أخبار - 2019.10.16

عادل بن يوسف: أضواء على معركة الجلاء

عادل بن يوسف: أضواء على معركة الجلاء

أحيا التونسيون يوم الثلاثاء 15 أكتوبر الذكرى السادسة والخمسين لجلاء آخر جندي فرنسي عن قاعدة بنزرت واستكمال دولة الاستقلال لسيادتها العسكرية على كامل التراب الوطني بعد مسار ديبلوماسي متعثّر وتضحيات شاقة من قبل أبنائها ومؤسّساتها وفي مقدمتها المؤسّسة العسكرية المحدثة في 24 جوان 1956 التي وجدت نفسها مجبرة على خوض آخر معارك السيادة الترابية بمدينة بنزرت بين 19 و 22 جويلية 1961 بعد أن خاضت معارك لا تقلّ أهمية عنها (معركة السدود منذ 1956 معركة ساقية سيدي يوسف في 08 فيفري 1958 ومعركة رمادة في ماي 1958...). وبهذه المناسبة الوطنية العزيزة على التونسيّين، جدير بنا تذكير الشباب التونسي بهذه المحطّة النضالية الهامة في تاريخ تونس المستقلة والوقوف عند رمزيتها ومعانيها،في وقت شكك فيه الكثير من السياسيّين قبل وخاصة بعد 2011 في جدوى هذه المعركة واتهامرئيس حزب ديني بورقيبة بالنرجسية وزجّه لآلاف التونسيّين وخاصة المقاومين القدامى منهم في أتون حرب غير متكافئة رغبة في التخلص منهم... الخ.

برتوكول 20 مارس 1956 منقوص من السيادة العسكرية

لم يغيّر برتوكول الاستقلال وضع الجيش الفرنسي فوق الأراضي التونسية منذ انتصابه بها في 24 أفريل 1881 إذ بقي في مواقعه وواصل القيام بالمهام الموكولة إليه. كما حافظت منطقة بنزرت التي تضمّ أقدم وأكبر قاعدة عسكرية فرنسية للجيوش الثلاثة في المتوسط خارج فرنسا) على وضعيتها السابقة المحددة في نصّ اتفاقية 03 جوان 1955. وقد تمّ التأكيد على ذلك في مضمون الرسائل المتبادلة بين الحكومتين التونسية والفرنسية يوم 8 أفريل 1956 التي تتيح للأولى طلب مساعدة الجيش الفرنسي لفرض الأمن في الأراضي التونسية. ويؤكده اتفاق 5 أكتوبر 1956 الذي يتيح للفرنسيين حماية مصالحهم الموجودة على الأراضي التونسية ومراقبة حدودها البحرية ومجالها الجوي...

المطالبة بالجلاء العسكري مطلب رسمي وشعبي

أثار هذا الوضع غير السليم غضب طيف واسع من التونسيّين وغالبية رجالات الحزب والدولة الطامحين إلى الاستقلال التام والسيادة العسكرية التونسية على كامل التراب التونسي رغم خطب الزعيم ورئيس الحكومة آنذاك الحبيب بورقيبة حول الموضوع في أكثر من مرّة ومناسبة. ففي 20 جوان نادى بورقيبة علنا في خطاب له بتطاوين بضرورة جلاء كل القوات الفرنسية عن البلاد. وفي 26 جوان 1956 بدأت المفاوضات بفرنسا حول العلاقات السياسية والاقتصادية والدفاعية وسط تهديدات تونسية بوقفها في صورة إبقاء الجيوش الفرنسية بتونسوهو ما حصل فعلا في 13 جويلية 1956 بسبب إصرار فرنسا على موقفها. وفي 14 سبتمبر 1956 اعتدت طائرة فرنسية على قرية بودرياس بفريانة موقعة قتيلا و 5 جرحى، فتوترت العلاقات مع فرنسا. وفي 14 سبتمبر 1956 اندلعت في بوعرقوب مواجهات بين قوة فرنسية مارة والأهالي، أسفرت عن سقوط 4 جرحى فرنسيّين و 6 تونسيين. كما حصلت معارك مماثلة بكل من المريج بعين دراهم يوم 31 ماي 1957، أصيب فيها الكاتب لعام لوزارة الشؤون الخارجية خميّس الحجري بثلاث رصاصات تسبّبت في وفاته بالمستشفى بالخارج يوم 15 أوت 1957 ومعركة "فمّ الخنقة" يوم 2 جانفي 1958، ومعركة قفصة يوم 22 ماي 1958، حيث اشتبكت وحدات فرنسية مع عناصر من الفوجين الثاني والرابع للمشاة تدخلت لنجدة اللاجئين الجزائريين إثر تعرضهم لاعتداءات القوات الفرنسية.

