أخبار - 2020.05.07

تونس يُمكن أن تكون مجدّدًا بــــــلاد الفٌـرص

تونس يُمكن أن تكون مجدّدًا بــــــلاد الفٌـرص

1. مقدّمـــــة

هذا هو التقرير الدوري الذي يُعدّه مكتب "بروكنسلت"PROCONSULT  للخبرة والاستشارات وهو  يندرج ضمن سلسلة من الخدمات يُقدّمها المكتب للفاعلين الاقتصاديين والسياسيين .
يهتمّ التقرير في نفس الوقت بالفهم والتوقّع، من خلال تحليل الرّاهن وتعداد مشاهد التطوّر والترجيح بينها، حتى يكون أداة تسمح للفاعلين السياسيين والاقتصاديين بتحديد الخطط وتقدير المخاطر والفرص لاتّخاذ القرارات المناسبة.
وقد لاحظنا أنّ المادّة الاستشارية المتوفّرة في تونس هي عادة مادّة فنية وفي أحسن الأحوال تقتصر على الجوانب الاقتصادية فحرصنا على إثراء المنتوج بمادة شاملة تعتمد قراءة تأليفية تنطلق من رصد المحيط الاستراتيجي ثمّ من الإطار السياسي الوطني لتتفرّع بعدها للمجالات الاقتصادية والمالية والاجتماعية والأمنية وحتى البيئية حسب حاجة المتعاملين.
وبالنظر إلى أنّه يتوجّه إلى جمهور من المتخصّصين فإنّه سيتجنّب عن قصد التفاصيل وسيركّز على الخلاصات والأحكام الكبرى في عنصر التحليل كما في عنصر التوقع.
وتجدر الاشارة، أنّ خُلاصات هذا المنتوج يُمكن أن تكون نقطة انطلاق لإنتاج مجموعة من الدراسات المعمّقة تتناول المعضلات الكبرى التي فرضتها الجائحة أمام الفاعلين السياسيين والاقتصاديين.
 وإضافة للنسخة العربية فقد حرصنا على توفير نسختين واحدة بالفرنسية وأخرى بالإنجليزية.

2. الملخّـــص التنفيذي

يقرأ هذا التقرير الصورة في تونس إلى حدود منتصف شهر أفريل 2020 ويحاول أن يتوقّع ما بعدها. وندرك جيدا أنّ كل جهد للتوقع في مثل هذه الأوضاع انّما هو تعامل مع كمٍّ من العوامل المتداخلة، لا أحد يستطيع الجزم باتّجاهات حركتها ولا موعد السيطرة عليها.
كل ما نعرفه أنّه بقدر ما برز من ضعف في التضامن أثناء التعامل مع الأزمة لحدّ الآن فإنّه لا سبيل لإنقاذ البشرية غير التعاون الشامل ومتعدّد الأبعاد.
وقد خلصنا في بحثنا الى تفهّم الاستراتيجية المتدرّجة التي اعتمدتها السلطات التونسية في إدارة الأزمة كما اعتبرنا أنّ الخسائر الصحية تعدّ مقبولة مقارنة بأوضاع مشابهة، وأرجعنا النجاح النسبي الى الشفافية والثقة النسبية في الفريق الحكومي.
أمّا الانعكاسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية فاعتبرنا أنّه يمكن التعايش معها في حال تمّ التحكّم في الوباء وطنيا وأيضا في المحيط القريب (الجزائر وليبيا وجنوب أوروبا وألمانيا) في مدّة لا تتجاوز أسابيع معدودة، وكذلك امكانية تحمّل الخسارة في الوظائف وتكلفة الأعباء المالية الإضافية.
أمّا ما بعد الأزمة فقد رجّحنا أن تُسلّط الأوضاع المحيطة ضغوطا أكبر من السابق على تونس بسبب تفرّغ دول أوروبا إلى معالجة أوضاعها واحتمال لجوئها إلى سياسات انطوائية.
وبسبب تقلّص فرص الاستثمار في ليبيا نظرا لترجيح استمرار انخفاض أسعار النفط.
وبسبب ترجيح دخول الجزائر مرحلة عصيبة نتيجة توقّع تدهور الوضع الاقتصادي نظرا لاستمرار تراجع أسعار النفط وتوسّع الاحتقان الاجتماعي بما من شأنه أن يؤدّي إلى تزايد المخاطر الأمنية الواردة من الجار الغربي.
وخلصنا الى ربط حسن ادارة مرحلة ما بعد الكورونا، في صورة انتهاء الأزمة في ظرف شهرين أو ثلاثة (وهو أفضل المشاهد) كما التعايش مع أزمة طويلة الأمد، بعنصرين أساسيين:
أولا: معالجة أزمة الثقة بين مراكز القرار الأساسية في الدولة.
ثانيا: التفكير بشكل مختلف في الحلول والأولويات لمراجعة الخيارات الاقتصادية والاجتماعية الكبرى أو ما يندرج تحت عنوان "منوال التنمية"
وبهذا يمكن أن تواصل تونس كونها بلاد فرص.

3. التحليل

أوّلا: السياق العالمي والإقليمي

سنقتصر على التطرّق إلى المناطق والعوامل الأكثر تأثيرا على تونس.

