منير بن ميلاد : برحيل الأستاذ سمير العنابي تونس تفقد كفاءة عالية في مجال القانون

إنّا لله وإنّا إليه راجعون.

بلغنا اليوم بكلّ حسرة وأسى نعي صديقنا الأستاذ سمير العنابي، الذي يمتاز بخصال إنسانية ومهنية عالية وقد جمعتني به عدة مناسبات أقتصر على ذكر البعض منها كشهادة شخصية عن بعض ملامح حياته، وما أعرفه عنه.

لقاءاتي المهنية به كانت في مناسبتين : 

• الأولى: عندما كان محاميا عن شركة سياحية تونسية، كنت أمثلها وكنا نتعامل مع شركة سياحية ألمانية. سافرنا معا لمناقشة بنود عقد بيننا كان محررا بالإنقليزية. فوجئنا يوم النقاش بوجود ثلاثة محامين عن الشركة الألمانية. وبدأ النقاش حادا حول بنود العقد بندا بندا. فكان المحامون عن الطرف الألماني يقرؤون بنود العقد على الصيغة التي توافق مصالحهم. وكان الأستاذ سمير العنابي يردّ لهم الكيل كيلين ما عدى فصل واحد تنازل عنه الأستاذ احتراما للمجموعة. وفرض عليهم محتوى العقد على الصيغة التي توافق مصالح الشركة التي يمثلها.

• الثانية: تعاملت مع الأستاذ سمير العنابي في ميدان التحكيم بجزئيه المحلي والدولي سواء بصفتي عضوا بلجنة التحكيم أو رئيسا لهيئة التحكيم، فلمست فيه قدرة نادرة في التعامل مع جزئيات تطبيق القانون وتفاصيل احترام الإجراءات والإلمام الكلي بفقه القضاء الذي كان ينير بهم أعمال الهيئة.

وفاة الأستاذ سمير العنابي -رحمه الله -تعد خسارة كبيرة لتونس التي تفقد رجلا من الكفاءات العالية والخبرات الراسخة في القانون والقناعات الثابتة خصوصا في ميدان الدفاع عن حقوق الإنسان.

مما يذكر عن الراحل أنه لما أتمّ دراسته وأراد أن يترسم في المحاماة، اتجه إلى محكمة التعقيب وأدى اليمين بين يدي رئيس محكمة التعقيب حسب تقاليد المهنة، والذي كان، من الصدف، في تلك الفترة والده. ورجع إثرها مع والده إلى المنزل. إثر الغداء وعند تناولهما للشاي سأل الأب ابنه سمير ماذا ستفعل الآن فرد عليه سمير محاميا بالطبع فرد الأب هذا لا يكون وأنا رئيس محكمة التعقيب. وبينما هما في يتناقشان  دخل عليهما محام من كبار المحامين جاء للتهنئة فتوجه لسمير العنابي وسأله على كم  من قضية تحصّلت  بعد أداءك لليمين لدى والدك، فقال الأب لابنه : يا سمير هذا صاحبنا يقول هكذا فماذا سيقول الآخرون؟

وطلب الأب من ابنه سمير مواصلة دراسته في الحقوق. وهذا ما تم بالفعل، حيث كانت هذه فرصة عمره، فقد سافر إلى الولايات المتحدة ومكث بها خمس سنوات اكتسب خلالها خبرة عالمية إضافية وصار يتقن ثلاث لغات بنفس السهولة.

رحم الله الأستاذ سمير العنابي ورزق أهله وذويه وأسرة المحاماة جميل الصبر والسلوان.