وفي تصعيد خطير للموقف على الحدود الغربية للبلاد، وبدعوى حق التتبع قامت 25 طائرة حربية فرنسية بغارة جوية مدمرة قصفت خلالها قرية ساقية سيدي يوسف بولاية الكاف يوم 8 فيفري 1958 وقد نتج عن هذا القصف خراب ثلثي القرية. ولم يمنع احتشاد المواطنين يوم السوق الأسبوعية المعتدين من الغارة عليهم ممّا أدى إلى استشهاد 68 وجرح 87 من التونسيّين والجزائريّين.

وكان رد فعل الحكومة التونسية حازما فقد استغلت هذا الاعتداء ليكون الانطلاقة الفعلية لمعركة الجلاء. ولم يمض سوى ثلاثة أشهر على أحداث الساقية حين قامت الوحدات العسكرية الفرنسية برمادة  بتحدي إرادة الحكومة التونسية وخرق قرارها فرض إذن مسبق على تحركات الجيش الفرنسي بالبلاد، فتحركت تشكيلة من الجيش الفرنسي مكونة من 30 عربة مصفحة ومجهزة بالأسلحة الرشاشة والمدفعية وغادرت مركزها في رمادة دون إذن السلطات التونسية واتجهت إلى قرية بئر عمير الواقعة (40 كلم شمال رمادة) واحتلتها رغم استماتة القوات التونسية المتواجدة بها في الدفاع عنها أدت إلى كرّ وفرّ بين الجيشين و محاصرة الوحدات الفرنسية وعزلها عن عناصرها المتواجدة خارج رمادة في مراكز متقدمة مثل ذهيبة وبرج بورقيبة (برج لوبوف سابقا) لتتركز حول قرية رمادة بداية من يوم 19 ماي ولم تتوقف إلا في 28 ماي 1958 باستشهاد عشرات التونسيين وفي مقدمتهم المقاوم مصباح الجربوع... وقد برزت وحشية قوات الاحتلال في قصفها لعائلة بأكملها لا علاقة لها بالمعركة. أما من الجانب الفرنسي فتم الإعلان عن وفاة 5 عسكريين وجرح 18 آخرين وتحطّم 6 سيارات عسكرية. وفي 3 جويلية 1958 تمّإجلاء القوات الفرنسية عن رمادة طبقا للاتفاق الموقع بين الطرفين الفرنسية والتونسي. وفي 6 جويلية أبحرت من ميناء صفاقس التشكيلات الفرنسية التي كانت مرابطة بالجنوب نحو فرنسا. وفي 14 سبتمبر 1958 احتفلت مدينة صفاقس بجلاء آخر جندي فرنسي عن ثكناتها.

الجلاء عن بنزرت مطلب يُطرح في منظمة الأمم المتحدة ومحور لقاء بين الزعيمين بورقيبة ودي غول

