع التيغراي بالتخلي عن حكامهم السابقين. ومع ذلك، فإن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي لديها شبكة شعبية قوية.
هناك علامات مزعجة: تشير التقارير إلى عمليات تطهير من الجيش للتغرايّين وإساءة معاملتهم في أماكن أخرى من البلاد. كما استولت ميليشيات من منطقة أمهرة، المتاخمة لتيغراي، على الأراضي المتنازع عليها التي سيطر عليها التيغرايّين على مدى العقود الثلاثة الماضية. أطلقت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي صواريخ على إريتريا. فمن شبه المؤكد أن القوات الإريترية قد شاركت في الهجوم ضد الجبهة. كل هذا سيؤجج مظالم التيغرايّين والمشاعر الانفصالية.
إذا استثمرت الحكومة الفيدرالية بكثافة في تيغراي، وعملت مع الخدمة المدنية المحلية كما هي، بدلاً من إفراغ صفوفها من جبهة تحرير تيغراي، وأوقفت مضايقات التيغرايّين في أماكن أخرى، وأدارت المناطق المتنازع عليها بدلاً من تركها لمسؤولي أمهرة، فقد يكون هناك بعض الأمل في السلام. سيكون من الأهمية بمكان إذن التحرك نحو حوار وطني لمعالجة الانقسامات العميقة في البلاد في تيغراي وخارجها. في غياب ذلك، فإن التوقعات قاتمة بالنسبة لعملية انتقال كانت قد أعطت الكثير من الأمل قبل عام واحد فقط.
3. الساحل
تستمر الأزمة التي تجتاح منطقة الساحل في شمال إفريقيا في التفاقم، مع تزايد العنف العرقي وتمدّد الجهاديين.
كان عام 2020 هو العام الأكثر دموية منذ بدء الأزمة في عام 2012، عندما اجتاح متشددون إسلاميون شمال مالي، مما دفع المنطقة إلى حالة من عدم الاستقرار طال أمدها.
يسيطر الجهاديون، أو يتواجدون متخفين، على مساحات شاسعة من المناطق الريفية في مالي وبوركينا فاسو، ويقومون بغزو جنوب غرب النيجر. وقد وجّهت العمليات الفرنسية المكثفة لمكافحة الإرهاب في عام 2020 بعض الضربات للمسلحين، حيث قصفت فرع تنظيم الدولة الإسلامية المحلي وقتلت العديد من قادة القاعدة. فإلى جانب الاقتتال الداخلي بين الجهاديين، يبدو أنها ساهمت في تراجع هجمات المتشددين المعقدة ضد قوات الأمن. لكن الضربات العسكرية وقتل القادة لم تعطل هياكل قيادة الجهاديين أو تجنيدهم. والحقيقة أنه، كلما زادت الجيوش الأجنبية، كلما أصبحت المنطقة أكثر دموية. كما لم تتمكن السلطات الحكومية من استعادة المناطق الريفية التي فقدها المسلحون. وحتى عندما يجبر الضغط العسكري الجهاديين على الخروج، فإنهم يميلون إلى العودة عندما تهدأ العمليات.
من الصّعب قلب الظروف التي ينمو فيها المسلحون. فلقد انهارت علاقات الدول مع العديد من مواطنيها الريفيين، كما حدث مع أنظمة إدارة الصراع التقليدية. نتيجة لذلك، لا السّلطات الرَّسمية ولا العُرفية قادرة على تهدئة الاحتكاك المتزايد بين المجتمعات، والتي غالبًا ما تكون حول الموارد. انَّ الانتهاكات التي ترتكبها قوات الأمن تدفع للمزيد من السخط والاستياء. وكل هذا يعدّ بمثابة الهديّة بالنسبة للمسلحين، الذين يُعِيرُون القوة النارية للسكان المحليين ويوفرون لهم الحماية، أو حتى يتدخلون لحل النزاعات. فالمليشيات العرقية التي حشدتها سلطات مالي وبوركينا فاسو لمحاربة الجهاديين تغذي العنف الطائفي.
وحتى خارج المناطق الريفية، أصبح المواطنون أكثر غضباً إزاء حكوماتهم. إن انقلاب مالي في شهر أوت، نتيجة للاحتجاجات التي أثارتها الانتخابات المتنازع عليها، والتي كانت مدعومة بغضب أوسع نطاقاً ضد الفساد وحكم غير الأكفاء، هو الدليل الأكثر وضوحاً على ذلك. كما أن حالة مماثلة من السخط قد أصابت النيجر وبوركينا فاسو.
