أخبار - 2020.04.18

إلى متى هذا الصمت على التوغّل في اغتيال المنظومة الأممية والمواثيق الدولية؟..

إلى متى هذا الصمت على التوغّل في اغتيال المنظومة الأممية والمواثيق الدولية؟..

يوم الثلاثاء 14 أفريل الجاري، أعلن الرئيس الأمريكي غريب الأطوار دونالد ترامب أنّه قرّر تعليق المساهمة المالية التي تقدّمها بلاده لمنظمة الصحّة العالمية.

وقد برّر هذا القرار بما سمّاه "سوء إدارة" المنظّمة لأزمة فيروس كورونا المستجدّ، حيث ادّعى أنّها عتّمت على تفشّي الفيروس، وقلّلت من شأن التهديد الذي شكّله، وتأخّرت في دق ناقوس الخطر لتنبيه العالم إلى احتمالات انتشاره، وبذلك فإنّها، في نظره، أخفقت في الاضطلاع بواجبها الأساسي واستحقّت المحاسبة.
وقد ذهب إلى أبعد من ذلك حين اتّهمها بالانحياز إلى الصّين، رغم أنّ التّمويل الذي قدّمته لها الصين خلال السّنة الماضية (40 مليون دولار) يقلّ بأكثر من عشرة أضعاف عن التّمويل الذي قدّمته لها الولايات المتحدة (452 مليون دولار) بعنوان نفس السنة.

ودون الدخول في مناقشة هذه المبرّرات التي اكتفى المدير العام لمنظمة الصحة العالمية في الردّ عليها بالدعوة إلى عدم تسييس الفيروس، فإنّني أعتقد أنّ قرار الرئيس الأمريكي غريب الأطوار لم يفاجئ أحدا، غير أنّه كما قال الأمين العام لمنظمة الأمم المتّحدة جاء في وقت "ليس وقت خفض موارد" منظّمة أممية منخرطة في الحرب ضدّ وباء "الكوفيد-19".

إنّه، فيما أرى، قرارٌ كان منتظرا، عاجلا أو آجلا، فالرئيس الأمريكي غريب الأطوار الذي تعامل مع الفيروس بأسلوبه المتكبّر المتجبّر، فأصر على تسميته بالفيروس الصيني وكان يحسب أن الولايات المتّحدة ستكون في مأمن منه، كان من الطّبيعي أن يبحث لنفسه عن شمّاعة يعلّق عليها مسؤولية المأساة التي تعيشها بلاده الآن والتي وضعتها على رأس قائمة الدول المتضرّرة من جائحة "الكوفيد 19".

ثم إنّ الرئيس الأمريكي غريب الأطوار الذي كنت سمّيته في بعض مقالاتي بـ"تاجر واشنطن" (لتماثل سيرته مع سيرة تاجر البندقية في مسرحية شكسبير الشهيرة) اعتاد أن يقرن في مقاربة كافّة القضايا، داخلية كانت أو خارجية، بين هذا الأسلوب المتعالي وبين منطق الربح والخسارة، فهو لا يعالجها إلاّ من زاوية أنّها فرص لصفقات يجب أنْ يفوز بها، أو يفوز فيها على الطرف المقابل.

ومن هذا المنطلق، فإنّ قراره جاء منسجما مع خطّ السّير الذي اختاره لنفسه منذ تربّعه على عرش البيت الأبيض، بل منذ حملته الانتخابية التي أنذر خلالها بأنّه يعتزم "تغيير عقود من السياسة الأمريكية" وأنّه فيما يتعلّق بمنظمة الأمم المتحدة وهيئاتها، وبقية المنظمات والاتفاقيات الدولية الأخرى سيتوخّى سياسة مغايرة لسياسات أسلافه...

