شجون جيو-سياسية: سوريا, مِنْ دروسِ حربِ السّنوات العشر...
في الخامس عشر من شهر مارس 2020، دخلت الحربُ الدائرةُ رحاها في سوريا، سنتَها العاشرة.
وبهذه المناسبة، أصدرت الولايات المتّحدة الأمريكية والمملكة المتّحدة وفرنسا وألمانيا بيانًا مشتركاً اعتبرت فيه "أنّ الحلّ العسكري الذي يأمل النظام السّوري في تحقيقه، بدعم من روسيا وإيران، لن يجلب السلام"، ولذلك فإنّها تدعو النظام إلى "القبول بإرادة الشعب السّوري الذي يستحقّ العيش بسلام في بلد خالٍ من القصف والهجمات بالأسلحة الكيميائية والبراميل المتفجّرة، وممارسات الاعتقال التعسّفي والتّعذيب والتّجويع"...
ومن ناحية أخرى أكّدت واشنطن ولندن وباريس وبرلين في بيانها على "استمرار تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السّوري"، وطالبت "جميع الأطراف وخاصة النظام وحلفاءه، بالسّماح بوصول المساعدات بشكل آمن ودون عوائق إلى جميع المحتاجين" في سوريا، غير أنها أضافت، في المقابل، أنّها "لن تفكّر في تقديم أيّ دعم أو مساعدات لإعادة الإعمار، حتّى تحقيق عمليّة سياسيّة حقيقيّة وموثوقة بشكل لا رجعة فيه"، حيث أنّه "في غياب مثل هذه العملية، فإنّ مساعدات إعادة الإعمار سترسّخ سيطرة حكومة مسيئة، وتزيد من الفساد واقتصاد الحرب، وتفاقم الأسباب الجذريّة للصّراع".
وقد جاء هذا البيان ليؤكد أنّ الدّول التي أصدرته مستمرّة في نفس الاستراتيجية التي أدّت إلى اشتعال الحرب في سوريا، ثم إلى تأجّجها، ثم إلى إطالة أمدها حتى الآن، فلقد بات ثابتا أنّ هذه الحرب ما كانت لتستمرّ كلّ هذا الوقت لولا الدّور الذي لعبته وما تزال تلعبه فيها الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية الحليفة وإسرائيل وتركيا، وبعض الدول الخليجية...
غير أنّ من يقرأ ما بين السطور في هذا البيان، لا بد أن يلاحظ أنّه يشكّل إقرارا مُبَطَّنًا بإخفاق الاستراتيجية الأمريكيّة الغربيّة الإسرائيليّة التركيّة الخليجية في سوريا، فهذه الاستراتيجيّة التي كانت تستهدف إسقاط النظام السّوري، وتفكيك الدولة الوطنيّة السوريّة وتجزئة سوريا، لم تنجح في تحقيق هذه الأهداف، ولذلك لم يَبْقَ لِوَاضِعِيهَا سوى التلويح بأنهم لن يساهموا في إعادة إعمار سوريا ما دام النظام قائما، وكأنّ النظام لا يعوّل في إعادة إعمار سوريا إلاّ على الذين خرّبوها بأيديهم وأيدي عملائهم...
وفي رأيي، فإنّ الوقت حان، والحرب تدخل، على ما يبدو، مرحلتها الأخيرة، للتأمّل في إخفاقات هذه الاستراتيجية ولاستخلاص الدروس التي ينبغي استخلاصها من المحنة القاسية التي عاشها الشّعب السّوري والتي كلّفته ثمنا باهظا، أعتقد أنّه دفعه لا دفاعا عن نفسه وعن بلاده فحسب، وإنّما دفاعا، ولو بصورة غير مباشرة، عن سائر دول المنطقة العربية بما فيها الدول التي ناصبته العداء...
ولعلّ أوّل هذه الدّروس هو أنّ استراتيجية "الفوضى الخلاّقة" التي أرادت الولايات المتّحدة الأمريكيّة بها أن تفكّك المنطقة وأن تعيد تركيبها بما يخدم مصالحها ومصالح حلفائها، باءت بالفشل لأنّ سوريا استطاعت، بفضل تضافر عدّة عوامل ذاتية وموضوعية، داخلية وخارجية، الصّمود في وجهها وإحباطها.
