أخبار - 2020.01.02

رزيڤ الوسلاتي: المياه المعدنية المعلّبة والاستشفاء بالمياه, أكثــر من 1000مليـون دينار مـداخيل سنويّــا (فيديو)

رزيڤ الوسلاتي: المياه المعدنية المعلّبة والاستشفاء بالمياه, أكثــر من 1000مليـون دينار مـداخيل سنويّــا

يحتلّ قطاع الاستشفاء بالمياه واستعمالاته المختلفة مكانة هامة في النشاط الاقتصادي والاجتماعي والصحي في تونس بحيث تنتشر الحمّامات المعدنية في جلّ ولايات الجمهورية لذلك يستقطب القطاع مئات آلاف الحرفاء من تونسيين وأجانب. وعلاوة على أنه نشاط تقليدي في الذاكرة الشعبية التونسية فقد شهد في السنوات الأخيرة تطوّرا ملحوظا و انتعاشة جليّة بفضل تنوّع أنشطته وتزايد حجم استثماراته وثبوت فوائده العلاجية والوقائية.

ولمزيد تسليط الضوء على هذا القطاع كان »لليدرز« العربية هذا الحديث مع السيد رزيق الوسلاتي مدير عام الديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه ونائب رئيس المنظمة العالمية للمياه المعدنية وعلم المناخ.

يعتبر قطاع السياحة الاستشفائية من أهمّ القطاعات على المستويات الاقتصادية والاجتماعية والصحيّة بفضل تفرّده بطابع الوقاية والعلاج والترفية من جهة، ولما يضطلع به من دور هامّ في تنويع المنتوج السياحي واثرائه وفي دعم التنمية الجهوية من جهة أخرى، إذ نجد أنّ نشاط العديد من الجهات التونسية على غرار حمّام بورقيبة وقربص والزريبة وحمام بنت الجديدي وتوزر وحامّة قابس يتمحور حول المحطات الاستشفائية والحمامات المعدنية الموجودة بها والتي خلقت حركيّة اقتصادية واجتماعية بهذه الجهات ساهمت في تحسين مستوى عيش المواطن وتثبيت متساكني هذه المناطق بها من جهة ومن جهة أخرى الرفع من القدرة التنافسية لهذه المناطق ودعم ميزاتها التفاضلية. كما يشكّل النشاط الاستشفائي رافدا هامّا من روافد دفع التنمية الجهوية والمحلية خصوصا والتمييز الإيجابي للجهات فهو محرّك لعديد القطاعات والأنشطة الأخرى (النزل والمطاعم والترفيه والتجارة والصناعات التقليدية) إضافة إلى تلك المرتبطة مباشرة بنشاط المحطات الاستشفائية (الطب والتمريض والتدليك الصحي والأنشطة الإدارية) كما أنّه يمثّل مصدرا هامّا لموارد المجالس الجهوية والمحلية بالمناطق التي يوجد بها هذا النشاط.ويساهم قطاع الاستشفاء بالمياه في تونس في خلق اكثر من 6400 موطن شغل فيما يبلغ عدد مؤسّسات التكوين الحالية الموجهة إلى هذا القطاع 54 مؤسّسة تكوينية منها 11 مؤسّسة عمومية.

كما يلعب المنتوج الاستشفائي في تونس دورا صحيّا هامّا يندرج في إطار منهج الطبّ البديل والذي أثبتته عديد الدراسات الطبية حول التأثيرات الإيجابية  لاستعمال المياه المعدنية أو ميـــاه البحر على صحّة الإنسان من خلال التخفيف من تأثيرات الأمراض المزمنة والحدّ من الأضرار والعواقب الوخيمة لهذه الأمراض، إضافة إلى أنّ التداوي بالمياه المعدنية يساهم في معالجة التأثيرات لهذه الأمراض ويقلّص من احتمال إصابة الجسم بعوارض الأمراض المزمنة وبالتالي التقليص من استهلاك الأدوية.

وعلى صعيد آخر وبالنظر إلى التحسّن الملحوظ في القدرة الشرائية للتونسي واعتبارا لتجذّر تقاليد الاستحمام في تونس، أصبح المنتوج الاستشفائي عنصرا أساسيا لتنمية السيـــاحة الداخلية حيث تستقـــطب المحطّات الاستشفــــائية والحمـامات المعدنية الملايين من التونسيين سنويا يتوافدون عليها فرادى أو عائلات بغرض الترفيه والتمتّع بمختلف مكـوّنات المنتوج والاستفادة من منافع المياه المعدنية.

كما أصبح المنتوج الاستشفائي التونسي قبلة الملايين من السياح الأجانب وهو مـا جعل تونس وجهة للسياحة الاسشتفائية بامتياز باعتبار جودة الخدمات المقدّمة بمختلف مراكز الاستشفاء بالمياه وكفاءة الموارد البشـرية العاملة بها وهو ما كان له الانعكاس الإيجابي على مـداخيل العملة الأجنبية المتأتية من القـطاع السياحي.

