رحيل محمّد عبد الكافي المدير الأسبق لإذاعتي المنستير وصفاقس والتلفزة الوطنية

رحل عنّا الأستاذ محمّد عبد الكافي المدير الأسبق لإذاعتي المنستير وصفاقس والمدير الأسبق للتلفزة التونسية بعد أن دخل إحدى المصحّات الخاصّة بالعاصمة لإجراء عملية جراحية تعكّرت إثرها حالته الصحية فظلّ أيّاما تحت العناية المركّزة إلى أن وافته المنية صباح اليوم الأحد 6 جانفي 2019 عن سنّ تناهز 77 عاما. وبرحيله تفقد الإذاعة والتلفزة التونسية والثقافة في بلادنا ولا سيّما قطاع المسرح واحدًا من أبرز رموزها وفارسا من فرسانها تميّزت مسيرته بغزير العطاء وبحسّ وطني ومهني عميق في مختلف المحطّات التي نهض فيها بأعباء المسؤولية بكفاءة واقتدار.

درس الفقيد بالفرع الزيتوني بصفاقس مسقط رأسه وهو سليل أسرة عريقة من أسر هذه المدينة ثمّ التحق بمدرسة المعلمين العليا بالعاصمة ليحصل على الإجازة في اللغة العربية وآدابها.

شغف بالمسرح

شغف محمّد عبد الكافي وهو طالب بالمسرح فانضمّ إلى مركز المسرح الجامعي إلى جانب ثلّة من زملائه منهم الحبيب الشعبوني وفرحات يامون قبل أن يعهد إليه بالإشراف على الإنتاج بالمركز . نشط إلى جانب جيل جديد من المسرحيين الشبان سيكون لهم دور كبير في نهضة الفنّ الرابع في تونس كتابة وتمثيلا وإخراجا من بينهم محمّد إدريس وعبد الرؤوف الباسطي وعلي اللواتي والفاضل الجزيري.

دفعه ولعه بالمسرح إلى الالتحاق بالتلفزة التونسية رئيسا لمصلحة الدراما بها فاضطلع بدور هامّ في إنتاج العديد من من الأعمال الدرامية بثتها آنذاك التلفزة الناشئة.

مساهمة قيمة في تأسيس إذاعة المنستير

عاد الفقيد في سنة 1976 إلى مدينة صفاقس ليعمل في إذاعتها الجهويّة رئيسٓ مصلحة ولمّا اتَّخَذ الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة قرارا بإنشاء إذاعة جهويّة بالمنستير كان محمّد عبد الكافي من ضمن الفريق الذي أشرف على تأسيس الإذاعة ووضعِ شبكتها البرامجية إلى جانب المرحوم محمد قاسم المسدي مدير إذاعة صفاقس والمنستير فكان نائبه في المهمة إلى أن عيّن مديرا لهذه الإذاعة في سنة 1980 وطوال السنوات الأربع التي قضاها على رأسها سعى جاهدا إلى تعزيز مكانتها في المشهد الإعلامي التونسي ومنذ ذلك الحين عرفت هذه الإذاعة تطوّرا متناميا مكّنها من التألّق موسّعة دائرة مستمعيها.

مديرا لإذاعة صفاقس ثمّ مديرا للتلفزة الوطنية

ومن سنة 1984 إلى سنة 1992 تولّى المرحوم محمّد عبد الكافي إدارة الإذاعة الجهويّة بصفاقس التي ازداد حجم بثّها في عهده وأنتجت برامج في شتّى الأغراض جلب لها اهتمام المستمعين بفضل نخبة متميزة من المنشطين والصحافيين والمثقفين في الجهة.

وفِي سنة 1992 دعي إلى الإشراف على إدارة التلفزة الوطنية بعد أن اقتحمت مجال البثّ الفضائي. وانصرفت جهوده بالخصوص إلى تكثيف حضور الإنتاج الدرامي والموادّ الثقافية والوثائقية في شبكاتها البرامجية وأمكن لها بثّ العديد من المسلسلات والأفلام الدارمية التي لاقت نجاحا جماهيريا كبيرا منها مسلسلات "وردة" و"العاصفة" و"غادة" و"الخطاب على الباب" (جزآن).

وعلاوة على مهامه الإدارية كان محمّد عبد الكافي كاتب سيناريو مُجيد وقد بثّت التلفزة التونسية في الثمانيات مسلسل "يحي بن عمر" الذي كتب نصّه بالاشتراك مع فرج شوشان. كما كتب سيناريو مسلسل "باب الأقواس" الذي اقتنته التلفزة الوطنية ولكن لم يتسنّ لها إنتاجه بعد.

المسرح ثمّ التلفزة من جديد

بعد انتهاء مهامه في سنة 1997 مديرا للتلفزة عيّن مديرا لدائرة المسرح بوزارة الثقافة غير أنّ المهمّة لم تكن لتستهويه كثيرا إذ كان يروم العودة إلى الحقل التلفزي ولمّا عرض عليه في سنة 1999 منصب مدير البرامج بتلفزيون الشارقة لم يتردّد لحظة وخاض في دولة الإمارات العربية تجربة مهنية استغرقت ثلاث سنوات قبل أن يحال على التقاعد في سنة 2002.

ومنذ ذلك الحين وإلى غاية الأيام الأخيرة في حياته كان الفقيد يتعاون مع  اتحاد اذاعات الدول العربية فنشر عديد المقالات في مجلّة الاتحاد وأعدّ التقرير لمرّات عدّة التقرير السنوي للبث الفضائي العربي.

رحم الله الأستاذ العزيز محمد عبد الكافي  رحمة واسعة واسكنه فراديس جنانه ورزق أهله وذويه جميل الصبر والسلوان.