XXL وضع الأمريكان أصولها وفروعها...
أنـــــا آســــف، آســـف شـــديد الأســـف، أن أكتـــب العنوان بالأحرف اللاّتينيّة، فلم أجد في لغة الضّاد ما يفي بالغرض. رجاء، اجتنبوا الخلط، فنحن لا نقصد بالعنوان الأفلامَ الإباحيّة، أو تلك القناةَ الفرنسيّة التي لا تبثّ إلاّها. نحن نعني مقاساتِ اللّباس كما وضع الأمريكان أصولها وفروعها... XXL هو أكبر المقاسات لأكبر النّاس حجما... الأمريكان، سامحهم الله، وضعوا سلّم المقاسات على أحجامهم، على ضخـــامتــــها؛ وغفلوا أو نسوْا أنّ في بعض البلاد ناسًا يلبسون على مقاسات عــــادٍ وثمـــود؛ وهي بلاد عجيبة؛ لا يتعدّى طول الرّجل فيها، أحيـــانا، شبرا، ولكنّه يكسو نفسه كسوة عملاق؛ كأنّ الكسوة تصنع الرّجال؛ خذْ لذلك مثلا ما تلبس حكومات كثيرة؛ كسوة واحدة تستهلك من القماش ما يكسو عراة البلد في عزّ الشّتاء؛ وهي ضائعة في الكسوة، لا تدري أتنام في الكمّ أم في عطفة السّروال؟... بعضهم لا يجد لنفسه بين النّخبة مكانا، ولو مقعدا إضافيّا قابلا للثّني، strapontin؛ وميزة السترابونتان أنّه لا يحتلّ فضاء كثيرا، فهو يُفتح عند الحاجة، ثمّ يُطوى يدويّا أو آلياّ حين تنتفي الحاجة وتغيب، كحــــال عشـــرات الوزارات السترابونتان التي تعـــمّـــر تلك الحكــومات؛ فهل تركتْ وزارة الإصلاح الإداري فجوةً في العمـــل الحكـــومي أو فـــراغا، حــين اختفت باختفاء الوزير؟ والمقاعد الإضافيّة بدعـــة ابتكرها أهل السّينما والفرجة، كلّما زاد الحاضرون عن النّصاب...
ثمّ قفز المسؤولون عن النّقل العموميّ إلى الفكرة فطوّعوها وضاعفوا عدد الرّكّاب، ولم يقنعوا، فزادوا ثمّ ندموا فسحبوا الكراسي المطويّة، وبات سائر الخلق وقوفا، إلاّ من دعائم معدنيّة أو خشبيّة، يسند إليها الرّاكب خصره أو إليته، فلا هو واقف ولا هو جالس...وهناك من يقنـــع بسترابونتان عمرَه كلّه، فهو في المدرسة على سترابونتان، وفي البيت على سترابونتان، وفي الفــــراش، وفي بيت الرّاحة على سترابونتان؛ وهناك من يفوز بسترابونتان ثمّ لا يـــزال يمدّ رجليـــه حتّــى يحجــز المكـــان كلّه، له ولـــذريّته وآل بيته... في مـــا مضى، كانـــت الطّيور المهـــاجرة تجـــيء وتروح آمنة مطمئنّة؛ فلمّا مدّ الإنسان أسلاك الكهرباء في السّهـــل والجبل، صار أكثرها يعلق فيها ويمـــوت مصعــوقا محترقا؛ وكثير من الطّير يضلّ سبيله، وقد أعمته أضواء مصطبات التّنقيب عن البترول أو الغاز، كما هو الشّأن في بحر الشّمال؛ والحـــقّ أن أضـــواء المصطبات تلك تعمــي الرّجال أحيانا كثيرة، كما هو الشّأن دائما في بلاد كثيرة هنا وهناك؛ ينظرون يمينا والأحداثُ تجري شمالا، وينظرون شمالا والأحداثُ تجري يمينا؛ فقد عاودهم الحَوَلُ، ذلك الخلل البصريّ الذي عاشرهم حتّى صار الأصلَ فيهم وما عداه طارئا عابرا. ذلك حال كثير من أهل السّياسة، في تلك البلاد العجيبة، على أيّامنا الغريبة هذه، حالهم كحال ذلك الأحول الذي أراد أن يضع العصفور في القفص، فوضعه جانبا، والعصفور يزقزق باهتا، ولأنّه كان أحولَ أيضا، فقد نطّ وحطّ في القفص... وحالهم كحال ذلك الأحول الذي اكتشف بعد عشرين سنة من العمل الشّاقّ والجهد الجهيــــد أنّه كـــان ينفــــق على بيت الجيران...والحـــوَلُ في تعريفه السّهــــل، البسيط، هو عــــدم تــــوازن حــركة العينين، حيث يستخدم الشّخص عينَه السّليمة للتّركيز على الشّيء، بينما تنحــــرف المصــــابةُ إلى الدّاخـــل أو الخـــارج أو الأسفل أو الأعلى، وعلى ابتكارات الطّبّ والعلم هـــذه الأيّام، يُعـــدّ ذلك خللاً بسيطا، سهلَ التّقويم، ولكنّ الأمــــر يصبـــح عصيّا، إذا مسّ الحوَلُ العينين معا، كما نرى عند كثير من أهل السّياسة بنسائها ورجالها... ومثلما يصيب الحوَل فردًا واحدا أحدا، فإنّه قد يصيب أُمّةً أو شعبًا أو مجموعةً، كما نشاهد هذه الأوقات عند جموع من الشّعب الكريم، لا تنظر في صورة الثّورة، ولكنّها تتملّى ظهرَ الصّورة.
الصحبي الوهايبي
- اكتب تعليق
- تعليق
هل هذا كلام عاقل يمكن ان يدفع الناس للتفكير او للضحك او للامباة ،،ربما هو اكثر من الحول الذي يشير اليه الكاتب. انه حول اقرب الى العمى منه الى اي شيء اخر ،،كان الامل ان يكتب السيد الصحبي ماعرف عنه وان يحل الواقع البايءس المقلق. ولكن ها هو يقع في الحول المزدوج