أخبار - 2018.06.17

الأرجنتين 1978 - روسيا 2018 أربعون سنة من المدّ والجزر

الأرجنتين 1978 - روسيا 2018  أربعون سنة من المدّ والجزر

بين «ملحمة الأرجنتين» و«جايين يا روسيا جايين»، مرّت أربعون سنة تخلّلتها تسع دورات من كأس العالم لكرة القدم، كانت مشاركة المنتخب الوطني فيها بين مدّ وجزر. وإذا أخذنا في الاعتبار أنّ المنتخب التونسي بلغ الدورة النهائية ثلاث مرات (فرنسا 1998، اليابان – كوريا الجنوبية 2002، ألمانيا 2006) على تسع، خلال تلك الفترة، فإنّ نسبة النجاح، بلغة الأرقام، تساوي الثلث بالضبط. وقد مرّت مسيرة الأربعين هذه بسنوات عجاف وأخرى سمان، يمكن تلخيصها في ثلاث مراحل:

المرحلة الأولى: غياب دام عشرين سنة

هي المرحلة التي تلت «الأرجنتين 1978» مباشرة واتّسمت بغياب عن النهائيات على امتداد أربع دورات متتالية: إسبانيا 1982، المكسيك 1986، إيطاليا 1990، الولايات المتحدة 1994. لكن لا بدّ من الإشارة إلى أنّ المنتخب التونسي بلغ آخر مرحلة في التصفيات في مرّتين على أربع، الأولى في نطاق كأس العالم 1986 (المكسيك)، وكان إقصاؤه على يد المنتخب الجزائري. أما الخروج الثاني في آخر مرحلة فكان في إقصائيات «إيطاليا 1990» أمام المنتخب الكامروني.

وفي تصفيات دورة «الولايات المتحدة 1994»، وصل منتخبنا الى المرحلة قبل الأخيرة، لكنّه ترك ورقة الترشح للمغرب بحصوله على المرتبة الثانية في مجموعته. وكانت أقصر مشاركة للمنتخب التونسي تلك التي سجّلت في تصفيات «إسبانيا 1982»، حيث خرج  منذ الدّور الأوّل بضربات الجزاء الترجيحيّة (3-4) بعد تعادل مع نيجيريا باحتساب مقابلتي الذّهاب (2 - 0 لصالح تونس) والإيّاب (2-0) لصالح نيجيريا.

المرحلة الثانية: عودة الروح

شهدت هذه المرحلة ترشّح المنتخب التونسي إلى الدّورة النّهائية ثلاث مرّات متتالية: «فرنسا  1998» (بعد غياب  عشرين سنة بالتّمام والكمال)، «اليابان-  كوريا الجنوبية 2002»، وألمانيا 2006».  وللأسف كانت نتائج منتخبنا غير مقنعة في هذه الدورات، (6 هزائم و3 تعادلات في الجملة)، مع الاكتفاء بتسجيل خمسة أهداف في تسع مقابلات، مقابل قبول خمسة عشر هدفا.

المرحلة الثالثة: غياب يتجدّد

امتدّت هذه المرحلة على دورتين: «جنوب افريقيا 2010» و«البرازيل 2014»، وقد «وصل المنتخب في تصفيات هاتين الدورتين إلى العين ولم يشرب»، إذ فرّط في الترشّح في المرّة الأولى لنيجيريا بحصوله على المرتبة الثانية، وبفارق نقطة فقط، في مجموعة الترشّح النّهائي إلى جنوب إفريقيا ثمّ ترك للكامرون ورقة السفر إلى البرازيل بعد تعادل  (0-0) في تونس وهزيمة في ياوندي (1 - 4).

استقرار الإطار وراء بعض النجاحات

تزامنت الفترات المضيئة للمنتخب في منافسات كأس العالم في أغلب الأحيان مع استقرار الإطار الفني. فعبد المجيد الشتالي وصل بفريقه إلى الأرجنتين بعد بقائه ثلاث سنوات متتالية على رأس المنتخب   (1975-1978)، وهنري كاسبرجاك البولوني قاد مجموعته إلى فرنسا 1998 خلال  فترة إشرافه على النخبة الوطنية مدّة أربع سنوات (1994-1998). أمّا الفرنسي روجي لومار فقد ذهب بالمنتخب إلى ألمانيا 2006  في إطار إشرافه  على المنتخب طيلة ستّ سنوات ( 2002-2008).