وقد تجلّى ذلك فعلا في سلسلة القرارات الشبيهة أو المماثلة العديدة التي اتّخذها على امتداد الأربعين شهرا الماضية من ولايته، والتي يمكن أن نلخّص أهمّها فيما يلي:

1/ الرئيس الأمريكي غريب الأطوار ومنظمة الأمم المتحدة

أكّد الرئيس الأمريكي غريب الأطوار الذي يتبنّى شعار "أميركا أوّلا"، والذي كان، باستمرار، يتذمّر من المبالغ المالية الطائلة التي تقدّمها بلاده للمنظمات الدّولية، أنّه ليس من المعجبين بالمنظومة الأممية التي قال عنها، ذات مرّة، في إحدى تدويناته إنّ "لديها إمكانات كبيرة لكنّها الآن أصبحت نادياً يتجمّع فيه الناس معاً لتبادل أطراف الحديث ولقضاء أوقات طيّبة. هذا شيء محزن للغاية".

وقد تحدّث هو والعديد من أركان إدارته، مرارا وتكرارا، عن ضعف منظمة الأمم المتحدة، وعدم كفاءتها، كما ردّد في مناسبات عديدة أنّها "لم تحقّق أهدافها بسبب البيروقراطية وسوء الإدارة".

ولذلك دعا إلى اتّخاذ "موقف جريء" منها بما يمكّن من تغيير طريقة عملها، بدل "التمسك بالأساليب التي أثبتت فشلها".

ثم إنّه ما انفكّ يشكو من أنّ المنظمة التي قال إنّ "مصاريفها فائضة"، وإنّها "تنفق أموالاً أكثر ممَّا ينبغي" تضع عبئاً مالياً على أمريكا أكبر بكثير من الدول الأخرى، وأنّ أمريكا "لن تسمح بمواصلة استغلال كرم الشعب الأمريكي أو تركه دون متابعة".
والمقصود بالمتابعة هنا هو أنّ الولايات المتّحدة ستمارس على المنظمة ضغوطا من أجل التقليص في مصاريفها، وفي وظائف إدارتها المنتفخة، مع ّإخضاعها للمساءلة، ولكن وبالتوازي مع ذلك فإنّها لن تواصل تحمّل الإنفاق على منظمة يصوّت أعضاؤها ضدّ المواقف الأمريكية خاصة إذا تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية.
وبالفعل، وبعد تهديد المنظّمة والدول الأعضاء بقطع ما تقدّمه لها من دعم، انتقلت واشنطن، منذ سنة 2017 وعلى امتداد السنوات الموالية، إلى تقليص مساهمتها في ميزانية المنظمة التي تمثل نسبة 22 بالمائة من حجمها الإجمالي، كما عمدت، في نفس الوقت، إلى تقليص مساهمتها في تمويل عمليّات حفظ السلام التي تمثل بدورها 28.5 بالمائة من حجم التمويلات المخصّصة لهذه العمليات عبر العالم.

2/ الرئيس الأمريكي غريب الأطوار ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)

قرّر الرئيس غريب الأطوار دونالد ترامب المنحاز انحيازا كلّيا وأعمى إلى إسرائيل، في 12 أكتوبر 2017 أي بعد تسعة أشهر من تقلّده الرئاسة، انسحاب بلاده من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، ووقف مساهمتها في ميزانيتها، بدعوى أنّها "معادية لإسرائيل" التي ترى بدورها أنّها ليست سوى "مسرح للعبث يشوّه التاريخ بدلا من الحفاظ عليه".

وبالرّغم من أنّ التوتّر شاب علاقات الولايات المتّحدة باليونسكو لأسباب مختلفة  في العديد من الفترات في الماضي، فإنّ الرئيس دونالد ترامب ارتكز في قراره على القرارات التي اتّخذتها اليونسكو بشأن إدراج البلدة القديمة في القدس المحتلّة وأسوارها ضمن قائمة المواقع المُعَرَّضَة للخطر في العالم (سنة 2016)، وبشأن اعتبار المسجد الأقصى وحائط البراق الذي يسمّيه اليهود "حائط المبكى"، تراثا إسلاميا خالصا، ونفى وجود أيّ ارتباط ديني لليهود  بهما، وذلك إضافة إلى تصويت المجلس التّنفيذي لليونسكو سنة 2017 على قرار آخر يؤكّد قرارات المنظمة السابقة باعتبار إسرائيل محتلّة للقدس، ويرفض سيادتها عليها.