ومن دون بذل المزيد من الجهود المتضافرة لمعالجة أزمة الحكم الريفي في منطقة الساحل، فمن الصعب أن نرى كيف قد ستتمكّن المنطقة من الإفلات من الاضطرابات الحالية. وبشكل عام، سوف تتطلب مثل هذه الجهود من الجهات الفاعلة التابعة للدولة وغيرها أن تركز أولاً وقبل كل شيء على التوسط في النزاعات المحلية، والتحدث مع المقاتلين حيثما لزم الأمر، واستخدام الاتفاقيات الناتجة عن ذلك كأساس لعودة سلطة الدولة إلى الريف. إن العمليات العسكرية الأجنبية تشكل ضرورة أساسية، ولكن يتعين على الجهات الفاعلة الدولية أن تؤكد على صنع السلام المحلي والضغط من أجل إصلاح الحكم.
يشير البعض إلى أن النهج العسكري الأول سوف يعمل على تثبيت استقرار منطقة الساحل. وعلى ما يبدو أن هذا قد أسهم على مدى الأعوام الأخيرة في التشدد الاسلامي، وارتفاع موجة إراقة الدماء بين الاثنيات.
4. اليمن
لقد تسببت حرب اليمن في ما لا تزال الأمم المتحدة تعتبره أسوأ كارثة إنسانية على مستوى العالم. فقد أدى مرض كوفيد-19 إلى تفاقم معاناة المدنيين الذين يطاردهم الفقر والجوع وغير ذلك من الأمراض. كما حذر كبار المسئولين في مجال العمل الانساني مرة أخرى من المجاعة.
فقبل عام واحد كانت هناك فرصة سانحة لإنهاء الحرب، لكن المتحاربين بدّدوها. كان المتمردون الحوثيون يتحدثون عبر القنوات الخلفية مع المملكة العربية السعودية، الراعي الخارجي الرئيسي للحكومة اليمنية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي. كان السعوديون يتوسطون أيضًا بين الفصائل المناهضة للحوثيين التي كانت تتشاجر على وضع عدن، المدينة الجنوبية التي تمثل العاصمة المؤقتة للحكومة والتي يسيطر عليها المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي المدعوم من دولة الإمارات منذ أوت 2019. كان يمكن للجمع بين هذين المسارين التفاوضيين معًا، أن يكون بمثابة لبنات بناء لعملية سياسية بوساطة الأمم المتحدة. ولكن بدلاً من ذلك، ما حدث هو تصاعد القتال، لا سيما في مأرب، آخر معاقل حكومة هادي الحضرية في الشمال.
لقد استغرق الأمر عامًا من المفاوضات السيئة قبل أن تتفق الفصائل المناهضة للحوثيين على كيفية توزيع المسؤوليات الأمنية في الجنوب، وإبعاد قواتها عن الخطوط الأمامية، وتشكيل حكومة جديدة. ومن المرجح أن تواجه المفاوضات المزيد من العراقيل حول نقل الحكومة إلى عدن. كما اصطدمت جهود الأمم المتحدة لصنع السلام بجدار.
لدى كل من الحوثيين وحكومة هادي أسباب للمماطلة. إذا انتصروا في مأرب، فسيكون الحوثيون قد احتلوا الشمال واستولوا على محطة النفط والغاز والطاقة في المحافظة، مما يسمح لهم بتوليد الكهرباء وجمع الإيرادات التي هم في أمس الحاجة إليها. لا يمكن للحكومة أن تتحمل خسارة مأرب، لكنها تحمل أملاً آخر: قد تصنف إدارة ترامب المنتهية ولايتها الحوثيين كمنظمة إرهابية، في اطار ضربة قاضية لإيران، وتشديد الخناق الاقتصادي على المتمردين وتعقيد المفاوضات معهم من قبل جهات خارجية. ومثل هذه الخطوة ستزيد من مخاطر المجاعة من خلال عرقلة التجارة مع اليمن، التي تستورد 90 في المائة من قمحها وجميع أرزّها. كما قد تبدو ايضا بمثابة ناقوس الموت لجهود وساطة الأمم المتحدة.
على أيّ حال، يبدو إطار عمل الأمم المتحدة المكون من طرفين عفا عليه الزمن. فلم يعد اليمن البلد الذي كان عليه في الأيام الأولى للحرب، بل تشرذم مع احتدام الصراع. فالحوثيون والحكومة لا يحتكرون الأرض أو الشرعية المحلية؛ والجهات الفاعلة المحلية الأخرى لديها مصالح ونفوذ وقوّة ردع. يجب على الأمم المتحدة توسيع إطار عملها ليشمل الآخرين، ولا سيما المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المدعومة من الإمارات على ساحل البحر الأحمر إلى جانب أفراد القبائل في الشمال، الذين بوسعهم أن يقلبوا أي تسوية يرفضونها. وبدلاً من السعي لعقد صفقة بين طرفين، يجب على الأمم المتحدة البدء في التخطيط لعملية أكثر شمولاً من شأنها تشجيع إبرام صفقات بين اللاعبين الرئيسيين.
