حديث الاقتصادي ودوره في تعزيز الشراكة التركية الإفريقية
بعد أن تحدثت في الورقتين الأولى والثانية عن الدور الذي يضطلع به السياسي، والخطاب الذي يعتمده من أجل مساندة جهود الاقتصادي الرامية إلى التموقع في الفضاء الإفريقي، أريد في هذه الورقة أن أتطرق إلى حديث الاقتصادي ودوره في تجسيم أهداف الاستراتيجية التي وضعها السياسي من أجل خلق وتعزيز شراكة تركية إفريقية فعلية وفاعلة...
وابتداء، ينبغي أن نذكّر بأنّ عمر انفتاح تركيا على إفريقيا لا يتجاوز العقدين من الزمن، فلقد بدأ هذا الانفتاح سنة 1998، حيث قامت تركيا، في تلك السنة، بإصدار وثيقة عن توجهها الجديد فيما يتعلق بالقارة السمراء، أطلقت عليها اسم "السياسة الإفريقية".
ومع ميلاد حزب العدالة والتنمية سنة 2001، وصعوده إلى الحكم سنة 2002، بادر إلى تكريس هذا التوجّه، وأعدّ لتجسيمه على الأرض استراتيجية متكاملة الأبعاد، كان من أهم أهدافها، تدعيم الروابط التركية الإفريقية على مختلف الأصعدة، بما يمكّن أنقرة من تفعيل دورها على المستويين الإقليمي والدولي، ويتيح لاقتصادها المتنامي الاستفادة من السوق الإفريقية الواعدة، كما يؤمّن لمواقفها وقضاياها تأييد الدول الإفريقية في المحافل الجهوية والدولية.
ومنذ شرعت في تجسيم هذه الاستراتيجية مستعينة في ذلك بمن يطلق عليهم اسم "نمور الاناضول"، بدأت أنقرة تحقق النجاح تلو النجاح، حتى تمكنت من ترسيخ أقدامها في القارة الافريقية مثلما تحدثنا عن ذلك في الورقتين السابقتين.
ولقد لعب رجال الأعمال والمستثمرون والمقاولون وأصحاب الشركات الأتراك دورا أساسيا في قصّة النجاح التي سطّرتها بلادهم في إفريقيا...
وقد حاولت من خلال متابعتي لأشغال منتدى الاقتصاد والأعمال التركي الافريقي الثاني أن أعرف سرّ هذا النجاح فحضرت العديد من الجلسات التي قدموا خلالها شهاداتهم المؤيَّدة بأشرطة مصوَّرة على المشاريع التي أنجزوها أو التي هم بصدد إنجازها في عدة دول إفريقية ومنها بعض الدول المغاربية المجاورة.
ولقد كان أشدُّ ما شد انتباهي في هذه الشهادات، هو حديث أكثر من صاحب شركة تركي عمّا اسميه "المفاتيح" التي تمكّن بفضلها الأتراك من افتكاك موقعهم في القارة، بالرغم من المنافسة الشرسة التي يجدونها، سواء من الدول الكبرى أو من الدول الصاعدة كبلادهم.
وهذه المفاتيح أربعة، وهي المرونة، والصبر، والحضور الميداني (لمعالجة الإشكالات الطارئة على الفور) وسرعة اتخاذ القرار لكي تسبق غيرك ولا يسبقك...
وإلى ذلك فإنّ رجال الاعمال الاتراك أدركوا جيدا حقيقة أنّ بناء المصالح الاقتصادية لا يتمّ بين عشية وضحاها بل يحتاج الى سنوات طويلة من المداومة والمثابرة، وفي بعض الأحيان، حتى المجازفة المحسوبة بالدخول إلى أسواق يتحاشى غيرهم الدخول إليها لعدم استقرارها.
أمّا "الإضافة" التي يقولون إنّها تميّزهم عن غيرهم، والتي يفاخرون بها فهي أنّهم، كما يعلنون، يحرصون على إضفاء بعد انساني اجتماعي على المشاريع التي ينجزونها من خلال توفير أكبر قدر من فرص العمل للأهالي، ومن خلال العناية بعمالهم وعائلاتهم اجتماعيا وصحيا وتعليميا ومساعدتهم على حلّ ما يعترضهم من مشاكل طارئة...
محمّد إبراهيم الحصايري
قراءة المزيد
في أهمية الخطاب السياسي التركي المُوَجَّه إلى القارة الإفريقية
منتدى الاقتصاد والأعمال التركي الإفريقي الثاني (1 من5): في أهمية التساند بين السياسي والاقتصادي
- اكتب تعليق
- تعليق