تعكّرت الأمور من جديد في 2 نوفمبر 1958 حيث عادت الجيوش الفرنسية بالجزائر إلى انتهاك حرمة التراب التونسي لذلك خطب بورقيبة في مارث معقل الجيوش الفرنسية بالجنوب قائلا: "... لقد شرعنا في التفاوض بشأن بنزرت ونحن أحرار في رفض كل ما يمس بالسيادة التونسية أو يعطل حرية الاختيار...". وفي الأثناء أعلن عن المشروع الفرنسي لتفجير القنبلة الذرية في الصحراء الجزائرية فاندلعت مظاهرة كبرى في القصبة في 25 فيفري 1960 وخطب بورقيبة في الجماهير قائلا: "... إنّ معركة الجلاء عن بنزرت تبدأ منذ هذا اليوم التاريخي وستدخل مرحلتها الحاسمة في 8 فيفري الذكرى الثانية لأحداث ساقية سيدي يوسف إذا ما أصرت الحكومة الفرنسية على رفض المطالب التونسية...". وفي 8 فيفري 1960 صرّح بورقيبة للإذاعة التونسية: "...إذا بقيت فرصة واحدة للحلّ السلمي حول بنزرت فلن نُضيّعها... ". وفي 18 فيفري 1960 صرّح قائلا: "... لا تعاونَ مع فرنسا بشأن الأراضي والحدود وقضية بنزرت طالما هي متمسكة بالعظمة الإستعمارية...". وقد دفع هذا الوضع الحكومة التونسية إلى نقلالصراع إلى منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث خطب الزعيم المنجي سليم في 30 نوفمبر 1960 مفسّرا هذا الوضع الاستثنائي للداخل والخارج قائلا: "...إنّ الأنظمة الاستعمارية تبتز ّالدول المحتلة قبل تمكينها من استقلالها فتفرض عليها اتفاقيات مجحفة في مجالات الاقتصاد والثقافة وتتمسك بإدارة مناطق إستراتيجية... فيجبر المفاوضين حينها على القبول للحصول على استقلال نظري فقط... ". ولم يتردد المنجي سليم في مطالبة المستعمر الفرنسي بـ "مراجعة الاتفاقيات السابقة الباطلة لأنها تمت تحت الضغط". لكنّ هذا الطلب لم تستجب إليه فرنسا .و في 21 جانفي 1961 تمّ قصف فرنسي عنيف على حدودنا أسفر عن 4 شهداء. وقد دفع هذا القصف بورقيبة إلى التحوّل إلى باريس لمقابلة نظيره الرئيس الفرنسي شارل دي غول لبحث مسألة الجزائر وبنزرت والتقيا بضاحية رومبيي (Rambouillet) في 27 فيفري 1961. لكنّ اللقاء لم يُفضِ إلى نتائج ملموسة، بل مهّد فشله لتوقف المحادثات وقرع طبول الحرب في مارس1961.

المواجهة العسكرية والحصيلة الثقيلة للمعركة

توقفت المحادثات والمراسلات بين التونسيّين والفرنسيّين وكان التطوّر المنطقي للأحداث يوحي بصدام محتوم بين الطرفين لسبب أو لآخر ولم تتأخر ذريعة المواجهة. في بداية شهر ماي اكتشف الحرس الوطني التونسي توسعة ممرّ هبوط الطائرات بقاعدة سيدي أحمد الجوية فطالبت السلطات التونسية توضيحات من القيادة العسكرية الفرنسية ببنزرت. وفي يوم 4 ماي 1961 جاء التأكيد من قبل قائد القاعدة العسكرية، الأميرال "موريس أمان" (Maurice Aman) فاعتبره التونسيون سلوكا عدوانيا وخرقا للاتفاقات السابقة. وفي  5 جويلية 1961 اندلعت  مظاهرة كبرى ببنزرت ضد قرار الجيش الفرنسي، تلتها مظاهرة في اليوم الموالي بمنزل بورقيبة وباقي أنحاء البلاد في 8 جويلية، طالب فيها المتظاهرون برفع السلاح ووجوب جلاء فرنسا عن بنزرت.وفي 9 جويلية استقبلت بنزرت أول وفود المتطوعين للقتال من الشبيبة المدرسية والكشافة والشباب (تلاميذ وطلبة ورجال تعليم) والكهول من مختلف المهن... من المتطوعين الوافدين على بنزرت من سائر الجهات على متن حافلات وشاحنات خاصة من كامل أنحاء البلاد بتأطير من الجامعات الحزبية والحرس الوطني. وصدرت يوم 13 جويلية أوامر للجيش الوطني للتأهب لخوض المعركة وبدأت وحداته في إقامة المتاريس وحفر الخنادق بالتنسيق مع قوات الحرس الوطني والمتطوعين واكتملت التعبئة واحتضنت بنزرت ومنزل بورقيبة أكثر من 10 آلاف رجل على استعداد لخوض المعركة. وفي 16 جويلية أراد بورقيبة استنفاذ آخر وسيلة دبلوماسية لحلّ الأزمة فأرسل سكرتيره الخاص عبد الله فرحات حاملا رسالة إلى الرئيس شارل دي غول أكد فيها أنّ الوضع الحالي صار مرفوضا من الشعب التونسي... لكنه استقبل ببرود بالإيليزي من طرف مدير ديوان الرئيس الفرنسي ولم يظفر بمقابلته ولا برده ولما سأل مدير الديوان عن الرد قال له: "إنّ سيادة الرئيس يعلمكم أننا سنجيبكم متى نشاء". وفي اليوم الموالي خطب بورقيبة في مجلس الأمّة مؤكدا على تمسك الدولة التونسية بكل شبر من أراضيها. وفي يوم 19 جويلية بدأ حصار القوات الفرنسية وأولى الغارات الفرنسية على المتطوعين والجيش التونسي كما بدأ نظام العمل المستمر في الإدارات...

