اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين وتوقّعات بشأن تراجع النمّو العالمي
من مبعوث ليدرز إلى واشنطن, توفيق الحبيّب - لم تخف كريستين لاغارد المديرة العامّة لصندوق النقد الدولي في تصريح لمبعوث ليدرز إلى واشنطن تفاؤلها بشأن نتائج المراجعة لعقد الاتفاق الممدّد المبرم بين تونس والصندوق المبرم في 20 ماي 2016 والذي يمتدّ على 48 شهرا في إطار “تسهيل الصندوق” لإقراض تونس 2,8 مليار دولار. وقالت إنّ وفدا من خبراء الصندوق أدّى زيارة لتونس وإنّ وفدا تونسيّا تحوّل إلى واشنطن في إشارة إلى الوفد المتألّف بالخصوص من رضا شلغوم وزير المالية وزياد العذاري وزير التّنمية والاستثمار والتعاون الدولي ومروان العباسي محافظ البنك المركزي المشارك في اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي. وذكرت أنّها اطَّلعت على تقرير بعثة الصندوق، ملاحظة أنّ هناك نقاطا يتبقّى لنا أن نثيرها تخصّ عددا من عناصر التعرفة. وعبّرت عن الأمل في أن تتقدّم المفاوضات في قادم الأيام للتوصّل إلى نتائج لكي تكتمل المراجعة بخصوص البرنامج التونسي.
وكانت بعثة الصندوق أدّت من يوم 27 مارس إلى 9 أفريل 2019 زيارة لتونس للتفاوض بشأن القسط الخامس من القرض والذي كان من المفروض صرفه في ديسمبر الماضي ولكن أُجِّل بسبب التوتّرات التي سادت آنذاك المفاوضات بين الحكومة واتحاد الشغل حول الزيادة في أجور الوظيفة العمومية. وقد أوضح صندوق النقد الدولي في بيان صادر بواشنطن إثر هذه الزيارة أنّ جهود الحكومة لدعم النمّو والتحكُّم في التضخّم وتثبيت حجم الدين العمومي بدأت تعطي أُكلها غير أنّ الاقتصاد يظلّ هشّا.وتوقّع الصندوق أن ترتفع نسبة النمّو من 2,6 بالمائة سنة 2018 إلى 2,7 بالمائة سنة 2019 بفضل النتائج الطيبة المسجّلة في قطاعي الفلاحة والخدمات ولا سيّما السياحة. غير أنّ النشاط الاقتصادي ظلّ يعاني من الضبابية السياسية والاقتصادية والصعوبات الهيكلية كالوصول إلى مصادر التمويل الذي غالبا ما يكون غير كاف ، وفق ذات البيان.
وتأتي اجتماعات الربيع بواشنطن هذا العام وسط توقّعات بشأن حصول تراجع للنموّ العالمي خلال سنة 2019. فللمرّة الثانية على التوالي منذ أكتوبر الماضي خفّض صندوق النقد الدولي من سقف توقّعاته بشأن النمّو العالمي في سنة 2019 حيث نزلت النسبة المتوقّعة من 3,5 بالمائة في جانفي الماضي إلى 3,3 بالمائة. ويمكن أن ترتفع هذه النسبة خلال السداسي الثاني من السنة الجارية إذا ما انخفضت ضغوطات التضخّم وحدّة توتّر العلاقات التجارية بين الولايات المتّحدة الأمريكية والصين. ويتوقّع صندوق النقد الدولي زيادة في نسبة النمّو في سنة 2020 لتبلغ 3,6 بالمائة لتنزل إلى 3,5 بالمائة بعد 2020. ويعتبر صندوق النقد الدولي في تحليله أنّ 70 بالمائة من الاقتصاد العالمي سيشملها هذا الانخفاض في نسبة النمّو الذي سيلقي بظلاله على عدد كبير من الدول سواء القويّة اقتصاديا أو ذات الاقتصاديات الهشّة. ولئن لا يخشى أن يحصل هذا التراجع في الوقت الراهن فإنّ مسؤولين كبارا في صندوق النقد الدولي استجوبتهم ليدرز لا يستبعدون حدوثه، إذ أنّ قائمة المخاطر والتهديدات طويلة. والأهمّ في نظرهم أن لا يعقّد السياسيون في مواقع القرار الوضع بهفواتهم الاقتصادية والمالية والاجتماعية حتّى لا يفسدوا كلّ شيء.
فلا بدّ حسب اعتقادهم أن تتوقّف المعارك السياسية لفسح المجال للتطوّر الاقتصادي والمالي. وأعرب هؤلاء المسؤولون عن انشغالهم إزاء الوضع الحالي إذ يتعذّر تقييم درجة هذا التراجع وتقدير القدرة الحقيقية لمواجهته، فكلّ شيء غدا خارج دائرة التوقّعات على غرار خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من عدمه وعزم إيطاليا مغادرة منطقة اليورو، فضلا عن سياسة هذا البلد النقدية وكذلك العلاقات بين الصين من جهة والولايات المتحدة وأوروبا من جهة أخرى.
وعندما نحاول استكشاف آفاق المستقبل يبدو الاندماج الاقتصادي والتجاري في صدارة المسائل التي يتعيّن النظر فيها . وهناك مؤشّر ثان هامّ وهو رأس المال وقدرته على تمويل التكنولوجيا التي تساهم بدورها في التقدّم والرفاه إذا ما أحسن استخدامها. وإزاء حجم التراجع الاقتصادي وضغوط الدين العمومي نزعت عديد البلدان إلى الانطواء على نفسها.
وفي إطار ضرب من القومية الاقتصادية على غرار شعار «أمريكا أوّلا» وتوجُّهات من هذا القبيل تركّز هذه الدول اهتمامها على الأوضاع الداخلية والتي لا تولي، كما كان الشأن في السابق، نفس القدر من الاهتمام للقواعد التي تحكم العلاقات الدولية ولا للاتفاقيات الثنائية ومتعدّدة الأطراف.
توفيق الحبيّب
- اكتب تعليق
- تعليق