وفي غياب تصحيح المسار، يبدو أن عام 2021 سيكون عامًا قاتمًا آخر لليمنيين، مع استمرار الحرب، وانتشار الأمراض والمجاعة المحتملة، وتلاشي احتمالات التسوية، وتفاقم حالات المرض والجوع للملايين من اليمنيين يومًا بعد يوم.
5. فينيزويلا
لقد مرّ ما يقرب من عامين منذ أن أعلنت المعارضة الفنزويلية والولايات المتحدة ودول في جميع أنحاء أمريكا اللاتينية وأوروبا المشرّع خوان غوايدو رئيسًا مؤقتًا لفنزويلا، كما توقعت وفاة الرئيس الحالي نيكولاس مادورو.
اليوم، أصبحت كلّ هذه الآمال في حالة يرثى لها. فحملة "الحدّ الأقصى من الضغط" بقيادة الولايات المتحدة - التي تنطوي على عقوبات، وعزلة دولية، وتهديدات ضمنية بعمل عسكري، وحتى انقلاب فاشل - لم تطِح بمادورو. وإذا كان من شيء قد حدث، فقد جعلته هذه الإجراءات أقوى، حيث احتشد خلفه الحلفاء، بما في ذلك من هم في الجيش، خشية أن يعرضهم سقوطه للخطر. ووصلت الظروف المعيشية للفنزويليين، التي دمرها عدم كفاءة الحكومة والعقوبات الأمريكية و Covid-19، إلى الحضيض.
فإذا ظل مادورو راسخًا، فقد يرى خصومه انهيار مكاسبهم السياسية. إذ يكمن الأساس الذي استند عليه ادعاء غوايدو الرئاسي في الأغلبية البرلمانية التي فازت بها أحزاب المعارضة في عام 2015، إلى جانب الحجة القائلة بأن إعادة انتخاب مادورو في ماي 2018 كانت خدعة. والآن أصبحت المعارضة ضعيفة ومنقسمة وبالكاد تملك موطئ قدم في الجمعية الوطنية. فقد فازت الحكومة بالأغلبية الساحقة في الانتخابات التشريعية التي جرت في شهر ديسمبر، والتي قاطعتها جميع أحزاب المعارضة باستثناء عدد قليل منها.
وينبع قلق المعارضة في المقام الأول من فشلها في إحداث التغيير. فقد استخفت استراتيجيتها بقدرة مادورو على النجاة من العقوبات والعزلة الدولية؛ في حين بالغت في تقدير مدى استعداد واشنطن للوفاء بالتهديدات الغامضة باستخدام القوة.
كما ساهم دعم خصوم مادورو للعقوبات في خسارتهم، بالنظر إلى أن هذه الإجراءات عجلت بالانهيار الاقتصادي لفنزويلا وزادت من فقر مواطنيها. فقد فرّ أكثر من 5 ملايين مواطن، وكثير منهم الآن يتجوّلون في مدن كولومبيا أو الأراضي الحدودية حيث العنف. ومعظم العائلات التي بقيت لا تستطيع وضع ما يكفي من الطعام على المائدة. ويعاني آلاف الأطفال من أضرار لا يمكن تداركها من جراء سوء التغذية.
إنّ حكومة أمريكية جديدة يمكن أن توفّر فرصة لإعادة التفكير. لقد كان دعم المعارضة الفنزويلية من الحزبين في واشنطن. ومع ذلك، يمكن لفريق بايدن تغيير المسار، والتخلي عن محاولة الإطاحة بمادورو، وإطلاق جهود دبلوماسية تهدف إلى إرساء الأساس لتسوية تفاوضية بمساعدة قادة اليسار واليمين في أمريكا اللاتينية.
وجنبًا إلى جنب مع الاتحاد الأوروبي، يمكن أن تحاول طمأنة حلفاء مادورو مثل روسيا والصين وكوبا بأن مصالحهم الأساسية في البلاد سوف تستمر رغم المرحلة الانتقالية. وإلى جانب اتخاذ خطوات إنسانية فورية للتخفيف من أزمة فنزويلا المتعلقة بفيروس كورونا، قد تنظر الإدارة الجديدة أيضًا في استئناف الاتصالات الدبلوماسية مع كاراكاس والالتزام برفع العقوبات تدريجياً إذا اتخذت الحكومة خطوات ذات مغزى، مثل إطلاق سراح السجناء السياسيين وتفكيك وحدات الشرطة المتعسفة. ويمكن أن تأتي المفاوضات المدعومة دوليًا والتي تهدف بشكل خاص إلى تنظيم انتخابات رئاسية ذات مصداقية، والمقرر إجراؤها في عام 2024، شريطة أن يظهر كلا الجانبين أنهما مهتمان حقًا بالتوصل إلى حل وسط.
