المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار: سنــد هامّ لقـطاع الصيد البحري وتـربيـــة الأحيـاء المــائية
المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار هو وحدة بحثية وعلمية تعتبر ركيزة أساسية مساندة لقطاع صيد الأسماك وتربية الأحياء المائية في تونس. أسّس سنة 1924 وكان نشاطه في عهد الحماية محدودا على مستوى البحيرات. وتتمثّل مهمّة المعهد في القيام بالبحوث العلمية والدراسات الميدانية ذات الصّبغة التنموية في مجالات تخصّصه ألا وهو الوسط البحري كما يوفّر الإحاطة العلمية ويعاضد المجهود الوطني في مجال التكوين والتأطير الجامعي باستقطاب الطلبة وتأطيرهم في نطاق تربّصات أو إعداد شهادتي الماجستير والدكتورا . وينظّم المعهد دورات تكوينية للمستثمرين والتقنيين في القطاع . وله رأي استشاري في إدارة المصائد (الرخص – وضعية المخزون السمكي – تقنيات الصيد الانتقائية – المناطق المكثّفة للاستغلال – الراحة البيولوجية وفيما يخصّ تربية الأحياء المائية). ويتولى المعهد المتابعة البيئية والصحية لمواقع تربية الأسماك وكذلك متابعة الرّاحة البيولوجية وتأثيراتها وفتح وغلق مواسم الصيد. ويمثّل المعهد تونس في المؤسّسات الدولية فيما يخصّ تقييم المخزونات السمكية والاستغلال الموحّد علميا لأغلب النوعيات. ويتبوّأ مكانة مهمّة ضمن المعاهد المماثلة في المتوسّط لذلك يسعى العديد منها إلى انجاز مشاريع بحثية مشتركة معه. وقد تطوّرت أنشطة المعهد اليوم وأصبح يضمّ 110 باحثين و36 تقنيا وعدة مخابر وتتبعه 8 مراكز جهوية موزّعة على السواحل التونسية ويعتبر المعهد من أعرق المؤسّسات العلمية في مجال علوم البحار على المستوى العربي والإفريقي.
مكتبة متخصّصة
وبالمعهد مكتبة علمية متخصّصة في علوم البحار تأسّست سنة 1924 بالتوازي مع تأسيس المعهد. وأصدرت في نفس السنة أوّل عدد لمجلة المعهد التي تواصل صدورها سنويا إلى اليوم. وتحتوي المكتبة على حوالي 40 ألف مرجع ومصدر من بينها كتب ومخطوطات نادرة ودوريات ورقية والكترونية وأطروحات في الاختصاص (حوالي 800 أطروحة) وتقارير وخرائط بحرية ووثائق سمعيّة بصرية. وكلّ هذه المصادر والمراجع موضوعة على ذمّة الباحثين والقرّاء في موقع المعهد ضمن الأرشيف الالكتروني. ونظرا إلى هذا الثّراء فإنهّا تعتبر من أهمّ المكاسب الوطنية في المجال وهي مــن أعرق المكتبات المتخصّصة في العــــالم. ويعود تاريخ أقدم مرجع في علوم البحار بالمكتبة إلى سنة 1553م (بالطباعة الحجرية). كما تحوي مخزونات المكتبة كتابا نادرا به مجموعة من الطّحالب المجفّفة مأخوذة مـــن المياه الجزائرية والتونسية ما بين سنتي 1924 و 1930 تحــت عنوان: Algérie, Tunisie: Herbier des algues des côtes Nord d’Afrique
ويضمّ المعهد أيضا المتحف البحري المشهور «دار الحوت» وكذلك «مرصد البحر «الذي يعتبر همزة الوصل بين المعهد ومحيطه العلمي الوطني والدولي ويحوي كل البيانات العلمية والمعطيات المتأتّية من برامج البحث.