ولم يتأخر رد المستعمر إذ أرسلت الحكومة الفرنسية تعزيزات عسكرية ضخمة على متن حاملة طائرات "لارومانش" (La Romanche) وثلاث بوارج إلى سواحل بنزرت وأفواجا من المظليين من الجزائر أطلقت أيديهم في بنزرت انطلاقا من 19 جويلية 1961 فأوقعوا حسب الإحصائيات الرسمية 670 شهيدا و1155 جريحا تونسيا (حسب المصادر الرسمية) نذكر في مقدمتهم: أربعة ضباط المرحوم الرائد محمد البجاوي والمرحوم الملازم الأول الطيب بن عليّة والمرحوم الملازم محمد العزيز تاج والمرحوم الملازم الهادي والي... وبين 2.000 و 3.000 قتيلا حسب مصادر غير رسمية، مقابل 30 قتيلا و100 جريح فرنسي وعددا كبيرا من الأسرى من الطرفين بعد مواجهات دامية. كما لم تتورّع فرنسا عن استخدام الأسلحة المحرّمة دوليا مثل النابالم الذي استخدم لحرق المدنيّين والعسكريّين على حد سواء حيث لقي 115 عسكريا حتفهم دفعة واحدة بطريق بنزرت في معركة غير متكافئة بشهادة الصحافة الأجنبية بما فيها الصحافة الفرنسية نفسها ومن بينها: صحيفة "نوفال ابسرفاتور" (Nouvel Observateur) ومراسلها "جان دانيال" (Jean Daniel) الذي جُرح ومُنع من تلقي العلاج ببنزرت فنقل إلى مستشفى شارل نيكول بالعاصمة وصحيفة "باري ماتش" (Paris Match) الصادرة يوم 5 أوت 1961... كما كتب صحفي سويدي في مراسلته قائلا: " لا أحد يمكنه أن يعرف عدد القتلى ففي كل يوم وكلما اقتحم بيت إلاّ ووجد بداخله أموات، لقد أحصى أحد الضباط 200 قتيل مدني في موقع واحد وفي يوم واحد فقط... لا أحد يعرف العدد... ". وأضاف أيضا: "... في مقبرة المسلمين كان المشهد مرعبا... كانت هناك صفوف من الجثث...". فقد استشهد الكثير من أبناء قفصة، والرديف وبنزرت ونابل والقيروان وباجة والقصرين ومدنين وسوسة والمنستير ومساكن وزرمدين... وغيرها من المدن والجهات. وبذلك لم تكن معركة بنزرت مقصورة على أهلها بل معركة كل التونسيين.

العالم ينتصر لتونس

نجح الضغط المتواصل للدبلوماسية التونسية بفضل المنجي سليم في دفعالمجموعة الإفريقية الأسيوية بالجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إقرار وقف القتال ليلة 22 جويلية 1961 والدعوة إلى عقد اجتماع استثنائي يوم 23 أوت 1961 لمناقشة الوضع في تونس واتخاذ القرارات اللازمة وتحوّل الأمين العام للأمم المتحدة بين 1953 و 1961، السويدي "داغ هامّر شولد" (Dag Hammarskjöld) إلى بنزرت لمعاينة الأوضاع على الميدان رفقة وفد أممي رسمي يوم 15 جويلية 1961.