أهمّ مهامّ الديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء بالمياه

تبعا لما أكّدته نتائج الدراسة التي أعدّتها الهيئة العليا الأوروبية المشتركة للسياحة والتشغيل من أنّ نشاط السياحة الاستشفائية يشهد تطوّرا على المستوى العالمي وأنّ هذا التطوّر سيتواصل في قادم السنوات خاصّة ببلدان أوروبا وفي الدول المتوسطية بسبب ارتفاع معدّل حياة السكان بالمنطقة والاهتمام المتزايد بالصحة واللياقة ومقاومة الضغط النفسي وبالنظر للتأكّد من الدور الاستراتيجي لهذا القطاع وللنجاحات التي حقّقها الديوان منذ تاريخ إحداثه سنة 1975 أقرّت الدولة توسيع مجال تدخله ليشمل علاوة على قطاع المياه المعدنية الساخنة والباردة قطاعي الاستشفاء بمياه البحر وبالمياه العذبة حيث أوكلت إليه مهمّة تنفيذ سياسة الدولة في هذا المجال وذلك من  خلال المساهمة في وضع برامج ومخططات تنمية قطاع الاستشفاء بالمياه وقطاع المياه المعلّبة واتخاذ التدابير اللازمة لتطبيقه ومتابعة تنفيذ برامج تأهيل قطاع الاستشفاء بالمياه والمياه المعلّبة ومخططات إرساء أنظمة الجودة والقيام بجميع الدراسات الفنية والاقتصادية والمالية والبحوث العلمية في مجال نشاطه أو تكليف من يقوم بها والنهوض بالتكوين المهني والبحث العلمي وإرساء برامج تكوين في قطاع الاستشفاء بالمياه وقطاع المياه المعلّبة والسهر على تطبيقها بالتعاون مع الهياكل المعنية علاوة على تأطير المستثمرين والإحاطة بهم في جميع المراحل المتعلّقة بإحداث واستغلال المشاريع وتقديم المساعدات الفنية وغيرها من الأشغال الضرورية لإنجاز مشاريعهم وحسن استغلالها وصرف منح الاستثمار والامتيازات المسندة لفائدتهم ومتابعتها. واقتراح وتنفيذ برامج لصيانة وحماية منابع المياه موضوع الأنشطة الراجعة له بالنظر بالتنسيق مع الوزارة المكلّفة بالموارد المائية والوزارات المعنية بقطاع الاستشفاء بالمياه وقطاع المياه المعلّبة ومراقبة قطاع الاستشفاء بالمياه وقطاع المياه المعلّبة في جميع المراحل واتخاذ التدابير المناسبة بالتنسيق مع الهياكل العمومية الأخرى المختصّة والترويج للقطاع وتشجيع التعاون الدولي وتبادل الخبرات في مجال نشاطه.

مكوّنات المنظومة الاستشفائية بالمياه

تتكوّن المنظومة الاستشفائية بالمياه من ثلاثة أنشطة رئيسية وهي الاستشفاء بالمياه المعدنية والاستشفاء بمياه البحر والاستشفاء بالمياه العذبة .
ففي قطاع  الاستشفاء بالمياه المعدنية تزخر بلادنا بأكثر من مائة منبع مياه معدنية يستغل البعض منها في تزويد 5 محطات استشفائية بكل من قربص بولاية نابل وجبل الوسط بولاية زغوان وحمام بورقيبة بولاية جندوبة وجربة بولاية مدنين وحمام بولعابة بولاية القصرين، و46 حمّاما معدنيا مصنّفا وطنيّا أو جهويّا أو محليّا. وقد  استقطبت المحطات الخمسة خلال سنة 2018 ما يناهز 50.000 حريف محقّقة رقم معاملات يقدر بـ 5 مليون دينار. وبطاقة تشغيليّة تناهز 600 موطن شغل مباشر. في حين استقطبت الحمّامات المعدنية خلال سنة 2018 ما يربو عن 4،5 مليون حريف أغلبهم من التونسيين، محققة رقم  معاملات يقدّر بـ 2.3 مليون دينار، وبطاقة تشغيلية بحوالي 300 موطن شغل مباشر.

وأمّا على مستوى قطاع الاستشفاء بمياه البحر فإنّ عدد المراكز يبلغ 60 مركزا توفّر حوالي 2000 موطن شغل مباشر وبلغت طاقة استيعابها الجملية 6700 حريف يوميا، إستقطبت خلال سنة 2018 ما يناهز 100 الف وافد، أغلبهم من الأجانب بنسبة 95% محقّقة رقم معاملات بـ10 ملايين دينار.

يشمل نشاط الاستشفاء بالمياه العذبة من جهته 340 مركزا موزّعا على كامل تراب الجمهورية منها 288 مركزا موجودا داخل النّزل والبقية 52 مركزا مستقلاّ داخل المدن، استقطبت خلال سنة 2018 ما يناهز مليون حريف، بفضل طاقة استيعابها الجملية المقدّرة بحوالي 5000 حريف يوميا. محقّقة رقم معاملات يقدّر بـ100 مليون دينار. كما توفّر هذه المراكز 3.400 موطن شغل مباشر. ويقدر مبلغ الاستثمارات المنجزة بحوالي مليار.

