الرّاحل مصطفى الفيلالي : النقابي والسياسي والمؤلّف
الراحل مصطفى الفيلالي الذي توفيّ مساء الأحد 20 جانفي 2019 هو من أبرز الشخصيات الوطنية التي كان لها دور بارز في الساحة السياسية خلال عقد ونصف بعد الاستقلال وكذلك صلب الحركة النقابية بقيادة الزعيم فرحات حشّاد علاوة على نشاط فكري وأدبي لافت.
وإلى آخر أيّام حياته لم يفقد الراحل شيئا من حيويته ونشاطه بالمشاركة في الندوات والحوارات. وقد ساهم بعد 14 جانفي 2011 في أعمال الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي التي ترأسها عياض ابن عاشور. وكانت له مبادرات إلى جانب أحمد المستيري واستشير في عديد المسائل. ورفض اقتراحات النهضة لتقلّد منصب سياسي أو ترأّس حكومة انتقال في خريف 2013 لخلافة علي العريض وإعداد انتخابات 2014.
مصطفى الفيلالي نقابيا وسياسيا
درس الراحل المولود بنصرالله من ولاية القيروان اللغة العربية وآدابها بالصوربون بباريس وعند عودته إلى تونس عمل أستاذا للتعليم الثانوي شانه شأن محمود المسعدي والشاذلي القليبي وأحمد بن صالح وعدد من الشبان التونسيين المتخرجين من الجامعات الفرنسية. وعلى غرار الذين سبق ذكرهم سينخرط في الحركة النقابية صلب الاتحاد العام التونسي للشغل بقيادة فرحات حشّاد. كما سينضمّ هو الآخر إلى الحزب الحرّ الدستوري الجديد وقد أعجب بشخصية بورقيبة ووقف مثلهم إلى
جانب هذا الزعيم في خلافه مع الأمين العام للحزب صالح بن يوسف.
وغداة الاستقلال انتخب عضوا بالمجلس القومي التأسيسي عن دائرة القيروان وجلاص قبل أن يضطلع بمهام كاتب دولة (وزيرا) للفلاحة في أوّل حكومة لبورقيبة من 1956 إلى 1957 ثمّ عيّن كاتب دولة للأخبار(1957-1958) وانتخب عضوا بمجلس الأمّة
في سنة 1959 وأعيد انتخابه في سنة 1964. وفِي سنة 1964 عيّنه بورقيبة على رأس اللجنة القارة الاستشارية للمغرب العربي الذي مثّلت اللبنة الأولى لإقامة الصرح المغاربي. ثمّ عينته منظمة العمل الدولية مديرا لمكتبها بالجزائر.
وبعد وضع حدّ لتجربة التعاضد التي قادها أحمد بن صالح عاد إلى النشاط السياسي ضمن الفريق الذي شكّله الوزير الأول الهادي نويرة فتولّى من 1971 إلى 1972 منصب مدير الحزب الاشتراكي الدستوري قبل أن يعود إلى النضال القاعدي
وينصرف إلى الكتابة.
مصطفى الفيلالي أديبا ومفكّرا
كانت للفقيد إسهامات قيمة في المجالين الفكري والأدبي فكتب في مجلة " المباحث " بتونس وفِي دوريات مركز دراسات الوحدة العربية ببيروت وألّف روايات وهي " أم حامد" .. "ومــانــعــة ، من أيام قرية الجبل "، وأخيرا " مـــوائد الانــشــراح " في سنة 2010.
يقول عنه الأستاذ المرحوم توفيق بكّار:
"كان يعدّ بالصميميّ من تأمّلات الفكر وضروب الكتاب، وقد تخرّج بالمعهد الصادقي في اللغة العربية على أستاذه محمود المسعدي وأجازته الصوربون في الآداب فزاد على ثقافته الأمّ ما نال ، وهو غير يسير، من ثقافات الغرب، ومزج بالأصيل الدخيل مزجا خلّاقا تغدو به الذات فتقوى ولا تتفّرد فتمسح .. إلّا أنّ الدولة الوطنية "اختطفته " ، وكانت أحوج ما تكون إلى النابهين من الرجال مثله لتوطّد اركانها.. فولّي الوزارة وسرعان ما كرهها أو كرهته ، ولم يكن سهل القياد.. فمال إلى الادارة ، إدارة حزبه، واستقال منها أو أقيل منها .. وما رأى أن يعود إلى الآداب.. حادت به عنها دراسة الاقتصاد في المراكز العلمية فظلّ يبحث في مسائله ويؤلف التآليف.."
كما يقول توفيق بكار في تقديم رواية "مانعة " الصادرة سنة 2004 عن سلسلة " عيون المعاصرة ":
"..فكأنّما قصّة الفيلالي صورة من أدب المسعدي معكوسة، ينقلب فيها الرمز حقيقة وبعد الإشارة قرب عبارة، والأسطورة واقعا، والبطل الفرد بطلا جمعا ، والإنسان رجالا... مثل بليغ من جدلية النصوص يتجاوز الأدب ذاته بتوليد الكتابة من الكتابة ،إبداعا بوحي إبداع ، يجّدد ولا يردّد .."
قراءة المزيد
رئاسة الجمهورية في نعي مصطفى الفيلالي : زعيم وطني غيور وكاتب ومفكّر جسور
- اكتب تعليق
- تعليق