محمد النفطي: لماذا ينبغي قمط حزب حركة أكال؟

لماذا ينبغي قمط حزب حركة أكال؟

نشأ في الساحة السياسية التونسية منذ أيام قليلة حزب جديد ويسمى "حركة أكال الأمازيغي" وأسال الحدث لعاب الكثير من الناس ظنا منهم أنّ هذا الحزب الذي يحمل في اسمه حروف الأكل وقرأوه قراءة حمزة بالشد والهمزة فبان لهم حزب جدير بان ينخرط فيه سيشبع نهمهم ويملأ بطونهم بعد جفاء طويل. وقرأه أخرون بتأويل أسطوري ديني فقالوا إنّه صورة لعصا موسى التي بدت أمام أعين المنجمين حية  وأكلت كل عصي  المنجمين  وأوجسوا من حركة أكال خيفة وظنوا أنّه لا محالة سيأتي الوقت ويأكل كل الأحزاب المتطرفة والفاشلة. ورأى آخرون أنّ هذا الحزب خطر كبير عليهم بل إنّ منجميهم قد تنبأوا  بميلاده وبدأوا يخططون لوأده كما فعل رجال فرعون لسيدنا موسى قبل أن تقذفه أخته في اليمّ. و لا يملك هذا الحزب إلا أن يؤمن حراكه وحمايته وأفضل طريقة له أن يعتمد عادة أصيلة توارثتها كل العائلات الآمازيغية التونسية الآ وهي القمط.

من عادات العائلات التونسية القديمة قمط المولود الجديد بخرق من القماش الأبيض (القماط) فتضم أعضاؤه إلى جسده ويتم لفها بعناية وشدة بينما يبقى الرأس والرجلان متحررين.( فكل عائلة عرفت القمط فهي أمازيغية الأصل). ويتم تحرير اليدين بصفة تدريجية بعد أسابيع ويتم الاستغناء عن القماط بعد أشهر. والغرض من القمط أن يسبك الجسم في قالب مستقيم لا عوج فيه. كما أنّه يعدّ حماية للصغير. بينما يرى البعض أنها  أيضا عملية مرحلية لإعداد المولود من الطور الجنيني إلى طور الإنسان لأنّ القمط يسبكه في هيأة مستقيمة غير هيأة الجنين داخل رحم الأم.

وأرى أنّ حزب أكال الأمازيغي الناشئ يحتاج إلى قمط لا يختلف في مغزاه عن كل مولود أمازيغي أصيل. والصورة التي تمّ ذكرها هي عادة قديمة أهملناها منذ جيلين تقريبا ويمكن الوقوف على أثارها ولا أعني القمط فقط وإنّما تربية النشأ وحمايته ابتداء من مستوى العائلة. وربما يوجه هذا الكلام للمسؤولين عن هذا الحزب الجديد لاتخاذ الاجراءات الناجعة للحفاظ على مولودهم. ولا يملك المواطن التونسي الآصيل  إلا أن يتمنى لهذا الحزب نجاحا ونأمل منه أن يساهم بما يقدر عليه لكي  يصلح ما فسد في البلاد. و ما يمكن تقديمه لحماية الحزب هو بيان وتفسير ثوابته حتى يعلم المواطنون غاياته وهي حسب ما نشرته هياكله تبدو في غاية الأهمية.

أكال أو الأرض : مهما كانت ميولاتنا وتوجهاتنا السياسية فإنّنا نشترك في حب أرض تونس ونعتز بها أكثر من أي بلد أخر في العالم. ندافع عن تراب تونس وأرضها بل إنّ الدفاع عنها واجب مقدس كما جاء في الدستور 2014. ولا يمكن أن نترقب من أي أجنبي  أو نثق به في الدفاع عن أرضنا.هل تتصورون أنّ بلدا عربيا يرسل جيشا للدفاع عن تونس إذا ما تم الاعتداء عليها. أغارت إسرائيل على حمام الشط في 1 أكتوبر 1985 واكتفى العرب بالتنديد.  خطط ونفذ العدوان على قفصة في 26 جانفي 1980 وكانت البلاد على قاب قوسين من الهاوية ولم نسمع أي تنديد من العرب. وجاءت المساعدة من المغرب البلد العربي الوحيد ومن أمريكا وفرنسا. قد يتم إرسال مجموعات لحرق تونس أو معاقبة حكام تونس كما فعل الفاطميون منذ عشرة قرون ولكن لم يشهد التاريخ أن سعت الخلافة إلى نصرة تونس أمام النورمان أو الإسبان أو الفرنسيس, ولكن الموحدين جاءوا من المغرب الأقصى وأطردوا النرمان. هذا ما يرمز له الحزب في كلمة أكال أو الآرض التونسية التي نعتز بها ونحميها كما كان القدماء من الآمازيع يحمونها.

أمازيغ الحرية : الأمازيغي هو الإنسان الحر الذي يسكن أرض تونس مهما كانت ديانته أو عرقه أو لونه، الأمازيغي هو الذي لا يؤمن بالتفرقة في حكم الانسان, فإن كان الله وحده القادر على أن يفرّق بين المؤمن والتقي... والأمازيغي حر في تونس في تنقله داخل الفضاء الأمازيغي شمال أفريقيا لأنّه لا يحتاج إلى تأشيرة للذهاب إلى مراكش بينما لا يرحب به إن قصد بلدان الشرق العربي حتى الذهاب للحج الذي هو ركن من أركان الإسلام يتطلب تأشيرة فإن لم يرض عنك لن تحج بيت الله الحرام.

سكان تونس الأصليون : ورد في بعض الكتب والمقالات أنٰ ألامازيغ في تونس حفنة من البدو تسكن الجنوب التونسي مع العقارب والسباع. ومن يبحث في المراجع العلمية الحديثة (بعد 2008) سيتفاجأ بشدة و يا ويل المفاجأة! ولمن لا يحسن قراءة الوثائق العلمية يكفيه أن يعرف أنّ كل المدن والقرى داخل البلاد التونسية أمازيغية بأسمائها وعاداتها ومواقعها وليست الأمازيغية منحصرة في مطماطة  وتطاوين بل إنّ جزيرة جربة أمازيعية حتى النخاع ومدنين ومنتشرة بكثرة في كبسة وتتسع الى تالة وخمير وكسرى الشاهقة التي لا يعرفها أغلبية التوانسة ويمتد الأمازيغيون إلى زغوان وجلاص والقائمة تطول. وما العرب إلا أقلية صغيرة حسب كل الوثائق  العلمية الحديثة التي اهتمت بمحاور الجينات.  وعندما يتكلم حزب أكال عن الأمازيغية لأنّه كما يقول المثل التونسي العامي ( ما ينكر نسبته إلا ....).

إذا كان حزب أكال ينادي بالانتماء إلى هذه الأرض الطيبة وينادي بعدم إنكار نسبتها له ولا يفرق بين التونسيين مهما كانت ديانتهم أو لونهم أو ميولاتهم السياسية فإنّه يدعو إلى وحدة التونسيين الساكنين في أكال أو الآرض التونسية الأمازيغية. ويدعو إلى الحرية الفعلية التي نادى بها الدستور. ولكنه يختلف عن الكثير في تقديسه لهذه الأرض والدفاع عنها لأنّها أغلى قيمة يمكن أن توحّد التونسيين وبلدان شمال أفريقيا.

محمد النفطي

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.