ولا أحد يجادل في أنّ هذه الاستراتيجية تمكّنت من تخريب سوريا والعديد من الدول العربية الأخرى، غير أنّ الفوضى التي زرعتها في المنطقة لم تكن بشكل من الأشكال "خلاّقةً" لِمَا كانت واشنطن تخطّط له من "خلق جديد" في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بل إنّ نجاح سوريا في إجهاض خططها، أثبت مرة أخرى أنّ إرادة الشعوب لا تُقهر، وخلق نموذجا مُلْهِمًا في الصمود بدأت الدول المجاورة تستوحيه، وتنسج على منواله، وقد تجلّى ذلك، مؤخّرا، في مطالبة العراق، بعد أكثر من عقد ونصف العقد من الاحتلال، بجلاء القوات الأمريكية عنه...
وإخفاقُ الاستراتيجيّة الأمريكيّة في المنطقة إخفاقٌ مضاعف، لأنّه، من ناحية أخرى، أعطى لروسيا فرصة العودة، بقوّة، إلى منطقة الشرق الأوسط، ومكّنها من استرجاع دورها كلاعب أساسي لا يمكن تجاهله، بعد الآن، في التّعامل مع شؤونها.
وعودة روسيا إلى التموقع من جديد في المنطقة العربية ومنها في منطقة البحر الأبيض المتوسّط بحوضيه الشرقي والغربي بدأت تفرض ميزانَ قوى جديدًا لا في هاتين المنطقتين فحسب وإنّما في العالم كلّه، وهو ما سيتعزّز مستقبلا بفضل التعاون الذي قد يتحوّل إلى شكل من أشكال التّحالف بينها وبين الصّين المتطلّعة، بعزم لا يلين، بعد أن باتت تزاحم الولايات المتحدة على المرتبة الأولى عالميا على الصعيد الاقتصادي، إلى أن تتبوّأ المنزلة التي هي بها جديرة في إدارة الشؤون الدولية.
وليس غريبا، من هذا المنطلق، أن تطالب روسيا والصّين ومَعَهُمَا بقيّة دول "البريكس" بإقامة نظام دوليّ جديد متعدّد الأقطاب، يضع حدّا للأحادية القطبيّة التي استخدمتها الولايات المتحدة في فرض إرادتها المتعالية وهيمنتها المتجبّرة على العالم وعلى شؤونه المختلفة السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية منذ انهيار جدار برلين، وسقوط الاتحاد السوفياتي، وطيّ صفحة الحرب الباردة بين المعسكرين الغربيّ والشرقيّ، ولَوْ إلى حين.
ومع أنّ الولايات المتّحدة ما تزال حتّى اليوم القوّة العظمى، عسكريا واقتصاديا وتكنولوجيا، وهيمنةً على الأرض والفضاء، فإنّ رفع رئيسها غريب الأطوار دونالد ترامب لشعار "أمريكا أولا" والسياسات الانعزالية التي ما انفكّ ينتهجها تؤشّر إلى بداية انحسار القوّة الأمريكية الغاشمة، ولعل هذا هو الذي يفسّر نزوعَها، أكثر فأكثر، إلى انتهاج سياسات التّهديد، وفرض العقوبات، وأساليب الحصار والخنق الاقتصادي، ولجوءَها، بشكل متزايد، إلى استخدام الأدوات الاستخبارية في تنفيذ أهدافها، وهو ما هَلْهَلَ السلطة الأخلاقيّة التي كانت تتخفّى وراءها في تبرير تدخّلاتها غير المشروعة في شتّى أنحاء العالم.
أمّا الدّرس الثّاني الذي يمكن استخلاصه من الحرب في سوريا فهو يتمثّل في تبخّر أحلام الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان الذي كان يستهدف إيصال "الإسلام السياسي" إلى سدّة الحكم في دمشق حتّى يستطيع التحكّم في نظامها الجديد الذي كان يريد أن يفصّله على مقاس "أطماعه العثمانية"، وأن يتّخذ منه جسرا للعبور عليه إلى بقية دول المنطقة العربية...