3/ الرئيس الأمريكي غريب الأطوار والقضية الفلسطينية:

بمجرّد وصوله الى سدّة الرئاسة، أعلن دونالد ترامب حربا شعواء على القضيّة الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني، وقد بلغت الحرب ذروتها بالإعلان يوم الثلاثاء 28 جانفي 2020، عما سمّاه "صفقة القرن" التي قال عنها، بكل ثقة في النفس، إنّها خطة مختلفة عن خطط الإدارات الأمريكية السابقة وإنّها "توفّر فرصة للفلسطينيين والإسرائيليين، ضمن حلّ الدولتين".

وكان قبل هذه الخطوة "التاريخية"، وتمهيدا لها، اتّخذ العديد من القرارات التي ضربت بقرارات الشرعية الدولية عرض الحائط، والتي ألغت جميع حقوق الفلسطينيين الثابتة، ومست بالوضع القانوني للأراضي الفلسطينية المحتلة وحتى بعض الأراضي المحتلة العربية الأخرى.

وكان أبرز هذه القرارات وأشدّها إيلاما للفلسطينيين والعرب القرار الذي أعلنه في ديسمبر 2017 واعترف فيه بالقدس المحتلّة عاصمة لـ"إسرائيل".

وبالرّغم من أنّ الأمم المتحدة اتّخذت، إثر ذلك، قرارا اعتبرت فيه أنّ أي إجراءات تهدف إلى تغيير طابع هذه المدينة المقدسة "لاغية وباطلة"، فإنّه قام، في ماي 2018، بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها.

ثم إنه لمزيد الضغط على الطّرف الفلسطيني، قرّر في شهر سبتمبر 2018، إغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وطرد رئيسه، بعد أن كان هدّد بذلك في نوفمبر 2017 إذا "لم تشارك المنظمة في مفاوضات مباشرة وهادفة من أجل التوصل إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل".

4/ الرئيس الأمريكي غريب الأطوار ووكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الاونروا"

في إطار الإجراءات التّضييقية على الشعب الفلسطيني حتّى يرغمه على استئناف التفاوض وفقا للشروط الإسرائيلية، قرّر بعد شهر من إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، تجميد ثلث التبرّع الأمريكي السنوي للأونروا (125 مليون دولار أمريكي) وهو ما أوقع الوكالة في أزمة مالية أثّرت على عملها في مناطق اللّجوء الخمس، وتحديداً في قطاع غزّة الذي يعيش حصاراً إسرائيلياً منذ 2006.

وفي ماي 2018 نفّذت الإدارة الأمريكية ما أمر به دونالد ترامب من إعادة توجيه مساعدات اقتصادية بأكثر من 200 مليون دولار كانت مخصّصة لقطاع غزّة والضفة الغربية إلى مشاريع في أماكن أخرى، كما حجبت وزارة الخارجية الأمريكية في سبتمبر 2018 مبلغ 25 مليون دولار، كان من المقرر أن تقدمها كمساعدة للمستشفيات الفلسطينية في القدس.

وقد برّر الرئيس الأمريكي غريب الأطوار هذه الإجراءات في إحدى تدويناته فقال: "لماذا يجب أن نواصل دفع مئات الملايين من الدولارات للفلسطينيين ما داموا يرفضون الانخراط في مفاوضات سلام طويل الأجل مع إسرائيل؟".

والأدهى من ذلك أنّ الإدارة الأمريكية أعلنت صراحة أنّ القرار يهدف إلى إجبار السلطة الوطنية الفلسطينية على التوقّف عن دفع إعانات إلى أسر الشهداء والجرحى والأسرى، لأنّ واشنطن تحشر هؤلاء جميعا في زمرة الإرهابيين.

5/ الرئيس الأمريكي غريب الأطوار والجولان السوري

بالتوازي مع الإعلان في 18 نوفمبر 2018 عن أنَّ واشنطن لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية "مخالفة للقانون الدولي" وأنّها ستترك للفلسطينيين والإسرائيليين حل الخلاف بينهما على المستوطنات، وقّع دونالد ترامب في 25 مارس 2019 قرارا يعترف فيه رسميا بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، وكأنّها ملك من أملاكه.