الإشعاع الدولي لتونس وللديوان

تحظى تونس بمكانة مميّزة على الصعيد الدولي في هذا المجال وهو ما يتجلّى أوّلا من خلال انتخاب تونس في خطة نائب رئيس المنظمة العالمية للمياه المعدنية وعلم المناخ ممثّلة في شخص المدير العام للديوان الوطني للمياه المعدنية والاستشفاء.

وثانيا من خلال إسنادها شهادة تقدير من المنظمة العالمية للمياه المعدنية وعلم المناخ اعترافا منها بريادة تونس في هيكلة هذا النشاط ونجاحها في تركيز وإرساء منظومة تشريعية قويّة لتنظيم قطاع الاستشفاء بالمياه من خلال إصدار نصوص قانونية تضبط شروط إحداث واستغلال مراكز الاستشفاء بالمياه بمفهومها الواسع، وثالثا من خلال إعلان جربة عاصمة متوسطية للاستشفاء بالمياه سنة 2014، ورابعا من خلال اعتماد المنظمة الدولية للتقييس مواصفة الجودة التونسية 126.05 الخاصّة بنشاط الاستشفاء بالمياه في إعداد ونشر المواصفة الدولية إيزو 17680 إذ ولأوّل مرّة تعتمد المنظمة الدولية للتقييس مواصفة عربية إفريقية. وتشكّل هذه المواصفة قيمة مضافة لتأهيل قطاع الاستشفاء بمياه البحر باعتبار أنّ هذه المواصفة ستمثّل مرجعا معترفا به دوليّا في الإشهاد بالمطابقة «Certification» لمراكز الاستشفاء بمياه البحر، حيث بادر الديوان وبالتعاون مع المعهد الوطني للمواصفات والملكية الصناعية بوضع برنامج عمل مشترك لبلوغ مرحلة الإشهاد بالمطابقة لمراكز الاستشفاء بمياه البحر حسب المواصفة الجديدة وقد تمّ الشروع في تجسيم هذا البرنامج من خلال اختيار أحد مراكز الاستشفاء بمياه البحر لإخضاعه لعملية تدقيق للحصول على شهادة المطابقة ليكون بذلك أوّل مركز في العالم يحصل على هذه الشهادة ويكون بالتالي أنموذجا ومنطلقا لتعميم التجربة على باقي المراكز. كما يعدّ الحصول على هذه الشهادة وسيلة هامّة من وسائل التسويق على المستوى الوطني والدّولي لهذه المراكز.

السياسة الترويجية للقطاع

في إطار مهمّة الترويج للمنتوجات في القطاع يعتمد الديوان سياسة متعدّدة القنوات omnicanal بالاعتماد على كلّ الإمكانيات المتاحة أوّلها الديبلوماسية الاقتصادية ،حيث أصبح الديوان ينظّم مشاركاته الدولية في مختلف التظاهرات والمعارض التي تقام سنويا بالتنسيق مع ممثلياتنا الديبلوماسية بالخارج. وقد بدأت هذه السياسة تعطي نتائج ملموسة. وتكفي الإشارة إلى ما تمّ إنجازه على مستوى السوق الروسية إذ كان الديوان سبّاقا في الاهتمام بهذه السوق نظرا لاتّساع حجمها ديمغرافيا و اقتصاديا. وقد كان لدعوة رائد الفضاء الروسي «جنادي بادلكا» في نوفمبر 2010 الأثر الكبير في استقطاب أعداد هامّة من السياح الروس بعد أن تداولت وسائل الإعلام الروسية خبر تمتّعه بفترة نقاهة في أحد مراكز الاستشفاء بمياه البحر في تونس إثر قضائه مدّة مطوّلة في الفضاء.
كما راهن الديوان على استغلال الإمكانيات المتوفّرة في مجال التكنولوجيات الحديثة وذلك بالاعتماد على التسويق الرقمي لقطاع الاستشفاء بالمياه بوضعه على الخط بوّابة الاستشفاء بالمياه وهي تمثّل فضاء تعريفها لمختلف مراكز الاستشفاء بالمياه بتونس وتتضمّن فضاء تفاعليا بين الإدارة والمهنيين يوفّر خدمات إدارية موجّهة إلى المؤسّسات المتعاملة معها وذلك في إطار تبسيط الإجراءات الإدارية.كما سعى الديوان إلى تطوير تطبيقة محمولة حول التعريف بقطاع الاستشفاء بالمياه يمكن تحميلها مجانا عبر الهواتف الجوالة وأجهزة الكمبيوتر اللوحية .وتعدّ هذه التطبيقة أوّل دليل الكتروني متكامل يقدّم معطيات تعريفية حول مراكز الاستشفاء بالمياه كما توفّر خدمة الحجز عن بعد وسيتمّ وضعها قريبا على الخطّ بمنصّات تنزيل وتسويق التطبيقات المحمولة.

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.