حيث تشهد البشرية منذ ديسمبر الماضي جائحة أودت لحدّ الان بحياة عشرات الآلاف في كل الدول مع توقّعات بتصاعد مفزع لعدد الضحايا.
لقد تعوّدت البشرية مواجهة كوارث كبيرة، غير أنّ الأزمة الحالية تختلف عنها كونها شاملة وعميقة وطويلة المدى.
فهي أزمة شاملة حطّمت الجغرافيا، ووضعت على المحكّ كل أبعاد البناء السياسي من المنظومة الدولية إلى المنظومات الإقليمية إلى الدولة الوطنية الى الوحدات الفرعية المنضوية تحتها، كما وضعت على المحكّ كل مكوّنات البناء الاجتماعي من العائلة إلى الفرد، وكل مجالات النشاط الإنساني من الصحّة الى الاقتصاد والتربية والدين والثقافة والسياسة والقضايا الوجودية الأكثر تعقيدا.
وهي أزمة عميقة لا تقتصر على التساؤل حول طريقة اشتغال النموذج الحضاري المهيمن وإنّما تطرح أسُس هذا النموذج.
وهي أزمة طويلة المدى فلا أحد يعرف متى تنتهي إدارة شوطها الأول أي امتصاص الأزمة الصحية وإيقاف انتشار الوباء، ثمّ لا أحد بإمكانه توقّع الأمد الزمني المطلوب لإعادة ترتيب الأوضاع للوصول إلى حالة من الاستقرار لن تكون بالتأكيد استعادة لما كانت عليه الأوضاع قبل ديسمبر 2019.

ولذلك وجب النظر لهذه الأزمة بصفة بانورامية تتجاوز البعد الآني، فالعالم ما بعد الكورونا لن يكون هو العالم قبلها سواءا كان الحديث اقتصادا أو مالا او أعمالا أو سياسة أو علم اجتماع بل وقضايا وجودية أيضا، كما قد يعاد النظر في فلسفة العلاقات الدولية ومساءلة المفاهيم التي ساد استعمالها من مثل التعاون والتنافس والاعتماد المتبادل والحدود والسيادة ومفهوم المواطنة وغيرها.
وسنستجلي في الفقرة التالية تأثيرات الفيروس على الدول التي نراها الآن الأكثر تأثيرا على تونس بفعل الجوار (الجزائر وليبيا) أو بفعل عمق الروابط التجارية والاقتصادية (فرنسا وألمانيا وايطاليا).

أ.الجزائر

تواجه الجزائر تحدّيات اقتصادية واجتماعية وسياسية معقّدة تعُود أسُسها إلى تراكمات لإشكاليات قديمة لم يتمّ تفكيكها في الوقت المناسب وأخرى مستجدّة نتيجة المتغيّرات الجيوسياسية والاقتصادية والمجتمعية وثالثة نتيجة جائحة الكورونا.
إنّ ارتفاع أسعار النفط في السنوات الماضية والبحبوحة المالية التي وفّرها حجبت ضرورة تنويع الاقتصاد وتحريره من الارتهان الى مادة النفط وأسعارها المتقلبة.
وكان لتراجع إمكانيات الدولة وللانسداد السياسي الذي كشف عن صراعات النفوذ والتموقع في أعلى هرم السلطة دور القادح في انطلاق الحراك الذي كثف مطالبه في المطالبة برحيل الجميع.

ولقد استندت الحكومة في إعداد ميزانية 2020 على فرضية سعر لبرميل النفط بـ 50 دولارا وركّزت على حزمة من الإصلاحات الجبائية والاقتصادية بنيّة حشد الموارد الكافية بما يُجنّب اللجوء إلى إجراءات اجتماعية قاسية في ظرف سياسي داخلي دقيق.

غير أنّ تداعيات تفشّي وباء الكورونا جاءت لتزيد الوضع تعقيدا وتضيف الى التحديات الداخلية المزمنة تحديات اقتصادية إضافية وهو ما فرض على الحكومة اتخاذ

اجراءات تقشّفية مشدّدة، لهذا قد تشكّل سنة 2020 والسنوات القليلة المقبلة مرحلة مفصلية مفتوحة على كل السيناريوهات.
فاستمرار تراجع أسعار النفط لمدّة طويلة سيُجبر الدولة على الالتجاء مجدّدا إلى الاقتراض الخارجي الذي كانت ترفضه مع ما يترتّب عن ذلك من برنامج إصلاحات موجعة ومكلفة سياسيا وشعبيا.

كما ستتأثّر الجزائر مثل كل بلدان المنطقة بالسياقات الجيوسياسية لما بعد الكورونا بالنظر إلى موقعها وثقلها السياسي، وقد تكون موضوع صراع شديد بين فرنسا والصين والولايات المتحدة وروسيا.

وقد تدخل الجزائر المرحلة المقبلة بوضعية أكثر غموضا، وعليها أن تواجه كل هذه التحديات مجتمعة مع شرخ عميق بين الدولة والمجتمع.

