أخبار - 2019.09.06

الاستاذ محمد صلاح الدين المستاوي - في اربعينية الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي: رحلت عنا يا سي الباجي وتركتنا في مفترق الطرق

الاستاذ محمد صلاح الدين المستاوي -  في اربعينية الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي: رحلت عنا يا سي الباجي وتركتنا في مفترق الطرق

'سي الباجي' لااجد عبارة احب  واقرب إلى نفسي اخاطب بها روحك الطاهرة المرفرفة على قبرك في مدخل المغارة الشاذلية ذلك المكان العامر بذكرالله على مدارالسنة منذ ان انقطع فيه الامام ا بوالحسن قبل ما يزيد على سبعة قرون.

'سي الباجي' بذلك كنا نخاطبك نحن معاشر الدستوريين بمختلف اجيالنا قبل ان تهب لانقاذ  الدولة وكل البلاد بعد14جانفي مما اوشكا ان يؤولا اليه  من تلاش واندثار وفتنة عمياء يستوي فيها الليل بالنهار.

لبيت  يا 'سي الباجي' نداء الواجب واستجبت لعرض  الرئيس فؤاد المبزع وهو اختيار كان فيه ملهما ومسددا  ويومها نحن الذين عرفناك وخبرناك وجربناك تنفسنا الصعداء وشاركنا في ذلك كل مخلص في تعلقه بتونس وشعبها وقلنا إن القوس قد اعطي لباريه.

لقد كنت يا "سي الباجي" عند حسن الظن بك  فعندما   توليت رئاسة الحكومة كانت البلاد تتقاذفها الامواج العاتية  الرؤية غير واضحة والمال مجهول ولان تونس كما يردد ذلك دائما الصلحاء العارفون  من اهل البصيرة كانت دائما محفوفة بالالطاف الا لهية فقدارسيت  سفينتها وانت الربان الماهرعلى شاطئ السلامة و  حققت في أشهر قليلة  كل ما وعدت به وكان اهمه اجراء انتخابات حرة نزيهة شفافة سلمت على اثرها بروح رياضية عالية  السلطة لمن اختارهم الشعب ولم تحدثك نفسك ان تطالب بنصيبك مما يعتبره البعض غنيمة واعتبرته انت واجبا  اديته بكفاءة واقتدار في كل مراحل مسيرتك النضالية في معركة التحرير  وعند بناء الدولة بعد الاستقلال حيث تدرجت في المسؤولية و توليت ارفعها   وزيرا للداخلية ووزيرا للخارجية ورئيسا لمجلس النواب.  

كان شعارك يا 'سي الباجي" وشعار اخوانك من الزعماء الوطنيين والمناضلين الصادقين الذين صدقوا  ما عاهدوا عليه الله وماعا هدوا عليه تونس اغلبهم قضى نحبه وافضى إلى ربه راضيا مرضيا وبقية قليلة منهم تنتظر غير مبدلة ولامغيرة  كان شعارك وشعارهم الحياة عقيدة وجهاد تماما مثل طلب العلم من المهد إلى اللحد.

لبيت يا 'سي البا جي" ان تراف بنفسك  وتراعي تقدم سنك وكان يكفيك ما قدمت وبالخصوص بعد 14  جانفي ولكنك اصررت على مواصلة النضال  الذي لم تنظر فيه إلى المواقع والمناصب التي تركتها كلما شعرت بانسداد الافا ق وعدت إلى تحملها بجراة واقدام كلما اقتنعت انك تقدر على تقديم الاضافة لما رايت  يا 'سي الباجي" بعد تركك لرئاسة الحكومة ان مسيرة تكريس الديمو قراطية وحقوق الانسان   وحماية الحريات وسيادة القانون اصبحت مهددة عدت من جديد إلى الساحة بعزيمة وثابة واصرار تعجب له الصديق و غير الصديق فكنت رمزا وقائدا لمسيرة تقويم  المسار التف حولك فيها الجميع على مختلف تياراتهم الفكرية والسياسية استجابوا  بكل فئا تهم  نساء  بالخصوص ورجالا من كل الاعمار لنداء تونس الذي اتخذته شعارا مثلما اخترته حزبا جمعت به الصفوف  التي تراصت والتحمت ببعضها  البعض وتناست اختلافاتها وطموحاتها  فقد رات فيك المنقذ بعد الله لما  يتهدد الامن و المكاسب التي تحققت للشعب التونسي بعد الاستقلال في ظل الدولة العصرية وخضت يا "سي الباجي"  الانتخابات التشريعية والرئاسية  وكانت بحق ملحمة بفضل ما اوتيت من كاريزما  جعلت من الانتخابات عرسا باتم معنى الكلمة فحاز نداء تونس المرتبة الاولى في مجلس النواب  وفزت برئاسة الجمهورية.

