لمحة قانونية عن طعن هلال الشابة في قرار المكتب الجامعي لكرة القدم أمام محكمة التحكيم الرياضي

بقلم علاء الدين ميلاد - باحث في القانون الرياضي - لا يزال موضوع الصراع بين الهلال الرياضي الشابي والجامعة التونسية لكرة القدم محور الحديث الأبرز في الشارع الرياضي وحتى لدى قطاع واسع من الرأي العام لانعكاساته التي تجاوزت الحقل الرياضي لتصل لدرجة من الاحتقان الاجتماعي في الجهة ولتدخّل الجهات الحكومية والبرلمانية في الملف.

وهنا اخترنا تسليط الضوء على الجانب القانوني خاصّة مع استعداد الهيئة المديرة للهلال الرياضي الشابي التوجه إلى محكمة التحكيم الرياضي بلوزان للطعن في قرار المكتب الجامعي لكرة القدم في 17 أكتوبر 2020 والقاضي بتجميد نشاط الفريق خلال الموسم الرياضي القادم 2020- 2021 استنادا إلى الفصول 25 و29 و31 من القوانين العامة للجامعة. ويمكن القول بأنّ الطعن المرتقب سيمثلّ سابقة أولى من نوعها منذ تنقيح الفصل 56 من النظام الأساسي للجامعة التونسية لكرة القدم بموجب أعمال الجلسة العامة الخارقة للعادة بتاريخ 06 نوفمبر 2015. حيث أنّ القرارات الثلاثة التي توجهّ أصحابها للتاس قد صدرت عن اللجنة الوطنية للإستئناف باعتبارها الهيكل القضائي النهائي الوحيد داخل الجامعة، أي أنّ هذا الملف سيكون الأوّل أين ستنظر محكمة التحكيم الرياضي في طعن يقدّم ضد قرار نهائي وملزم صادر عن المكتب الجامعي لكرة القدم.

أمّا فيما يخصّ إجراءات الطعن أمام التاس، فتتلخصّ في 4 مسائل كبرى.

أوّلا، يجب أن يوجد شرط تحكيمي لتصرحّ المحكمة الدولية باختصاصها. وهذا متوفرّ في ملف الحال دون أدنى شكّ بالرجوع للفصل 56 من النظام الأساسي للجامعة والفقرة الأولى للفصل 47 من نظام الإجراءات الخاص بمحكمة التحكيم الرياضي.

ثانيا، ستحددّ الغرفة التحكيمية مرجع النظر الحكمي. وهنا ستكون غرفة التحكيم الاستئنافية هي المختصة بالنظر في طعن الهلال ضدّ القرار الصادر عن المكتب الجامعي بتجميد النشاط بالعودة للفصل 20 من نظام الهياكل المتدخلّة في تسوية النزاعات الرياضية.

ثالثا، سيتحمل هلال الشابة باعتباره الطاعن في هذا النزاع جملة من الإجراءات. فمن جهة، يجب على الجمعية الطاعنة تقديم مطلب طعن للكتابة العامة للتاس، حيث يلزم أن يحتوي المطلب على البيانات المذكورة في الفصل 48 من نظام الإجراءات والذي لا يقصي أن يطلب إيقاف تنفيذ القرار إن اقتضى الأمر ذلك أي أنّ ما تريده الهيئة المديرة للهلال قابل للتحقيق إذا رأت المحكمة جدوى لذلك. كما يجب إرسال مطلب الطعن في ظرف 21 يوما بداية من تاريخ الإعلام بالقرار وهو ما يعني أنّ الأجل المذكور يبتدأ من يوم 5 نوفمبر الجاري ليتواصل لتاريخ 26 نوفمبر 2020. أيضا، يجب على الطاعن دفع معاليم التحكيم الأولية أو التقديرية اللاحقة. ومن جهة أخرى، يحمّل الفصل 51 من القواعد الأساسية المنظمة للتاس إجراء وجوبي على الطاعن بإيداع مستندات طعنه محيثّة (معللّة) لدى كتابة المحكمة في أجل 10 أيام بداية من انقضاء أجل 21 يوما سابقة التحديد أعلاه. وللإشارة، يعدّ هذا الاجراء مربط الفرس لو رغب هلال الشابة في كسب القضيّة حيث أنّ وضعه القانوني غير مريح لأنّه مطالب بإثبات ما ادعاه من تعسّف وسوء تطبيق للقانون من قبل المكتب الجامعي في حقّه.