ب. ليبيــــا

بسبب عجز "حفتر" عن السيطرة على طرابلس وقناعة الدول الكبرى باستحالة نجاح وديمومة حل عسكري فقد كانت الأوضاع تدفع باتجاه فرض حل سياسي توافقي في مرحلة انتقالية تُمهّد لانتخابات دستورية وتُؤسّس لمرحلة أكثر استقرارًا. غير أنّ هذا الاتّجاه ارتبك بسبب الوباء، ولقد تكرّرت الدعوات لوقف التقاتل ولكن لم تحصل الاستجابة الرسمية، ولم يبد أن نسق المعارك قد انخفض بشكل محسوس.
ليبيا تواجه اليوم حربين متزامنتين حرب أهلية لم تتوقّف وحرب ضد الكورونا. وفِي غياب دولة مركزية وإدارة مستقرّة لا أحد بإمكانه أن يضبط التزام الناس بإجراءات العزل، ولا أن يعطي صورة دقيقة عن مدى انتشار الوباء في وضع يتقاطر فيه مرتزقة من عدد من البلدان المجاورة ولا أن يضبط استراتيجية للمعالجة مع وجود إدارتين إحداهما في الشرق والأخرى في الغرب مع التنازع المعلوم حول موارد الميزانية.

ج. أوروبا

أظهرت الأزمة ضعف التضامن بين الدول الأوروبية ومدى هشاشة الاتحاد الأوروبي، وربما يكون هذا أكبر امتحان يتعرض له هذا الكيان.
ومن القضايا التي ستطرح ما بعد كورونا هي دور وحقيقة المؤسسات العابرة للأوطان سواء كانت مؤسسات إقليمية أو دولية ومن ضمنها الاتحاد الأوروبي الذي لم يستطع ضبط مقاربة موحّدة ولا كان متضامنا بما فيه الكفاية مع دوله الأكثر تضرّرا وخاصّة ايطاليا واسبانيا.
ورغم أن الاتحاد الأوروبي قد وهب تونس أواخر شهر مارس 2020 منحة بـ 250 مليون أورو فإننا نتوقع انخفاض دعم ثلاث دول أساسية لتونس في المستقبل، فإيطاليا وفرنسا دولتان منكوبتان والخسائر في ألمانيا ليست يسيرة ونُرجّح أن تتصاعد النزعات القومية في الدول الثلاث، على الأقل في الفترة المباشرة لرفع الحظر، بما يدفعها إلى اعتماد سياسات أكثر حمائية في التعامل مع التوريد من تونس وأكثر انتقائية في التعامل مع الهجرة.
المرحلة اللاحقة مفتوحة على احتمال الاستمرار في نهج الانغلاق كما هي مفتوحة على عولمة من نوع جديد تكون لتونس موقعها فيه لاعتبارات القرب وكفاءة اليد العاملة والروابط التاريخية.

ثانيا: الأزمة في تونس

أ.المستوى السياسي
لقد تمّت المصادقة على الحكومة التونسية الجديدة يوم الحادي والعشرين من فيفري بعد مخاض عسير، لتجد نفسها مباشرة في مواجهة أزمة لا أحد يعرف حجمها ولا أمدها ولا يمكن لأي معالجة وطنية أن تغفل أبعادها المتشعبة والمتداخلة.
ولقد اعتمدت الحكومة مقاربة متدرّجة حاولت المزاوجة بين حماية الأرواح وعدم التعطيل الشامل للاقتصاد، وهي مقاربة يمكن وصفها بعديًا بأنّها كانت غير كافية، لكن يمكن تفهمها في حينها.
وهي تتلاءم مع طبيعة البلاد المفتوحة واقتصادها الهش الذي يعتمد على المبادلات وحرية التنقل وتراعي قبل ذلك الأعباء المالية المنتظرة.
وقد أظهرت قدرا من النجاعة بالتحكّم في تقدّم العدوى وبالحدّ من الوفيات.
ولقد اتّخذت الحكومة حزمة من الإجراءات المتوازنة لتجسيد هذه المقاربة قد تنجح في مسايرة الأوضاع لأمد قصير لكنّها لن تقدر على ضبط ردّ فعل آلاف العائلات المحاصرة دون موارد إن طالت المدة أكثر. كما أنّ المبلغ الهام الذي رصدته الحكومة (2500 مليون دينار) لن يكفي لسدّ الاحتياجات الضرورية للمؤسّسات والفئات الاجتماعية بل ستكون مطالبة بمضاعفته في الأسابيع القادمة إذا استمرّت الأزمة.
واتّضحت أثناء إدارة الأزمة ثغرات النظام السياسي، وسلبيات انحياز رئيس الحكومة إلى رئيس الجمهورية على حساب البرلمان، كما ظهرت للعلن الصراعات بين رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان.

وبرز وزير الصحّة وإطاراتها في واجهة قيادة المعركة في حين بدا رئيس الحكومة متوسّطا في المضمون كما بدا عليه التذبذب والبرود في التواصل قبل أن يتحسّن أداؤه لاحقا.