وفي الوقت الحالي، لا تُظهر حكومة مادورو أي مؤشر على أنها ستجري تصويتًا عادلًا، لذلك يريد معظم خصومه الإطاحة به ومحاكمته. تبدو التسوية بعيدة عن أي وقت مضى؛ ولكن بعد عامين من الجهود غير المثمرة والضارة لإثارة الانقسام السياسي المفاجئ، فإن بناء الدعم لانتقال أكثر تدرّجا هو أفضل طريق للمضي قدمًا.
6. الصومال
تلوح الانتخابات في الصومال وسط خلافات مريرة بين الرئيس محمد عبد الله محمد - المعروف أيضًا باسم "فارماجو"- وخصومه. وتدخل الحرب ضد حركة الشباب عامها الخامس عشر، بلا نهاية تلوح في الأفق. بينما يتزايد استياء المانحين من دفع أموال لقوات الاتحاد الأفريقي للمساعدة في إبعاد المسلحين.
المناخ قبل الانتخابات محفوف بالمخاطر. فقد كان من المقرر إجراء الانتخابات البرلمانية في منتصف شهر ديسمبر ولكن تم تأجيلها، كما أن الاستعدادات للتصويت الرئاسي المقرر إجراؤه في شهر فيفري 2021 متباطئة.
فالعلاقات بين مقديشو وبعض مناطق الصومال متوترة. ولا سيما مع بونتلاند وجوبالاند، اللتان طالما كان قادتهما منافسين لمحمد ويخشيان إعادة انتخابه. ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى الخلافات حول توزيع السلطة والموارد بين المركز والأطراف.
يميل هذا الخلاف إلى إثارة المجتمعات الصومالية ضد بعضها البعض، بما في ذلك على مستوى العشائر، مع استخدام خطاب مرير من قبل جميع الأطراف.
في غضون ذلك، لا تزال حركة الشباب قوية؛ كما يسيطر التنظيم على أجزاء كبيرة من جنوب ووسط الصومال، ويمتد وجوده في الخفاء إلى أبعد من ذلك بكثير، ويهاجم بانتظام العاصمة الصومالية. وفي حين أن القادة الصوماليين وشركائهم الدوليين يقرون جميعًا، من حيث المبدأ، بأن التحدي الذي تمثله حركة الشباب لا يمكن معالجته بالقوة وحدها، إلا أن القليل منهم قدّم بدائل واضحة.
قد تكون المحادثات مع المسلحين خيارًا، لكن حتى الآن لم يعط قادة الحركة سوى القليل من المؤشرات على أنهم يريدون تسوية سياسية.
وقد ازداد الأمر تعقيدا، مع بدء نفاذ صبر بعثة الاتحاد الأفريقي التي حاربت حركة الشباب منذ سنوات. فبدون هذه القوات، ستكون المدن الرئيسية، وربما حتى مقديشو، أكثر عرضة لهجمات المتشددين. لقد سئم المانحون مثل الاتحاد الأوروبي من الانهيار لما يبدو أنه حملة عسكرية لا تنتهي. وتتمثل الخطة الحالية في تسليم المسؤولية الأمنية الأساسية للقوات الصومالية بحلول نهاية عام 2021، ومع ذلك فان تلك القوات تظل ضعيفة وغير مستعدة لقيادة جهود مكافحة التمرد. لقد تفاقم خطر حدوث فراغ أمني بسبب الانسحاب المفاجئ للقوات الإثيوبية الراجع لأزمة تيغراي وخطة إدارة ترامب لسحب القوات الأمريكية من تدريب وتوجيه الجيش الصومالي.
يتوقف الكثير على الانتخابات الرئاسية في شهر فيفري. والواقع أن انتخابات نظيفة إلى حد معقول، تتقبل الأحزاب الرئيسية نتائجها، من الممكن أن تسمح لزعماء الصومال وداعميهم الأجانب بتكثيف الجهود الرامية إلى التوصل إلى اتفاق بشأن العلاقات الفيدرالية والترتيبات الدستورية والتعجيل بإصلاح القطاع الأمني. ومن ناحية أخرى، قد يؤدي التصويت المختلف بشأنه إلى إثارة أزمة سياسية توسع الهوة بين مقديشو والمناطق، مما قد يؤدي إلى اندلاع أعمال عنف بين العشائر، ويهدد باثارة حركة الشباب.
7. ليبيا
لم تعد الائتلافات العسكرية المتنافسة في ليبيا تتقاتل، واستأنفت الأمم المتحدة المفاوضات الهادفة إلى إعادة توحيد البلاد. لكن التوصل إلى سلام دائم سيظل صراعًا شاقًا.
