أخبار - 2020.09.12

صديقي العيّاش، عنــدو مشكلة مـــــع خشمــو

صديقي العيّاش، عنــدو مشكلة مـــــع خشمــو

بقلم عادل الأحمر - صديقي العيّاش أصبح لي اليوم  بمفاجأة لي هي، قال شنوة باش يعمل عملية جراحية ، وما كنت أعلم أنّ صاحبي كان يشكو من مرض خطير أو من تعقيدات، تحتّم عليه دخول غرفة العمليات، فسارعت إليه بالسؤال عن السبب، ومن جواب العيّاش سمعت العجب :" ماشي نقص من خشمي شوية ". فوجئت بالجواب لأنّي أعرف عن صاحبي أنّه ضد العمليات التجميلية ، فهو يرى فيها تحدّيا للذات الإلاهية ، وانقلابا على ما كتبه الله لنا من صفات جسدية.

ولما ذكرته برأيه في هذا الموضوع منذ وقت طويل، أجابني مصحّحا : "يا ولدي العملية موش عملية تجميلية "، فقاطعته :" إمّالا قل لي بربي شنية ؟حصة براعة يدوية ؟ ". ضحك العيّاش وقال :" صحيح أنّ أنفي ليس بالكبير، ولا يحتاج أيّ تغيير، لكن لخشم لي نحكي عليه هو تلك الأنفة اللعينة، التي بها في العائلة ابتلينا، وأنت صديق الطفولة تعرف أنّي م الصغرة، ما نحملش النبزة ، وما نعدّيش الكشة، ما نرشفها لحد، وما نطلب حتّى شي من حتّى حد، وما نطيّحش من روحي على خاطر قضية باش يقضيوهالي، ويذا طيّحت نقعد مدة نلوم على روحي وتفسد أحوالي...". قلت :" أعرف ذلك، وهو شعور بالكرامة وعزّة النفس مضخم شوية ، ورثناه من تربيتنا في بيئة شعبية، كانت ترفض أن يكون فقرها تعلّة لمدّ اليد و طأطأة الرأس لأي كان، أو سببا للشعور بالنقص إزاء الأكثر ثراء والأعلى منصبا مهما اختلف الزمان والمكان".

وافقني العياش على هذا الكلام :" نعم عباولنا روسنا بقيم الاعتداد بالنفس والأنفة والكرامة والإباء ( "الفقر والفرعنة" كما كان يقول عنا بعض الجيران والأقرباء)، إلى أن كبر هذا الخشم بعد تراكم السنوات بأيامها ولياليها،ووحلت فيه وحلة بوالديها، وجاء الوقت اليوم لأخفّف من هذا الأنف اللعين، بالكشي نولي كيف لخرين... '.قاطعت العياش بسؤال، خطر لي فجأة على  البال :" وما رأي المادام في هذا الموضوع؟"، فيجيبني: "تسألني دائما :"ياخي آش عملت بيه هالخشم؟ ما شفنا منو كان الهم"، فأوافق وكلّي ألم ،وأعترف اعتراف من بخشمه قضى على حياتو، بينما غيره بصحّة الرقعة قضى قضياتو، ووبالقفة مشى أفارياتو...لكن كيف لي أن أفعــل ما يفعلون، وأن أتصرف كما يتصرّفون ؟ آما صحــــة للي رقعتو صحيحة وبلاطة، ما مشاتش حياتو ســــــــلاطة، صحّة للي ما عنـــــدوش وجه وما يحشمشي، وما يهمو في حتى شي وما يخممشي، ولا خشـــــم ولا هم يحــــــزنون، صحـــــــة ليهم حقا فأولئك هـــــــم الرابحون".

قلت للعيّاش :"ولكن هل ستنفع هذه العملية مع هذه المعاناة، وتدخل بعدها مرحلة جديدة من  الحياة ؟ "، فأجاب :" أتصور في الخيال، أنّ العيشة باش تولّي هبال : أموري في العنبر وقضياتي مقضية، وعاد اشبيه إذا حطيت من روحي  شوية، وشنوة المشكل إذا عملت ضربات بندير، ما دام أموري باش تولّي خير؟ ولي ندربكلو ونقففلو، ياخي باش نخلي وجهي عندو ؟ المفيد القضية تقضات وتحقق المطلوب، أما الباقي فمسألة طريقة وأسلوب، بهما تفتح الأبواب، ولا يهم ما تقدمه لأجل ذلك من حســــاب".

على هذه الكلمات ، قمت مع صديقي قاصدين إحدى المصحات، فقلت له ونحن في  الطريق :" إنت ماشي ماشي، قل للطبيب ما ينساشي، يركب لك زادة أكتاف صحاح تلقاهم وقت الغصرة، ويعاونوك كيف تجي تقضي قضية ". ولمّا فتح باب غرفة العمليات، وقد سمح لي بمرافقة صديقي حتى آخــر اللحظات ،غشى عيني ضوء ساطع أفقدني البصـــــر...وعندمــــا عـــــاد إلي النظر، وجدت نفسي في الفراش، ولا أثر لصديقــــــي العيّــاش، فأدركت أنني كنت في منـــــامة، وأنّ خشم صديقي لا يزال ممتّعـا بالسـلامة.

عادل الأحمر
 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.