في الأسابيع التالية برزت وجوه أخرى من الفريق الحكومي كان يفترض أن يكون حضورها أكثر كثافة مثل التجارة والفلاحة والشؤون المحلية والداخلية وتكنولوجيا الاتّصال والعدل والمالية والدفاع والنقل.
في خلاصة تحسّنت الإدارة الحكومية ولكنّها لم تصل إلى أوجها ولم تُعط صورة الفريق المتنوع والمتكامل الذي يتشارك في تحمّل المسؤولية ويتضامن في طمأنة وتعبئة المواطنين ويُخفّف الضغط على فريق الواجهة.

اخلالات الإدارة الناتجة عن ثغرات دستورية، وعن تراكمات سياسية، وعن أوضاع حزبية يخشى أن تنفجر مع تواصل أزمة لا أحد يدري متى تنتهي، ويخشى ان تنفجر خاصة بعد نهاية الشوط الأوّل من الأزمة مع استقبال مرحلة جديدة لا عنوان لها إلا إعادة الإعمار والبناء في سياق مختلف جوهريا يتسم بمحدودية الموارد المالية وصعوبة تعبئة موارد الاقتراض من الأسواق المالية العالمية. ولقد كان نقاش طلب الحكومة من البرلمان تفويضها العمل بالمراسيم مناسبة لمزيد التنبيه إلى مشكلة عدم الثقة السّائدة.
اضافة للفاعلين الرسميين يُمكن أن نُسجّل:

انتعاش قيم التضامن والتكافل من خلال التبرّع للصندوق المفتوح من طرف الحكومة ومن خلال صيغ أكثر عفوية.
الدور المهم للمجتمع المدني وخاصة للشباب المتطوّع في الأحياء لتقديم الخدمات والنصح والتوجيه. وهو دور ضاغط أيضا في وسائل التواصل الاجتماعي يُذكّر بالحراك الحاصل أثناء الأشهر الأولى للثورة وللحراك الحاصل في الشهرين المواليين للانتخابات التشريعية الأخيرة.
الدور المتوجّس للاتحاد العام التونسي للشغل خشية على المكاسب الاجتماعية للموظفين والطبقة الوسطى والخوف من التستّر بالأزمة لتطبيق توصيات المؤسسات المالية الدولية.
الدور المتوجّس وأحيانا المعرقل لمنظمة الأعراف التي برزت في صورة المدافع عن مصالحة أنانية في وضعية حرب.
أداء المؤسّسات الإعلامية كان معقولا في مُجمله، مع محاولة بعض أصحاب المصالح ممارسة الابتزاز على الحكومة لإثنائها عن إجراءات قد تُهدّد مصالحها.
في أوضاع الحروب مثل هذه يكون انسجام القيادة أهم من السياسات والإجراءات، اذ هو الوحيد الضامن لصوابيتها وديمومتها وسرعة وحسن تنزيلها، وتكون الوحدة الوطنية هي الشرط لضمان الانتصار.

ب. المستوى الاقتصادي

تزامن اندلاع الأزمة مع صعوبات هيكلية يعاني منها الاقتصاد التونسي يترجمها انخرام التوازنات المالية وتراجع جميع مؤشرات الاقتصاد الكلي (تسجيل نسبة نمو اقتصادي ب1% فقط سنة 2019) ممّا يجعل الضغوط الإضافية التي تسلطها أزمة الكورونا على اقتصاد مريض أصلا ونمط تنمية وصل حالة الإنهاك تضفي صبغة أكثر حدّة لانعكاساتها على قدرات الاقتصاد للتحمّل لاسيما على مستوى امكانات الدولة وقدرة النسيج الاقتصادي لاحتواء هذه الانعكاسات وتدهور الواقع المعيشي للمواطن  بما قد ينجرّ عنه تعمّق تدهور المؤشرات الاقتصادية رغم ما شهده بعضها من ارهاصات ايجابية .

ففي ظلّ اجراءات الحجر العام وانحسار المواصلات جوا وبرا وبحرا وطنيا ودوليا ألقت الأزمة بظلالها على عديد القطاعات والشرائح المهنية وان بدرجات متفاوتة حيث تُعتبر قطاعات السياحة والنقل والمقاولات الأكثر تضررا  كما هو الشأن بالنسبة لقطاع الصناعات المصدّرة وتلك التي تعتمد في انتاجها على المواد الأولية ومعدّات التجهيز المستوردة لاسيما لدى الشريك الاستراتيجي أوروبا والصين بالعلاقة مع وضعها الوبائي على أنّ أثر هذا التضرّر سيطال بصفة مرحلية دون شك القطاع المالي وخاصة البنكي المُمول الأساسي للنسيج الاقتصادي.
ورغم صعوبة التوقّع لتعدّد المشاهد المحتملة ارتباطا بطول مدّة الأزمة واتّساع آثارها الجانبية فانّ بعض التوقعات تشير إلى أن الاقتصاد الوطني سيعرف لا فقط ركودا بل تراجعا حادا قد يتجاوز نسبة 4% حسب أغلب التوقعات بما في ذلك صندوق النقد الدولي الذي يتوقّع أن يُسجّل الاقتصاد التونسي نموّا سلبيا بـ 4,3 % ، بالعلاقة مع ما توفّره القطاعات المتضرّرة من خزان للنموّ، وذلك في السيناريو الأدنى، ولكن قد يصل هذا التراجع إلى أكثر من تلك النسبة  إذا تواصلت الأزمة إلى الخريف المُقبل وتواصل تعطّل قطاعات الإنتاج الرئيسية، إلى جانب تراجع الطلب الأوروبي بفعل الركود الحادّ  المتوقّع في منطقة اليورو.
ولم يكن للحكومة وللبنك المركزي من بدّ في المسارعة باتّخاذ حزمة أولى من الاجراءات ذات الطابع المالي والجبائي لاحتواء الآثار المرتقبة للأزمة على النسيج الاقتصادي والفئات الاجتماعية تهدف بالأساس الى:

دعم قدرة النسيج الوطني على الصّمود أمام الأزمة لمواصلة النشاط والإيفاء بالتزاماته وتلافي تراكم الخسائر والافلاس ولاسيما تبعات ذلك في فقدان مواطن الشغل وتعميق وضع البطالة.

مساعدة الفئات الضعيفة والمهمّشة للمحافظة على حد أدنى من القدرة الشرائية ومن الظروف المعيشية لتجنب التوترات الاجتماعية المحتملة.

دعم القدرات التشغيلية للوحدات الصحية لمجابهة التطورات المحتملة لتفشي الوباء خاصة في مرحلة الذروة للتحكم في الخسائر البشرية والمحافظة على رأس المال البشري.

وتمحورت الاجراءات الجبائية حول تخفيف عبء الالتزامات الجبائية على سيولة المؤسّسات المتضررة.

وتفرّعت الاجراءات المالية إلى صنفين. فقد بادر البنك المركزي الى اتخاذ الصنف الأوّل منها بالتخفيض في نسبة الفائدة المديرية بـ 100 نقطة لتخفيف عبء كلفة التمويل على المؤسسات والأشخاص مع دعوة البنوك الى ترحيل آجال القروض للثلاثي المقبل بالنسبة للأشخاص الطبيعيين، خاصة ذوي الدخل المحدود، للحفاظ على مقدرتهم الشرائية وللسبعة أشهر المقبلة بالنسبة للمؤسسات المتضررة لتخفيف ضغط السيولة عليها وتمكينها من تأمين احتياجاتها التشغيلية وخلاص الأجور على أن يقوم البنك المركزي بضخ السيولة اللازمة للقطاع البنكي لسدّ الثغرات المنجرّة عن ترحيل الآجال والتي تقدر بأكثر من 6000 مليون دينار.
وعزز البنك المركزي هذه الاجراءات بإلزام البنوك بالعدول عن توزيع أية أرباح بعنوان سنة 2019 لتعزيز ملاءتها المالية إزاء المخاطر المحتملة وكذلك بالتخلّي عن عمولات عمليات النقد الالكتروني في مسعى لاعتماد هكذا معاملات والتي تتلاءم أكثر مع ظرفية الكورونا وتُعزّز الشفافية المالية. 

ومن جهتها أسندت الحكومة تدخّل البنك المركزي بصنف آخر من الاجراءات ذات تأثير مباشر على سيولة المؤسسات المتضررة عبر تعهد الدولة بوضع صندوقين استثماريين (دون تحديد استراتيجية واضحة لتعبئة هذه الموارد أو صرفها) الأول بمبلغ 500 مليون دينار لتدعيم الموارد الدائمة للمؤسسات التي تحافظ على مواطن الشغل والثاني بمبلغ 100 مليون دينار يخصص حصريا لإعادة شراء مساهمات صناديق الاستثمار فيها مع إحداث آلية لضمان قروض جديدة للتصرف والاستغلال والصيانة تسندها البنوك لهذه المؤسسات لمدة 7 سنوات منها سنتين إمهال.

واقتصرت الاجراءات الموجهة للقطاع الصحي على إحداث آلية استثمار بمبلغ 100 مليون دينار لتمويل اقتناء المعدات للمستشفيات والمؤسسات الصحية العمومية مع إعفاء المؤسّسات الناشطة في قطاع بيع الأدوية بالتفصيل والجملة من الأداء على القيمة المضافة وتمتّعها كغيرها من المؤسّسات المتضرّرة.
وإذ تُمثّل هذه الحزمة من الاجراءات تدخّلا ضروريا أملته سرعة تطور الوضع فهي لم ترتق لمنزلة استراتيجية شاملة ومتحرّكة مبنيّة على أساس تقدير أولي للوضع والآثار المترتبة عنه، لاسيما على مستوى عدد المؤسّسات المتضرّرة واحتياجاتها ومواطن الشغل المحتمل فقدانها وحجم الموارد الضرورية لاحتوائها ومصادر تعبئتها في محاكات مع التوازنات العامة والمؤشرات الاقتصادية ذلك أن هذه المقاربة:

تطرح مسألة حوكمة التدخلات وما تقتضيه من ضرورة التنسيق وتظافر الجهود وتوزيع الأدوار بين مؤسسات الدولة خاصة بين الحكومة والبنك المركزي بعيدا عن تنازع الصلاحيات بالعلاقة مع خصوصية هذه الأزمة من حيث طبيعتها الشاملة وبُعدها النظامي (systémique) وما تحيل إليه من مخاطر الاستقرار المالي والاجتماعي.
تستدعي تبنّي تصوّر يخرج عن السياسات التقليدية سواء تعلق الأمر بمعايير تقييم مؤشرات التوازنات العامة أو الآليات التقنية للاستجابة للمتطلبات المالية للمرحلة ذلك أنه لا شك ولا ضير في توسع عجز الميزانية الذي قد يتضاعف مع ما يعنيه من ارتفاع للمديونية، غير أنّ تجنب الانفلات يمرّ بالضرورة عبر البحث عن حلول إضافية غير تقليدية لتعبئة الموارد محلية كانت أو خارجية.