في 23 أكتوبر،وقّع الجيش الوطني الليبي (LNA) - بقيادة الجنرال خليفة حفتر وبدعم من مصر والإمارات العربية المتحدة وروسيا - وحكومة الوفاق الوطني المدعومة من تركيا بقيادة فايز السراج، على وقف إطلاق النار رسميًا لإنهاء المعركة التي كانت مستعرة في ضواحي طرابلس وأماكن أخرى منذ أفريل 2019. وكان القتل قد أسفر عن مقتل حوالي 3000 شخص وتشريد مئات الآلاف.
أدى التدخل العسكري التركي المباشر، لمساعدة السراج في أوائل عام 2020، إلى قلب تفوّق حفتر. والآن أصبحت الخطوط الأمامية متوقفة في وسط ليبيا.
إن وقف إطلاق النار مرحب به، لكن تنفيذه لم يتقدّم. فقد التزم الجيش الوطني الليبي وحكومة الوفاق الوطني بسحب القوات من الخطوط الأمامية وطرد المقاتلين الأجانب ووقف جميع التدريبات العسكرية الأجنبية. ومع ذلك، تراجع كلا الجانبين. إذ لا تزال قواتهما في الخطوط الأمامية، وتواصل طائرات الشحن العسكرية الأجنبية الهبوط في قواعدهما الجوية، مما يشير إلى أن الداعمين الخارجيين لا يزالون يعيدون إمداد الجانبين.
وبالمثل، توقف التقدم في إعادة توحيد البلاد المقسمة منذ عام 2014. وقد جمعت محادثات الأمم المتحدة التي عقدت في نوفمبر 75 ليبيًا مكلفين بالاتفاق على حكومة وحدة مؤقتة وخارطة طريق للانتخابات. ولكن شاب المحادثات جدل حول كيفية اختيار الأمم المتحدة لهؤلاء المندوبين، وسلطتهم القانونية، والاقتتال الداخلي، والمزاعم بشأن محاولات الرشوة. وقد وافق المشاركون على إجراء انتخابات في نهاية عام 2021، لكن ليس على الإطار القانوني الذي يحكم تلك الانتخابات.
يكمن الخلاف حول تقاسم السلطة في قلب كل المشاكل. يطالب داعمو حفتر بأن تعامل الحكومة الجديدة معسكرات الجيش الوطني الليبي وحكومة الوفاق الوطني على قدم المساواة. لكن خصومه يعارضون إدراج القادة الموالين للجيش الوطني الليبي في أي ترتيبات جديدة.
وكذلك القوى الأجنبية لديها وجهات نظر متضاربة بالمثل: تريد تركيا حكومة صديقة (خالية من أنصار حفتر ) في طرابلس. وعلى العكس من ذلك، تريد القاهرة وأبو ظبي الحد من نفوذ أنقرة وتعزيز نفوذ السياسيين الموالين للجيش الوطني الليبي. كما تحرص روسيا، التي تدعم أيضًا الجيش الوطني الليبي، على الاحتفاظ بموطئ قدم في البحر المتوسط. لكن ليس من الواضح ما إذا كانت تفضل الوضع الراهن الذي يحافظ على نفوذها في الشرق أو حكومة جديدة يمثلها الجيش الوطني الليبي.
ويبدو من غير المحتمل اندلاع القتال مرة أخرى في المستقبل القريب لأن الجهات الخارجية لا تريد جولة أخرى من الأعمال العدائية المفتوحة، رغم حرصها على تعزيز نفوذها. لكن كلما طال عدم الوفاء بشروط وقف إطلاق النار، زاد خطر وقوع حوادث مؤسفة قد تؤدي إلى العودة إلى الحرب. ولتجنب هذه النتيجة، يجب على الأمم المتحدة المساعدة في صياغة خارطة طريق لتوحيد المؤسسات الليبية المنقسمة وتهدئة التوترات بين الأعداء الإقليميين.
8. ايران-الولايات المتحدة
في شهر جانفي 2020، أدى مقتل القائد الإيراني قاسم سليماني إلى جعل التوترات الأمريكية الإيرانية تقترب من نقطة الغليان. وفي النهاية، كان رد إيران محدودًا نسبيًا، ولم يختر أي من الجانبين التصعيد، رغم أن درجة الحرارة ظلت مرتفعة بشكل خطير. وقد تعمل الإدارة الأمريكية الجديدة على تهدئة واحدة من أخطر المواجهات في العالم، لا سيما من خلال العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، المعروف أيضًا باسم خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA). لكن القيام بذلك بسرعة، وإدارة العلاقات مع المملكة العربية السعودية وإسرائيل - وكلاهما معارض بشدة لإيران - ثم الانتقال إلى محادثات حول قضايا إقليمية أوسع لن يكون مهمة سهلة.