وبذلك، فإنّ الولايات المتّحدة التي قامت، بطريقة غير مشروعة، بالتدخل في سوريا، وبضرب عدة مواقع سورية في أكثر من مناسبة بذرائع مختلفة وغير ثابتة، ثم بنشر بعض قوّاتها حتى الآن في جزء من الأراضي السورية، كرّست القرار الذي كانت إسرائيل اتخذته سنة 1981 وضمّت بموجبه مرتفعات الجولان إلى أراضيها.

6/ الرئيس الأمريكي غريب الأطوار والاتفاق النووي الايراني

في الثامن من ماي 2018 قرّرت الولايات المتحدة الانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة، المعروفة بـ"الاتفاق النووي الإيراني" الذي تم التوصّل إليه في جوان 2015 بين إيران ومجموعة الخمسة زائد واحد (5+1 أي الصين وفرنسا وروسيا وبريطانيا  والولايات المتحدة بالإضافة إلى ألمانيا).
وقد قوبل هذا الانسحاب، في إبّانه، بانتقاد شركاء الولايات المتحدة في الاتفاق فضلا عن العديد من دول العالم الأخرى، لا سيما وأنّه كان مرفوقا بتشديد العقوبات على إيران، بصورة غير مسبوقة، وبفرض عقوبات موازية على أي دولة قد تخرق الحصار الأمريكي المضروب عليها.
وقد كان هذا الحصار الجائر كالحصار الجائر على سوريا وعلى قطاع غزة محلّ "تجريم" من قبل المنظمات الحقوقية والإنسانية لأنه فاقم الأزمة الناجمة عن انتشار جائحة "الكوفيد 19" في هذه البلدان التي لم تتمكّن من التزود باحتياجاتها من مستلزمات مواجهة الجائحة.  

7/ الرئيس الأمريكي غريب الأطوار ومنظمة التجارة العالمية

إلى ذلك، هدّد الرئيس الأمريكي غريب الأطوار الذي يعتبر أنّ اتّفاق سنة 1994 الذي أنشئت على أساسه منظمة التجارة العالمية هو "أسوأ اتفاق تجاري يُتَوَصَّل إليه في التاريخ"، بالانسحاب من هذه المنظمة إنْ لم تُحَسِّن معاملتها غير العادلة لبلاده.

وقد أعلن في المؤتمر الصحفي الذي عقده في أعقاب مشاركته في المؤتمر السنوي للمنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس في جانفي الماضي، أنّه بدأ محادثات مع المدير العام للمنظمة حول إصلاح هيكلها، ودقّق قائلا إنّه يتحدّث "عن هيكل جديد تمامًا" للمنظمة التي يعتبر أنها عاملت الصين بشكل أفضل من معاملتها لبلاده لسنوات عديدة.

وينطلق الرئيس الأمريكي غريب الأطوار في الضّغوط التي يسلّطها على المنظمة حتى تغيّر طريقة تعاملها المتساهلة مع عدد من الدول المنافسة للولايات المتحدة، من أنّ هذه الدول وفى مقدّمتها الصّين "تغش" نظام المنظمة، حيث أنّها تستفيد، دون وجه حق، من المنافع التي يتيحها لها هذا النظام وذلك بالرغم من أنّها تتمتع بقوة اقتصادية تلحقها بمصاف البلدان المتقدمة أو الغنية أو المؤثرة.

وفي هذا السياق كتب في إحدى تدويناته ما يلي: "إنّ منظمة التجارة العالمية مخطئة حينما تزعم أنّ بلدانا من أغنى بلدان العالم نامية، وذلك حتى تتجنّب الخضوع لقوانين المنظمة، وتحصل منها على معاملة خاصة. لا مزيد من ذلك. اليوم وجّهت الممثل التجاري للولايات المتحدة للتحرّك حتى تتوقف هذه الدول عن غش النظام على حساب الولايات المتحدة الأمريكية".