وللغرض كان الأجدى مراجعة الميزانية بإعادة تبويبها على أساس أولويات المرحلة في استعمال الموارد لاسيما الاجتماعية والصحية والطارئة لإنقاذ النسيج الاقتصادي مقابل ما يتيحه تراجع سعر البترول من فائض في ميزان المحروقات وترحيل ما أمكن من استثمارات ومصاريف من ذلك الزيادات المبرمجة في الأجور وخاصة العمل مع الشركاء الماليين على معالجة آجال الدين العمومي الخارجي إما من خلال اعادة الجدولة أو بتعبئة موارد تناوب وتوجيه أخرى مبرمجة لسدّ احتياجات المرحلة.

وبالنسبة لتعبئة الموارد الداخلية، والوضع يهدد الاستقرار المالي، كان الأجدى تفعيل دور البنك المركزي في دعم للميزانية بصفة استثنائية عبر اقتناء السندات العمومية في حدود يتم ضبطها الى جانب الاكتتاب الوطني أو الخاص الموجه للمؤسسات الكبرى ذات القاعدة المالية الصلبة ولم لا القطاع الموازي في إطار عملية ادماج ومصالحة   على أنّه يمكن للغرض، على غرار القطاع البنكي، اعتماد توقيف العمل بتوزيع الأرباح لهذا الصنف من المؤسسات. ويوصي، عديد الخبراء في هذا الإطار بضرورة الإسراع بوضع منظومة الاقتصاد الاجتماعي التضامني وصندوق الزكاة في صورة مطورة وتفعيل آليات التمويل الإسلامي لاسيما الصكوك لتخفيف العبء على ميزانية الدولة وتعبئة موارد إضافية من مصادر غير تقليدية وذلك في معزل عن الصراع الأيديولوجي.

وبالنظر الى غياب مثل هذه الحلول غير التقليدية لمعالجة اختلال توازن الميزانية وتعبئة الموارد الضرورية، ومع الضرر الذي لحق بالقطاعات الجالبة للعُملة الصعبة (السياحة، الصادرات، عائدات العمل بالخارج...) فإن الضغط يتجاوز ميزانية الدولة ليلقي بضلاله على ميزان الدفوعات وخاصة على المدخرات من العملة وعلى سعر الدينار في سوق العملة ناهيك أن آجال الدين الخارجي لسنة 2020 تمثّل ما يعادل 40 % من هذه المدخرات.

كما أنّ الاجراءات المتخذة كانت تفترض على مستوى التنزيل الفعلي اوّلاً آليات قانونية لا بد من توفرها للسلطة التنفيذية وبالسرعة المطلوبة لتفادي تفاقم الوضع وما يقتضيه الأمر من تثبيت لمناخ الثقة المتبادل مع الجهاز التشريعي وتجنّب للتجاذب حول الصلاحيات وثانيا وأساسا الوسائل التنظيمية واللوجستية لتحديد أحقية المنتفعين بالإجراءات لاسيما من النسيج الاقتصادي والكفيلة بملامسة كل إجراء للمؤسسات والشرائح المستهدفة وبالمتابعة اللاحقة لتطور أوضاعها.

كما نتوقّع تضاعف مستوى إعادة تمويل البنوك من قبل البنك المركزي الذي قد يتجاوز 20 مليار دينار مع ما يحمله ذلك من ضغوط تضخمية في ظل عدم التحكّم في مسالك التوزيع وتراجع النمو.

أمّا في خصوص الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لحماية صحّة الناس وترميم المنظومة الصحية فهي تعدّ إجراءات الحدّ الأدنى وتمكّن من ربح الوقت لتمكين المنظومة الصحية المنهكة من التعامل مع أعداد أكبر من الإصابات.

عموما وباعتبار أنّ الاقتصاد التونسي ليس مهيكلا بالكامل فلا يمكن للدولة المضي في اجراءات الحجر الصحي الشامل لفترة مطولة ذلك أنّها لن تكون قادرة على أن تضمن للناس قُوتهم ولاهي قادرة أن تتحمل كلفة انهيار كلي للاقتصاد وآثاره الاجتماعية. ممّا يستوجب إعادة التفكير بجدية في أولويات الإصلاح للفترة المقبلة على غرار النظر بجدية في مصير القطاع الموازي وفي المؤسسات العمومية وحوكمة الادارة ورقمتنها والتسريع في وضع المعرف الوحيد كبنية لوجستية ضرورية لإنتاج بيانات مهمة حول السكان والاقتصاد لصياغة السياسات وترشيد التدخلات والأهم إصلاح منظومة الدعم والنظر بجدية في مصير الشركات العمومية المفلسة ومسألة تنازع الصلاحيات والتنسيق بين الحكومة والبنك المركزي.