غير أنّه حين أخفق في ذلك، ولم يعد بإمكانه أن يصلّيَ في الجامع الأموي كما كان يتمنّى، التجأ إلى اقتطاع جزء من شمال شرق سوريا، محاولا إقامة منطقة عازلة فيه بدعوى حماية الحدود التركية من أعدائه الأكراد...
وفي الحقيقة، فإنّه، كما يؤكّد الملاحظون، يريد من ذلك إقامة شبهِ دُوَيْلة تابعة، يُوَطِّنُ فيها من يختارهم من معارضي النظام السّوري والمتمرّدين عليه الذين لجؤوا إلى تركيا خلال السنوات الأخيرة، وذلك حتى يستخدمها، في مرحلة أولى، كورقة ضغط في أيّ حل سياسي قد يتم الاتفاق عليه مستقبلا لإنهاء الحرب في سوريا، وفي مرحلة ثانية، حتى يجعل منها رأس حربة يستعملها في مناوشة النظام السوري وفي استفزازه المستمرّ، بما يفسح له مجال التدخّل من جديد في الشؤون السورية، ومعاودة محاولاته الرامية إلى فرض سيطرته المباشرة على دمشق، إن تهيأت الظروف المواتية لذلك...
ولأنّه يعلم علم اليقين أنّ سوريا لن تسكت على ما يُخَطِّط له، وأنّ الجيش السّوري لن يلبث أن يتفرّغ لإجهاض مخطّطاته بعد أن ينتهي من معركة إدلب، فإنّه، سعيا منه إلى عرقلة تقدمّه، سارع إلى التدخّل العسكري السافر في هذه المعركة التي يدرك أنّها ستكون حاسمة، لأنّها ستقضي نهائيا على بقايا الجماعات الإرهابية والمتطرّفة التي كانت تسيطر على هذه المحافظة، والتي كانت فلولها احتشدت فيها بعد أن تمّ إجلاؤها إليها، بتوافقات مرحلية وتكتيكية، عبر ما سمّي بالممرات الآمنة من المناطق السورية التي تم تحريرها الواحدة تلو الأخرى خلال السنوات الماضية.
غير أنّ هذا التدخّل العسكري السّافر، علاوةً على أنّه تسبّب في سقوط العشرات من الجنود الأتراك، وهو ما أثار غضب شرائح واسعة من الشعب التركي، (لا سيما وأنّه تزامن مع سقوط عدد آخر من الجنود في معركة طرابلس)، فضح التواطؤ القديم الجديد بين تركيا وبين والقوى المتمرّدة على النظام السوري والجماعات الإرهابية والمتطرّفة، بما في ذلك تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، حيث بات من الثابت أنّها قامت، بالتعاون مع الولايات المتحدة والدول الغربية وإسرائيل والدول الخليجية، بدعم هذه الجماعات بشتّى الطرق، ومن ذلك خاصة أنّها فتحت أبوابها على مصراعيها أمام "المقاتلين الأجانب" الذي تقاطروا، عبر المطارات والأراضي التركية، على سوريا قادمين إليها من جميع أنحاء العالم...
على أنّ لخسارة الرئيس رجب طيب أردوغان من تدخّله في معركة إدلب وجها آخر، فهذا التدخّل فتح عيون العالم، أيضا، على الطريقة الماكيافيلية الفجّة التي ما فتئ يستخدم بها اللاجئين السوريين إلى بلاده في ابتزاز الاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية التي يريد منها أن تقف إلى جانبه وأن تدعم خططه العدوانية في سوريا، وقد تجلّى ذلك مؤخرا في السماح للآلاف من هؤلاء اللاجئين الراغبين في الهجرة إلى أوروبا بالاحتشاد على الحدود التركية اليونانية، وهو ما جعل بعض الأوروبيين يعتبرون هذا التصرّف بمثابة "إعلان حرب"، ويطالبون بتحويل الدعم الذي يُقَدَّمُ لتركيا إلى سوريا، حتى تتمكن من القضاء على ما تبقى من الجماعات الإرهابية والمتطرّفة، وتشرع في عملية إعادة الإعمار بما يشجّع مواطنيها في تركيا على العودة إليها، بدلا من المخاطرة بأرواحهم في محاولة الهجرة الى أوروبا.
