أخبار - 2018.06.02

عبد الوهاب بكير: معـــلّــم الأجــيـــــال

عبد الوهاب بكير: معـــلّــم الأجــيـــــال

عبد الوهاب بكير رجُل من أبرز رجالات التّعليم: ساهم طيلة عقود، في تثقيف أجيال من شباب الصادقيّة، فغرس فيهم سليقة اللغة الفُصحى، وحبّب إليهم ثقافتهم العربيّة، في زمن الحماية، وقد كان ذلك، منه، نوعا من الكفاح الوطني.

كان، رحمه الله، مُتضلّعا من الأدب الفرنسي، بقدر ما كان مُحيطا بالأدب العربي. وكان يملك اللغتين، ويُحسن النّقل من إحداهما إلى الأخرى، مع براعة عالية في المقارنة بينهما. وكان في أداء وظيفته التعليميّة، يقوم برسالة تتجاوز تلقين اللغة وآدابها.

كان يُساهم في تفتيق المواهب الأدبية وتأصيل الشخصيّة الوطنيّة، في أجيال من شباب تونس.

كان، من خلال دروسه، يُلقّن التــزام التوازن والأناقة، في كلّ أمور الفكر والسلوك. كان كـلّ شيء لديه، مُهذّب بالذوق، ومُحكم  بالعقل، وهو على نحو من الاستحياء، أقرب إلى الترفّع، منه إلى الابتذال؛ سِمته الغالبة، الوضوح في القول، والبساطة في السلوك.

أستاذا، كان يُبدع في معاشرة النصوص الأدبيّة، وفي تحليلها، والنّفاذ إلى دخائلها ؛ يُعلّم دقّة التّعبير – الذي يُبعد عمّا يُسمّيه «حَشو الكلام». لم يَنشـــر إلاّ بضــعــة نصـــوص، مختلفة المشارب. لكنّه يعتزّ بــأن ألّف «قـــاموس الأفعـــال»، كان يعتبـره «كِتاب العُمر»... وهـــو فعـــلا جــدير بالاعتبــــار، وجـــــدير بأن يُدرج في جملــــة المراجع اللغويّة. والأهمّ من كلّ ذلك أنّه، من خلال ما يلقي في نفوس تلاميذه من محبّة الثقافة العربيّة – زمن الحماية الفرنسيّة –كان يَغرس فيهم الاعتزاز بالوطن، والانتماء إلى الأمّة، ولو دُون تعرّض لهذه المعاني، مباشرة، ولا حتّى بالتّلميح.

كان مَثله الأعلى أن يحيا حياة الأمانة والاستقامة: لباسه السكينة، وزمامه الفكر، وديــدنه الاعتــدال. فعبد الوهاب بكير «معلّم الأجيال» تميّز بتلقــين اللغة، من حيث وضوح في الفكر، ووضــــوح في التّعبير، وجزالة في اللفظ – وهو ما يحتـــاج إليه شبابنا، اليوم، أشدّ الاحتيـــاج. كان الأستاذ الرفيق،، والإنسان الأمين، والصديق في بساطة واعتدال.

نبذة عن حياة أحمد عبد الوهاب بكير  [1911 - 2005م]

أديب لغوي واسع الاطّلاع تخرّجت على يديه أجيال من الصّادقيين وطلبة دار المعلّمين العليا استقوا منه أصول اللّغة العربية وأساليب تذوّق الشّعر قديمه وجديده ومبادئ النّقد الأدبي. أسهم بقسط وافر في الحفاظ على اللّغة العربيّة لغة لها قواعدها وأسلوبها من جهة ومتطوّرة ومتفتّحة على الاغتناء بالجديد المتجدّد من جهة أخرى. ولد أحمد عبد الوهاب بكير في 3 ديسمبر 1911 بسيدي بوسعيد في الضّاحية الشمالية لتونس العاصمة. تلقّى دراسته الابتدائيّة في المدرسة الابتدائية بسيدي بوسعيد، والثّانويّة بالمدرسة الصّادقية، وفي سنة 1931 تحصّل على ديبلوم المعهد الصّادقي وفي سنة 1932 نال شهادة الباكالوريا من المعهد نفسه وفي السنة نفسها شارك في المؤتمر الثاني لجمعيّة طلبة شمال إفريقيا المسلمين المنعقد بالجزائر، وقدّم تقريرا متعلّقا بتدريس التّاريخ العربي انتقد فيه برامج التّاريخ والأساليب المتّبعة في تدريسه في جامعة الزيتونة وفي المدرسة الصّادقية وهي التي كانت سببا في جعل التلميذ جاهلا لتاريخ أسلافه مستثنيا الخلدونية التي اعتبرها أحسن المدارس التونسية فيما يخصّ تدريس التاريخ. سافر إلى فرنسا حيث حصل على الإجازة في الآداب العربية سنة 1935 من جامعة السّربون. عاد إلى تونس مدرّسا بالمعهد العلوي وتابع في الوقت نفسه دروس التّبريز في السّربون. وبعد حصوله على التبريز التحق بالمعهد الصّادقي مدرّسا للّغة والآداب العربية وكذلك بدار المعلّمين العليا التي كلّف بإدارتها مدّة من الزّمن مع بقائه مدّرسا بالصّادقية التي تولّى إدارتها من 1955 إلى 1969،

واتّجه في هــذه المدّة إلى تدريـــس الفلسفة العـــربية لتلاميذ السّنة النهـــائيّة. انتُدب للتدّريس بالمـــدرسة العليا للتجـــارة وسُمّي في الفترة ذاتها مــديرا عامّا للتعليم الثـــانوي بوزارة التربية. غادر المعهد الصّادقي سنة 1969 بعد تسميتـــه متفقّدا عامّا للتعليم الثانوي حتّى بلوغه سنّ التقاعد. توفّي في 2005 بعـــد حياة زاخرة بالعطاء في المجال التّربـــوي والثقــــافي.(الموسوعة التونسية).

هل أعجبك هذا المقال ؟ شارك مع أصدقائك ! شارك
أضف تعليق على هذا المقال
0 تعليق
X

Fly-out sidebar

This is an optional, fully widgetized sidebar. Show your latest posts, comments, etc. As is the rest of the menu, the sidebar too is fully color customizable.