محمد الناصر: نداء من أجل حوار وطني عاجل لاستعادة الثقة و بناء المستقبل المشترك
تنهي تونس العشرية الأولى بعد الثورة بتحقيق مكاسب هامة تكمن في تجدير الحريات و حقوق الانسان و في ارساء الخيار الديمقراطي.
لكن الى جانب هذه المكاسب فقد تميزت هاته العشرية بعدم الاستقرار و تدهور غير مسبوق للوضع الاقتصادي مع تدني نسق النمو و الاستثمار و ارتفاع مفزع للمديونية و بتزايد منسوب الفقر و البطالة خاصة لدى الشباب و بتنامي الشعور بالتهميش لدى الفئات و الجهات مما أدى الى انفجار الاحتجاجات و الاعتصامات في جهات متعددة من الجمهورية آلت الى توقيف الانتاج في المناجم و في حقول النفط و الى تعطيل المرافق العمومية في تحد صارخ لهيبة الدولة و لقدرتها على تفعيل القانون.
و قد ساهم هذا الوضع المتردي في تزايد الانشغال العميق و الاحتقان المتواصل لدى المواطنين لانعدام الرؤية الواضحة و الخطة الناجحة لمجابهة التحديات العاجلة و بناء المستقبل المشترك فضلا عن غياب التناغم المنشود بين المؤسسات الدولة و انعدام الاستقرار حيث تداولت على السلطة تسعة حكومات في هذه العشرية.
و يتزامن هذا الوضع المتردي مع تداعيات جائحة الكرونة التي ساهمت في تزايد الاحتقان مع ارتفاع منسوب البطالة و التهميش و انهيار الانتاج و التصدير.
و أمام هذه الأجواء المتردية أصبح من المتأكد البحث عن الحلول المجدية للخروج من هذه الأزمة العميقة و المتعددة و فتح حوار وطني رصين و هادئ يشارك فيه ممثلو الأحزاب و المنظمات الوطنية و المجتمع المدني و يجسم الشعور المشترك بواجب التصدي الجماعي بمخاطر تنامي الطلبات الجهوية و الفئوية على حساب التماسك الوطني و وحدة الدولة و استمرارها.
و انطلاقا من هذا الوضع عبرت مجموعة من الشخصيات الوطنية و مكونات المجتمع المدني عن رفضها للاستسلام للقضاء و القدر و عن دعوتها الى حوار وطني من أجل التصدي لمخاطر تفكيك المجتمع و تهديد الأمن الاجتماعي و الاستقرار السياسي.
و ضمن هذه المبادرات برزت دعوة الاتحاد العام التونسي للشغل الموجهة الى السيد رئيس الجمهورية للإشراف على حوار وطني رصين من أجل وضع خطة وطنية لمجابهة الأزمة الخانقة و تعزيز التضامن الوطني.
و اني أثمن المبادرة القيمة الصادرة عن الاتحاد العام التونسي للشغل، كما أعبر عن مساندتي لكل المبادرات الهادفة الى تجنيب البلاد مزيد الانقسام و التبعثر، مع التأكيد على ضرورة الاسراع في انطلاق و تنظيم الحوار الوطني الذي كنت دعوت الى مأسسته منذ 2011، نظرا للتحول التاريخي الذي تعيشه تونس منذ الثورة و الذي يتطلب اعادة بناء العقد الاجتماعي بين الدولة و المواطنين على أساس قيم و مبادئ الدستور المتمثلة المواطنة و مدنية الدولة و علوية القانون و سيادة الشعب.
محمد الناصر
سيدي بوسعيد 13 ديسمبر 2020
- اكتب تعليق
- تعليق