هذا فيما يتعلّق بالولايات المتحدة وتركيا، أمّا ثالث الأطراف الذي أخفق في تحقيق أهدافه من الحرب في سوريا فهو إسرائيل التي عملت بكل ما في وسعها على تأجيج نيران هذه الحرب، من خلال دعم الجماعات الإرهابية والمتطرّفة وتحريضها على نشر الفوضى وإشعال مختلف أشكال الصراعات الطائفية والمذهبية بين السوريين، حتى يتم إسقاط الدولة السورية، وإرغام دمشق على التسليم وقبول السلام الإسرائيلي، كما قبلته مصر والأردن من قبل.
ومع أنها استطاعت بالحرب أن تنهك الدولة السورية، وأن تسرّع، في الأثناء، وتيرة التقارب والتطبيع مع بعض الدول العربية وخاصة الدول الخليجية المرعوبة من التمدّد الإيراني في المنطقة، فإنّ ما لم تحسب له حسابا هو التداعيات الجانبية للحرب التي أتاحت لعدوّتها اللّدود إيران أن تتموقع في سوريا، مما جعلها، بشكل من الأشكال، مجاورة لها جوارا مباشرا.
إنّ الحرب في سوريا، والحرب التي سبقتها في العراق، أدّتا إلى توثيق الترابط، حاضرا ومستقبلا، بين طهران وبغداد ثم دمشق بصورة غير مسبوقة، وسيكون على إسرائيل التعامل مع هذا المُتَغَيِّر الذي أضفى على الوضع في المنطقة تعقيدات إضافية، وخلق واقعا جيو-سياسيا وجيو-استراتيجيا جديدا، بات عليها أن تتعامل معه وأن تعمل لا فحسب على احتواء تهديدات حزب الله اللبناني الذي شارك بدوره في الحرب في سوريا، وإنّما أيضا على احتواء تهديدات "راعيته" إيران نفسها.
ولأنّ هذا الواقع الجديد تزامن مع قرار الرئيس الأمريكي غريب الأطوار دونالد ترامب التقليصَ من وجود القوات الأمريكية المُكلف في المنطقة، ومع إحجامه عن التورّط في ضرب إيران، مثلما تريد ذلك إسرائيل وبعض الدول الخليجية، فإنّه من غير المستبعد أن يضع ذلك إسرائيل في مواجهة مباشرة مع إيران على الأرض السورية، خاصة إذا أقدم الجيش الإسرائيلي على تكثيف الضربات الجوية والصاروخية التي اعتاد حتى الآن أن يشنّها، بصورة متقطّعة ومَوْضِعِيَّة، على مواقع يقول إنها إيرانية في مناطق سورية مختلفة...
وإذا لاحظنا أنّ إيران تعاملت، خلال الأشهر الأخيرة التي بلغ فيها التوتر في المنطقة درجات عالية من التصعيد، بقدر كبير من الحزم مع استفزازات الولايات المتحدة وبريطانيا، وردّت على تحركاتهما المعادية بالمثل وبصورة فورية، فإنّ مواجهة من هذا القبيل تبقى ممكنة الحدوث، وغير محسوبة العواقب...
وفي انتظار ما ستأتي به الأيام من تطوّرات على هذا الصعيد، فإنّ الدرس الرابع الذي يتعيّن استخلاصه من حرب السنوات العشر في سوريا، هو خسران دول الخليج على كافّة المستويات من مراهنتها على إسقاط النظام السوري، وخاصة من استمرارها المكابر في هذه المراهنة، وفي اهدار المزيد من الأموال الطائلة من أجل غاية بات من الواضح أنها لن تدركها.
والغريب في الأمر أنّ هذه الدول لم تتعلّم شيئا من الدّرس العراقي، ولم تفهم بعدُ، أنّها بهذه السياسة التي اتضح لكل ذي عقل باطلها، بصدد خسارة سوريا مثلما سبق أن خسرت العراق، ومثلما ستخسر اليمن قريبا بإصرارها العنيد على مواصلة الحرب العبثية التي تشنها عليه والتي دخلت سنتها السادسة منذ أيام.