ورابعا، ستنطرق للإجراءات المحمولة على المطعون ضدّه. فهنا، ستكون الجامعة التونسية لكرة القدم بموجب أحكام نفس قواعد التاس مخيرّة في أغلبها. فلو وقع اختيار الطرفين على التركيبة الثلاثية للهيئة التحكيمية، سيتمّ تسمية المحكم الثاني من قبل المطعون ضدّه. كما نصّ الفصل 55 من ذات القواعد على عدد من البيانات الوجوبيّة في جواب المطعون ضدّه وتمهل كتابة التاس أجل لا يتجاوز 20 يوما للجواب من تاريخ توصّله بالإعلام المتضمّن لمستندات طعن الطاعن.بالتالي سيكون المكتب الجامعي بمعيّة الهيئة القانونية التي سيكلفها بالملف أمام فرصة للاطلاع على الحجج المقدّمة من طرف هلال الشابة والجواب على ضوئها لتأكيد صحّة قراره من الناحية القانونية.

وبعد إتمام كل الإجراءات ستجتمع الهيئة التحكيمية للبت في النزاع. ففي هذه القضيّة، ستعتمد الهيئة على النصوص القانونية المعتمدة من الجامعة المصدرة للقرار المطعون فيه أي أساسا النظام الأساسي والتراتيب العامة للجامعة التونسية لكرة القدم، ويرجّح التوجّه لهذا الخيار نظرا لغياب قانون مختار من قبل طرفي النزاع أو اتفاق صريح سابق بين جمعية الهلال الرياضي الشابي والجامعة التونسية لكرة القدم.
وستحتفظ الهيئة التحكيمية بسلطة تقديريّة في تعيين جلسة مرافعة أو أن تقررّ مباشرة ودون مرافعة البتّ في النزاع عند تعذّر الصلح وإصدار قرارها في شأنه. وعندما سيصدر القرار التحكيمي سيكون نافذا ومنتجا لآثاره القانونية بمجّرد إعلام الطرفين بمنطوقه عن طريق الفاكس والبريد الالكتروني. فمنطقيا، لن يخرج قرار التاس-الذي سيصدر في أجل 3 أشهر من تاريخ إحالة الملف على الهيئة التحكيمية وهو أجل قابل للتمديد مرّة واحدة بناء على قرار معلّل صادر عن رئيس الغرفة-عن أحد الفرضيات التالية:

إمّا رفض طعن هلال الشابة شكلا أو أصلا وتثبيت ما قررّه المكتب الجامعي لكرة القدم من تجميد نشاط الفريق في الموسم القادم. وإمّا قبول الطعن شكلا وأصلا والإقرار بنقض القرار المطعون فيه دون إحالة، فيعود بذلك الفريق للرابطة المحترفة الأولى. وإمّا قبول الطعن والاقرار بنقض القرار مع الإحالة، وفي هذه الحالة سيكون هلال الشابة مجبرا على تقديم الأدلة الكافية التي تثبت صواب قراءته للفصل 15 من النظام الأساسي للجامعة الذي يتطلب تمرير قرار المكتب الجامعي على الجلسة العامّة للأندية للمصادقة عليه.لتنتظر بذلك ما ستؤول إليه تطورّات الملف في الأسابيع القادمة.

علاء الدين ميلاد
باحث في القانون الرياضي