وفاة الناشر والإعلامي ورئيس الترجّي الأسبق محمد بن إسماعيل

انتقل إلى رحمة الله تعالى محمّد بن اسماعيل بعد ظهر يوم الجمعة 6 جويلية عن سنّ تناهز 92 عاما إثر مرض عضال.
ويوارى جثمانه الطاهر الثرى بعد ظهر يوم السبت بمقبرة الجلاز بالعاصمة وينطلق موكب الجنازة من بيته الكائن بنهج ابن شباط بالمنزه.
والفقيد وجه بارز من وجوه الثقافة والإعلام والرياضة في تونس.أسّس منذ 50 سنة دار سيريس للنشر وترأّس الترجي الرياضي التونسي  سنة 1964 بعد أن أخذ المشعل عن المرحوم الشاذلي زويتن وتولى مهام الإدارة العامة للإذاعة والتلفزة التونسية في مطلع السبعينات.
وإثر عودته من فرنسا في سنة 1954 بعد حصوله على الإجازة في الحقوق انضم إلى فريق المجلّة الأسبوعية "L'Action" التي أسّسها بشير بن يحمد على نمط مجلّة لكسبريس الفرنسية. وكان الفقيد عماد فريق شاب من الصحافيين والمثقفين والمناضلين التقدميين تميّزوا منذ إعلان استقلال تونس بمساهمتهم في بناء صرح الدولة الوطنية وفِي دعم الثورة الجزائرية.
وكان هذا الفريق يتشكّل من الحبيب بولعراس ومحمد المصمودي وجون دانيال وغي سيتبون وجوزيت ابراهم.
وعندما قرّر البشير بن يحمد الهجرة إلى روما لتأسيس مجلّة "جون أفريك" قبل أن يستقرّ في باريس بسبب خلاف في التوجهات مع بورقيبة لم يكن بوسع محمد بن إسماعيل الالتحاق به، فتولّى في البداية إدارة السياحة ثمّ سعى، مديرا عاما للإذاعة والتلفزة، إلى أن يدخل على سياستها نفسا تحرريا لكنه سرعان ما غادر المنصب. ترأّس الفقيد المجلس الأعلى للاتصال التابع لرئاسة الجمهورية لبضع سنوات بداية من أواخر الثمانينات قبل أن يتفرّغ لشؤون دار سيريس للنشر التي أنشأها بموارد محدودة لكنه جعل منها بفضل حنكته وجرأته مؤسسة متألقة تقدم على نشر أعمال لم تكن رئاسة الجمهورية ولا الوزارة الأولى تنظر إليها بعين الرضا أو كتبٍ لم يكن رواجها مضمونا وذلك قبل أن يغامر ببعث مطبعة. كما كما حرص على تهيئة فندق ورثه عن والده ليحوّله إلى فضاء مريح تحلو فيه الإقامة في قلب العاصمة (Le Carlton).
ولعلّ ما يميّز مسيرة الراحل الذي هو سليل عائلة أصيلة جزيرة جربة جمعه بين الالتزام الوطني والفكري، في كنف استقلالية الرأي، وحسن التدبير في تسيير مؤسساته الخاصة التي يديرها اليوم نجلاه كريم ورشيد بكفاءة واقتدار.