8/ الرئيس الأمريكي غريب الأطوار واتفاقية باريس للمناخ

على صعيد آخر، أعلن الرئيس الأمريكي غريب الأطوار في 1 جوان 2017 انسحاب الولايات المتحدة من اتفاقية باريس للمناخ، وأكّد في خطاب ألقاه في حديقة البيت الأبيض، أنّه يرفض أي شيء يمكن أن يقف في طريق "إنهاض الاقتصاد الأمريكي".

وقد جاء هذا الإعلان تنفيذا لشعار "الدفاع عن الوظائف الأمريكية" الذي كان رفعه خلال حملته الانتخابية والذي يتطلّب تجسيمه، كما يرى، أن تكفّ الولايات المتحدة عن الالتزام بما جاء في اتفاق باريس من قيود مالية واقتصادية شديدة.

ومع التشكيك فيما سيكون لاتفاق باريس من تأثير إيجابي على المناخ، فإنّه يعيب عليه أنّه "ليس حازما بما يكفي مع الصّين والهند"، ولكل ذلك فإنّه يعتبر أن الوقت حان "لإعطاء يانغستاون وأوهايو وديترويت وميشيغن وبيتسبورغ، الأولوية على باريس وفرنسا".

وبالفعل فإن الولايات المتحدة أبلغت، في شهر نوفمبر 2019، الأمين العام للأمم المتحدة رسميا انسحابها من الاتفاق، وهو ما يجعلها "القوة الاقتصادية الكبرى الوحيدة" الخارجة عنه.

*************

إن جملة هذه القرارات وغيرها ممّا لم أذكر، تبيّن أن الرئيس الأمريكي غريب الأطوار دونالد ترامب شرع منذ تسلّمه مقاليد الرئاسة في بلاده، عملية أشبه بعملية الاغتيال المنهجي لمنظومة الأمم المتحدة وللمنظمات والمواثيق الدولية المختلفة.

وما من شكّ أنّ قراره تعليق المساهمة المالية التي تقدّمها بلاده لمنظمة الصحّة العالمية، والعالم في قلب المعمعة التي يخوضها ضد جائحة "الكوفيد 19"، يشكّل دليلا جديدا على توغّله المتعمَّد في عملية الاغتيال هذه.

والمؤسف في الأمر هو أنّ العالم وقف حتى الآن صامتا متفرّجا على ما يجري، وقابل قرارات الرئيس الأمريكي وإجراءاته بردود فعل رخوة ومتراخية لا ترقى إلى خطورة أفعاله التي لا تعير أي اهتمام للأصدقاء قبل الأعداء، وللحلفاء قبل الخصوم، ولا تبالي بمصالح الكرة الأرضية كلها والإنسانية جمعاء في سبيل تجسيم شعار "أمريكا أولا" وتحقيق المصالح الأمريكية...

وإذا استمرّ هذا الوضع فإنّ المرجّح أن يؤدّي الى تقويض أركان النظام العالمي القائم، وأن يدخل العالم في حالة من الفوضى الخطيرة التي سيصعب الخروج منها، في غياب نظام بديل يمكن أن يحلّ محله.

ومن هذا المنطلق فإنّه من المهم، لا سيما في ضوء التصرفات الأمريكية في خضم جائحة الكوفيد 19" أن يخرج العالم عن صمته.

إنّ البديل عن ذلك سيكون كارثة ستكون أشدّ وأنكى إذا أعيد، في نوفمبر القادم، انتخاب دونالد ترامب لولاية رئاسية ثانية، وهو ليس بالأمر المستبعد، وإذا حصل فعلا، فإنّه سيشكّل كارثة مضاعفة للولايات المتحدة وللعالم أجمع، تماما مثلما يرى المنظّر السياسي وعالم اللغويات الأمريكي نعوم تشومسكي الذي يقول في بعض تصريحاته الأخيرة: "إذا انتخِب ترامب مرة أخرى، فسيكون نجاحه بمثابة كارثة يعجز اللسان عن وصفها. وسيعني هذا أن السياسات التي اتبعها خلال السنوات الأربع الماضية، والتي كانت هدَّامة للغاية بالنسبة للشعب الأميركي والعالم ستستمر، وربما تتسارع وتيرتها".

محمد إبراهيم الحصايري
 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.