محمد الناصــر، مزيل الألـغـام: تسعـون يـوما للنجــاح في كل المهـام
"سألتزم بروح الدستور و نصه ، ولن أستمر في منصبي بعد الآجال المضبوطة للمدة المؤقتة عند الِشغور النهائي في منصب رئيس الجمهورية !. "
لقد جعل محمد الناصر بهذا الموقف الثابت مهمته صعبة و كذلك مهام أطراف أخرى،فقد أخضع الجميع إلى روزنامة ضاغطة بخصوص انتخاب الرئيس الذي سيخلف الباجي قايد السبسي في قرطاج.
ولما كان رئيسا لمجلس نواب الشعب فإنّ الدستور يعينه هو لتولى مهام رئيس الجمهورية. وقد تحامل على أحزان الفقد واضطلع فورا ودون تردّد بأعباء المهمة منذ الإعلان الرسمي عن وفاة رئيس الجمهورية وذلك على نحو سلس وفي إطار استمرار الدولة.
وكان أجل التسعين يوما يبدو أجلا نظريا يستحيل الإلتزام به ،لا سيما وأنّ المسار الانتخابي يضع آجالا للطعن منذ إيداع مطالب الترشح إلى إعلان النتائج النهاية لا يمكن اختزالها. ولكن مهما يكن الأمر فإنّ محمد الناصر حاسم إزاء هذه النقطة و قد خاطب نبيل بفون قائلا :"لن أستمر يوما واحدا بعد الآجال، عليكم بتدبر الأمر."
ويتطلب الأمر في أوج العطلة البرلمانية إعداد مشروع قانون خصوصي وعرضه على مجلس نواب الشعب الذي عليه أن يعقد دورة استثنائية ويناقش المشروع صلب اللجنة المختصة ثم في الجلسة العامة . لقد كان الرهان صعبا، وقد كسبه المجلس.
وهكذا أمكن لهيئة الانتخابات أن تتنفس الصعداء وأن تتكفل بآختصارآجال الطعن.
ولكن الأمر مثّل صدمة للمحكمة الإدارية التي عليها أن تتعهد في زمن قياسي بسيل عارم من الطعون. وقد احتج القضاة على هذا الأمر وطالبوا بتعزيز في الإمكانيات وبزيادة في المستحقات و كان لهم ذلك.
لقد أطلق محمد الناصر إذن العد التنازلي لموعد لا رجعة فيه. إننا إزاء رئيس فريد، فبدلا من أن يستمتع بالزخارف المذهبة لقصر قرطاج وامتيازات رئاسة الجمهورية وأبهتها نراه لا يلوي إلا على التخلص منها.
وهو أمر لم نعهده أبدا في عالم السياسة حيث يتشبث كل مسؤول بموقعه ولا يروم مغادرته إلا ليرتقي إلى منصب أعلى.
ولم يكن أي رئيس للجمهورية من بورقيبة إلى بن علي مرورا بالمبزع والمرزوقي يعلم عند توليه منصب الرئاسة في أي يوم بالضبط سيغادره. وهكذا يدخل محمد الناصر التاريخ المعاصر لتونس باعتباره أول رئيس للجمهورية يرتبط بموعد مضبوط لمغادرة المنصب ويلتزم بذاك الموعد.
ويعرف محمد الناصر جيدا ، وهو الدكتور في القانون الاجتماعي وقانون الشغل (جامعة الصربون) وأب الاتفاقيات المشتركة، دقائق عقد الشغل ،ناهيك إذا كان قصير المدى،ويعرف مقتضياته و آجاله. وقد جعل من الدستور- وهو رئيس مجلس نواب الشعب - قانونه الأعلى الوحيد ولا يعزب عنه شيء من المهام التي انتقلت إليه.
وهو يقدر- كرجل دولة- دقة المرحلة وضرورة إنجاح الانتخابات في الموعد وفي كامل الشفافية.
إزالة الالغام ،تلك مهنته
ستكون رئاسته المؤقتة زاخرة وذات طابع تحكيمي لأنه يمتلك كل الصلاحيات ولأنه يقف من الجميع على المسافة نفسها. ولما كان مزيلا للألغام فإنّ شراكا عديدة ستوضع في كل مكان. إنّ هذا الذي يقدم نفسه على أنه "مستقل عن كل الاحزاب، مسؤول أمام الجميع، في خدمة التونسيين ولا يترشح لأي منصب " سيجسد كل ذلك في قرطاج. و الدور التحكيمي هو عقيدته التي تجد تبريرها في ما تشهده الساحة من اضطرابات شديدة وتجاذبات و من تسابق حثيث نحو السلطة. و من الطبيعي ان يبذل كل الجهد في الاضطلاع بهذا الدور.
إزالة الالغام هي مهنته و قد شهد على ذلك الحبيب عاشور (اتحاد الشغل) و الفرجاني بلحاج عمار (منظّمة الاعراف) و أخلافهما عندما تحمل مسؤوليات حكومية . وحديثا في مجلس نواب الشّعب الأمثلة على ذلك لا تحصى، وقد استفاد من ذلك نواب وكتل برلمانية. وهو اليوم مزيل للألغام أكثر من أي وقت مضى في معنى أنّ الحقل السياسي تنتشر فيه المزالق والمطبّات.
قراءة المزيد
في حديث حصري لليدرز : كيف يمارس محمد الناصر صلاحياته رئيسا للجمهورية
- اكتب تعليق
- تعليق