ج.المستوى الاجتماعي

تعاني البلاد مشكلات رئيسية فيما يتعلّق بالتشغيل.

أولى هذه المشكلات هي توفّر الشغل من عدمه، وتعاني البلاد من ارتفاع نسبة البطالة (أكثر من 14.9% أي ما يقارب 623.9 الفا من العاطلين عن العمل. نسبة البطالة بين الذكور 12.1 %، وبين الاناث 21.7 %)، وخاصّة في أوساط الشباب في سن 15 – 24 (33.8 %). وتتفاقم أزمة التشغيل في أوساط خريجي الجامعات (27.8 % أي ما يقارب 255.5 ألف من العاطلين عن العمل. نسبة البطالة بين الذكور  15.7 % وبين الإناث  38.1 %). هذه البطالة تكشف الاختلالات المجتمعية العميقة، إذ تفضح التفاوت الجهوي، والتفاوت بين الجنسين وبين الأعمار.

وثاني هذه المشكلات تتعلّق بثنائية الاستقرار /الهشاشة، اذ تكشف خارطة التشغيل اختلالات بين القطاع العمومي والقطاع الخاص، وبين القطاع المنظّم والقطاع الموازي، وبين المؤسّسات المستقرّة وتلك التي تعاني صعوبات هيكلية.
وثالث هذه المشكلات تتعلّق بمردود الشغل.
قد تنجح الإجراءات التي أعلن عنها رئيس الحكومة في توفير مداخيل مؤقتة لفئات اضطرت على الانقطاع عن العمل، وقد تنعش مؤقتا بعض المؤسسات الصغرى وتلك التي تمرّ بصعوبات، ولكن لا أحد بإمكانه أن يتنبأ بمصير آلاف العائلات المعتمدة على التجارة الصغيرة والعمل اليومي والمشغلة في المؤسسات الصغرى والمصدرة كليا والسياحة والنقل إذا طالت مدة الأزمة وتعقدت أزمة السيولة ومسالك التوزيع، ولن تقدر المبالغ المرصودة التي سيتم توزيعها على المنتفعين سوى على تلطيف حال الاحتياج الظرفي وستتواصل هشاشة أوضاعهم ويعمق احتياجهم لإجراءات استثنائية.

ولا أحد بإمكانه أن يتوقّع الأوضاع بعد انجلاء الأزمة والدخول في مرحلة التعافي.

هل بالإمكان عودة بعض القطاعات إلى سالف نشاطها أم ستجد البلاد نفسها مضطرة إلى خيارات جديدة وإلى إعادة انتشار مواردها من اليد العاملة؟
كيف التفاعل مع الطلبات الجديدة للشغل والتي كانت تجد أحيانا متنفسا في الهجرة (قطاعات المعلوماتية والطب مثلا) أمام إحتمال لجوء الدول المستقبلة إلى سياسات حمائية.

تُعاني شرائح واسعة من التونسيين صعوبات العيش وتتعرض الطبقة الوسطى لعملية تهرئة مستمرّة ولكن تونس تجاوزت حالات المجاعة منذ عقود وبعض التقديرات حول استدامة الأزمة لمدّة سنة أو أكثر تجعل البلاد قد تواجه مجدّدا هذا الاحتمال مع ما يعنيه من انعكاسات اجتماعية خطيرة وهذا يفترض سياسة وقائية طويلة الأمد من الدولة والوزارات المعنية وخاصة المالية والتنمية والتشغيل والفلاحة والتجارة والسلطة المحلية ويفترض اشتغالا على تغيير نمط التدبير المنزلي واعتماد سلوكيات تقشّفية قد تصلح لإدارة الأزمة وقد تصلح لما بعدها أيضا .
لا يُستبعد إن تواصلت مدّة الحجر الصحيّ أسابيع إضافية أن تحصل عمليات تمرّد لكسر الحجر بسبب صعوبة تحمّل الضغط النفسي الناتج عن الحصار وبسبب ضيق العيش لفئات دون موارد أو تسترزق من شغلها اليومي، وبسبب فقدان البضائع الأساسية او انسداد مسالك التوزيع وتنامي ظاهرة الاحتكار وارتفاع الأسعار خاصّة مع اقتراب شهر رمضان.
كما أنّه يجب الأخذ بعين الاعتبار وضعية مستقبل العمالة التونسية في الخارج، إذ قد تجد نفسها تعاني النزعات القومية في أكثر من بلد بما يُسلّط ضغوطا إضافية على سوق الشغل الوطني، كما انّ التحويلات المالية قد تشهد تراجعًا مقارنة بالمعتاد.