تضمنت سياسة إدارة ترامب تجاه إيران ما تسميه ضغوطًا قصوى. وهذا يعني الخروج من خطة العمل الشاملة المشتركة وفرض عقوبات أحادية قاسية من جانب واحد على إيران على أمل فرض تنازلات أكبر على برنامجها النووي، وتخفيف نفوذها الإقليمي، وحتى - كما يأمل بعض المسؤولين - الإطاحة بالحكومة في طهران.
فقد دمرت العقوبات الاقتصاد الإيراني لكنها لم تحقق شيئًا آخر. وطوال فترة رئاسة ترامب، نما برنامج إيران النووي بشكل متزايد، وغير مقيد بخطة العمل الشاملة المشتركة. فلدى طهران صواريخ باليستية أكثر دقة من أي وقت مضى وأكثر من ذلك. وتنامت الصورة الإقليمية مشحونة بالأحداث، بشكل أكبر وليس أقل - من مقتل سليماني على الأراضي العراقية إلى الهجمات على أهداف صناعة الطاقة السعودية المنسوبة على نطاق واسع إلى طهران - مما أدى إلى نشوب احتكاكات متعددة تنذر بحرب مفتوحة. لا شيء يوحي، رغم انفجارات السخط الشعبي الدورية، أن الحكومة الايرانية تواجه خطر الانهيار.
وحتى في أيام احتضارها، كانت إدارة ترامب تضاعف من ضغطها. اذ شهدت الأسابيع الأخيرة من ولايتها فرض المزيد من العقوبات. كما أدى مقتل عالم نووي إيراني كبير، والذي نُسب إلى إسرائيل، إلى تأجيج التوترات ودفع إيران إلى التهديد بتوسيع برنامجها النووي بشكل أكبر. ويبدو أن واشنطن وبعض الحلفاء مصممون على إلحاق أقصى قدر من الألم بإيران وتقييد مجال المناورة المتاح لإدارة بايدن القادمة. لا تزال مخاطر المواجهة قبل مغادرة ترامب لمنصبه قائمة حيث تستهدف الميليشيات الشيعية الموالية لإيران الأمريكيين في العراق.
وقد أشار بايدن إلى أنه سوف يغير مساره. ويوافق على العودة للانضمام إلى خطة العمل المشتركة الشاملة، إذا استأنفت إيران الامتثال. ثم يسعى للتفاوض على اتفاق لاحق يعالج الصواريخ الباليستية والسياسة الإقليمية. وكانت طهران قد أشارت إلى أنها، أيضًا، مستعدة للالتزام المتبادل بالاتفاق النووي القائم. ويبدو أن هذا هو الرهان الأكثر أمانًا والأسرع، على الرغم من أن العوائق ستتكاثر. ستحتاج الحكومتان الأمريكية والإيرانية إلى الاتفاق على تتابع الخطوات بين تخفيف العقوبات والقيود النووية وأيضًا بشأن العقوبات التي يجب رفعها. قد تكون النافذة قصيرة، حيث من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية في إيران في شهر يونيو، ومن المتوقع فوز مرشح أكثر تشددًا.
لكن إذا عادوا إلى خطة العمل المشتركة الشاملة، فسيتمثل التحدي الأكبر في معالجة التوترات الإقليمية والاستقطاب الذي سوف يستمرّ، إذا تُرك ليتفاقم، في تعريض الصفقة للخطر ويمكن أن يؤدي إلى نشوب صراع. والواقع أن الحكومات الأوروبية تستكشف إمكانية حث إيران ودول الخليج العربية على الدخول في حوار للحدّ من التوترات الإقليمية ومنع اندلاع حرب دون قصد؛ وبوسع إدارة بايدن أن تضع ثِقَلها الدبلوماسي الكامل وراء مثل هذا الجهد.
9. روسيا-تركيا
روسيا وتركيا ليستا في حالة حرب، بل غالبًا في حالة تعاون. ومع ذلك فكثيرًا ما تدعما الأطراف المتعارضة - كما هو الحال في سوريا وليبيا - أو تتنافسان على النفوذ، كما هو الحال في القوقاز. وغالبًا ما يرون بعضهم البعض كشركاء، ويفصلون الخلاف حول قضية واحدة عن المناقشات حول الأخرى، ويتعاونون حتى عندما يتصارع حلفاؤهم المحليون عليها. ومع ذلك ، يُظهر إسقاط تركيا لطائرة روسية في عام 2015 بالقرب من الحدود التركية السورية وقتل عشرات الجنود الأتراك في غارات جوية شنتها القوات السورية المدعومة من روسيا في عام 2020، أن خطر المواجهات غير المتوقعة مرتفع. ففي حين أثبت الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين حتى الآن براعتهما في إدارة مثل هذه الحوادث المؤسفة، فان أي خلاف بينهما قد يؤدي إلى تفاقم الصراعات التي يتورط فيها كلاهما.