وجاءتك الرئاسة ولم يكن احد من القريبين منك اوالبعيدين عنك يتوقع عودتها اليك من خلال مسار انتخابي ديموقراطي شفاف. وكان ماكان بعد ذلك مما رايت واخترت ان تنهجه في التعامل مع الواقع الذي افرزته صناديق الاقتراع اخترت يا "سي الباجي" سياسة التوافق وصارحت التونسيين بان ذلك مااراده التونسيون وتعاملت مع هذا المعطي بكل مسؤولية وتحملت ماخذ من وقفوا بجانبك واصطفوا وراءك  الذين لم يتوفر لهم ماتوفر لك من دقيق المعطيات التي فرضت عليك اختيار سياسة التوافق التي اعتبرتها هي الكفيلة بتجنيب تونس ماتشهده بلدان مجاورة من فوضى وارهاب.

لقد مددت يدك بيضاء إلى من شنوا عليك  بالامس القريب اشد حملات التشهير والتشويه والصقوا بك اشنع الاوصاف فكنت المترفع جاعلا   مصلحة تونس فوق كل اعتبار وصدق قول الشاعر '(لايحمل الحقد من تعلوبه الوتب).

لا اريد يا "سي الباجي" إذ المقام لايسمح ان استفيض في الحديث عن حصيلة هذه التجربة ولاارى نفسي مؤهلا لتقويمها فالتاريخ كفيل بذلك إذ ما خفي منها أكثر مما هو باد لعموم الناس من امثالي. وقبل ان تنتهي مدة رئاستك يا 'سي الباجي" وفي خضم الاستعداد لخوض غمار الانتخابات الرئا سية والتشريعية  هاانت تغادرنا إلى دار البقاء ولاراد لقضاء الله تاركا فراغا لايمكن ان يسده غيرك فالمصاب فيك جلل  والحاجة اليك اشد شهد بذلك القريب والبعيد والموافق لك والمخالف عبرت عن لوعتهم جنازتك المشهودة التي سار فيها الجميع.

لقد جمعت يا "سي الباجي"  حيا وميتا حولك الجميع الا من ابى وتلك هي شيمة الكبار من امثالك على امتداد الزمان الطويل  والمكان الفسيح.

رحلت عنا يا 'سي الباجي" إلى جوارربك راضيا مرضيا وتركتنا على مفترق طرق الحاجة فيه  اليك شديدةإ للحفاظ على ماعرفت به تونس وشعبها من وسطية واعتدال وتسامح وتعايش واصالة ومعاصرة كان الضامن لها انت ومن سبقك من الزعماء والقادة الوطنيين ومن كان معهم ومن ورائهم في مختلف التشكيلات السياسية والاجتماعية والفكرية.

تغادرنا يا "سي الباجي" في هذه المرحلة وتترك من كانوا حولك ومعك اشتاتا تمزقهم  الطموحات الجارفة و كان عليهم ان يستلهموا منك الدروس و التي منها ان تونس هي للجميع وانه ليس من مصلحة أي طرف التغول وان الدولة  ينبغي ان تظل فوق الجميع وان في قوة التيار الوسطي واجتماع كلمته ضمان للتوازن الذي هو صمام الان.

ليت هذه الكلمات يا "سي الباجي" تجد الصدى لدى كل من يهمه الامر فما هي الا من وحي الخاطر صغتها تحية لروحك الطاهرة عربون اكبار لك مني  وقد تابعت مسيرتك السياسية  بالخصوص بعد14جانفي من بعد ولكن عن كثب  مقدرا حق التقدير العبء الثقيل الذي القي عليك و كنت فيه فاعلا الفعل  الايجابي الى اخر اسبوع من عمرك المبارك.

فسلام عليك يا 'سي الباجي" يوم ولدت في رحاب مقام سيدي ابي سيدي ابي سعيد الباجي وسلام عليك يوم وري جثمانك الطاهر في تربة ال السبسي بجوار المغارة الشاذلية وسلام عليك يوم تبعث حيا راضيا مرضيا في مقعد صدق  عند مليك مقتدرفي جنات النعيم بجوار النبيئين والصديقين والصالحين وحسن اولئك رفيقا.

الاستاذ محمد صلاح الدين المستاوي


 


 

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.