4. محاولة في التوقع والاستشراف

أوّلا ستطرح الأزمة الحالية على العقل السياسي التونسي للمعالجة أسئلة كبرى من ضمنها دور الدولة في الشأن الاقتصادي وعلاقتها بالمؤسّسات العمومية وكذلك الامتيازات التي منحتها لبعض القطاعات منذ سبعينات القرن الماضي. وهو ما من شانه أن يطرح على طاولة البحث مجموعة الخيارات الكبرى لمنوال تنمية يعتمد الكلفة المنخفضة، وماهية الإصلاحات الكبرى المستوجبة التي اقتصرت على استدامة الموازنات الاقتصادية الكبرى دون معالجة الإشكاليات الهيكلية من تفاوت جهوي، وتدهور قيمي، وانخرام المنظومة التربوية وانهيار لمنظومة الصحّة واختلال التوازن المالي للصناديق الاجتماعية وشبه افلاس المؤسسات العمومية. وفي مقابل القطاعات التي ستعاني من الصعوبات أو التي ستفرض عليها طريقة جديدة في التفكير، فالثابت أن قطاعات أخرى ستحظى باهتمام وحوافز كبيرة على غرار قطاعات الفلاحة، وتكنولوجيات الاتصال والصناعات الصيدلية والصناعات الغذائية وابتكار التطبيقات الإعلامية، والتعليم والتجارة والخدمات عن بعد، وما يمكن أن تُفرزه هذه الأخيرة من ضغوط وتحدّيات على مستوى البنية التحتية المعلوماتية infrastructure informatique)) ومن خلق لنوعية جديدة من المهن إلى جانب رقمنة الإدارة العمومية وهياكل الدولة.

ثانيا في الظروف الراهن يصعب التّوقع، بل يصعب حتّى إحصاء الاحتمالات المُمكنة، فعوامل التأثير كثيرة ومساحاتها متعددة والتحرّك في أي مساحة يمكن أن يؤثر على غيرها خاصة بالنسبة لبلد صغير ومفتوح ومتعدد العلاقات. غير أنه يمكن أن نعدّد المداخل الأساسية التي بإمكانها التأثير في طريقة بناء المستقبل، وهي:

طول الأزمة
وحجم الخسائر البشرية
ومدى تماسك وتكامل المشهد المؤسّساتي في البلاد ونعني بذلك العلاقة بين رأسيْ السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، ومدى استقرار الفريق الحكومي وخاصّة التعايش بين حركة النهضة من جهة والسيد إلياس الفخفاخ ومحيطه وحركة الشعب والتيار الديمقراطي من جهة أخرى، ومدى استقرار الوضع في الأحزاب.

أحسن المشاهد المُمكنة هو أزمة تنقشع وطنيًا وعالميًا في أفق ثلاثة أشهر مع مشهد مؤسّساتي معقول سيفرض بالضرورة مراجعات جوهرية في المنوال التنموي وإلى مراجعات لدور الدولة ولموقع بعض القطاعات التي حرّكت الاقتصاد الوطني منذ سبعينات القرن الماضي.

هذا السيناريو يُتيح لتونس أن تكون بلاد فرص بالمقارنة مع غيرها ويُتيح للرأسمال الوطني والأجنبي أن يُعيد الانتشار.

بقية المشاهد (نهاية سريعة للأزمة مع عدم استقرار مؤسّساتي، أو أزمة طويلة مع استقرار مؤسّساتي، أو أزمة طويلة مع عدم استقرار مؤسّساتي) كلّها تُفضي إلى مقادير من المجهول يصعب معها التوقّع ولا حلّ معها إلا المواكبة ومراقبة المعالجات التي تحصل في العالم.
PROCONSULT TUNISIA
تتمثّل المهمة الأساسية لمكتب الخبرة والاستشارة "بروكنسلت" في مرافقة المؤسسات والمستثمرين وذلك بتقديم الاستشارات والدعم الفني الذي يساعدها على تنفيذ مشاريعها وتطوير أدائها وتحديث وسائل عملها وطرق تسييرها وتحسين انتاجيتها والارتقاء بجودة منتوجها والقيام بالعمليات المالية والهندسية والادارية والعقارية التي تساعد على تحقيق ذلك.

وبحكم اعتمادها على شبكة ممتدة ومتنوعة الاختصاصات تشمل ثلّة من الخبرات العالية وكبار المختصين من المهندسين والخبراء والجامعيين والوزراء السابقين وشيوخ الخبرة، في عديد من المجالات الفنية والهندسية والاقتصادية والمالية والادارية، وفي مختلف المجالات كالصناعة والطاقة ولاسيما الطاقات الجديدة والمتجددة، والتكنلوجيات الحديثة والبناء والتعمير والتخطيط العمراني واستراتجيات التنمية، فان مكتب الخبرة والاستشارة "بروكنسلت" قادر على تقديم المساعدة والمساندة والاستشارة لكل طالبيها من مؤسسات ومستثمرين وكذلك لمجالس ادارة المؤسسات وممثلي الشعب في المجلس النيابي والمجالس الجهوية والجماعات المحلية ومؤسسات الدولة.

كما تقدم "بروكنسلت" من خلال فرعها المختص "بروكنسلت للتكوين" دورات تكوينية متلائمة مع احتياجات حرفائها في مختلف المجالات يؤمنها خبراء وجامعيون وكفاءات ادارية عالية.

اعداد: وحدة البحوث والتحاليل

 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.