تتجلى تناقضات العلاقات بين أنقرة وموسكو في أوضح صورها في سوريا. فتركيا من بين أشرس الخصوم الأجانب للرئيس بشار الأسد وداعم قوي للمعارضة. في غضون ذلك، ألقت روسيا بثقلها خلف الأسد وتدخلت في عام 2015 لتحويل الحرب بشكل حاسم لصالحه. ومنذ ذلك الحين، تخلت تركيا عن الإطاحة بالأسد، وأصبحت مهتمة أكثر بمحاربة وحدات حماية الشعب (YPG)، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني (PKK)، الذي يشن تمرداً ضد تركيا منذ ما يقرب من أربعة عقود والذي تعتبره أنقرة (و الولايات المتحدة وأوروبا) منظمة إرهابية.
أوقف اتفاق مارس 2020، الذي جمع موسكو وأنقرة معًا، جولة القتال الأخيرة في إدلب، آخر جيب يسيطر عليه المتمردون في شمال غرب سوريا؛ وأظهر مدى حاجة القوتين لبعضهما البعض. تتوقع روسيا أن تنفذ تركيا وقف إطلاق النار في إدلب. وتدرك أنقرة أن هجومًا آخر للنظام، يمكن أن يدفع مئات الآلاف من السوريين إلى تركيا، يتوقف على الدعم الجوي الروسي، الذي يمنح موسكو حق النقض (الفيتو) الفعلي بشأن مثل هذه العملية. لكن الوضع الراهن هش: الحرب السورية لم تنته بعد، ولا يزال شن هجوم آخر تدعمه روسيا في إدلب ممكنًا.
وفي ليبيا أيضًا، تدعم روسيا وتركيا طرفين متعارضين. يدعم المتعاقدون الروس الجيش الوطني الليبي بقيادة حفتر، بينما تدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني المتمركزة في طرابلس. ورغم أن وقف إطلاق النار الهش ساري المفعول منذ أكتوبر، فإنه ليس من الواضح على الإطلاق ما إذا كان الاتفاق يمكن أن يضمن لتركيا حكاما ليبيين ودودين كما تريدهم، مع منح روسيا موطئ قدم تسعى إليه.
كما تورطت أيضا كلّ من روسيا وتركيا في الحرب الأخيرة بشأن ناغورنو كاراباخ. فروسيا لديها تحالف عسكريّ مع أرمينيا، لكنها تجنبت الانحياز لأحد الجانبين وتوسطت في النهاية في وقف إطلاق النار الذي أنهى القتال. وقدمت تركيا الدعم الدبلوماسي والعسكري لأذربيجان، حيث ساعدت الطائرات بدون طيار التركية (والإسرائيلية) في قمع الدفاعات الجوية الأرمنية. وعلى الرغم من التنافس بينهما في جنوب القوقاز، فقد فازت كل من موسكو وأنقرة هذه المرة. نشرت روسيا قوات حفظ السلام وزادت نفوذها بشكل كبير في المنطقة. كما يمكن لتركيا أن تدعي أنها لعبت دورًا مهمًا في انتصار أذربيجان وستستفيد من الممر التجاري الذي أنشأته اتفاقية وقف إطلاق النار.
ومن المفارقات أنه مثلما تتنافس موسكو وأنقرة في عدد متزايد من ساحات القتال ، فإن علاقاتهما أقوى مما كانت عليه في وقت ما. إن "صداقتهما" هي أحد أعراض اتّجاهات أوسع - عالم تقاوم فيه القوى غير الغربية بشكل متزايد الولايات المتحدة وأوروبا الغربية وتكون أكثر حزماً وأكثر استعدادًا للدخول في تحالفات متقلبة.
فقد شهدت روسيا تصاعد التوترات مع الغرب على خلفية الحروب في أوكرانيا وسوريا واتهامات بالتدخل في الانتخابات وتسميم المعارضين على أراض أجنبية بالإضافة إلى العقوبات الأمريكية والأوروبية. كما استاءت تركيا من دعم الولايات المتحدة لوحدات حماية الشعب ورفضها تسليم فتح الله غولن - رجل الدين الذي تتهمه أنقرة بتدبير محاولة انقلاب في عام 2016 - فضلاً عن الانتقادات الأوروبية لتراجعها الديمقراطي وانحيازها المزعوم في الصراع القبرصي. والواقع أنّ العقوبات التي فرضتها واشنطن رداً على شراء أنقرة واختبارها لنظام الدفاع الصاروخي الروسي S-400 من شأنه أن تبرز هذه التوترات. ومن خلال إبرام الصفقات الثنائية في مناطق الصراع المختلفة، ترى كل من روسيا وتركيا إمكانية تحقيق مكاسب.
