المفاجئة الصادمة: سقوط مشروع القانون المتعلق بنظام الجريات المدنيّة والعسكرية في القطاع العمومي
فوجئ الراي العام ولا سيّما المتقاعدون بسقوط مشروع القانون عدد 56 لسنة 2018 المتعلّق بتنقيح وإتمام القانون عدد 12 لسنة 1985 المؤرّخ في 5 مارس 1985 المتعلّق بنظام الجريات المدنيّة والعسكرية للتقاعد للباقين على قيد الحياة في القطاع العمومي عند التصويت عليه برمّته خلال جلسة مجلس نوّاب الشعب المنعقدة مساء أمس الخميس 13 ديسمبر 2018 حيث صوّت لفائدته 71 نائبا واحتفظ 8 نوّاب بأصواتهم واعترض عليه 16 ا نائبا، في حين حاز مشروع القانون الأغلبية المطلوبة عند المصادقة عليه فصلا فصلا.
أسئلة حائرة
تطرح هذه النتيجة المذهلة أكثر من سؤال : هل يعود سبب ذلك إلى تغيّب عدد كبير من النواب أم أنّ إسقاط المشروع كان متعمّدا لإرباك عمل الحكومة وإجهاض أحد الإصلاحات الكبرى الذي كان من المؤمّل إنجازه لإنقاذ الصندوق الوطني للحيطة الاجتماعية من الإفلاس وضمان الديمومة لنظام التقاعد في القطاع العمومي ؟ وفِي كلتا الحالتين لا شيء يمكن أن يبرّر سلوك النوّاب الذي لا ينمّ عن شعور بالمسؤولية بل فيه استهتار بقواعد العمل البرلماني خاصّة وأنّ المشروع قدّمته وزارة الشؤون الاجتماعية منذ مدّة، كما بيّن ذلك محمّد الطرابلسي، وجرى بشأنه نقاش بين جميع الأطراف لمدّة 11 شهرا وصادق عليه مجلس الوزراء وقرّر إحالته إلى مجلس نوّاب الشعب . كما أنّ القانون تمّت مناقشته صلب اللجنة الاجتماعية في البرلمان وأدخلت عليه بعض التنقيحات وأُخذت في الاعتبار ملاحظات رؤساء الكتل خلال اجتماع لجنة التوافقات يوم أمس وأدخلت على فصوله التعديلات الضرورية . لماذا لم تقم الحكومة وأحزاب الإئتلاف الحاكم بالتعبئة الضرورية لضمان مرور هذا المشروع الهامّ ؟ لماذا وقع اختيار هذا التوقيت بالذات لعرض المشروع على الجلسة العامّة بعد مارطون المداولات حول مشروعي الميزانية وقانون المالية لسنة 2019 الذي قد يتعلّل به عدد من النوّاب للتغيّب ؟ ألم يكن من الأنسب التبكير بعرض مشروع القانون على المجلس تفاديا للضغط الزمني قبل بداية السنة الجديدة ؟ ألم يكن من الضروري أن لا يترك وزير الشؤون الاجتماعية وحيدا في البرلمان وهي ظاهرة تكرّرت في أكثر من مناسبة كأنّ مناقشات المجلس النيابي لا تهمّ إلا الوزير المعني بمشروع القانون أو الملفّ كما كان الشأن بالنسبة إلى مشروع قانون الماليّة الأخير؟ أليس في حضور رئيس الحكومة وأعضائها الجلسات التي تعرض فيها مشاريع قوانين ومسائل مهمّة رسالة قويّة تدلّ على التضامن الحكومي والاهتمام البالغ بما هو معروض على مناقشة البرلمان ؟
يا لها من خسارة!
تحدّث وزير الشؤون الاجتماعية على أمواج إذاعة موزاييك بكثير من الحرقة والمرارة عن سقوط مشروع القانون هذا، قائلا إنّ ما حدث “غريب ويطرح الكثير من التساؤلات”، مضيفا أنّه ستكون له انعكاساته على وضعية الصناديق الإجتماعية.
وشدّد على أنّ “مثل هذه القوانين يجب أن تبتعد عن التجاذبات السياسية”، قائلا : “هناك من قال لي لو كنت متحزّبا لمرّ القانون وتمّ التصويت عليه..ألا يعلمون أنّ حقوق المتقاعدين يجب أن تكون بعيدة عن كل التجاذبات؟”.
واعتبر وزير الشؤون الاجتماعية أنّ هذا القانون الذي تم إسقاطه كان سيخدم مصلحة مليون متقاعد وسينهي معاناتهم وسيمكّن الدولة من مواصلة عملها بأريحية لأنّ المصاريف ستنخفض حيث كان سيتقلص عجز صندوق التقاعد والحيطة الاجتماعية إلى 280 مليون دينار، مقابل احتياجات مالية في حدود 1800 مليون دينار.
والجدير بالذكر أنّ مشروع القانون نصّ على عنصرين أساسيين : الترفيع بسنتين إجباريتين للخروج إلى التقاعد والترفيع في المساهمة الاجتماعية بـ 3 بالمائة ، 2 بالمائة للمشغّل و1 بالمائة للعون.
- اكتب تعليق
- تعليق