على أنّ الأغرب من ذلك أنّها لا تريد أن تُقْلِع عن هذه السياسة التي جرّأت جيران العرب عليهم، ومكّنت لهم في أرضهم، وهي ما تزال تعوّل، في درء الأخطار المحدقة بها من كل صوب، على الحليفة الكبرى القديمة الولايات المتحدة التي بات رئيسها يجاهر ويفاخر بأنه يبتزّها ابتزازا، وعلى الحليفة الجديدة إسرائيل التي باتت تتباهى بأنها تجرّها جرّا إلى التطبيع بلا مقابل.
وَبَعْدُ، فقد جاء في الردّ السوري على بيان الدول الأربع ما يلي: "إنّ ما ورد في البيان الأمريكي البريطاني الفرنسي الألماني، بمناسبة مرور تسعة أعوام على الحرب الإرهابية التي تستهدف سوريا، يؤكّد مجدّداً استمرار هذه الدول في دعم التنظيمات الإرهابية لإطالة الحرب على الشعب السوري، وخاصة بعد فشلها في تحقيق أهدافها أمام صمود السوريين، والإنجازات المتتالية للجيش العربي السوري"، كما جاء فيه: "أنَّ أكثر ما يدعو للاشمئزاز هو ذاك التباكي الكاذب والنفاق الذي يتسم به خطاب الغرب الاستعماري عن حقوق الإنسان في سوريا، وهو الذي تلطّخت يداه بدم السوريين، وكان السبب في معاناتهم جرّاء الحرب الظالمة والعقوبات الجائرة التي تمس حياة المواطن السوري ولقمة عيشه، وفي تهجير الملايين بفعل الإرهاب وآثار العدوان على سوريا الذي فشل في تحقيق أهدافه مع تطهير القسم الأعظم من أراضي الجمهورية العربية السورية من الإرهاب، والسير بخطى واثقة نحو استعادة الأمن والاستقرار إلى كامل الأراضي السورية".
وأعتقد أنّه حريّ بالدول العربية أن تتأمّل جيّدا في هذا الردّ، وأن تبادر، في ضوء الحقائق التي تضمّنها، إلى مراجعة مواقفها، كدول، وكمجموعة، من دمشق التي استطاعت بفضل صمودها لا فحسب أن تمنع إسقاط الدولة الوطنية السورية وتقسيمها إلى دويلات طائفية ومذهبية، وإنّما وفي ذات الوقت أن تحبط الاستراتيجية التي كانت الولايات المتحدة الأمريكية تريد، لو لم تفشل في سوريا، أن تعمّمها على سائر دول المنطقة...
إنّ الدول العربية مدعوّة إلى أن تقدّر الواقع الجديد الذي استطاعت سوريا أن تصنعه بفضل صمودها، حقّ قدره، وأن تسارع إلى إصلاح الخطأ الذي ارتكبته في حقّها، وفي حقّ المشروع القومي العربي بِرمّته، بمناسبة القمة العربية التي ستنعقد في الجزائر بعد انقشاع جائحة فيروس كورونا المستجدّ.
إنّ المطلوب بكل وضوح هو الاّ تنعقد قمة الجزائر إلا بحُضور سوريا، لأنّ الحضور السوري سيكون مؤشرا على نهاية طور من أسوإِ أطوار الانهيار العربي، وتدشين طور جديد يلملم شمل العرب ويرأب صدعهم ويعيد إليهم شيئا من الاطمئنان والتوازن بعد زلازل ثورات ما سمّي بالربيع العربي...
ولكن ذلك سيظل رهين تخلّص العرب من عقدة الخوف التي تحدّث عنها الرئيس السوري بشار الأسد، خلال المقابلة التي أجراها مع قناة "روسيا 24" يوم الخميس 05 مارس 2020، حيث قال "إن معظم الدول العربية حافظت على علاقاتها مع سوريا ولكن بشكل غير معلن خوفا من الضغوط الغربية والأمريكية عليها".
فهل سيفعلها العرب يا ترى؟
محمد إبراهيم الحصايري
- اكتب تعليق
- تعليق