5 مخابر بحث متخصّصة
وحول المخابر العلمية في المعهد الوطني لعلوم وتكنولوجيا البحار أكّد المدير العام السيد الهاشمي الميساوي أنّ أنشطة المعهد تطوّرت وتجمعها اليوم خمسة مخابر يختصّ الأوّل ( وهو مخبر علوم المصائد البحرية) في دراسة تقنيات الصيد البحري واكتشاف التقنيات الانتقائية كما يدرس كيفية استغلال الثّروة السّمكية على الوجه الأمثل والمحافظة عليها ويعدّ المخبر أيضا الدراسات الاقتصادية والاجتماعية لصيد الأسماك. أمّا المخبر الثاني فيهتمّ بتربية الأحياء المائية في البحــر وفي المياه العذبة وهو يعاضد محطّات التّسمين في جهودها ويدرس الاستزراع السمكي في السّدود ويساعد صغار الصيادين بالفراخ .كما يدرس المخبر أهمية تربية الأسماك في الأقفاص العائمة في البحر ويقدّم الإحاطة العلمية للمستثمرين ممّا ساهم في ارتفاع إنتاج أسماك التربية وخاصّة القاروص والورقة. وقد تمكّن البحث في هذا المخبر من التحكّم في سلسلة تربية «القفالة» من البيضة حتى اكتمال نضج السّمكة لتعرض للبيع . كما يدرس المخبر تربية القمبري الوردي والقمبري الأبيض المستوردة فراخه من تايلندا وتمكّن المخبر من التحكّم في سلسلة التـــربية كاملة ويتمّ حاليا العمل على نقلها للمستثمرين. أما مخبر الوسط البحري وهو المخبر الثالث فيدرس كلّ مـــا يتعلّق بالمحيط البحري من حيث ديناميكية المياه في السواحل التونسية والإقليمية لأهميتها في إنجاز المواني مثلا ويدرس المخبر أيضا التلوّث البحري ودرجة ملوحة مياه البحر وحرارتها وآثار التغيّرات المناخية على الثّروة السّمكية وعلى الوسط البحري وعلى نوعيات الأسماك فيه خاصّة وأن هناك حـــوالي 1000 صنف دخيـــل في المتوسّط استوطنت فيه بفعل التغيّرات المناخية وعدّة عوامل أخرى، ويتـــابع المخبر أيضا الطّحالب المجهرية السّامة في الوسط البحري. أمّا المخـــبر الرابع والخاصّ بـالتنوّع البيولوجي البحـــري فيـــدرس المكـــوّنات الحيوانية والنباتية في المتوسّط ويدرس حلقـــة تغذيتها كما يقـــوم ببحوث حـــول النّوعيات المهددة بالانقراض كالمرجان والسّلاحف البحرية والدّلفين وبعض نوعيـــات الأسمـــاك الغضــروفية. ويدرس المختبر العلاقة بين النّوعيات التي يتمّ صيدها وتقنيات الصيد حتّى لا تضرّ تلك التقنيات بالنوعيات التي يجب المحافظة عليها. أما مخبر البيوتكنولوجيا البحرية وهو المخبر الخامس وأحدثها فمهمّته تثمين الإنتاج ( تحـــويل مكونات السمك غير المستغلة إلى منتوجات بيوإيكولــوجية) وتطوير جودة السمك من خلال التحاليل البيوتكنولوجية الضرورية.
وبخصوص كيفية اختيار تلك البحوث أفاد السيد الهاشمي الميساوي أنّ المعهد ينظّم ورشة مع المهنيين والمستثمرين والإدارة العامّة للصيد البحري والباحثين ويقدّم لهم نتائج البحوث التي أقرت في الدورة السابقة (تمتد برامج البحث على امتداد 4 سنوات في كل دورة) ويطلب منهم عرض أهم الإشكالات الجديدة بالقطاع كلّ من موقعه ثم تحوّل تلك الإشكالات إلى برامج بحوث . وتنجز البحوث بالتعاون والتنسيق خاصّة مع وزارة التعليم العالي والمؤسّسات الجامعية ووزارة الفلاحة. وتناولت أهمّ البحوث المنجزة:
- منظومة استغلال الثروة السمكية وتحديد المخزون السمكي ووضعيته ويهمّ خاصّة الأسماك والقوقعيات والقمبري،
- إعداد خرائط تحدّد نوعية الأسماك حسب المناطق وحسب الكمية،
- تحديد الحدّ الأدنى للصيد (الحجم القانوني لكلّ النوعيات وحسب المنطقة)،
- تحديد مواسم الصيد،
- تقنيات الصيد،
- نوعية الأقفاص لصيد السلطعون،
- تربية الأسماك نحو الترفيع في مردودية الإنتاج وتحسين النمو والحدّ من الكلفة وتنويع الأسماك المرباة والحدّ من وفياتها خلال عملية التربية،
- دراسة الوسط البحري وتشخيص أسباب نفوق الأسماك في بعض المناطق من السواحل التونسية.
قراءة المزيد:
مستقبل واعد لتربية الأسماك في تونس
الثّــروة السّمكيّــة في تونس بيــن الاستنـــزاف والاحتكار
- اكتب تعليق
- تعليق