كـــأس العـــالم 2018: المنتخب التونسي بين ملحمة الأرجنتين و»جايين يــا روسيا جــاييــن«
في يوم 2 جوان 1978 بالأرجنتين سجّل تاريخ الرياضة العالمية أوّل انتصار يحقّقه منتخب عربي وإفريقي في دورة نهائية لكأس العالم لكرة القدم. هذا الفتح الرياضي العظيم كان من صنع المنتخب التونسي بفضل فوزه على المكسيك بثلاثة أهداف مقابل هدف واحد في مقابلة لا يزال الجمهور التونسي يعيد مشاهدتها بين الحين والآخر.
وبعد مرور أربعين سنة على هذا الحدث، يأتي ترشح منتخبنا إلى دورة روسيا 2018، وكأنه احتفال بذكرى ميلاد يربط بين محطتين تاريخيتين، ويمد الجسور بين جيلين من الرياضيين، لاعبين ومدربين ومسيرين.
وقد رأينا، وعيوننا وقلوبنا على منتخبنا في روسيا، بينما ذاكرتنا الجماعية سارحة في الأرجنتين، أن نخصّص ملفّا يختزل أكثر من نصف قرن من تاريخ المشاركة التونسية في كأس العالم (وقد بدأت بالدار البيضاء يوم 30 أكتوبر 1960)، مــع وقـفة مطــوّلة عنــد حــدث الأرجنتين،
رحلة الألف ميل تبدأ دائما بخطوة، ورحلة تونس إلى الأرجنتين 1978 كان منطلقها خطوة أولى عام 1960، وبالتّحديد يوم 30 أكتوبر من تلك السنة، عندما أجرى منتخبنا الوطني (وكان يطلق عليه وقتها اسم «الفريق القومي») أوّل مقابلة في أولى مشاركة له في التصفيات التمهيدية لكأس العالم لكرة القدم ، وكان ذلك بمناسبة دورة 1962 التي احتضنتها الشيلي.
المؤدب وشرف أوّل هدف
الانطلاق كان من الدار البيضاء في منافسة مع منتخب المملكة المغربية انتهت بانتصار المحليّين بهدفين لواحد. وقد سجّل التاريخ في ذلك اليوم رشاد المؤدب (من الترجي الرياضي التونسي) شرف صاحب أوّل هدف تونسي في مسابقة كأس العالم ( دور التصفيات). وقد جاء هدفه في الدقيقة 43، ردّا على هدف المغربي الخلغي (د 33)، لكن الأزهر بضربة جزاء (د 60) رجّح الكفّة لصالح المغرب.
انسحبت تونس دون أن تهزم
انتهـت المبـارات التأهيلية بنتيجة (2 - 1): أهداف الشتالي والتلمساني بالنسبة إلى تونس وشيشة بالنسبة إلى المغرب وهو ماجعل الفريقين يتساويان في النتيجة ذهابا وإيابا فوقع اللجوء عندئذ إلى مقابلة فاصلة أجريت يوم 22 جانفي 1960 في باليرمو (إيطاليا) باعتبارها أرضا محايدة. وأدارها الحكم الإيطالي المعروف «كونشيتو لوبيلّو» انتهت بالتعادل( 1-1). فلم يبق من حلّ، بحكم قوانين الفيفا السارية وقتها، إلا الالتجاء إلى القرعة، فابتسم الحظّ للمغرب، وخرجت تونس دون أن تهزم على الميدان.
الشتالي في الانطلاق وفي الوصول
ومن صدف التاريخ أنّ عبد المجيد الشتالي، الذي شارك كلاعب في أوّل مقابلة للمنتخب التونسي في نطاق التصفيات الأولية لكأس العالم وسجّل هدفا في ثاني مقابلة، سوف يكون، بعد ثمانية عشر عاما، مدرّب المنتخب في أوّل مشاركة له في دورة نهائية لكأس العالم ( الأرجنتين 1978). ومن جميل الصّدف كذلك أن يصاحب الشتالي إلى الأرجنتين ، ضمن الطاقم الفني للمنتخب، توفيق بن عثمان، بصفته مدرّبا مساعدا، بعد أن اشتركا معا في مقابلة باليرمو الحاسمة ضدّ المنتخب المغربي في جانفي 1961... فلكأنّ «الأرجنتين» جاءت، بالنسبة إلى الرجلين، لتعوّض، بعد سنوات طويلة، سوء حظّ «فريقنا القومي» في باليرمو!
من باليرمو إلى الأرجنتين
بعد باليرمو، ذهب منتخبنا مباشرة إلى تصفيات مكسيكو 1970 «قافزا، مع كل الدول الإفريقية، على دورة 1966 بإنقلترا، وذلك بسبب انسحاب القارة السوداء، احتجاجا على تعامل «الفيفا» معها، وذلك من خلال استمرار هذه الأخيرة في منح مقعد واحد مشترك بين إفريقيا وآسيا في الدورة النهائية.
وفي تصفيات «مكسيكو» 1970، وبعد تعادلين بين المنتخبين في الدور الثاني للتصفيات، وبنفس النتيجة (0-0)، وبعد مقابلة فاصلة في مرسيليا (2-2) ، حكمت القرعة مرّة أخرى على منتخبنا بالانسحاب.
وفي تصفيات «ألمانيا 1974»، تكرّر نفس السيناريو إذ انسحبت تونس في الدور الثاني على يدي ساحل العاج (الكوت ديفوار حاليا): تعادل (1-1) بتونس في الذهاب وهـزيمة (1 - 2) في الإياب بأبيدجان. وكان منتخبنا قد أزاح في الدور الأول المنتخب المصري: هزيمة (1 - 2) في الذهاب بالقاهرة وانتصار (2 - 0) في الإياب بتونس.
وبعد أربع خيبات متتالية، جاءت «الأرجنتين 1978» لتحلّ عقدة تونس مع كأس العالم.
عادل الأحمر
- اكتب تعليق
- تعليق