وأمام التحفظات الفرنسية على هذا الموعد استقبل الفرنسيون المسؤول الأممي عن مضض وحالوا مضايقته بإيقاف سيارته وإنزالها وتفتيشها...الخ. أما التونسيون فقد قاموا بتحركات احتجاجية بلغت أوجها يوم 18 أوت حيث صدرت الأوامر من مدير الحزب الحر الدستوري إلى رئيس بلدية بنزرت، الدكتور الراحل رشيد التراس بقيادة مسيرة ضخمة وإبلاغ رسالة إلى الوالي مفادها أنّ الشعب التونسي يريد الجلاء التام للقوات الفرنسية. ورغم عقد اجتماع الأمم المتحدة يوم 21 أوت 1961 للنظر في قضية بنزرت انتهت بصدور قرارات لفائدة تونس، فإنّ الوضعية لم تتغير على الميدان إلى حين خطاب الجنرال دي غول في 5 سبتمبر 1961 الذي أقرّ فيه بـ "رغبة الحكومة الفرنسية في عقد اتفاق مع نظيرتها التونسية خاصة ببنزرت على قاعدة "موديس فيفندي" (Modus vivendi)، أي أن يتعايش الطرفان في المدينة في سلام وأضاف ديغول: "... وبعد ذلك سيتم التفاوض حول قواعد استعمال القاعدة العسكرية مع مراعاة الوضعية الحرجة التي يعيشها العالم...". وقد أشار هذا الخطاب لأول مرة إلى الطبيعة الوقتية لتواجد الفرنسيّين في بنزرت ،استغله الرئيس الحبيب بورقيبة وطالب بجلاء تام للقوات الأجنبية من المدينة دون شروط... وبعد مفاوضات طويلة تم الاتفاق في مرحلة أولى على تبادل الأسرى بين الطرفين في عملية شملت 780 تونسيا و213 فرنسيا ثم إمضاء اتفاق يوم 29 سبتمبر يؤكد على ضرورة التعايش السلمي بين الطرفين طيلة المدة التي يستغرقها البت في مسالة بنزرت. وهي فترة تواصلت سنتين و 15 يوما تُوّجت بجلاء أخر جندي أجنبي عن بنزرتفي 15 أكتوبر 1963 بعد 7 سنوات من برتوكول الاستقلال الممضى في 20 مارس 1956 وسنة عن احتلال بنزرت في 24 أفريل 1881 لتستكمل الدولة التونسية سيطرتها على كل الأراضي والمياه والأجواء الوطنية.

احتفال عربي بالجلاء

صباح يوم 13 ديسمبر 1961 كانت مدينة بنزرت وتونس عامة على موعد مع حدث هاموهو الاحتفال بجلاء آخر جندي أجنبي عن بنزرت حيث ازدانت المدينة بالأعلام والزهور لتستقبل جحافل التونسيين القادمين من كامل أنحاء البلاد ليحتفلوا بالنصر الكبير الذي أعاد لتونس سيادتها الترابية بالكامل. لم يشأ الحبيب بورقيبة أن يكون الاحتفال بهذا الحدث التاريخي العظيم محليّا، وإنّما رغب في إعطائه طابعا إقليميا بدعوة رؤساء عرب وعلى رأسهم الرئيس المصري جمال عبد الناصر، حامل لواء فكرة الوحدة العربية، الذي سجّلّ بقدومه أوّل زيارة له لتونس، وهو في حدّ ذاته حدث تاريخي، إذا ما تذكّرنا الفتور الذي طالما وصم علاقته ببورقيبة طيلة الفترة السابقة. كما دعا بورقيبة أيضا إلى احتفالات الجلاء الرئيس الجزائري أحمد بن بلّة. وكانت الجــــزائر خــــارجة من حقبة استعمــارية طويلة بعد كفاح بطولي دام لسنوات خاضته جبهة التحرير الجزائرية ضدّ الجيش الفرنسي، خلّف مئات الآلاف من الشهداء الجزائريين. وكان من بين المدعوين كذلك وليّ عهد ليبيا، الأمير حسن الرضا وممثّل ملك المغرب الحسن الثانيومستشاره<span class="s6" sty

عادل بن يوسف

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.