وتمثّل المشاركة في دوره «اليابان - كوريا الجنوبية 2002» الاستثناء لهذه القاعدة، حيث تداول على تدريب المنتخب أربعة مدربين فيما بين 1998 و2002 (فرانشيسكو سكوليو-إيكهارد كراوتسن - هنري ميشال وعمار السويح)، أي بمعدّل مدرّب كلّ عام.

وتأييدا لهذه الفرضيّة، يمكن التّذكير بأنّ المنتخب التونسي،الذي كان غائبا في دورتي 2010 و2014، قد عرف، فيما بين مغادرة روجي لومار في 2008 وخروج رود كرول في 2014 (بعد مقابلتين فقط)، تسعة مدرّبين في ستّة أعوام،أي بمعدّل مدرّب كلّ ثمانية أشهر، علما بأنّ فوزي البنزرتي وسامي الطرابلسي أشرف كلّ منهما على المنتخب مرّتين في فترتين مختلفتين، ممّا يدلّ على التذبذب في اختيار المدرّب الوطني.

وإذا عدنا إلى نظرية ابن خلدون «حول تعاقب الدول»، فمن حقّنا أن نستبشــر، بعد الترشّح إلى «روسيا 2018»، بافتتاح دورة إيجابية جديدة في حياة منتخبنا تنسينا خيبات الماضي القريب.

لقطات من التـصفيات الشتالي والحرب النفسية

مما رواه المدرب عبد المجيد الشتالي إلى زميل جزائري عن الحرب النفسية في المقابلات الإقصائية لكأس العالم 1978 أنه عمد، خلال مقابلة الإياب للدور الثاني للتصفيات ضد الجزائر، إلى استفزاز المسؤولين عن المنتخب الجزائري، وذلك بتقديم احترازات على مشاركة لاعبه المحترف مصطفة دحلب، بدعوى أنه فرنسي الجنسية، مما أثار انفعال الإخوة الجزائريين، مسيرين ولاعبين، وهو ما كان يقصد إليه الشتالي بهذا الاستفزاز.

كما اعترف الشتالي بأنه حاول التأثير على فرانسيس بوريلي، رئيس نادي سان جرمان، وهو من مواليد مدينة سوسة، لكي يمنع مصطفى دحلت من المشاركة في مقابلة الإياب بالجزائر، لكنه لم يفلح في مسعاه. وفي نفس السياق، يروي الشتالي أنه سافر، قبل هذه المقابلة، إلى الجزائر لمعاينة دحلب في مباراة ودية للمنتخب الجزائري، وقد حضر هذه المباراة وهو متخف في "برنوس" حتى لا يجلب إليه الانتباه...إنها حقا الحرب الكروية الباردة.

تونس ضحية مؤامرة؟

في آخر مقابلة من الدور الأخير لكأس العالم 2010 ، كان المطلوب من المنتخب التونسي تحقيق الانتصار على الموزمبيق في مابوتو ليترشح إلى جنوب إفريقيا. وقد فوجئ منتخبنا  باستئساد المنتخب الموزمبيقي يومذاك، رغم أنه لم يعد له  "في السوق ما يذوق". وكان من نتيجة هذا الاستئساد أن آل الانتصار في نهاية الأمر إلى الموزمبيقيين (1-0).

وراجت إشاعات آنذاك على أن المنتخب الموزمبيقي قد لعب ضد تونس بمثل ذلك الحماس، وتراخى قبل ذلك في مقابلته مع منافسنا النيجيري على المرتبة الأولى، ممكنا نيجيريا من الانتصار (1 - 0) ،وذلك مقابل مبلغ مالي تقدمت به أطراف نيجيرية. وقد أكد هذه الشائعات مؤخرا الحكم السنغافوري السابق "ويلسن راج بيرومال" في كتاب له ذكر فبه أنه توسط في دفع مبلغ مائة ألف دولار لثلاثة لاعبين من المنتخب الموزمبيقي لكي يتراخوا في لقاء فريقهم مع المنتخب النيجيري وببذلوا أقصى جهودهم لتحقيق انتصار على تونس.... وذلك ما تم فعلا يوم 14 نوفمبر 2009.

عادل الأحمر

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.