ومع ذلك، فإن الروابط الناشئة عن الفرص لا تستمرّ دائمًا. فمع اقتراب قوات كل منهما من الخطوط الأمامية المتعددة، تكثر نقاط الاشتباك المحتملة. وقد يؤدي التراجع في العلاقات بينهما إلى حدوث مشاكل لكلا البلدين وأكثر من منطقة مواجهة واحدة.
10. التغير المناخي
انّ العلاقة بين الحرب وتغيّر المناخ ليست بسيطة ولا خطِّيِّة. ذلك أن نفس أنماط الطقس ستزيد من العنف في منطقة بعينها دون أخرى. ففي حين أن بعض البلدان تدير المنافسة التي يسببها المناخ بشكل جيد، فإن البعض الآخر لا تتولى معالجتها على الإطلاق. ويعتمد الكثير على ما إذا كانت الدول تخضع لادارة شاملة، أو أنها مجهزة جيدًا للتوسط في النزاعات على الموارد، أو يمكنها إعالة المواطنين عندما تنقلب حياتهم أو سبل عيشهم.
ومن غير المؤكد حجم العنف المرتبط بالمناخ في عام 2021، لكن الاتجاه الأعرض واضح بما فيه الكفاية: بدون اتخاذ إجراءات عاجلة، سيرتفع خطر الصراع المتعلق بالمناخ في السنوات المقبلة.
في شمال نيجيريا، أدى الجفاف إلى تكثيف القتال بين الرعاة والمزارعين بسبب تضاؤل الموارد؛ حيث قتل في عام 2019 ضعف عدد الأشخاص الذين قتلوا في صراع بوكو حرام. وبالنسبة لنهر النيل، تبادلت مصر وإثيوبيا التهديدات بالقيام بعمل عسكري على سد النهضة الإثيوبي الكبير. ويرجع ذلك جزئيًا إلى مخاوف القاهرة من أن يؤدي السد إلى خطر تفاقم ندرة المياه بالفعل. وفي الوقت الحالي، يمكن القول إن إفريقيا ترى أسوأ مخاطر الصراع المتعلقة بالمناخ، لكن أجزاء من آسيا وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط تواجه مخاطر مماثلة.
يعاني ملايين الأشخاص بالفعل، في البلدان الهشة في جميع أنحاء العالم، من موجات حرارة قياسية، وهطول شديد وغير منتظم للأمطار، وارتفاع مستويات سطح البحر. كل هذا يمكن أن يؤدي إلى عدم الاستقرار، على سبيل المثال، من خلال تفاقم انعدام الأمن الغذائي، وندرة المياه، والمنافسة على الموارد ودفع المزيد من الناس إلى الفرار من منازلهم. وتشير بعض الدراسات إلى أن ارتفاع درجة الحرارة المحلية بمقدار 0.5 درجة مئوية، يرتبط في المتوسط، بزيادة مخاطر نشوب صراع مميت بنسبة 10 إلى 20 في المائة. وإذا كان هذا التقدير دقيقًا، فإن المستقبل سيكون مقلقا. كما يعتقد علماء الأمم المتحدة أن الانبعاثات، التي يصنعها الإنسان، قد أدت إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار درجة واحدة منذ عصور ما قبل الصناعة؛ ومع تسارع الوتيرة، توقّعوا نصف درجة أخرى بحلول عام 2030. وفي العديد من مناطق العالم غير المستقرة، قد يحدث ذلك بشكل أسرع.
تحتاج الحكومات في البلدان المعرضة للخطر إلى تنظيم الوصول إلى الموارد بشكل سلميّ، سواء كانت نادرة أو وفيرة، في الدّاخل أو بين الدّول. لكن الدول النامية المعرضة لخطر الصراع يجب ألا تواجه ضغوط المناخ المتغير وحدها.
هناك سبب للتفاؤل. لقد وضعت الإدارة الأمريكية الجديدة أزمة المناخ على رأس جدول أعمالها. ودعا بايدن إلى اتخاذ إجراءات أسرع للتخفيف من مخاطر عدم الاستقرار المرتبطة بها. كما تعهدت الحكومات والشركات الغربية بتقديم 100 مليار دولار سنويًا للدول الفقيرة للتكيف مع المناخ بدءًا من عام 2020. ويجب أن تفي بهذه الالتزامات، حيث تستحق الدول النامية دعمًا متزايدًا من أولئك الذين تسبب وقودهم الأحفوري في حدوث الأزمة في المقام الأول.
نص رئيس مجموعة الأزمات روبرت مالي وترجمه إلى العربية الـباحث في الشؤون السياسية والدولية الدكتور رياض الشعيبي
- اكتب تعليق
- تعليق