مستشار الأمن القومي: تكوينه ومواصفاته

مستشار الأمن القومي: تكوينه ومواصفاته

توالت الاستقالات في ديوان رئاسة الجمهورية. وآخر ما صدح به خبر استقالة مستشار الأمن القومي ولم تعلن الرئاسة عن هذا الخبر وربما يكون السبب أن الحدث لا يكتسي أهمية في زمن فيروس الكرونة الذي شغل الآمن القومي بكامله والذي يتطلب من الجميع الالتزام بالحجر الصحي والاعلامي على حد السواء. وربما فضل حصن قرطاج أن لا يتكلم إلا رمزا.

الغرض من هذا المقال لا يعدو أن يكون نصحا لمن يريد أن يعتبر به فربما يكون رأيا حسنا ويتم استغلاله لإثراء أفكار أخرى. من يبحث عن الرجل المناسب في المكان المناسب للقيام بمهمة مستشار الأمن القومي فإن هذا المقال يجيب عن الخبر وينير سبيل الاختيار. وهو مقال مختزل إلى أبعد الحدود ومبسط إلى أقصى الدرجات ومدعم بما تيسر من حجج علمية وأدلة واقعية بل تغلب عليه النظرة الواقعية كيف لا وأفضل السياسات الأمنية نمت من السياسة الواقعية الماكيافلية. فمن يريد اختيار مستشار أمن قومي تراوده الأسئلة التالية: ما هو الأمن القومي ؟ما هي صفات المستشار؟

لا يوجد في تونس تعريف  لمصطلح الأمن القومي ولا توجد سياسة موثقة للأمن القومي ولم ينجز كتاب أبيض ولا أسود يعتني بهذا المجال. ولا تدرس هذه المواضيع الحيوية في المؤسسات الأمنية أو العسكرية وأشك أن المؤسسات العلمية المدنية تعتني بها وإن تم ذلك فربما لا يتعدى أن تكون دراسات نظرية وتاريخية عن العلاقات الدولية ولم تتناول الحقيقة التونسية ولم تنشر وثائق رسمية تحدد هذا الموضوع. ولكن يمكن اختزال مجالات الأمن القومي في الدفاع والأمن الداخلي والعلاقات الخارجية في مرحلة أولى لأننا نجمع عليها وتناولها الفصل 77 من الدستور رغم ضبابية هذا الفصل.

وجدير بالذكر أن اختصاص الأمن قومي ليس من الاختصاصات التي تفرزها كلية العلوم السياسية في تونس أو أي مؤسسة تكوينية في أي بلد آخر مثلها مثل كل الخطط السياسية حيث لا نعرف شعبة في المدرسة العليا للإدارة يتخرج منها الوزراء أو الرؤساء أو مديرو الدواوين. ولكن الشهادات والاختصاصات العلمية والتكوينية تساعد بقدر كبير في اختيار خطة المستشار إلى جانب مؤهلات أخرى لعل أهمها المؤهلات المهنية والمعنوية. والمؤهلات المهنية تأتي أساسا من التجربة في العمل في ميدان الأمن والدفاع والعلاقات الدولية. أما المعنوية فهي تدور في فلك شخصية المستشار من قيم معنوية يتميز بها كل من أراد تحمل مسؤولية جسيمة في خدمة الدولة.

وإذا أردنا أن نلخص ما سبق يمكن أن نقول إن مستشار الأمن القومي هو من خريجي كلية العلوم السياسية وعمل بالمؤسسة الأمنية و/أو العسكرية وبوزارة الخارجية وله من الخصال المعنوية التي سلف ذكرها. وإذا تعذر لقيان كل هذه الشروط فإن ذلك يحتم العمل بشروط نسبية. و بما أنه يتعسر في الوضع الحالي التوصل إلى اختيار يرضي صاحب القرار يمكن اللجوء الى البناء وهو أفضل القرارات.  يمكن اختيار شخصية تتوفر فيها نسبة من الشروط العلمية والمهنية والمعنوية ويعهد لها مهمة مزدوجة. أولها تأمين هذه الخطة إلى جانب مهمة ثانية وليست ثانوية وهي تكوين مستشار أمن قومي يختاره الرئيس من ضمن الشخصيات التي يثق بها.

وأرى أن شخصية يمكن اقتراحها وتعيينها لتأمين خطة المستشار في الوقت الحالي وهي جاهزة ومقتدرة ومحترمة لا في داخل تونس فقط بل حتى في الأوساط الدولية. شغل خطة وزير للدفاع  وشغل خطة وزير خارجية (آخر وزير خارجية قبل الثورة) وشغل سنوات عديدة بالأمم المتحدة ومن أبرز المهام الأممية التي أمنها بنجاح فائق خطة الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بالكونغو. ولعل هذا الشخص هو من القلائل الذين تتوفر فيهم هذه الشروط وبامكانه أن يؤمن هذه الخطة بسرعة ويتعهد بتكوين خلية الأمن القومي أو بناء خلية على أسس علمية ومنهجية.

محمد النفطي

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.